جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@06:49:54 GMT

قلم مانديلا.. وسيف اليمن لنجدة فلسطين

تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT

قلم مانديلا.. وسيف اليمن لنجدة فلسطين

 

حمد بن سالم العلوي

أتعلمون لماذا جنوب أفريقيا هي من عرف الطريق إلى محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية؟ أولًا؛ لأنَّ الزعيم الراحل نيلسون مانديلا كان يقول: إن تحرُّر جنوب أفريقيا من الفصل العنصري، يُعد تحررًا ناقصًا طالما ظلّت فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني، وثانيًا؛ لأنَّ الفصل العنصري قد بدأ عام 1948م وهو نفس العام الذي سلمت فيه بريطانيا فلسطين للعصابات الصهيونية، هذا من حيث الالتزام بالمبدأ.

أما من حيث المشاعر، فإنَّ جنوب أفريقيا قاست من ويلات الفصل العنصري، والسجن والظلم على الشعب في جنوب أفريقيا وزعمائها، وهناك حكمة تقول: "لا يشعر بالشيء شعورًا قويًا إلا من يجربه" إذن؛ فجنوب أفريقيا قد جربت وذاقت الأمرين من المحتل الغربي (بريطانيا)؛ فقد أذاقوا الأفارقة الذل والمهانة، وكافة ضروب القسوة والتنكيل بالسكان الأصليين، ولو أنهم استطاعوا إبادتهم كما فعلوا مع الهنود الحمر في القارة الأمريكية، لما ترددوا لحظة واحدة، ولكن وجدوا أنفسهم وسط بحر متلاطم من الأفارقة، فعندئذ صعب عليهم أمر القيام بالإبادة الجماعية، وحتى الزعيم نيلسون مانديلا لم يستطيعوا التخلص منه، وذلك بمقادير ربانية ليُرينا الله فيهم ملكوته وحكمته وقدرته في تسيير الأمور، فأبقوه في السجن الانفرادي على مدى 27 عامًا، وأُفرِج عنه في 1990م. وفي عام 1994م انتخب رئيسًا لجنوب أفريقيا، وهذا تقدير من الله وحكمة منه لخلقه، بأنه هو المسير لهذا الكون، يحكم بما يريد، ولا دخل للظالمين في ذلك.

المقاطعة الدولية كان لها الأثر الكبير في خلاص جنوب أفريقيا من الفصل العنصري؛ حيث ضاق الخناق على الطُغاة، وتحت ضغط قرارات الأمم المتحدة التي لم يكن مسيطراً عليها أمريكيًا كما هو الحال مع إسرائيل، فقد خرج الزعيم مانديلا من السجن نتيجة لتضافر الجهود الدولية، ورغم أنف بريطانيا "الصغرى" التي هيأت نفسها لقهر شعوب العالم وإذلالهم، ونهب ثروات البلدان بضعف وفرقة منهم، وذلك نتيجة لنهجها المعروف "فرق تسد" وقوتها الغاشمة الغادرة.

جنوب أفريقيا- إذن- بإقدامها على رفع الشكوى أمام المحكمة الدولية ضد إسرائيل، لاقترافها إبادة جماعية، وتطهيرا عرقيا في غزة مع سبق الإصرار والتصميم، تفعل ذلك أولًا لرد الجميل للدول العربية التي ساندتها في شدتها، وكان العرب حين ذاك عربًا غير مدجنين كما هو حالهم اليوم. وثانيًا؛ جنوب أفريقيا تمثل جانب الحياد الدولي اليوم، وهي تنطلق من موقعها ومكانتها الدولية، فهي الأمضى بهذه الشكوى، وهي لن تحاكم إسرائيل وحدها، وإنما تحاكم العالم أجمع، هذا العالم الذي يزعم أنه يحمي حقوق الإنسان، وينشر الديموقراطية والحرية حول العالم، فاتضح كذبه ومزاعمه بأنه مجرد بهرجة إعلامية لا أساس لها من الصحة، فالغرب الذي تتزعمه أمريكا، ورغم أنهم يسمون العرب بالأصدقاء، وأنهم يحمونهم من الأعداء؛ بل يحمون مصالحهم بالسيطرة على الثروات العربية، والحقيقة كانوا يحاصرون العرب ليمنعوهم من الذهاب إلى غيرهم، وذلك عندما يجدون مصالحهم مع روسيا والصين، ولكن عندما يأتي الأمر لإقامة الحق والعدل، فإنه لا حق ولا عدل للعرب في حضور بني صهيون.

