حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

ضمن القضايا التي استُعرضَت في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الموقر، قضية المنتج الوطني وضرورة الاهتمام به على جميع المستويات الإدارية والفنية والدبلوماسية أيضًا، وبما يُحقق الأهداف والرؤى والتطلعات التي نرمي إليها لتواكب المتغيرات التي تشهدها البلاد في مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.

والصناعة واحدة من القطاعات الاقتصادية المُهمة في سياسة التنويع الاقتصادي للدولة؛ الأمر الذي يحفز الجميع على العمل على زيادة رقعتها في مختلف المحافظات العُمانية، والتركيز على كافة المستهدفات المراد تحقيقها، باعتبارها أحد المرتكزات التي يمكن من خلالها توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين مستقبلًا، وتوطين الصناعات وإيجاد التكامل فيما بينها، بجانب تطوير مشاريع رواد الأعمال في هذا القطاع، وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الصناعية الناشئة بتوسعة أعمالها لإنتاج المزيد من المواد والسلع التي تحتاج إليها البلاد. هذا الأمر سوف يقلل من فاتورة الشراء الخارجي، ويقلّل أيضًا من التبعية على الدول الأخرى، وبالتالي يؤدي إلى تحسين وزيادة فوائض الميزان التجاري للبلاد.

ما نريد طرحه في هذا الشأن يتعلق ببعض التحديات والمشاكل والعقبات التي تواجه الصناعيين في تسويق منتجاتهم وبيعها لدى المؤسسات الحكومية والشركات التي تتبع جهاز الاستثمار العُماني، بجانب تسويقها لدى المؤسسات التي تتبع القطاع الخاص. ففي هذا الإطار، يرى بعض الصناعيين العُمانيين أنه بالرغم من توجيهات الأجهزة المعنية للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بالإقبال على المنتج الوطني، إلا أن المشكلة تكمن في عملية التطبيق والتنفيذ. فقد أشار أحد الصناعيين العُمانيين- في شكواه لنا في رسالة خاصة- يطلب فيها توصيل محتواه للمسؤولين في الدولة، منها أن شركة الطيران العُماني قامت مؤخرًا بإسناد مناقصة لشراء محارم ورقية من جميع أنواعها وأكواب ورقية من بعض الشركات والمصانع الخليجية وغيرها، تاركة العروض المقدمة للشركات العُمانية المماثلة دون أي رد. فهي بشرائها لتلك المنتجات من الدول الأخرى واتخاذها هذا القرار، لم تراع حق الأفضلية الذي يجب أن يعطى للشركات الصناعية العُمانية بنسبة 10% كما هو متبع في عمليات الشراء وضرورة الإقبال على المنتجات الوطينة. ويرى الصناعيون في السلطنة أن الطيران العُماني لم تكلّف نفسها إجراء مكالمة هاتفية مع الشركات الصناعية العُمانية للتفاوض حول الأسعار التي حصلت عليها من الشركات المماثلة من خارج السلطنة، وعمّا إذا كانت المصانع العُمانية مستعدة لقبول أسعار العروض الخارجية.

رجل الصناعة في عُمان يرى أن رواتب التشغيل في هذا القطاع كبيرة نتيجة لتطبيق سياسة "التعمين"، عكس ما هو مُتّبع في الدول المجاورة التي تُعطى لها الحرية في اختيار وتشغيل عمالة منخفضة التكلفة؛ فالمصانع العُمانية مُلتزمة بتشغيل عدد كبير من أبناء الوطن في إطار اهتمامها بقضية التشغيل؛ الأمر الذي يفرض على المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة في السلطنة تقديم عروضها وشراء منتجاتها للمصانع المحلية في المقام الأول.

مثل هذه الممارسات والتجاهل للمنتجات العُمانية ولا سيما من قبل شركة مملوكة للدولة لا يصب في اتجاه تحقيق أهداف الرؤية التي نتطلع إليها "عمان 2040". كما إنه من الغريب أن يحصل المسافر على الطيران العُماني على منتج من بلد آخر، في الوقت الذي تتوفر فيها منتجات وطنية مماثلة في البلاد، وبجودة تفوق المنتجات الأخرى، وبأسعار منافسة أيضًا.

