جنوب أفريقيا ورثت العدل والإنصاف من «مانديلا»، الذى وقف إلى جوار الشعب الفلسطينى فى كل مآسيه، جربت جنوب أفريقيا الظلم فأحبت العدل، رزحت تحت نير التفرقة العنصرية فكرهت بغى إسرائيل على الفلسطينيين، جربت القهر العنصرى فكرهت كل من ينهجه وعلى رأسهم إسرائيل.
خاف العرب من إسرائيل، حتى اللجوء للمحاكم الدولية لإدانة إسرائيل لم يستخدموه خوفاً من الضغوط الأمريكية والأوروبية.
تقدمت جنوب أفريقيا فى خطوة شجاعة إلى محكمة العدل الدولية لإدانة إسرائيل، انتظر العرب جميعاً انضمام بعض الدول العربية إلى هذه الدعوى الجنائية، ولكن العرب خيبوا آمال جماهيرهم وأبنائهم.
تقدمت جنوب أفريقيا حيث تأخر الناس وأعطت حينما ضن الأصدقاء والإخوة بالعون والمساندة.
من أى معدن شريف بُنيت هذه الدولة العظيمة، حاملة لواء الحريات والعدالة الإنسانية؟ لا تهاب الضغوط الأمريكية والأوروبية، ولا تخشى بأسها، سلام عليكم أولاد وأحفاد «مانديلا»، فنعم ما زرع فيكم من قيم.
إسرائيل اشترت أفريقيا باستثناء جنوب أفريقيا، كانت عصية على أن تبيع نفسها فى سوق النخاسة الإسرائيلى الأمريكى، ترافق الزعيمان «مانديلا» وياسر عرفات، شعر كل منهما أنه صنو الآخر ورفيق كفاحه.
بعد انتخاب «مانديلا» قال كلمة رائعة جداً: «حريتنا لن تكتمل دون حرية الفلسطينيين»، وقارن بين تصرفات الفصل العنصرى فى بلاده وتصرفات إسرائيل مع الفلسطينيين، كانوا يسمون إسرائيل دوماً «دولة الفصل العنصرى».
شعرت جنوب أفريقيا دوماً أن مأساة فلسطين هى نفس مأساتها وآلامها وأحزانها، أيام الفصل العنصرى؛ «مانديلا» وتلاميذه أشهر من انتقدوا إسرائيل وفضحوا جبروتها وتعاطفوا وتآزروا مع الشعب الفلسطينى.
علاقة «مانديلا وعرفات» كانت أوثق من أى علاقة صداقة، كانت صداقة كفاح، واليوم يكرر المناضل الوطنى سيريل رامافوزا، رئيس أفريقيا، تعاليم أستاذه «مانديلا»، ويقف ببلاده فى أعظم موقف نصرة لشعب فلسطين الذى تخلى عنه العالم كله.
رئيس جنوب أفريقيا الحالى شجاع مثل «مانديلا»، ارتدى الكوفية الفلسطينية وحمل العلم الفلسطينى تعاطفاً مع الشعب الفلسطينى.
هناك تمثال لـ«مانديلا» فى الضفة الغربية؛ احتشد حوله الفلسطينيون عشية محكمة لاهاى، حاملين لافتات: «شكراً جنوب أفريقيا»، ونحن بدورنا نقول: «شكراً ملايين المرات لبلد الحريات والأحرار والأبطال، شكراً لأبناء وأحفاد مانديلا».
دأبت جنوب أفريقيا طوال 13 أسبوعاً تجمع الدليل تلو الآخر من أحداث غزة الأخيرة لتؤكد تعمد إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية للفلسطينيين فى غزة، هكذا هتف مندوبها الرائع أمام محكمة العدل الدولية، واتهم الاحتلال الإسرائيلى بأنه يتَّم أعداداً كبيرة من الأطفال فى غزة، وأن شاحنات المساعدات الإنسانية التى تدخل غزة تخضع لثلاث مراحل من التفتيش.
وهتف صائحاً فى العالم كله أمام المحكمة: «نية الإبادة الجماعية متوافرة لدى إسرائيل التى لم تتورع عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين وقنص النساء والأطفال فى غزة».
واستشهد ممثل جنوب أفريقيا بتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى: «إنهم يحاربون حيوانات بشرية»، وتصريحات رئيس الكنيست الذى دعا لمحو غزة من على وجه الأرض.
