من المسؤول عن تراجع الصناعة العُمانية؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
ضمن القضايا التي استُعرضَت في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الموقر، قضية المنتج الوطني وضرورة الاهتمام به على جميع المستويات الإدارية والفنية والدبلوماسية أيضًا، وبما يُحقق الأهداف والرؤى والتطلعات التي نرمي إليها لتواكب المتغيرات التي تشهدها البلاد في مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.
والصناعة واحدة من القطاعات الاقتصادية المُهمة في سياسة التنويع الاقتصادي للدولة؛ الأمر الذي يحفز الجميع على العمل على زيادة رقعتها في مختلف المحافظات العُمانية، والتركيز على كافة المستهدفات المراد تحقيقها، باعتبارها أحد المرتكزات التي يمكن من خلالها توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين مستقبلًا، وتوطين الصناعات وإيجاد التكامل فيما بينها، بجانب تطوير مشاريع رواد الأعمال في هذا القطاع، وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الصناعية الناشئة بتوسعة أعمالها لإنتاج المزيد من المواد والسلع التي تحتاج إليها البلاد. هذا الأمر سوف يقلل من فاتورة الشراء الخارجي، ويقلّل أيضًا من التبعية على الدول الأخرى، وبالتالي يؤدي إلى تحسين وزيادة فوائض الميزان التجاري للبلاد.
ما نريد طرحه في هذا الشأن يتعلق ببعض التحديات والمشاكل والعقبات التي تواجه الصناعيين في تسويق منتجاتهم وبيعها لدى المؤسسات الحكومية والشركات التي تتبع جهاز الاستثمار العُماني، بجانب تسويقها لدى المؤسسات التي تتبع القطاع الخاص. ففي هذا الإطار، يرى بعض الصناعيين العُمانيين أنه بالرغم من توجيهات الأجهزة المعنية للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بالإقبال على المنتج الوطني، إلا أن المشكلة تكمن في عملية التطبيق والتنفيذ. فقد أشار أحد الصناعيين العُمانيين- في شكواه لنا في رسالة خاصة- يطلب فيها توصيل محتواه للمسؤولين في الدولة، منها أن شركة الطيران العُماني قامت مؤخرًا بإسناد مناقصة لشراء محارم ورقية من جميع أنواعها وأكواب ورقية من بعض الشركات والمصانع الخليجية وغيرها، تاركة العروض المقدمة للشركات العُمانية المماثلة دون أي رد. فهي بشرائها لتلك المنتجات من الدول الأخرى واتخاذها هذا القرار، لم تراع حق الأفضلية الذي يجب أن يعطى للشركات الصناعية العُمانية بنسبة 10% كما هو متبع في عمليات الشراء وضرورة الإقبال على المنتجات الوطينة. ويرى الصناعيون في السلطنة أن الطيران العُماني لم تكلّف نفسها إجراء مكالمة هاتفية مع الشركات الصناعية العُمانية للتفاوض حول الأسعار التي حصلت عليها من الشركات المماثلة من خارج السلطنة، وعمّا إذا كانت المصانع العُمانية مستعدة لقبول أسعار العروض الخارجية.
رجل الصناعة في عُمان يرى أن رواتب التشغيل في هذا القطاع كبيرة نتيجة لتطبيق سياسة "التعمين"، عكس ما هو مُتّبع في الدول المجاورة التي تُعطى لها الحرية في اختيار وتشغيل عمالة منخفضة التكلفة؛ فالمصانع العُمانية مُلتزمة بتشغيل عدد كبير من أبناء الوطن في إطار اهتمامها بقضية التشغيل؛ الأمر الذي يفرض على المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة في السلطنة تقديم عروضها وشراء منتجاتها للمصانع المحلية في المقام الأول.
مثل هذه الممارسات والتجاهل للمنتجات العُمانية ولا سيما من قبل شركة مملوكة للدولة لا يصب في اتجاه تحقيق أهداف الرؤية التي نتطلع إليها "عمان 2040". كما إنه من الغريب أن يحصل المسافر على الطيران العُماني على منتج من بلد آخر، في الوقت الذي تتوفر فيها منتجات وطنية مماثلة في البلاد، وبجودة تفوق المنتجات الأخرى، وبأسعار منافسة أيضًا.
إن تصحيح هذا المسار مهم لكي نرتقي بأوضاع الصناعة في البلاد. وهنا نشير إلى توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- للجهات المعنية بضرورة إعداد سياسة وطنية للمحتوى المحلي بهدف تقليل الواردات وزيادة الصادرات، واعتماد "السياسة الوطنية للمحتوى المحلي (2024- 2030)" التي تهدف إلى إيجاد منظومة وطنية تتولى تنظيم ومتابعة المحتوى المحلي في جميع القطاعات، وتعزيز ثقافته مجتمعيًا، ودعم المنتج الوطني والتعريف به والترويج له على مختلف المستويات، مع ضرورة تحفيز جميع المستهلكين على اختيار المنتجات العُمانية للإسهام في ضمان استمرار ونمو الشركات المحلية، وفق بيان مجلس الوزراء الموقر.
إنَّ الصناعيين في السلطنة ينادون بضرورة تصويب الممارسات الخاطئة، وإلزام الجهات والمجالس المعنية بدعم توجهات الصناعيين والمستثمرين للحفاظ على الاستثمارات الداخلية لهم، وفي نفس الوقت العمل على جذب الاستثمارات الخارجية في هذا القطاع الحيوي، وما اعتماد برنامج الولاء للمنتج الوطني إلّا لتحفيز المستهلكين على اختيار المنتجات الوطنية والإقبال عليها أولًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية العماني: العلاقات مع مصر تاريخية وراسخة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أن العلاقات المصرية العمانية هي علاقات متواصلة وتاريخية وراسخة، لافتا إلى أن هناك مشاورات مستمرة بين البلدين على كافة المستويات حول مختلف القضايا العربية والشرق الأوسطية والدولية.