إن تصحيح هذا المسار مهم لكي نرتقي بأوضاع الصناعة في البلاد. وهنا نشير إلى توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- للجهات المعنية بضرورة إعداد سياسة وطنية للمحتوى المحلي بهدف تقليل الواردات وزيادة الصادرات، واعتماد "السياسة الوطنية للمحتوى المحلي (2024- 2030)" التي تهدف إلى إيجاد منظومة وطنية تتولى تنظيم ومتابعة المحتوى المحلي في جميع القطاعات، وتعزيز ثقافته مجتمعيًا، ودعم المنتج الوطني والتعريف به والترويج له على مختلف المستويات، مع ضرورة تحفيز جميع المستهلكين على اختيار المنتجات العُمانية للإسهام في ضمان استمرار ونمو الشركات المحلية، وفق بيان مجلس الوزراء الموقر.

إنَّ الصناعيين في السلطنة ينادون بضرورة تصويب الممارسات الخاطئة، وإلزام الجهات والمجالس المعنية بدعم توجهات الصناعيين والمستثمرين للحفاظ على الاستثمارات الداخلية لهم، وفي نفس الوقت العمل على جذب الاستثمارات الخارجية في هذا القطاع الحيوي، وما اعتماد برنامج الولاء للمنتج الوطني إلّا لتحفيز المستهلكين على اختيار المنتجات الوطنية والإقبال عليها أولًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الواحدة تلو الأخرى... ترامب يقود انسحابات بالجملة من المنظمات الدولية

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُعيد تشكيل السياسة الخارجية بقرارات جذرية، تضمنت انسحابات من منظمات دولية ووقف تمويل برامج رئيسية، ما أثار جدلاً واسعًا بين مؤيد ومعارض.

اعلان

منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، شرع الرئيس دونالد ترامب في تنفيذ تغييرات جذرية أعادت تشكيل ملامح السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وفي مشهد بدا وكأنه إعادة صياغة للدور الأمريكي على الساحة الدولية، أطلق ترامب سلسلة من القرارات التي أخرجت واشنطن من عدة منظمات أممية، وأوقفت تمويل برامج دولية رئيسية، وسط ردود فعل متباينة بين الدعم والانتقاد الحاد.

انسحاب من منظمة الصحة العالمية: القطيعة الكبرىشعار منظمة الصحة العالمية في مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف، سويسراأب

مع انطلاقة ولايته الثانية، لم يتردد ترامب في توجيه ضربته الأولى إلى منظمة الصحة العالمية (WHO)، فوقّع أمرًا تنفيذيًا يقضي ببدء إجراءات الانسحاب الأمريكي من الهيئة الأممية. لم يكن قراره مفاجئًا، فقد حمل على عاتقه منذ ولايته الأولى انتقاد المنظمة، حيث اتّهمها بسوء إدارة جائحة كوفيد-19 والخضوع لضغوط سياسية. رأى ترامب أن واشنطن لم تجنِ سوى الخسائر من هذه المنظمة، فقرر إنهاء العلاقة تمامًا، معلنًا عن إعادة توجيه التمويل الأمريكي إلى مبادرات صحية أخرى، بعيدًا عن مظلة المنظمة الدولية.

 

ضربة مزدوجة: الخروج من مجلس حقوق الإنسان وقطع تمويل الأونروا

في خطوة تصعيدية أخرى، أعلن البيت الأبيض في 4 فبراير 2025 انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واتهمه بتبني سياسات منحازة ضد إسرائيل، وهي الحجة التي لطالما استخدمها ترامب لانتقاد المجلس. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد قرر أيضًا وقف أي تمويل موجه إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بدعوى ارتباطها بحركة حماس، وهي اتهامات رفضتها الوكالة بشدة، مؤكدة أن برامجها مخصصة لدعم اللاجئين في المناطق الأكثر احتياجًا.

 

تفكيك شبكة المساعدات: تقليص دور الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)أب

ضمن سياسته لتقليص التدخل الأمريكي في الشؤون الدولية، وجه ترامب ضربة قوية للجهود التنموية العالمية، حيث أمر بسحب معظم موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) من مهامهم حول العالم. وترتب على ذلك تعليق عشرات البرامج الحيوية في مجالات الصحة والتعليم ومكافحة الأوبئة، في أكثر من 120 دولة. لم يكن لهذا القرار وقع محلي فقط، بل أثار موجة من التحذيرات الدولية، حيث اعتبره خبراء التنمية ضربة قاسية للجهود الإنسانية، خاصة في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الأمريكي.