ها هو أكبر مندوبيها لدى المحكمة يقول: «أما حانت لحظة القصاص العادل من دولة الاحتلال التى مارست كل فنون الانتهاكات منذ 75 عاماً عبر استهداف المدارس التى لم ترحم أطفالها والمستشفيات التى لم تشفق على مرضاها، بل ووضعت النساء هدفاً لها، وداست المقدسات؟!».
وأضاف محقراً أوروبا: «لم يراع العالم المتشدق بحقوق الإنسان مآسى الفلسطينيين على مدار عقود فى ظل انحياز صارخ لكيان عنصرى وقادته الذين باتوا يشربون دماء البشر كالمياه».
واليوم تتجه أنظار الفلسطينيين المكلومين -الذين فقدوا فلذات أكبادهم- للقضاء الدولى لعله ينصفهم فى عالم افتقد أدنى معايير العدالة.
اتهم ممثل جنوب أفريقيا إسرائيل بأنها دفعت أهالى غزة إلى حافة المجاعة، وقال: «إن جرائم إسرائيل فى غزة تعد إبادة جماعية»، وأضاف: «تقتل إسرائيل كل يوم 48 امرأة، و117 طفلاً فى غزة»، ومعظم مبانى غزة ومنشآتها مُسحت من على وجه الأرض، وهجرت 1.9 مليون فلسطينى، وقتلت 23 ألف فلسطينى.
كل الفريق القانونى لجنوب أفريقيا مسيحيو الديانة، كلهم يقتدى بأمثال «النجاشى» و«مانديلا»، وهذا يعلّمنا أن نصرة المظلوم يمكن أن تأتى على أيدى أهل دين أو عرق آخر، والمسلمة الوحيدة فيه هى المحامية القديرة عديلة هاشم، وهى تعد مكسبا كبيرا للفريق، فهى قانونية فذة ذات مبادئ معروفة بمساهماتها الكبيرة فى حقوق الإنسان والحريات العامة وصاحبة مركز «القانون غير الربحى»، تدافع عن المجتمعات المهمشة مجاناً، تهتم بقضية فلسطين منذ اقتحام إسرائيل للخليل ومذبحتها فيها، وهى تردد دائماً: «احتلال إسرائيل أسوأ من التفرقة العنصرية التى كانت فى بلادنا».
سلام على الأحرار فى كل مكان.
د. ناجح إبراهيم – الشروق نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جنوب أفریقیا فى غزة
إقرأ أيضاً:
مجلة ذا نيشن: إسرائيل لا تزال تستهدف الصحفيين الفلسطينيين والصمت ليس خيارا
اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي اتهم في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ستة صحفيين وهم: أنس الشريف وطلال عروكي وعلاء سلامة وحسام شبات وإسماعيل فريد وأشرف السراج، بأنهم "إرهابيون من حماس والجهاد الإسلامي".
وأكدت مجلة "ذي نيشين" في تقرير لها أن القصد من وراء هذا الاتهام واضحا بـ"تحويل هؤلاء الصحفيين ــ الذين يقدمون تقاريرهم حاليا في شمال غزة، حيث تنفذ إسرائيل حاليا مذابح شبه يومية ــ إلى أهداف مشروعة للاغتيال، ولم تقدم إسرائيل أي دليل جوهري على هذه الادعاءات.".
وأضافت المجلة "لم تكن هذه المرة الأولى التي يختلق فيها النظام الإسرائيلي خلال الإبادة الجماعية اتهامات شنيعة لتبرير جرائم الحرب.. ولكن التهديد العلني باغتيال الصحفيين الستة كان مرعبا بشكل خاص ــ وخاصة لأن إسرائيل تشن حربا قاتلة ضد الصحفيين في غزة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث".
وأوضحت "قد يظن المرء أن مثل هذا التهديد الوقح ضد حرية الصحافة من شأنه أن يثير غضب المنظمات الإعلامية الأميركية الكبرى. ولكن الاستجابة كانت خافتة في أفضل الأحوال. بل إن صحيفة نيويورك تايمز ضخّمت بعض "الأدلة" السخيفة التي قدمتها إسرائيل".