جاء ذلك خلال لقاء عقده الوزير بدر بن حمد البوسعيدي مع عدد من الإعلاميين المصريين والعرب والأجانب على هامش الزيارة التي نظمتها وزارة الإعلام العمانية تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في السلطنة.
وقال الوزير العماني إن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي إلى سلطنة عمان كانت فرصة لإجراء مشاورات مكثفة حول كثير من القضايا التي تشغل منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، فضلا عن التطورات العالمية والتحديات التي يجب تكثيف الجهود والمشاورات للتغلب عليها.
وأضاف أن البلدين بينهما تقارب كبير في الرؤى والمواقف إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وقد تصل مواقف البلدين إلى "التطابق"، حيث تنتهج مصر وسلطنة عمان سياسة الدبلوماسية لإيجاد الحلول ومحاولة إعلاء قيم الحوار وجمع الفرقاء على طاولة المفاوضات لإنهاء الخلافات عبر الطرق السلمية.
وذكر الوزير البوسعيدي أن السلطنة ومصر يجمعهما مصير واحد وأهداف مشتركة أهمها فرض السلام والاستقرار في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط سعيا للنهوض من خلال تنفيذ برامج التنمية التي تعود منافعها على شعوبنا وعلى منطقتنا بشكل عام.
وأوضح وزير الخارجية العماني أن بلاده تحتفل خلال تلك الفترة بالذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في السلطنة التي تعيش مسيرة مستقرة وآمنة ونهضة عمرانية ومنجزات في كل مجالات الحياة بالتوازي مع الحفاظ على الهوية العمانية.
وأبرز أن سلطنة عمان تتمتع بعلاقات قوية وراسخة ومتينة مع دول العالم، وتحظى بثقة واحترام الجميع، كما أن السلطنة منفتحة على الجميع وتسعى دائما إلى مد يد العون والصداقة مع كافة الدول تحقيقا للمصالح المشتركة.
وتابع أن العالم يمر خلال تلك الفترة بمتغيرات كثيرة، وإن سلطنة عمان تتأثر بتلك المتغيرات باعتبارها جزءا من العالم، منوها بأهمية العمل على توجيه البوصلة إلى المسار الصحيح ووأد الخلافات والنزاعات سعيا لتحقيق السلام الشامل والدائم في ربوع العالم.
وأشار إلى أن تجاوز التحديات الراهنة يتطلب مزيدا من الجهود والتعاون البناء بين مختلف القوى الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار استنادا إلى مبادئ وقواعد الحوار الهادف البناء والتمسك أيضا بالقواعد المعمول بها في إدارة العلاقات الدولية وأهمها التمسك بقواعد القانون الدولي لأنه الكفيل بتحقيق قدر مهم من العدالة التي تسعى إلى تحقيقها المنطقة.
وحول تطورات القضية الفلسطينية، قال وزير الخارجية العماني إن هناك جهودا كبيرة بُذلت على مدار أكثر من عام لتحقيق اختراق لحلحلة الوضع الراهن، وإيقاف المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، لافتا إلى أن الفترة الراهنة تشهد زخما قويا في مسألة التحركات الدبلوماسية لمحاولة التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، خاصة مع قرب تولي الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الأمور، معربا عن أمله في التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية على أساس مبادرة السلام العربية وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لما أقرته المواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأبرز بدر بن حمد البوسعيدي أن هناك شبه إجماع دولي في الوقت الراهن على الجرائم والأفعال الإسرائيلية المنافية للقانون الدولي والمواثيق والأعراف الدولية، فضلا عن أن هناك اعترافا دوليا بما تكبده الشعب الفلسطيني من دمار إجرامي إلى جانب الخسائر البشرية.
وأعرب عن أمله في أن تطرح الإدارة الأمريكية الجديدة المبادرات الرامية لتسوية القضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين" لفرض السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وردا على سؤال حول إمكانية إرسال قوات عمانية إلى قطاع غزة لتقديم الدعم والإسناد في مرحلة ما بعد الحرب، قال الوزير العماني إنه لا توجد حاجة إلى إرسال قوات دعم وإسناد من السلطنة إلى قطاع غزة، لأن فلسطين بها من الكفاءات التي تقوم بهذا الأمر، ولكن يمكن تقديم الدعم المعنوي والمادي، مشددا على أن فلسطين للفلسطينيين.
وأضاف أن بلاده تشدد دائما على ضرورة وحدة الصف الفلسطيني، داعيا كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس إلى الانضواء تحت إرادة وسلطة واحدة متفق عليها، معتبرا أن "وحدة الصف الفلسطيني" هي جزء أساسي وأصيل من حل وتسوية القضية الفلسطينية.
وبشأن الموضوع في سوريا، أكد وزير الخارجية العماني أن سلطنة عمان تشدد على ضرورة المحافظة على وحدة الأراضي السورية وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات الشعب السوري والعمل على استعادة الدور السوري في محيطها العربي والدولي.
وأشار إلى أن سوريا تحتاج إلى الدعم العربي، منوها بأن تسوية الوضع في سوريا يبدأ من الداخل لذلك نحن دائما نشجع إخواننا في سوريا وفي كل بلد عربي أن يأخذوا بزمام الأمور لحل القضايا الداخلية دون تدخل خارجي.