 

منظمة التجارة العالمية في دائرة التهديد: انسحاب مؤجل أم ورقة ضغط؟

رغم انسحاباته المتسارعة، لم يقرر ترامب بعد الخروج من منظمة التجارة العالمية (WTO)، لكنه لم يفوّت فرصة تهديدها علنًا. في عدة تصريحات سابقة، أبدى الرئيس الأمريكي استياءه من آليات عمل المنظمة، زاعمًا أنها تصب في مصلحة القوى الاقتصادية الأخرى على حساب الولايات المتحدة. في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز عام 2018، قال ترامب: "إذا لم يتطوّروا، فسأنسحب من منظمة التجارة العالمية." كما كرر هذا التهديد لاحقًا في مقابلة مع وكالة بلومبرغ، معتبرًا أن المنظمة "أنشئت ليستفيد الجميع باستثناءنا نحن." وعلى الرغم من عدم صدور قرار رسمي حتى الآن، إلا أن المتابعين يرون أن إدارة ترامب قد تستخدم ورقة الانسحاب من المنظمة كورقة ضغط لإعادة صياغة قواعد التجارة الدولية وفقًا لرؤيتها.

 

ترقب لتداعيات القرارات الأمريكية

أثارت هذه الانسحابات حالة من الجدل العالمي، حيث اعتبرها البعض إعادة تموضع استراتيجية لإعادة التركيز على المصالح القومية، بينما وصفها آخرون بأنها تفكيك ممنهج لدور واشنطن القيادي في النظام الدولي. وقد سارع الخبراء الدوليون إلى التحذير من تداعيات هذه القرارات، خاصة على جهود مكافحة الأوبئة، حقوق الإنسان، والمساعدات التنموية.

في ظل هذه التحولات المتسارعة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل تعيد الولايات المتحدة صياغة دورها العالمي وفقًا لرؤية ترامب، أم أن الضغوط الداخلية والخارجية ستجبرها على إعادة النظر في هذه القرارات الجريئة؟

اسم الصحفي • Mohammed Saifeddine

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تجميد المساعدات الأمريكية يعطل جهود الإغاثة ويهدد الملايين في العالم بمجاعة كارثية هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "منظمة إرهابية" تدار من "مجانين متطرفين" ترامب والصحة العالمية كلاكيت ثاني مرة.. الرئيس المقبل ينوي الانسحاب من المنظمة فهل يفعلها مجددا؟ منظمة الصحة العالميةدونالد ترامبالولايات المتحدة الأمريكيةمنظمة التجارة العالميةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext ما الذي كشفه غالانت عن خطة هجوم البيجر وتداعيات الحرب في غزة؟ يعرض الآنNext تجميد المساعدات الأمريكية يعطل جهود الإغاثة ويهدد الملايين في العالم بمجاعة كارثية يعرض الآنNext ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية ويتهمها باستهداف إسرائيل والولايات المتحدة يعرض الآنNext بعد 20 عاماً من التوقف..إسرائيل تُعلن إنشاء مستوطنة جديدة بين الخليل وبيت لحم في الضفة الغربية يعرض الآنNext السجن النافذ لمن يلقي التحية النازية.. أستراليا تقر قوانين جديدة لمكافحة جرائم الكراهية اعلانالاكثر قراءة جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث فرنسا تسلّم أوكرانيا أولى طائراتها المقاتلة من طراز ميراج 2000 لبنان: تعثّر تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع من تكليف نواف سلام.. والقاضي يشتكي من "الحسابات الضيقة" بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة مسابقة "بوم بوم" لاختيار أجمل مؤخرة امرأة بالبرازيل اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبضحاياقطاع غزةغزةإسرائيلفرنسابنيامين نتنياهوالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أزمة إنسانيةرجب طيب إردوغاناحتجاجاتحكومةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • مسؤولون لـ"الرؤية": الخطط الحكومية الطموحة ساهمت في نمو القطاع الصناعي وتعزيز تنافسية المنتجات العمانية محليا وعالميا
  • 46 شركة عُمانية تستعرض منتجاتها في ليب الدولي بالرياض
  • الواحدة تلو الأخرى... ترامب يقود انسحابات بالجملة من المنظمات الدولية
  • تعرف على طقس السلطنة اليوم الجمعة
  • روبيو لمنتقدي اقتراح ترامب بشأن غزة: قدموا حلا بديلا
  • أخصائية تغذية تكشف الأغذية التي تسبب مرض النقرس
  • إعلامي يكشف عن بديل الونش أمام الإسماعيلي
  • الزمالك يرسل تذاكر الطيران للمغربي صلاح صادق
  • إيران تؤكد رفضها الخطة الأمريكية للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة
  • "العُمانية الأردنية البحرية المشتركة" تستعرض أوجه التعاون الثنائي