إنَّ مجرد صدور حكم المحكمة الدولية، بإدانة الكيان الصهيوني المحمي من عصابة البيت الأبيض، سيمثل إنجازًا كبيرًا سيعوَّل عليه الكثير حول العالم، حتى وإن رفضت إسرائيل الانصياع للحكم، أو تصدّت له أمريكا في الأمم المتحدة، وهذا متوقع في زمن الطغيان، والظلم والاستبداد والاستكبار الأمريكي، فعندئذٍ الصورة التي صورت بها إسرائيل من أنها البلد الوحيد المُتحضِّر والديمقراطي في المنطقة، وأنها الحمل الوديع الذي يريد أن يُلقي به العرب في البحر، فسوف يخالف هذا الحكم كل الذي رَسَخَ في عقول وأذهان الغرب وعلى مدى 75 عامًا مضت، وأن العالم يتغير اليوم، وذلك بعدما بدأت تصله أنصاف الحقائق والمعلومات، وبدأ يُغيِّر مواقفه من إسرائيل، بدليل المظاهرات التي سيطرت على معظم بلدان العالم، فما بال إن صدر الحكم بإدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية والتهجير القسري والفصل العنصري، ومنع الماء والغذاء والدواء عن شعب أعزل محتل من قبل إسرائيل نفسها، لا شك أن شعوب العالم ستقف إلى جانب حكم المحكمة الدولية، وفي صالح تحرر دولة فلسطين.

لقد عرّت ثورة السابع من أكتوبر كذب إنسانية حكومات العالم، وعلى رأسها الدول العربية والإسلامية، وأظهرت هشاشة هذه الحكومات التي لم تستطع أن تدخل الماء والغذاء لشعب غزة البطل، الذي ظل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وهو يسير في الشهر الرابع من الحرب، وهو في معركة شرسة ليس مع العصابات الصهيونية وحدها، وإنما مع أعتى القتلة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ومن يقبل أن تكون فلسطين هي الثور الأبيض، فإنَّه بعد الثور الأبيض سيأتي الدور على الأسود!

لقد ظلت اليمن غير ملوثة عقولهم، وقد أعتقد بعض العرب أن اليمن الفقير في المال، لكنه غني في كل شيء، فهو شهم لا يعتدي وصبور لا يجزع، وصاحب عقل مبدع، ويعفو عند المقدرة، لكنه لا يغدر ومع ذلك لا يتنازل عن حق، والثأر عنده أمر مقدس.

وليس أدل على ذلك إلاّ أنهم أغلقوا فعلًا ميناء أم الرشراش الفلسطينية (إيلات) وأصبح مهجورًا، وقد تقدَّم قراصنة البحار الأمريكان، وأبناء عمومتهم من القراصنة البريطانيين لنجدة الكيان الصهيوني، فوصلوا إلى محيط السواحل اليمنية من جهة البحر الأحمر، وبدأوا قصف اليمن، بما تيسر لهم من قوة غاشمة، فظنوا بذلك أنهم سيرهبون الشعب اليمني، لكي ينفض عن قيادته، فأتاهم الرد بمسيرات مليونية، تزحف في شوارع صنعاء، وكانت طائرات العدوان تحلق فوق رؤوسهم، مرددين عبارة واحدة "والله لا نبالي" أنَّ الأعداء في نشوة كبرى على أنهم قد ردعوا اليمن، ولكن لم يطِل اليمنيون الانتظار، فهاجموا سفينة حاويات أمريكية في خليج عدن، وطائرات الأعداء تنسج خيوط الجبروت والشّر في الأجواء اليمانية، طبعًا هذه البداية ولن تكون النهاية، فالثأر اليمني مبيت ضد أمريكا وبريطانيا، وقد يهرب الطغاة قبل أن تسكن بوارجهم الحربية في قاع البحر الأحمر بإذن لله.

اليمن السعيد انتزع الزعامة العربية، بقوة وبجدارة، وهي له من قديم الزمان منذ أن كان يحكم الأرض نبي الله سليمان بن داود عليهما سلام الله، وذلك في أرض فلسطين بالشام، وكانت تحكم اليمن الملكة بلقيس ملكة مملكة "سبأ" ولكن اليمانيين كانوا يغضون الطرف عن حقهم في الزعامة، طالما ظل هناك من يستحق الزعامة، ويُعطيها حقها ويذود عنها، أما اليوم وقد خلت الساحة من الزعامات العربية، وقد دَجّن الغرب القادة العرب، ففصلوا لهم ملبوسا يليق بالخونة والمتخاذلين، لكي يكونوا في خدمة إسرائيل، وتوجيههم ليكونوا نصلة خنجر في قلب الدين الإسلامي الحنيف؛ فبدل البعض دين الله بأديان أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.