وذكرت "وكثير من نظرائنا في الولايات المتحدة لم يعترفوا بالكاد بتأثير مثل هذه الادعاءات، فغضوا طرفهم وأصواتهم، مع ارتفاع حصيلة القتلى. فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قتلت إسرائيل أكثر من أربعين ألف فلسطيني نعرفهم، على الرغم من أن مجلة لانسيت قدرت في تموز/ يوليو أن الرقم الفعلي يتجاوز 186 ألفا. ومن بين هؤلاء، أفاد مكتب الحكومة الإعلامية في غزة أن إسرائيل قتلت 183 صحفيا على مدى العام الماضي، أو ما يعادل ثلاثة صحفيين أو أكثر في الأسبوع".
وشدد أن "الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في مختلف أنحاء العالم ملزمون أخلاقيا برفع أصواتهم ضد استخدام الصحافة لتبرير الحرب، والمعارضة لحماية أقرانهم الفلسطينيين في غزة، وهذه الاغتيالات ليست مصادفة: لقد حولت إسرائيل سترة الصحافة إلى هدف".
وأشار إلى أن "الهجمات لا هوادة فيها، ففي 9 تشرين الأول/ أكتوبر، استهدف قناصة إسرائيليون ومسيرات كوادكوبتر أربعة صحفيين كانوا يقدمون تقارير من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة. وقد أدى الهجوم، الذي التقطته كاميرات الجزيرة، إلى إصابة المصور فادي الوحيدي بجروح خطيرة ومقتل مصور قناة الأقصى محمد الطناني، الذي أصيب برصاصة في رقبته. وقد أدت الإصابة المهملة إلى شلل الوحيدي، الذي دخل الآن في غيبوبة. وقبل يومين، أصيب مصور آخر من قناة الجزيرة، علي العطار، بشظايا من غارة جوية إسرائيلية على دير البلح، مما تسبب في نزيف في المخ. ولقد توسل زملاء الصحافيين المصابين لإجلاء العطار والوحيدي طبيا على وجه السرعة، حيث لا تزال حالتهما الصحية تتدهور".
وفي لبنان، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية ستة صحفيين، بما في ذلك ثلاثة في غارة مستهدفة على دار ضيافة إعلامية في حاصبيا. كما أدت الهجمات الإسرائيلية إلى إصابة عدد لا يحصى من الصحفيين، وفي كثير من الحالات قتلت أفراد أسرهم.
وفي الوقت نفسه، فجّر الصحفي الإسرائيلي داني كوشمارو مبنى في جنوب لبنان، وضغط على صاعق التفجير على الهواء مباشرة. وقد تم التقاط مشاركته النشطة في جرائم الحرب في لبنان ــ بينما كان مدمجا مع قوة إسرائيلية غازية ــ بالكاميرا. وبسبب الإفلات من العقاب الذي منحه المجتمع الدولي لإسرائيل، لن يواجه كوشمارو أي عواقب، وهو لا يخشى أي عواقب.
ومن ناحية أخرى، يظل المراسلون الستة من قناة الجزيرة ــ وهي الشبكة التي استهدفت "إسرائيل" صحفييها واغتالتهم دون عقاب لسنوات ــ معرضين للخطر. الشريف، والعروقي، وسلامة، وشبات، وفريد، والسراج هم بعض المصادر الموثوقة الوحيدة التي تنقل لنا أخبار الفظائع التي تحدث في شمال غزة. ولولا أصواتهم لما كنا لنعرف شيئا عن المقابر الجماعية، والغارات الجوية المستهدفة، ومَسيرات الموت القسرية، وقناصة الاحتلال الإسرائيلي الذين يصطادون الأطفال.
وقالت الصحيفة إن "هذا ليس الوقت المناسب للتعبير عن القلق بشكل معتدل وجبان. فالصحفيون الفلسطينيون واللبنانيون لا يريدون من زملائهم أن ينخرطوا في مجرد إشارات: إنهم يريدون أن يعيشوا. وبينما يواجهون الموت الوشيك، فإن أصواتنا، كصحفيين مقيمين في الغرب، يمكن أن تنقذهم. إن الاختيارات التي نتخذها تشكل الإدراك العام والسياسة، وبالتالي فإن الحقائق التي نرويها أو نتجاهلها أكثر أهمية من أي وقت مضى. يتعين علينا أن ندرك المسؤولية التي نتحملها في هذه الصناعة وأن نحمل أنفسنا وغرف الأخبار لدينا المسؤولية".
