عادت الممثلة الأميركية ميغ رايان إلى الإخراج والتمثيل عبر فيلم "ما سيحدث لاحقا" (What Happens Later) بعدما كان فيلم الدراما التاريخية "إثاكا" (Ithaca) آخر تجاربها في العام 2015.

رايان شاركت في تأليف "ما سيحدث لاحقا" المقتبس عن مسرحية بعنوان "شهاب" (Shooting Star)، وبطولة ديفيد داكوفني، والذي عُرض في دور السينما حول العالم قبل انتقاله إلى منصات المشاهدة الرقمية حسب الطلب، وحقق إيرادات محدودة استطاعت بالكاد تغطية ميزانيته.

"ما سيحدث لاحقا" ليس مجرد عودة لمخرجة وممثلة، لكنه يمثل أيضا رجوع فئة أفلام سينمائية سادت في الثمانينيات والتسعينيات وحتى بداية الألفية، وهي الأفلام الرومانسية الكوميدية أو الـ"روم-كوم" (Rom-Com)، قبل أن تختفي تدريجيا بكبر سن نجومها الذين انتقلوا إلى أعمال مناسبة لهم عمريا أو غابوا عن الأضواء تماما مثل أفلامهم الشهيرة السابقة.

View this post on Instagram

A post shared by What Happens Later (@whathappenslatermovie)

فيلم عن خيبة أمل جيل كامل

تبدأ أحداث فيلم "ما سيحدث لاحقا" في مطار لم يتم الكشف عن اسمه أو المدينة التي يقع فيها، حيث يبحث البطل بدأب عن مقبس كهربائي صالح لشحن هاتفه المحمول، فيجد مراده في مقبس خاص بلوحة تعلن عن فيلم خيالي يُدعى "روم-كوم" (Rom-Com) مع شعار بأن الفيلم سيجعل المشاهدين يقعون في "حب الحب" مرة أخرى. وبشكل تلقائي يزيل البطل القابس، لتُغلق اللوحة الإعلانية ويبدأ هاتفه في شحن بطاريته.

تؤسس هذه اللقطة الافتتاحية للكثير مما سيحدث لاحقا، فنحن أمام شخصية لا تلقي بالا للرومانسية الكوميدية، على الرغم من أنها ابنة جيل شاهد هذه الأفلام باهتمام شديد، لكنه استبدلها بالتكنولوجيا الحديثة التي لم تكن موجودة حتى منتصف عمره على أقل تقدير، فالبطل في بداية الخمسينيات من العمر.

سريعا ما تظهر البطلة، وهي امرأة في منتصف العمر تعاني من مشكلة ما في ساقها تظهر في طريقة سيرها، تحمل في يدها كذلك هاتفا محمولا وتبحث بهستيريا أيضا عن مقبس صالح للعمل، وفي تلك اللحظة يلتقيان ليعرف المشاهد خلال الدقائق الأولى من هذه المقابلة التاريخ القديم الذي جمعهما كعشيقين خلال دراستهما الجامعية، ثم حدث انفصال يراه كل منهما بصورة مختلفة.

وخلال غياب تجاوز 25 عاما، أخذتهما الحياة إلى مصائر مختلفة ومدينتين تبعدان عن بعضهما بعضا مئات الأميال، لتتقاطع طرقهما في هذه اللحظة السحرية، وفي 29 فبراير/شباط على وجه الخصوص، اليوم الذي لا يتكرر إلا كل 4 سنوات.

يطرح عنوان فيلم "ما سيحدث لاحقا" تساؤلات عما حدث لاحقا لأبناء هذا الجيل الذين وقفوا على الحافة بين قرنين وحياتين مختلفتين تماما، عالم ما قبل الإنترنت وما بعده، ويقدم تصورا يمد الخط على استقامته من الأفلام الرومانسية الكوميدية القديمة وحتى اللحظة الحالية.

