دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الثلاثاء ليتوانيا على خلفية اتهامات مواطن سعودي بالتعرض للتعذيب في سجن سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كان موجودا في أراضي هذا البلد.

رفض دعوى سعودي "تعرض للتعذيب" في سجن ليتواني سعودي في غوانتانامو: كنت سعيدا بخدمة منفذي هجمات 11 سبتمبر محكمة أوروبية تدين ليتوانيا ورومانيا في قضية سجون الـCIA السرية

وخلصت المحكمة بالإجماع إلى حدوث عدة انتهاكات للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، النص الذي تتولى المحكمة مسؤولية ضمان الامتثال له، خصوصا المادتين 2 (الحق في الحياة) و3 (حظر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة).

Judgment al-Hawsawi v. Lithuania - complicity in CIA secret detainee programme, multiple violationshttps://t.co/NZ9VaeWSD3#ECHR#CEDH#ECHRpresspic.twitter.com/JxBglfrf2z

— ECHR CEDH (@ECHR_CEDH) January 16, 2024

وسيتعين على فيلنيوس أن تدفع لمقدم الشكوى مصطفى الهوساوي 100 ألف يورو مقابل الأضرار المعنوية.

وتم القبض على الهوساوي (55 عاما) في باكستان عام 2003، حيث اشتبه الأمريكيون في مشاركته في هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

وهو محتجز حاليا في القاعدة الأمريكية في غوانتانامو حيث يواجه خطر عقوبة الإعدام، ويقول إنه نقل في العام 2005 إلى مركز احتجاز سري تابع لوكالة الاستبارات المركزية في ليتوانيا، حسبما أفادت المحكمة التي تتخذ من ستراسبورغ مقرا.

أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سجونا سرية في عدة دول منها بولندا وليتوانيا ورومانيا وأفغانستان وتايلاند، خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش مع بداية "الحرب على الإرهاب"، بعد 11 سبتمبر.

وقالت المحكمة إنها استندت إلى تقرير نشره مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2014 "بشأن استخدام التعذيب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية" والذي يشير "إلى أن الهوساوي كان محتجزا في مركز اعتقال سري تديره" الوكالة.

ووفقا للمحكمة، فقد كان هذا المركز موجودا في ليتوانيا بين عامي 2005 و2006.

إقرأ المزيد سجون سرية أمريكية برومانيا وليتوانيا

وأشارت إلى أن فيلنيوس سمحت بنقل الهوساوي إلى موقع سري آخر لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، ومن هناك تم نقله إلى الولايات المتحدة حيث يواجه عقوبة الإعدام التي تحظرها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وترى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن فيلنيوس، التي كانت قد أدينت في قضية مماثلة عام 2018، يجب أن تجري "تحقيقا جنائيا شاملا" بشأن هذا الموضوع، بينما تنفي ليتوانيا وجود مثل هذا الموقع على أراضيها.

المصدر: أ ف ب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: 11 سبتمبر أوروبا الإرهاب السلطة القضائية حقوق الانسان وكالة المخابرات المركزية CIA الأوروبیة لحقوق الإنسان الاستخبارات المرکزیة

إقرأ أيضاً:

عبد الله بولا.. صرخة في وجه العنصرية الثقافية نهاية عصر المركزية النيلية وبدء انعتاق الهوية السودان

أنا تلميذ نجيب لعبد الله بولا، وأكتبُ اليوم ليس كمُحايد، بل كتلميذٍ مُنحازٍ لفكر هذا المفكر الثائر. عبد الله بولا كان صوتًا جريئًا وقفّ ضد التقيد بالأنماط الثقافية المعتمدة التي فرضتها النخبة السودانية، وسيطر على الأذهان منذ أكثر من نصف قرن من الزمن. في هذا المقال، نعيد قراءة فكر بولا، ونكشف القناع عن وجه السودان المقنع بالعنصرية الكامنة والهُويات المتصارعة، مع التركيز على كيفية بناء هوية سودانية حرة ومتماسكة تتجاوز الانقسام بين "العرب" و"الأفارقة".

السودان: دولة ما بعد الاستقلال وفخ الهوية الضحلة
عند نيل السودان لاستقلاله عام 1956، ورث الشعب دولةً هشةً بُنيت على وهم "الهوية العربية المطلقة"، التي اختزلت غنى وتنوع الكيان السوداني المتعدد الأوجه. لقد أصبحت "العروبة" أداة هيمنة من قبل الوسط النيلي (الخرطوم والمناطق المحيطة)، لتبرير تفوقه على "الآخر" الأفريقي المتواجد في الغرب (دارفور) والشرق (البجة) والجنوب (قبل الانفصال).

لماذا فشلت النخبة في بناء هوية جامعة؟

لأنها استبدلت الاستعمار الخارجي باستعمار داخلي؛ قائم على تسلسل هرمي للون واللسان.

لأنها حولت الثقافة إلى سلعة نخبوية تُكرس الانفصال بين "المُتحضّر" (المُعرّف بالعربي) و"الهمجي" (المُعرّف بالأفريقي).

إن هذا الفشل في بناء هوية شاملة أسفر عن دولة ما بعد الاستقلال أصبحت تعاني من ضعف جذورها وتراثها المتعدد، مما دفع الهامش إلى الثورة على تلك الهوية المفروضة.

عبد الله بولا: النبي المُهمَّش الذي كسر المرآة
لم يكن عبد الله بولا مجرد فنان تشكيلي أو مفكرٍ بعرض الفكر النقدي؛ بل كان ثائرًا يمسّ صميم الوعي السوداني. من منطقة البجة المُهمَّشة، خرج بولا ليُعلن بصراحة:

العبودية الكامنة: ليس القيد المستحضر من الماضي، بل بنية ثقافية تُهمِّش الأجساد السوداء وتخلّفها عن الخطاب السائد.