من خلال الفشل في معارضة السياسات التحريرية التي تفرض الرقابة في غرف الأخبار، وتستخدم لغة مضللة أو مخففة، يلعب الصحفيون الغربيون في العديد من المنافذ الإعلامية الرئيسية دورا مباشرا في إنتاج المعلومات المضللة التي تُشرعن هذه الاغتيالات المستهدفة. إن خطر فقدان الوظائف بسبب الفشل في الالتزام بمحو فلسطين هو بالتأكيد حقيقة واقعة، لكن التهديد الإسرائيلي لمستقبل الصحافة - من خلال تجريد الصحفيين من أي حماية - لا رجعة فيه.
وأكدت أن تصنيع الموافقة على التطهير العرقي للشعب الفلسطيني يتم من خلال تجاهل نية الإبادة الجماعية التي عبرت الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية عنها منذ زمن طويل. ويشمل ذلك قبول وسائل الإعلام السائدة للمتحدثين العسكريين الإسرائيليين كمصادر شرعية وغير متحيزة، إلى حد أن يصبحوا غطاء للتقارير المصطنعة التي تستخدم لتبرير مذبحة الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يتم رفض التقارير الفلسطينية. إن التحيز العنصري العميق ليس مجرد تحيز - فقد مهد الطريق للإبادة الجماعية.
وقالت إن "صحيفة نيويورك تايمز مثال صارخ على هذه الممارسة، وخاصة مع قصتها سيئة السمعة التي تم فضحها والتي تزعم عمليات اغتصاب جماعي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. انهار التحقيق عندما أعلنت المصادر الذين تمت مقابلتهم أن الصحيفة كذبت. لقد قامت الصحيفة بسحب حلقة بودكاست حول هذه القصة. ولكن الأكاذيب كانت قد ترسخت بالفعل في أذهان الجمهور الأمريكي. ولم يتم التراجع عنها أبدا".
وتابعت "كما فشل السياسيون في معالجة الحرب المتواصلة على الصحفيين الفلسطينيين في غزة. في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، وقع 65 ديمقراطيا في مجلس النواب على رسالة موجهة إلى الرئيس بايدن يطلبون منه الضغط على إسرائيل لتوفير وصول "غير مقيد" للصحفيين الأمريكيين والدوليين لدخول غزة "في وقت أصبحت فيه المعلومات الموثوقة أكثر أهمية من أي وقت مضى". كما حثت أكثر من 70 منظمة إعلامية ومنظمات المجتمع المدني على منح حق الوصول إلى غزة، ووقعت على رسالة مفتوحة في تموز/ يوليو".
وأضافت أنه "من المؤسف أن هذه الصرخة جاءت بعد عام. ولا يوجد سجل لرسالة أو مناقشة في مجلس النواب حول حماية الصحفيين الموجودين بالفعل في غزة. إن هذا يوضح المعايير المزدوجة التي تستخدمها الأجهزة السياسية والإعلامية الأميركية، والتي تحشد جهودها للسماح للصحفيين بالوصول في أماكن أخرى، في حين تظل صامتة بشأن اغتيال الصحفيين داخل غزة".
وفي حين أن التحيز الموجود داخل المنافذ الإعلامية الأميركية الكبرى لا يزال بغيضا كما كان دائما، فهناك محاولات من الداخل لقول الحقيقة. ورفض بعض الصحفيين الذين يعملون في هذه التكتلات أن يغضوا الطرف، وحاولوا - وراء الكواليس - جمع القصص التي تركز على الفلسطينيين وتحدي الدعاية الإسرائيلية.
وقالت المجلة "لقد رأينا مؤخرا كريس هايز ينتقد تواطؤ الولايات المتحدة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل عندما أبلغ عن الموت العنيف لشعبان الدلو، وهو مراهق أحرق حيا أمام أعين العالم بعد أن أصابت غارة جوية إسرائيلية مخيما للنازحين بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى. ولعل المراسلين في NPR كانوا أول من أبلغوا عن التحديات والقيود التي تواجه البعثات الطبية التي تدخل غزة، بما في ذلك الأطباء الذين تم رفضهم بسبب جذورهم الفلسطينية. وقد حاول المراسلون والمنتجون في شبكة CNN أيضا نشر قصص مماثلة، تركز على التحديات التي تواجهها النساء الفلسطينيات في غزة اللاتي يسعين إلى الحصول على رعاية إنجابية ويربين أطفالا يعانون من سوء التغذية، لأن إسرائيل تواصل قصف المستشفيات ومنع المساعدات من دخول القطاع".