إذ يمكن رؤيته بوصفه جزءا ثانيا لفيلم شهير قدمته ميغ رايان نفسها، وهو "عندما التقى هاري بسالي" (When Harry Met Sally)، فيتخيل المشاهد ما حدث بعد انتهاء أحداث الفيلم، وكيف نضجت هاتان الشخصيتان.

يناقش الفيلم عبر الكوميديا خيبة أمل هذا الجيل في نفسه وفي العالم، ومحاولته مواكبة التغيرات الكثيرة التي لا تنتهي، وعدم قدرته على ملاحقتها فيلهث خلفها، فالبطل ذاهب في رحلة لمقابلة مديره الذي يصغره عمرا وغير قادر على التواصل معه عبر الهاتف، لأن كليهما يستخدم مصطلحات مختلفة، في حين أن البطلة التي آمنت في الماضي بالحب والسحر الذي يحكم العالم، تعيش حياة محبطة لا تجد فيها حتى توازنها الشخصي.

View this post on Instagram

A post shared by What Happens Later (@whathappenslatermovie)

مسرحية سريالية داخل فيلم

يظهر تأثير الأصل الأدبي للعمل أي المسرحية في الكثير من جوانب الفيلم، فهو يتبع قواعد أرسطو الثلاث التي كتب عنها في "فن الشعر"؛ وهي "وحدة المكان" و"وحدة الزمان" و"وحدة الموضوع". فعرفتنا المخرجة على مكان الأحداث "المطار الجوي"، والزمان "يوم لا يتكرر غير كل أربع سنوات"، والموضوع "اثنان يستعيدان قصة حبهما" بعد مرور ربع قرن من الزمن، واختلافات تكنولوجية وحياتية تجعل هذه السنوات تبدو كما لو أنها قرون.

يمتد هذا الأثر المسرحي إلى العدد المحدود من الشخصيات التي تظهر على الشريط الفيلمي، فلا نرى تقريبا سوى البطلة والبطل ومن خلفهما الصوت الآلي الذي ينتشر في الأجواء معلنا عن تأخر الطائرات أو تغيير مواعيدها، والذي سريعا ما ينتبه المشاهد إلى أنه يقوم بأدوار أخرى، ويتحدث مع البطلين مباشرة، أو يجيب عن تساؤلاتهما الوجودية بشكل سريالي يبعد الفيلم عن الواقعية، ليشبه هذا الصوت "الكورس" في المسرح اليوناني القديم.

يخلط "ما سيحدث لاحقا" طوال الوقت بين الحقيقة والخيال، فيقدم خطين متوازيين يسيران للأمام؛ الأول يغرق في السريالية من مشهد إلى آخر ويظهر في اختفاء كل الركاب الآخرين، وحديث المعلق الصوتي للمطار مباشرة مع البطلين. أما الثاني فالواقعي، ويتركز في الحوار بين البطلة والبطل، اللذين تزيد صراحتهما مع كل دقيقة، فيتخليان عن التجمل وإخفاء الإخفاقات التي عانيا منها خلال السنوات السابقة.

هذا الخلط يعطي المشاهد فرصة لقراءة أكثر مرونة للفيلم، فكل من البطل والبطلة يحمل اسما أول يبدأ بحرف الـ"واو" (W) ويتشاركان الاسم الثاني، فهي "ويلمينا دافيس" وهو "ويليام دافيس"، فماذا لو كانا مجرد وجهين لعملة واحدة، شخصين في شخص، "الين واليانغ" تبعا للثقافة الآسيوية؟ فهل تطرح المخرجة ميغ رايان تخيلا لخيبة أمل جيلها بوضع مثالين ذكوري وأنثوي؟

هل هذا اللقاء الذي يقع في يوم لا يتكرر إلا كل أربع سنوات حقيقي، أم إنه لحظة مسروقة من الزمن يعيد فيها البطل والبطلة قراءة ماضيهما ثم يغادر كل منهما إلى محطته التالية وفي الاتجاه للآخر؟

