لماذا يجب أن تكتب مذكراتك اليومية؟ وكيف تساعدك نفسيا وصحيا؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
تعد كتابة اليوميات بمثابة علاج يومي مجاني لعدد من المشكلات الصحية، البدنية منها والنفسية، إذ يتحول الطقس اليومي، في تدوين أهم أحداث اليوم، من إنجازات وإخفاقات، وكذلك المشاعر الذاتية، والانطباعات حول الأحداث والأشخاص، إلى وسيلة تعافٍ قوية، تؤثر بشكل ملحوظ على استجابة الجسم للضغط النفسي، ومن ثم تحسين المزاج والنوم والمناعة.
اعتادت الكاتبة المصرية هبة عبد العليم، تسجيل يومياتها في شكل تدوينات من عمر الـ7 سنوات، "كنت دائما أكتب مشاعري تجاه الأحداث اليومية، لا أسجل الحدث نفسه وإنما شعوري تجاهه، واستمر هذا حتى الآن، ولكن مع الوقت، وعقب وقوع دفاتري في أيدي آخرين، تعلمت تشفير يومياتي، بحيث لا يفهمها سواي، ومع الوقت اتخذ التدوين صيغا كثيرة كالكتابة والرسم، والكولاج (تكنيك فني يقوم على تجميع أشكال مختلفة لتكوين عمل فني جديد)، ولكن تبقى الكتابة بالنسبة لي هي الصيغة الأدق والأهم والأقرب لقلبي والأكثر راحة لذهني".
نموذج من يوميات الكاتبة المصرية هبة عبد العليم (الجزيرة)تكتب هبة كل شيء يتعلق بذاتها أو عملها، "وحين كبرت وصرت أعمل بأكثر من مجال، صار لي دفتر يوميات مخصص للعمل، والاتفاقيات المتعلقة به، وكذلك تسجيل الدخل والإنفاق وهكذا، بخلاف التدوين الذاتي، وعموما فإن التدوين يساعدني على تفكيك مشاعري وتحليلها، كما يجعلني أقرب لنفسي، وأكثر إنصاتا لصوتي الداخلي، فتصير الطفلة الصغيرة بداخلي أكثر هدوءا وسكينة، ويصفو ذهني فتكون أفكاري أوضح وقراراتي أدق وأسرع، وهذا هو أهم ما يتعلق بالتدوين، أنه يذكرنا بالأحداث التي مرت على حياتنا، سواء العملية، أو العاطفية، فنستطيع اتخاذ قرارات أدق بشأن المستقبل".
بحسب الرابطة الدولية لكتابة اليوميات، فإن هناك العديد من تقنيات وأساليب كتابة اليوميات، مثل الخرائط الذهنية، والكتابة في صورة حوار، والكتابة الشعرية، والرسوم العنقودية، وغيرها العديد من الأشكال، لكن هذا في مراحل متقدمة، بينما يمكن لأي شخص البدء في كتابة يومياته بأي عمر، وأن يكتب أي شيء باليوميات، الأفكار والمشاعر، والمشاكل، والتحديات، والاضطرابات، والأفراح، والنجاحات، والأحلام، وتقترح الرابطة، بعض الجمل الافتتاحية مثل:
في هذه اللحظة أشعر بـ ..
في هذه اللحظة ألاحظ..
حاليا أفكر في..
حتى الآن أفضل جزء في أسبوعي هو..
فوائد كتابة اليومياتتشير العشرات من الدراسات العلمية إلى فوائد كبرى لكتابة اليوميات، بشكل منتظم، أبرزها:
المساعدة على فهم الصدمات وتخطيها، حيث يسهم التدوين في تنظيم الأحداث في الذهن، مما يضمن تحسين الذاكرة العاملة، وتحسين العمليات المعرفية، والنوم بشكل أفضل. وفي دراسة أعدها جيمس دبليو بينبيكر، عالم النفس بجامعة تكساس عام 1986، تبين أن العلاج بالكتابة يساعد على فهم الصدمة، وتحرير الأدمغة من التجارب المرهقة ذهنيا. السيطرة على أعراض الاكتئاب، وتخفيفها، حيث خلصت دراسة منشورة عام 2007 بعنوان "تجربة عشوائية لبرنامج موجز للوقاية من الاكتئاب" إلى أن ممارسة كتابة اليوميات، والكتابة التعبيرية، لمدة 6 أشهر مع عادات أخرى كالقراءة والعلاج المعرفي السلوكي، أسهمت في انخفاض أعراض الاكتئاب بصورة كبيرة لدى المشاركين بالدراسة. تطوير مهارات التفكير العليا، وتحسين عمليات التعلم والتخطيط، ففي دراسة تم إجراؤها بجامعة كوازولو ناتال في جنوب أفريقيا، وجد باحثون أن التأمل من خلال الكتابة اليومية يساعد المتعلمين على تعزيز فهمهم، وإثراء التعلم مدى الحياة، فضلا عن تطوير الاستقلال المهني لاحقا، حيث ينتقل المتعلم إلى مراحل متقدمة من التفكير النقدي، والتعامل كشخص محترف ومستقل. تقليل أعراض القلق وتخفيف التوتر، عبر تفريغ المخاوف، حيث تعد الكتابة حول مصادر وأسباب القلق، بمثابة رادع يمنع اجتراره والتوجه نحو إيجاد حلول، وتشير الدراسات إلى