إذن؛ الملك سيف ابن ذي يزن اليماني، يمتشق اليوم سيف الحرب والعزة والكرامة، وينزل الساحة ليسترد ما فرط فيه بعض العرب، وتنازلوا عنه بحجة الخوف من الأمن والجوع والديون، وقد أمسوا في شتات وهلع غير مسبوقين، وأصبح الخوف من أمريكا والغرب، أولى من الخوف من الله العزيز القهار، فحق لليمن السعيد قيادة الأمة العربية، واسترداد الكرامة العربية دون منازعة من أحد..

الله أكبر والنصر من عند لله يؤتيه لعباده المخلصين، وإنه لجهاد.. نصر أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجموعة الـ20 تجتمع دون واشنطن في جنوب أفريقيا

يلتقي وزراء خارجية دول مجموعة الـ20 في جنوب أفريقيا اليوم الخميس، وسط توتر بين الأعضاء بشأن حرب أوكرانيا والنزاعات التجارية، وفي ظل غياب واشنطن بسبب خلاف مع البلد المضيف.

وغالبا ما تجد دول المجموعة، التي تمثل نحو 85% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم و3 أرباع التجارة الدولية، صعوبات في تحقيق توافق بين الآراء، إضافة إلى ذلك، جعلتها الخلافات الجيوسياسية منذ الحرب الروسية الأوكرانية في 2022 أكثر انقساما من أي وقت مضى.

وتزايد الخلاف منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه وقيامه بتغييرات سريعة في سياسات واشنطن التجارية والخارجية.

وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجموعة، في كلمة افتتاح الاجتماع الذي ينتهي غدا الجمعة إن "التوتر الجيوسياسي وتزايد التعصب والصراع والحرب… تهدد التعايش العالمي الهش بالفعل".

وأضاف "بصفتنا مجموعة الـ20، يجب أن نستمر في الدعوة إلى حلول دبلوماسية للصراعات".

وترى جنوب أفريقيا أن أول اجتماع لمجموعة الـ20 في القارة يشكل فرصة لدفع الدول الغنية إلى أخذ مخاوف الدول الأكثر فقرا في الاعتبار، وهي زيادة التفاوت، وعدم اتخاذ الدول الغنية إجراءات كافية بشأن تغير المناخ، والنظام المالي الذي يفضل البنوك الاستثمارية على الدول الفقيرة التي تصدر ديونا.

إعلان

ولا تشارك الولايات المتحدة في الاجتماع، إذ رفض وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو -في وقت سابق من الشهر الجاري- جدول الأعمال المتفق عليه مسبقا تحت عنوان "التنوع والمساواة والدمج"، وصفا إياه بأنه "سيئ جدا".

وقطع ترامب المساعدات الأميركية عن جنوب أفريقيا بسبب جهودها لمواجهة ظلم تاريخي في ملكية الأراضي على أسس عنصرية، وبسبب الدعوى التي رفعتها ضد إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، في محكمة العدل الدولية بسبب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.

كما يأتي الاجتماع في الوقت الذي قلب فيه ترامب سياسة التضامن الأميركية مع أوكرانيا رأسا على عقب، بينما يسعى إلى الوساطة لتحقيق السلام في حربها مع روسيا. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالمسؤولية عن الحرب، وتجاهل الحلفاء من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في إنهاء حملة لعزل روسيا.

مقالات مشابهة

  • المجاهد خليل الحية يزأر من طهران لرفع صوت المقاومة لتحرير كامل تراب فلسطين
  • حزب لبناني: اليمن في الخط الأمامي لتحرير فلسطين 
  • المجاهد /خليل الحية يزأر من طهران لرفع صوت المقاومة لتحرير كامل تراب فلسطين
  • جنوب أفريقيا تتقرب من أوروبا وسط تراجع العلاقات مع أميركا
  • وزراء خارجية مجموعة الـ20 يجتمعون في جنوب أفريقيا
  • أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين: نقدر بطولات إخواننا في اليمن
  • جنوب أفريقيا: لن نتراجع عن دعوى الإبادة ضد إسرائيل رغم ضغوط ترامب
  • مجموعة الـ20 تجتمع دون واشنطن في جنوب أفريقيا
  • حركتا أمل وحزب الله: بقاء إسرائيل في جنوب لبنان مرفوض
  • تعرف على موعد مباراة منتخب مصر أمام جنوب أفريقيا