ورغم انتماء الفيلم لنوع "الكوميديا الرومانسية" التي مثلت مخرجته وبطلته ميغ رايان أشهر نجماته -بل الفيلم نفسه تم إهداؤه للمخرجة والكاتبة نورا إيفرون التي كرست مسيرتها لهذا النوع من الأفلام-، فإن التناول هنا مختلف، إذ يغلب عليه طابع الحزن، وربما ضعف الإيمان بالحب الذي اكتشف الكثيرون من عمر البطلة والبطل أنه ليس العلاج الشافي لكل شيء، ولم ينجح في إنقاذ العلاقة بينهما التي غابت عنها الشفافية والمصارحة.

أعاد فيلم "تذكرة إلى الجنة" ثنائية جورج كلوني وجوليا روبرتس في 2022 (الجزيرة)

يمثل فيلم "ما حدث لاحقا" إحدى محاولات هذا الجيل من الممثلين والممثلات لإعادة إحياء الأفلام الرومانسية الكوميدية القديمة، ويمكن وضعه جنبا إلى جنب مع فيلم "تذكرة إلى الجنة" (Ticket to Paradise) الذي أعاد ثنائية جورج كلوني وجوليا روبرتس في العام 2022، وهي أفلام تجتر ماضيا ناجحا ولكن لا تستطيع جذب مشاهدين جدد.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

اليوم نرفع راية استقلالنا (1)

تعود ذكری الاستقلال من داخل البرلمان، وبلادنا تخوض حرب الكرامة لكن ذلك لا يمنعنا من الذكری فالذكری تنفع المٶمنين.

يحُقّ لأهل السودان أن يَتَباهوا علی ساٸر أهل أفريقيا طُرَّاً، وعلی كثيرٍ من أهل الدول العربية، بأنهم قد عرفوا سُبُل الحضارة قبلهم، وخَبِروا أساليب الحكم قديمها وحديثها، منذ عهودٍ موغلة فی القِدَم، بل منذ نشأة البشرية علی كوكب الأرض!!

وقد أثبت علماء التاريخ والآثار ذلك فی دراسات كثيرة، تنوء بها أرفف المكتبات القديمة، وتتداولها وساٸط الإعلام الحديثة، ويحتفي بها أُولو العزم من الدارسين، وقد ينكرها بعض المتعصبين من أصحاب الغرض، والغرض مرض !!

وقد يقول قاٸل (هب إن إنسان السودان كان أقدم البشر، وكان هو الإنسان الأول، وأن الجميع جاءوا من نسلهم – من لدن أبينا آدم عليه السلام وحتی يرث الله الأرض ومن عليها- !! فأين هو السودان، وإنسان السودان، وحكومات السودان من ذلك؟؟؟)

– منذ أن نال السودان استقلاله من دولتي الحكم (الثناٸی) -إنجلترا/مصر- فی الأول من يناير عام 1956م ، جَرَّب (ثلاثة) أنواع من الحكومات، فصلت بينها (ثلاث) ثورات شعبية وتخللتها (ثلاث) فترات إنتقالية۔

حكومة حزبية منتخبة۔حكومة يأتی بها إنقلاب عسكری ۔حكومة إنتقالية۔

ويمكن الحديث شيٸاً ما ولو شكلياً، عن نظام (حكم ملكي) فُرِضَ علی السودان الذي كانت تستعمره انجلترا (الملكية)، بالٕاشتراك مع مصر (الملكية) أيضاً، يديره حاكم عام إنجليزي تختاره (ملكة) إنجلترا ويُصدر (الخديوی) فی مصر فرماناً بتعيينه، وفي خِضَم التنازُع بين دولتي (الحكم الثناٸی)، نُودي ب (الملك فاروق ملكاً علی مصر والسودان) مع كون مصر نفسها كانت مستعمرة بريطانية حينذاك !!