التأثير الإيجابي للتدوين اليومي على الرجال والنساء الذين يعالجون من القلق، مع الإشارة إلى أن تأثيره كان أقوى على النساء. ممارسة كتابة اليوميات لمدة 6 أشهر تسهم في انخفاض أعراض الاكتئاب (بيكسلز) تقليل أعراض الالتهابات، هو أحد أغرب النتائج المتوقعة لكتابة اليوميات، فبحسب تجارب سريرية أجريت عام 1999 تحسنت أعراض الالتهاب، لدى المرضى الذين يعانون من الربو الخفيف إلى المتوسط، والتهاب مفاصل الروماتويدي، الذين قاموا بالكتابة عن التجارب الحياتية المجهدة، بحيث أظهروا تغيرات سريرية واضحة في الحالة الصحية. ترفع المناعة وتعزز التئام الجروح، ففي دراسة نشرت عام 2012 بعنوان "الكتابة التعبيرية وشفاء الجروح لدى كبار السن"، كان لدى المشاركين في مجموعة من الكتابة التعبيرية اليومية نسبة أكبر من الجروح التي تمت إعادة تكونها بالكامل، حيث أسهمت الكتابة في تحسين التئام الجروح، فضلا عن تحسين نظام المناعة، بطريقة لا تختلف كثيرا عن التمارين الرياضية، حيث يعمل الأمر بالطريقة ذاتها في الحالتين، عن طريق تقليل المواد الكيميائية التي يطلقها التوتر في الجسم. تحسين الذكاء العاطفي عبر فهم ومعالجة المشاعر، ففي دراسة صادرة عن جامعة ساوث داكوتا عام 2013 خلص باحثون إلىى أن الكتابة عن المشاعر والذات تسهل إدارتها والتحكم فيها، وتساعد على التعاطف مع الآخرين، ومن ثم يصبح من الأسهل اتخاذ القرارات بشكل أكثر إيجابية، وأقل توترا وعصبية. الحصول على نوم أفضل، ومواجهة الأرق، حيث تعد كتابة اليوميات، أحد إستراتيجيات ثلاثٍ مع التأمل والاستحمام قبل النوم، للحصول على نوم جيد ليلا، وذلك بحسب دراسة نشرت في مجلة التعليم والممارسة المهنية عام 2023، حيث تشير الدراسة إلى أن الإجراءات الثلاثة من شأنها المساعدة على الاسترخاء واستعادة الطاقة من جديد، عبر العناية بالجوانب الثلاثة، البدنية والروحية والعقلية. التوقف عن المماطلة والبدء في اتخاذ القرارات بفاعلية، ففي مقال بحثي لكارلتون جيه مون ولورين سي هينسلي، خلص الباحثان إلى أن تدوين اليوميات وممارسة المراقبة الذاتية، والكتابة التأملية يزيد الوعي بالسلوكيات، ومنها المماطلة، فضلا عن تحفيز 4 عمليات محورية هي فهم المماطلة، وإجراء تغييرات في الوقت الحالي وتحفيز العمل، وإيجاد دافع للتغيير ومن ثم الحد من المماطلة. كتابة اليوميات تحسن الذكاء العاطفي عبر فهم ومعالجة المشاعر (بيكسلز) نصائح لكتابة اليومياتتكتب أميرة طلعت، ربة منزل، وأم لـ3 أطفال، يومياتها منذ المرحلة الإعدادية، "فأخطط على الورق، وأضع الأهداف، والمخاوف، والاحتمالات، والخطوط العريضة لكل ما أنوي عمله، ربما هذا ما يمنحني الدافع للإنجاز والاستمرارية في تحقيق أهداف، على كل المستويات، كان هدفي الأكبر، التخلص من بعض العلاقات السامة وفعلت، والآن أسعى لتحسين تقنيات كتابة اليوميات".
أما رئيس الرابطة الدولية لكتابة اليوميات ليندا مونك، فتقدم مجموعة من النصائح بشأن قواعد كتابة اليوميات، أهمها:
الحرص على التدوين بانتظام، كأي فعل روتيني آخر، حيث يعد التدوين عادة صحية رائعة. محاولة تثبيت وقت معين للتدوين كل يوم في حالة ضيق الوقت يمكن ضبط مؤقت لـ5 أو 10 دقائق، حيث يمكن كتابة الكثير في ذلك الوقت. اللجوء إلى كتابة اليوميات في الأوقات العصيبة للتأقلم والتعامل مع اللحظات المضطربة. محاولة جعل الكتابة أكثر تفاؤلا مع الوقت وتذكير النفس بالأشياء الجيدة رغم المصاعب، حاول وصف اليوم بكلمة واحدة واضحة تجسد أحداثه وإن لم تُكتب غيرها.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وما تحتويه بألمانيا
(CNN)-- قال خبراء إن تميمة فضية صغيرة اكتشفها علماء آثار في ألمانيا يمكن أن تغير فهمنا لكيفية انتشار المسيحية في ظل الإمبراطورية الرومانية، وتم اكتشاف القطعة الأثرية الصغيرة، التي يبلغ طولها حوالي 1.4 بوصة (3.6 سم)، في قبر روماني يعود إلى القرن الثالث خارج فرانكفورت في عام 2018.