وأضافت "إننا نعلم أن هذه القصص موجودة لأننا ذهبنا للبحث عنها. ولكن هذه التغطية لا تعفي مثل هذه المنافذ من إخفاقاتها ــ على سبيل المثال، نشرت شبكة سي إن إن تقارير كاذبة تردد ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن الجدول العربي المعلق في مستشفى الرنتيسي للأطفال كان جدول مناوبة لحراس حماس. ثم حذفت القناة التقرير دون تنبيه من المحرر. وبينما أصدرت سارة سيدنر من شبكة سي إن إن اعتذارا علنيا عن نشر مزاعم غير مؤكدة عن "قطع رؤوس الأطفال"، استمرت القناة في تكرار نفس الكلام في اليوم التالي. إن التغطية التي تكشف عن مذبحة إسرائيل للفلسطينيين، مهما كانت ضئيلة أو خفية، تظهر أن بعض الصحفيين يحاولون اختراق الدعاية. وإذا كان بوسعهم أن يفعلوا ذلك، فبوسع غيرهم أن يفعلوا ذلك أيضا".
وأشار إلى أن "هناك أيضا علامات متزايدة على التعبئة داخل وسائل الإعلام. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، وقع أكثر من 830 صحفيا على رسالة تطالب بالإجلاء الطبي الفوري لعلي العطار وفادي الوحيدي وجميع الصحفيين المصابين، وحماية الصحفيين الذين بقوا، والتغطية الإعلامية العادلة لغزة وظروف الصحفيين الفلسطينيين هناك".
وغالبا ما يتم التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم "غير جديرين بالثقة" من قبل وسائل الإعلام الغربية العنصرية. ومع ذلك، فإن المنافذ الإعلامية الرئيسية ــ سي إن إن، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وغيرها ــ تعاقدت مع مرافقين على الأرض في غزة، ورخصت لعمل المصورين الصحفيين في غزة، واعتمدت على المراسلين المستقلين في جميع أنحاء القطاع. إن التغطية الإعلامية هي ببساطة إخبار الحقيقة كما هي، ونقل القصة كما هي. والحقيقة لا تأتي مع شرط أساسي للحصول على اعتماد صحفي من منفذ إعلامي بمليار دولار.
وأكدت أن الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون الأحداث في غزة يفعلون ذلك وسط الدمار، ويكشفون عن الأهوال التي كانت لتظل غير مرئية للعالم الخارجي لولا ذلك. لقد فقد الصحفيون هناك منازلهم وأفراد أسرهم في القصف. وهم يواجهون ظروفا معيشية مزرية، مع محدودية الغذاء والمياه والكهرباء بسبب الحصار الكامل. وفي الوقت نفسه، أدى تقييد الوصول إلى غزة وانقطاع الاتصالات إلى قمع تدفق المعلومات.
وشددت أن "الصحفيين ليسوا مجرد مصادر للمعلومات. إنهم حراس ذاكرة شعب. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة هم أولئك الذين يدفعهم الفضول والرغبة العميقة في معرفة الحقيقة. إنهم يبحثون عن تلك الحقيقة ويحاولون مشاركتها مع العالم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يوثقون واحدة من أكثر حالات الإبادة الجماعية وضوحا التي شهدها العالم، على الرغم من الهدف الذي رسمته إسرائيل على جباههم. عندما يتم اغتيال صحفي، فإن القصص التي لم تتح له الفرصة لنشرها - الأصوات التي لم يتم تسجيلها - تُسرق أيضا. إن حرب إسرائيل على غزة ليست مجرد استيلاء على الأراضي، كما صرح قادتها صراحة: إنها أيضا سرقة للذاكرة والتاريخ الفلسطيني الثمين".
وختمت أنه "يتعين على الصحفيين في جميع أنحاء العالم أن يتذكروا أن الصحافة ليست سلما: إنها حقل من القصص عن الناس وأفراحهم ومآسيهم والمضطهدين ومضطهديهم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يحترمون هذا الواجب. إنهم صوت الشعب، الذي يتردد صداه بما يكفي لتحطيم الدعاية الإسرائيلية. ولكن من سيكون صوت هؤلاء الصحفيين، إن لم نكن نحن؟".