تسلمت أول حكومة وطنية مقاليد الحكم من الإستعمار ، وكانت حكومة حزبية منتخبة برٸاسة السيد الأستاذ إسماعيل الأزهری، بعدما ذاب مٶتمر الخريجين – طليعة الوطنيين المنادين بإستقلال السودان – فی الحزبين الكبيرين، أو فی الطاٸفتين الكبيرتين علی وجه الدِّقة، فمٶتمر الخريجين الذی أنشِٸَ علی غرار حزب المٶتمر الهندی- القاٸم إلی يوم الناس هذا – وجد نفسه أمام (إنتخابات عامَّة) تتطلب ميزانيات ضخمة، ومعينات كثيرة، وتجربة جديدة كليَّاً، لا قِبَل له بها، خاصة بعد المعركة الإنتخابية عام 1943م لاختيار الهيٸة الستينية للمٶتمر والتی أدت لانقسام حاد، بين مجموعتين الأولی بزعامة الأزهري يساندهم الأبروفيون، والثانية مجموعة الشوقيين بزعامة محمد علی شوقي ومجموعة من أبناء الأنصار يساندهم بطبيعة الحال السيد عبد الرحمن المهدی، ووسط جماهير تدين بالولاء للسيدين الكبيرين، السيد (السير) علي الميرغنی زعيم طاٸفة الختمية، وسليل العترة النبوية !! والسيد عبد الرحمن المهدی زعيم طاٸفة الأنصار، ونجل السيد الإمام محمد أحمد المهدی مُفجر الثورة المهدية، الذی خاض غمار حرب ضروس ضد المستعمر وحرر البلاد من ربقة الإستعمار بحد السيف (حرفياً) بمساندة واسعة من جماهير الشعب السوداني الذی بذل الغالي والنفيس في سبيل نيله حريته. فقد كان من المحتم علی عضوية مٶتمر الخريجين أن ينضووا تحت عباءة أحد السيدين ربما تُقيةً، لكنه ليس عن قناعة حتماً، وعندها تفرق مٶتمر الخريجين أيدي سبأ، وحُرم السودان من تجربة حديثة لبناء دولة ديمقراطية حديثة، ونالت البلاد إستقلالها، بعد سودنة جميع الوظاٸف فی الدولة، وكانت السودنة هی الشرارة التي أطلقت التمرد فی جنوب السودان من عقاله، في اْغسطس 1955م، قُبيل إعلان الإستقلال إحتجاجاً علی إبدال الإنجليز الرحماء!! بالعرب القساة تجار الرقيق !! كما قالت بذلك الدعاية الإستعمارية (رمتني بداٸها وانْسَلَّتِ)، والذی أفضی في نهاية الأمر – بعد حرب أهلية هی الأطول فی القارة الأفريقية – إلی انفصال جنوب السودان بعد الإستفتاء الذی أقرته إتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) الموقع فی نيروبی يناير 2005م۔ وأدت ل(ثناٸية) جديدة !!

ونواصل إن أذِن الله لنا بالعودة.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العِزة والمِنعة لشعبنا المقاتل.

-الخِزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نجم ليفربول السابق: هذا ما سيحدث مع محمد صلاح إذا جدد عقده مع الفريق
  • من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
  • سيارة مسرعة تطيح بشخص يعبر الطريق في العياط
  • بدون مصدر )))))))) صدمة لإدارة الأهلي| الدحيل يرفض عودة نجم الفريق.. ماذا سيحدث؟
  • العراق يعبر اليمن بهدف أيمن حسين في خليجي 26 «فيديو»
  • متحدث قوات صنعاء يعلن هذا الخبر العاجل (وهذا ما سيحدث بعد دقائق من الآن)
  • فليك يعيش «خيبة أمل»
  • في عكّار.. ما الذي ضبطه الجيش؟
  • أول صورة للمُجرم الذي دهس الدراج في بيروت.. شاهدوها
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)