وعثر علماء الآثار على هيكل عظمي لرجل مدفون في مقبرة بمدينة نيدا الرومانية، وهي واحدة من أكبر وأهم المواقع في ولاية هيسن بوسط ألمانيا، ومع ذلك، فقد استغرق الأمر حتى الآن حتى يتمكن الباحثون من فحص رقاقة فضية رقيقة تم العثور عليها بداخل التميمة.
وإلى جانب قطع أثرية أخرى في القبر، مثل مبخرة وإبريق مصنوع من الطين، تم العثور على التميمة تحت ذقن الهيكل العظمي. يُعرف أيضًا باسم التصيدية، ومن المحتمل أنها تم ارتداؤها على شريط حول رقبة الرجل لتوفير الحماية الروحية.
وكانت الرقاقة "الرقيقة مثل الشعرة" الموجودة داخل التميمة هشة للغاية لدرجة أنها كانت ستتفكك ببساطة إذا حاول الباحثون فكها، إلا أن الفحوصات المجهرية والأشعة السينية التي أجريت عام 2019 أظهرت وجود كلمات محفورة عليها، واستغرق الأمر خمس سنوات أخرى قبل أن يتوصل فريق المتحف الأثري في فرانكفورت إلى طريقة لفك رموز ما هو مكتوب.
ومن خلال عملية فتح الورقة رقميًا أصبح النص بأكمله مرئيًا ويمكن بعد ذلك فك شفرته. وما اكتشفه الباحثون أذهلهم.
أقدم دليل على المسيحية
كان هناك على الرقاقة 18 سطرًا من النص اللاتيني الذي يشير بشكل متكرر إلى يسوع، بالإضافة إلى القديس تيطس، وهو تلميذ ومقرب من القديس بولس الرسول، وبما أن القبر الذي تم العثور فيه على التميمة يعود إلى ما بين 230 و 270 ميلادي، فقد ظهرت التميمة كأقدم دليل على المسيحية في أوروبا شمال جبال الألب، وجميع الاكتشافات السابقة تعود إلى ما لا يقل عن 50 عامًا بعد ذلك، بحسب بيان.
في وقت الدفن، كانت المسيحية قد أصبحت طائفة ذات شعبية متزايدة ولكن تعريفها كمسيحية كان لا يزال محفوفًا بالمخاطر، من الواضح أن الرجل المدفون، الذي يُعتقد أنه كان يتراوح عمره بين 35 و45 عامًا، شعر بإيمانه بقوة لدرجة أنه أخذه معه إلى القبر.
وقام ماركوس شولتس، عالم الآثار والخبير في النقوش اللاتينية والأستاذ بجامعة غوته في فرانكفورت، بفك شفرة نص "نقش فرانكفورت الفضي" كما هو بات معروفا الآن، وقال واصفًا العملية المعقدة: "في بعض الأحيان، استغرق الأمر مني أسابيع، وحتى أشهر، للتوصل إلى الفكرة التالية، لقد استدعيت خبراء من تاريخ اللاهوت، من بين آخرين، وعملنا شيئًا فشيئًا معًا للتعامل مع النص وفك شفرته أخيرًا، وأن حقيقة أن الكتابة كانت باللغة اللاتينية بالكامل كانت غير متوقعة على الإطلاق.
وعند ترجمة النصوص اللاتينية إلى اللغة الإنجليزية، كتب ما يلي:
جزء من اللفافة داخل التميمة الفضيةCredit: Leibniz Center for Archaeology in Mainz"(بالاسم؟) القديس تيطس.
قدوس، قدوس، قدوس!
باسم يسوع المسيح ابن الله!
رب العالم
يقاوم (بقدر استطاعته؟)
جميع الهجمات(؟)/ النكسات(؟).
الله (؟) يمنح الرفاهية
دخول.
هذه وسيلة الخلاص (؟) تحمي
الإنسان الذي
يستسلم للإرادة
من الرب يسوع المسيح ابن الله،
منذ ما قبل يسوع المسيح
كل الركب تجثو ليسوع المسيح: السماوي
الأرضية والباطن وكل لسان
آمن (بيسوع المسيح)."
ولا توجد إشارة في النص إلى أي ديانة أخرى غير المسيحية، وهو أمر غير معتاد أيضًا في هذا الوقت، ووفقًا لمتحف فرانكفورت للآثار، فإن الأدلة الموثوقة للحياة المسيحية في مناطق جبال الألب الشمالية للإمبراطورية الرومانية تعود إلى القرن الرابع الميلادي.