البعد المسيحي للسياسة الروسية في المشرق العربي.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية (ط1، بيروت، 2021)، كتاب "البعد المسيحي للسياسة الروسية في المشرق العربي"، للدكتور سليم هاني منصور.
يبحث هذا الكتاب في دور الدين في السياسة الروسية في المشرق العربي وتبدُّل محورية هذا الدور بحسب المراحل التاريخية المختلفة التي مرت روسيا بها منذ عهد القيصرية، مرورًا بالعهد السوفييتي الشيوعي، وصولاً إلى عهد الرئيس الحالي فلاديمير بوتين ذي التوجه القومي.
يلقي الكتاب الضوء على تشابه الأدوات التي استخدمتها روسيا في حلبة المنافسة والصراع مع الدول الغربية في المنطقة، كالإرساليات وإقامة الكنائس والمدارس، ويعرض الكتاب لعلاقة روسيا بالمسيحيين، الأرثوذكس خصوصًا، ودورها في الاهتمام بالأراضي المقدسة والدفاع عن الأرثوذكس في مواجهة المذاهب المسيحية الأخرى في المنطقة.
يتضمن الكتاب (167 صفحة) خمسة فصول، فضلاً عن المقدمة والخاتمة والمراجع والفهرس.
في الفصل الأول "روسيا والأرثوذكس"، عرض لعلاقة روسيا بالمسيحية الأرثوذكس خصوصًا، ودورها في الاهتمام بالأراضي المقدسة، ويمكن إبراز ذلك من خلال الأنشطة الآتية: "تأسيس القنصلية الروسية العامة في القدس؛ كما تأسست في أوديسا الشركة الروسية للملاحة والتجارة لتنظيم رحلات دوروية للحج بين أوديسا ويافا؛ وتأسست في بطرسبورغ لجنة فلسطينية خاصة، وصول بعثة إلى بلاد الشام 1843 ـ 1844؛ وضع الحجر الأساس لمبنى الكاتدرائية العظمى المكرمة على اسم الثالوث الأقدس في آب/ أغسطس 1860، لكنها لم تفتح للصلاة إلا في عام 1872؛ تجلى الاهتمام الروسي بالقدس من خلال المساعدات التي قُدمت لإنشاء الكنائس والأديرة والفنادق والملاجئ والمصاحّ في القدس وغيرها من المراكز الكبرى". والدفاع عن الأرثوذكس في مواجهة المذاهب الأخرى: الكاثوليك والبروتستانت، ومحاولتها استمالة الأقباط والأشوريين.
وفي الفصل الثاني "معاهدة كيتشوك كارينارجي (قينارجة) 1774 وما بعدها"، يشرح الكاتب معاهدة كيتشوك كارينارجي (قينارجة) 1774، وأهميتها واستخدام الروس لها للنفاذ إلى منطقة البحر المتوسط، وما قام به الروس من دور في حماية الأقليات واستغلال مشاكل السلطنة العثمانية. وتُعد هذه المعاهدة مدخلًا فرضت فيها روسيا شروطًا للتدخل في أوضاع السلطنة العثمانية، ثم بعد ذلك التسلسل لحماية الأقليات وإيجاد موطئ قدم لرعاية الأرثوذكس ومساندتهم بطرائق مختلفة، منها بناء الكنائس والمدارس والمراكز الاجتماعية أو إيجاد الامتيازات للبطاركة والرهبان في مواجهة المذاهب الأخرى، البروتستانت والكاثوليك.
وكان الحضور السياسي الروسي من خلال الأرثوذكس واضحًا في لبنان في زمن القائمقاميتين حين سعت روسيا لإنشاء قائمقامية أرثوذكسية، وكذلك في زمن المتصرفية حين إنشاء مديرية الكورة إرضاءً لها. ويُبرز الكاتب أهم الأنشطة التي قام بها الروس خلال العهد العثماني نصرة للأرثوذكس من الدعم المالي والخدمات المختلفة.
وقد خُصّص المؤلف الفصل الثالث "الجمعية الإمبراطورية الفلسطينية ـ الروسية"، للحديث عن الجمعية الإمبراطورية الفلسطينية ـ الروسية، التي كانت لها إسهامات بارزة على الصعيد التعليمي، من خلال قدرتها ونفوذها وطرائق التعليم وعلاقاتها الدينية ومجانية التعليم فيها ومميزات مدراسها، وكذلك لمواصفات خريّجي مدارسها ونشاطهم وثقافتهم الممزوجة بالسياسة، ومنها تجربة الكاتب ميخائيل نعيمة. ويتطرق الباحث في هذا الفصل أيضًا إلى إغلاق هذه المدارس بسبب الثورة البلشفية ثم إعادة إحيائها في العهود الأخيرة.
