الخرطوم-  أعلنت الخرطوم، الثلاثاء، تجميد التعامل مع الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) فيما يخص معالجة الأزمة السودانية؛ بسبب ما قالت إنها "تجاوزات" من جانبها.

وأبلغ وزير الخارجية السوداني علي الصادق، عبر رسالة مكتوبة، نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف، بصفة بلاده رئيسا لدورة "إيغاد" الحالية، "قرار حكومة السودان وقف الانخراط وتجميد التعامل مع (إيغاد) بشأن ملف الأزمة الراهنة في السودان"، بحسب بيان لوزارة الخارجية السودانية.

الوزارة أرجعت هذا القرار إلى ما قالت إنها "تجاوزات ارتكبتها المنظمة بإقحام الوضع في السودان ضمن جدول أعمال القمة الاستثنائية 42 لرؤساء دول وحكومات إيغاد، المقرر عقدها في أوغندا الخميس 18 يناير (كانون الثاني) 2024، دون التشاور مع السودان".

كما أرجعته إلى "دعوة قائد المليشيا (تقصد قائد قوات "الدعم السريع" السودانية محمد حمدان دقلو حميدتي) للحضور في مكان انعقاد القمة الطارئة بكمبالا، في سابقة خطيرة في تاريخ إيغاد والمنظمات الإقليمية والدولية".

وشددت على أن السودان اعتبر هذا الأمر "انتهاكا لسيادته، فضلا عن كونه مخالفة جسيمة لمواثيق إيغاد، والقواعد التي تحكم عمل المنظمات الدولية والإقليمية".

و"إيغاد" منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق إفريقيا هي: إثيوبيا وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان وجنوب السودان.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وأعلن مجلس السيادة الانتقالي في السودان، بقيادة عبد الفتاح البرهان، في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، تلقيه دعوة من "إيغاد" لحضور قمة أوغندا بشأن السودان والصومال.

واعتبر المجلس، في بيان، أنه "ليس هناك ما يستوجب عقد قمة لمناقشة أمر السودان، قبل تنفيذ مخرجات القمة السابقة في جيبوتي".

بينما أعلن حميدتي، عبر حسابه بمنصة "إكس"، قبوله دعوة "إيغاد" لحضور قمة أوغندا.

وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلنت "إيغاد"، في بيان ختامي لقمة جيبوتي، موافقة البرهان وحميدتي على عقد لقاء ثنائي بينهما، وبدء مباحثات مباشرة لوقف الحرب.

لكن الخرطوم قالت، في 27 ديسمبر الماضي، إن جيبوتي أبلغتها بتأجيل اللقاء إلى يناير الجاري؛ لتعذر عقده في 28 ديسمبر.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (1-2)