مركزية اللون: سيطرة البشرة الفاتحة في الإعلام والأدب كآلية لتعزيز تفوق "العروبة" ورفض الهوية الأفريقية.

الثورة الثقافية: التي لا يمكنها أن تكتمل في غياب تفكيك الهيمنة الرمزية للنخبة النيلية، إذ يصبح تحرير الفكر والثقافة ركيزة أساسية في التجديد الوطني.

في لوحاته، امتزجت الرموز الأفريقية الأصيلة مع الخطوط العربية الراقية، وكأنها جسر ثقافي يتحدى الفواصل التي رسمتها سياسات النفور والتمييز. كان الفن عند بولا وسيلةً لتجاوز الكلمات، فهو لغة تعكس عمق هوية لا تقبل القيد بأي قالب محدد.

لماذا أُقصي بولا؟
إن استبعاد عبد الله بولا لم يكن قرارًا شخصيًا بحتًا؛ بل كان تجسيدًا لجريمة ثقافية تُعبّر عن أزمة ضاعفة تهدد مصداقية الهوية السودانية.

أولًا: كشفه العُري العنصري
رفض بولا الاعتراف بأن العنصرية ليست محصورة في المناطق النائية، بل هي جزء من الواقع داخل قلب الوسط النيلي. إذ اعتُبرت مناطق مثل دارفور والبجة "أقليات" يجب أن تُستوعب كموضوعات إدماج رمزي دون منحها شراكة فعلية في صناعة الهوية الوطنية.

ثانيًا: خروجه عن لعبة الهوية المعلبة
رفض بولا أن يُفرض عليه أو أن يُفرز ضمن إطار "العربي" أو "الأفريقي" بشكل انفصالي. فكان يدعو إلى هوية سودانية مركبة، تُقدر التنوع الثقافي دون إنكار لجزء منها. ويُعد ذلك تحديًا مباشرًا للنظام الذي يسعى لاستمرارية السياسات التي تُكرس الهوية المزدوجة وتُبعد الأصوات التي لا تتماشى مع النسق الرسمي.

إعادة قراءة بولا: تحرير الهوية السودانية من سجن الثنائيات
إن قراءة فكر عبد الله بولا لا تقتصر على استرجاع ماضٍ حافل بالألم والنضال، بل هي دعوة لبناء مشروعٍ ثقافي جديد يستلهم من رؤيته الثورية.

أ. الاعتراف بالتعدد دون خوف
على المجتمع أن يتوقف عن اختزال السودان إلى ثنائية "عربي – أفريقي". فالسوداني الحقيقي يُعبر عن نفسه بمزيجٍ معقد من الكيانين؛ عرب بأفريقيتهم وأفارقة بعروبتهم. يجب إدماج الرموز الأفريقية – كالطبول والنقوش – مع التراث العربي كالخط والشعر في جميع الميادين التعليمية والفنية.

ب. تفكيك مركزية الخرطوم وإعادة كتابة التاريخ
يجب إعادة النظر في التاريخ من خلال منظور الأقاليم، فلا يجوز اعتبار تاريخ البجة أو الفور أو الشلك حكايات هامشية، بل هي قصص القلب النابض للسودان. كما يجب دعم اللهجات المحلية وتحويلها إلى لغات وطنية تُثري الحوار الثقافي.

ج. الفن كجبهة تحرير
كما فعل عبد الله بولا في لوحاته، يجب أن يكون الفن أداة تحريرية لا تُكسر فيها القيود، وأن يُفتح المجال للإبداع عبر معارض ومشروعات تُدمج بين مختلف أشكال التعبير الفني. كذلك، إن إحياء كتاباته ومقالاته في المناهج الدراسية يساهم في غرس فكرة أن الهوية الوطنية تُبنى بالحوار وليس بالصمت أو القمع.

عبد الله بولا لم يمت؛ إذ ما يزال يصرخ في ضميرنا الجماعي كنبأٍ عابرٍ يحمل بين طياته رسالة تحريرية صريحة. الثورة التي بدأت في ديسمبر 2018، برفضها للاستعباد الفكري والثقافي، أكدت أن السودان الهامشي لا يقبل بعد الآن أن يكون تابعًا للصور النمطية التي فرضتها النخبة النيلية. إننا في حاجة إلى إعادة تأمل جريئة في الهوية الوطنية عبر الاعتراف بالتعدد والاحتضان الكامل للتنوع، فالسودان الجديد لن يُبنى إلا بجسرٍ من الاعتراف المتبادل يجمع بين عروبيته وأفريقانيته
[*هوية سودانية مركبة أم موتٌ بطيء.. ذلك هو الاختيار.]

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • عاجل. وسائل إعلام عبرية: مئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات 8200 يوقعون على عريضة رفض الخدمة
  • مفاجأة .. الزمالك يهدد بشكوى ضد زيزو
  • الاستخبارات الإيرانية تستبعد اندلاع الحرب هذا العام
  • عبد الله بولا.. صرخة في وجه العنصرية الثقافية نهاية عصر المركزية النيلية وبدء انعتاق الهوية السودان
  • نتنياهو يجتمع مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
  • برشلونة يُبدع ويقسو على دورتموند برباعية.. أمسية أوروبية تُعيد الهيبة الكتالونية
  • القيادة المركزية الأمريكية: لن نتهاون مع أي دعم للحوثيين عبر الموانئ
  • صراع الكونغو ورواندا .. مائة وأربعون عامًا من الحرب برعاية أوروبية
  • شبكات صيد أوروبية لحماية القوات الأوكرانية من هجمات المسيرات الروسية
  • تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة ينتشر في 9 أنهر أوروبية