في الفصل الرابع "البعد الديني للسياسة الروسية"، يعرض الباحث البعد الديني للسياسة الروسية في ظل الحكم الشيوعي (الاتحاد السوفييتي)، فلم ينسحب الدين من الميدان كما يظن البعض، بل استُخدِمَ في محطات كثيرة من جانب الحكام الشيوعيين لإظهار الانفتاح والمرونة ولتسويق النظام في الخارج ومخاطبة الغرب، وممارسة النفوذ والقيام بدعم الكنيسة الأرثوذكسية في الخارج، وهي تعاديها في الداخل، لأجل اكتساب الأصدقاء!
أما بعد سقوط الحكم الشيوعي فقد كثرت المبادرات تجاه الكنيسة، وذلك من خلال سياسة الانفتاح التي انتهجها الحكام الروس، وموجة الحرية التي نعمت بها روسيا، والسماح للدين بالعودة إلى الكنيسة ولرجال الدين بالعمل والنشاط من دون قيود أو عراقيل، وأصبح المسؤولون الروس يبحثون عن تأييد البطريركية لينالوا شرعية لحكمهم.
أما الفصل الخامس "الدين بعد سقوط الاتحاد السوفياتي"، فقد خُصصه الباحث للحديث عن الدين في السياسة الروسية، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ويعرض كيف عاد الدين والسلطات الدينية لإسترجاع مواقعها ومواردها ودورها في السياسة، والمدى الذي منحته السلطة الروسية للبطريرك والكنيسة. ويشرح د. منصور كذلك مدى استغلال الدولة للدين المسيحي وللمذهب الأرثوذكسي في سياستها الخارجية وبخاصةٍ عملية التدخل في سوريا.
وأخيرًا، الكتاب يسلط الضوء على بُعد مهم في السياسة الروسية، وهو، البعد الديني، الذي يستخدم مرارًا وتكرارًا في علاقاتها الخارجية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب كتاب الدين روسيا روسيا كتاب علاقة دين كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الروسیة فی فی السیاسة من خلال
إقرأ أيضاً:
جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزواره كتاب "أهل القِبْلَةِ كُلهم موحدون"
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "أهل القِبْلَةِ كُلهم موحدون"، بقلم فضيلة الشيخ محمد زكي إبراهيم، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
جناح الأزهر الشريفيذكر المؤلف - في مقدمة كتابه- أن أهل القبلة جميعًا إخواننا: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) [المؤمنون: ٥٢]؛ فلا خصومة أبدًا بيننا وبين أي مذهب من مذاهب أهل "لا إله إلا الله" سواء كانوا أحنافًا، أم مالكية، أم شافعية، أم حنابلة، أم زيدية، أم إمامية، أم ظاهرية، أم إباضية، أم غيرهم؛ فإن الاختلاف في الفروع ضرورة طبيعية، ويستحيل - استحالة عادية - جَمْعُ الناس على مذهب واحد، أو رَأْي واحد في مسائل ظَنِّيَّة، هي موضع نظر واجتهاد إلى يوم القيامة.
ويلفت المؤلف إلى أنه ما دام مرجع الجميع كتاب الله، وسنة رسوله، والخلاف على الفرعيات إنما هو في الفَهم والتوجيه والترجيح وطلب الحق، فلا خصومة قط.
ونبه المؤلف إلى أن كبار أئمة المذاهب احترموا آراء بعضهم؛ بل قلد بعضهم بعضًا أحياءً وموتى، فصلى الإمام الشافعي عند قبر أبي حنيفة بمذهب أبي حنيفة؛ أدبًا مع روحه الشريف، وقلد أبو يوسف الإمام مالكًا، وقرَّظَ الشافعي الليث بن سعد، وقرظ أبو حنيفة أبا سفيان الثوري والأوزاعي، ونَظَمَ الشافعي شعرًا في تقريظ الإمام أحمد، بل صلَّى الإمام ابن حنبل خلف بعض أئمة القدرية المغالين وأمثالهم، وهكذا لا يُعْرَفُ عن كبار الأئمةِ مَنْ طَعَنَ أخاه أو انتقصَهُ؛ إذ ليس في الدنيا مذهب كله خطأ أو كله صواب.
ويشتمل الكتاب على ستة أبواب، الباب الأول: قضية الخلافات المذهبية، الباب الثاني: ثمانية وعشرون حديثًا ثابتًا حاسمًا في أنه ليس من أهل القبلة كافر ولا مشرك، وإِنْ عَصَى وَخَالَفَ، الباب الثالث: ابن تيمية يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، وابن القيم يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، وشيخ الإسلام ابن قدامة يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، الباب الرابع: الآيات القرآنية التي نزلت في الكفار والمشركين ويحرم سحبها وتطبيقها على أهل الشهادتين، الباب الخامس: تحقيق حديث افتراق الأمة، وتحقيق حديث: «خَط رسول الله خَطًّا»، الباب السادس: تاريخ محاولة تجميع طوائف المسلمين بمصر في العصر الحديث.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.