عبد الله علي إبراهيم

ملخص
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري.
كان يناير الماضي هو الشهر الذي وضع اقتصاد أسرة آل دقلو (محمد حمدان دقلو "حميدتي" وإخوته) وقوات "الدعم السريع" في عين العاصفة. فصدر خلال السابع من يناير 2025 الأمر التنفيذي (4098)، الذي تعاقب به أميركا كل شخص أو كيان يعكر صفو السلام في السودان وأمنه واستقراره، لتخضع للمقاطعة الأميركية سبع شركات خدمت الأسرة وجيشها. وسبق أن صدر من وزارة الخزانة الأميركية نفسها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 قرار بمقاطعة القوني دقلو القائم بأمر المال والأعمال للأسرة و"الدعم السريع".
من جهة أخرى صدر خلال الشهر الماضي كتيب بعنوان "جمهورية الكدمول" (غطاء رأس أفراد ’الدعم السريع‘) من وضع جشوا كريز ورجاء مكاوي من هيئة مسح الأسلحة الصغيرة في سلسلة تقاريرها حول التقديرات المبدئية للأمن الإنساني. وعززه فريق من المراسلين من داخل السودان المغيبين اسماً ممن قاموا بالبحث الذي من ورائه. فدرس التقرير لدراسة الآليات الاقتصادية التي يدير بها "الدعم السريع" المدن التي احتلها. وسمى اقتصادها، لجهة توحشه من حيث تحول القادة العسكريين أنفسهم إلى مستثمرين، بالاقتصاد السياسي الافتراسي لقيامه على النهب، والفدية عن الرهائن ومنهوب المال، والإثقال في الضريبة.
يدير "الدعم السريع" ماكينة اقتصاد سياسي افتراسي (النهب). فأنشأ إدارات في المناطق التي احتلها يقوم عليها قادة طبقة من قبيل آل دقلو من الماهرية والرزيقات. وهي حكومات في حد ذاتها غير أنه ليس لها مركز يقف على ضبط مواردها ومصرفها. فـ"الدعم السريع" في قول الكتاب مثل ميليشيات أفريقيا الوسطى والكونغو لا ينتج الموارد التي للسوق، بل يحصل عليها نهباً. وتحت هؤلاء القادة شبكة من المهربين والسماسرة والمتعسكرين بمثابة وكلاء لهم في ماكينة هذا الاقتصاد. فظهر قبل أشهر فيديو لقادة في "الدعم السريع" كان في مقدمته أحدهم يعرض برنامجهم لإقالة عثرة السودان بالمدنية والديمقراطية، أما خلفه فترى قائداً آخر يتحدث في الهاتف. ولن يفهم المحادثة التي جرت بينه والطرف الآخر إلا مطلع على نظم "الهمبتة" أو "النهيض" في أصلها داخل البادية ثم الحضر لاحقاً.
و"الهمبتة" عادة ما جرى تمثيلها عندنا بصعاليك العرب، ومن عادة أهلها (الهمباتة) نهب إبل الرجل واسع الرزق ثم مساومته من طريق وكيل معروف لدفع الفدية عنها لهم ليستردها. وخضعت السيارات في المدن أخيراً لهذه "الهمبتة". ومتى أرخيت أذنك للقائد في خلفية الفيديو سمعت مساومة تفصيلية مع وكيل ما لرد سيارات استولى عليها لأصحابها في مواضع بعينها، لقاء مبلغ في عداد المليار بالجنيه السوداني.
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري. فحال تطبيق أنموذج الخرطوم بحذافيره في أم درمان لأن الجيش نازع "الدعم" فيها من يومه الأول، بينما توسع "الدعم" في الأنموذج داخل الخرطوم بحري وشرق النيل اللتين كانتا بمثابة القلعة الخالصة له. والسوق هو بؤرة هذه الإدارات إلا في بحري وشرق النيل التي فتح فيها "الدعم" إلى جانب السوق نقاط شرطة ومكاتب نيابة. وصار السوق في بؤرة حوكمة "الدعم السريع" لتحكمه بارتكازاته العسكرية في ضبط الموارد وتوجيهها للأسواق التي يفرض عليها الضرائب ورسوم الرخص والحماية، ويتحكم في السلع الاستراتيجية مثل البترول والدقيق. ومن مواقع سيطرته هذا حجب التجارة في أسواق باطن الأحياء.
فبدأت هذه الأسواق بمنهوبات أفراد الطبقة الوسطى الذين غادروا الخرطوم والتي جرى عرضها في ما يعرف بأسواق دقلو الشهيرة (التي لا علاقة بها بدقلو) علاوة على الأسواق الكبرى القديمة مثل السوق المركزية (شرق الخرطوم) وسوق الكلاكلة اللفة (جنوب غربي الخرطوم)، وأسواق مايو (جنوب الخرطوم). ويغلب على حي مايو النازحون من حروب السودان المختلفة وتجند نفر كثير منهم في "الدعم السريع". والسوق مصدر تمويل كبير. فيفرض الضرائب عشوائياً من جهة مبلغها وفي تعدد مواضع دفعها بتعدد الارتكازات. وفي الأسواق يدفع التاجر نحو دولار يومياً رسم حماية وقد يجمعها أكثر من مجند في "الدعم السريع" خلال اليوم. ويتحصل "الدعم السريع" على رسوم الاتصال لمستخدمي جهاز "ستارلينك" الذي يحتكره.
ونواصل

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • الذاكرة السودانية: أحمد عبد الرحمن .. شتلة محنة مثال
  • شركة كهرباء السودان توضح اسباب قطوعات الكهرباء بولاية الخرطوم والدبة ودنقلا
  • سفارة السودان بأوغندا تفرض 200 دولار لتسجيل طلاب امتحان الشهادة
  • وزير الخارجية السودانية يلتقي بـ 55 بعثة دبلوماسية بالقاهرة
  • الجالية السودانية بالبرازيل تحتفل بانتصارات القوات المسلحة
  • الخارجية النيابية: التعامل مع الحكومة السورية ما زال بحذر
  • بطولة المتطوعين في الحرب السودانية
  • متشابهات أسماء المواقع السودانية
  • السودان.. إعلان خارطة طريق لما بعد الحرب
  • جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (1-2)