هل سيؤدي دعم ألمانيا للاحتلال في "العدل" إلى تغيير الحكم؟

ينتظر العالم اتخاذ محكمة العدل الدولية لتدابير تحفظية مؤقتة تضمن وقف إطلاق النار الشامل في قطاع غزة؛ على إثر القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في المحكمة بتهمة ارتكاب جيش الاحتلال جريمة إبادة جماعية في القطاع.

واستندت جنوب إفريقيا في تقديم الشكوى على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المصادق عليها سنة 1948 والتي وقع عليها الاحتلال بنفسه، إلا أن دخول ألمانيا على الخط واعتراضها على دعوى جنوب إفريقيا وتأكيدها أن ستتدخل كطرف ثالث ضد الدعوى أثار التساؤلات حول مدى تأثير ذلك على مجريات المحاكمة.

اقرأ أيضاً : وزير الخارجية القطري: يجب إنهاء الحرب وإطلاق الرهائن والسجناء الفلسطينيين

  ماذا جرى؟

كانت الحكومة الألمانية أعلنت قبل أيام عزمها التدخل كطرف ثالث ضد دعوى جنوب إفريقيا، ورفضت بشدة الدعوى واتهام الاحتلال بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، محذرة من "الاستغلال السياسي" للتهمة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، إن تل أبيب "تدافع عن نفسها" بعد الهجوم "اللاإنساني" الذي شنته حركة حماس "التي تستهدف محو إسرائيل"، وفق تعبيره.

فيما ردت ناميبيا على ما رأه البعض "انبطاحا" ألمانياً كاملا لدعم الاحتلال وجرائمه، حيث نددت دولة ناميبيا بيان صادر عن مكتب الرئيس بما سماه "نية الإبادة الجماعية للدولة الإسرائيلية العنصرية ضد المدنيين الأبرياء في غزة"، مستشهدا بتاريخ ألمانيا الاستعماري في الدولة الواقعة جنوب غرب القارة الأفريقية.

وقال البيان في جزء منه: "على الأراضي الناميبية، ارتكبت ألمانيا أول إبادة جماعية في القرن العشرين في عامي 1904 و 1908، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الناميبيين الأبرياء في ظروف غير إنسانية ووحشية للغاية".

ووفقا لقانون المحكمة فإن هذه الخطوة ستمكن ألمانيا من عرض حجتها الخاصة على المحكمة لإثبات أن الاحتلال لم ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية ولم يرتكب أو تنوي ارتكاب إبادة جماعية في قطاع، بينما حثت ناميبيا الحكومة الألمانية، على إعادة النظر في قرارها بدعم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

وفي شكوى تقع في 84 صفحة رفعت إلى محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرًا، حثت جنوب إفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـتعليق فوري لعملياتها العسكرية في قطاع غزة.

ما تأثير التدخل الألماني على القضية؟

ومنذ أن أعلنت ألمانيا رفضها الدعوى دارت التساؤلات حول تأثيرات هذا الرفض، وإن كان الضغط الألماني سيلعب دورا لتأخير إصدار الأحكام أو وقفها ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما إن كانت المحكمة ستنظر بالأدلة التي ستقدمها الحكومة الألمانية لتبرير موقفها الداعم للاحتلال.

الخبير القانوني وأستاذ القانون الدولي د.أنيس القاسم علق على الموقف الألماني في دعم الاحتلال مبينا أن إنضمام ألمانيا إلى الجانب "الإسرائيلي" في الدعوى المرفوعة على الاحتلال لن يكون له أثر على مسار الدعوى.

وقال القاسم لـ "رؤيا الإخباري" إن انضمام دول أخرى في المستقبل إلى جانب ألمانيا وكان عدد هذه الدول كبيرا ربما سيدخل إلى ذهن المحكمة أن هناك آراء قانونية تعارض مقولة "أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة".

واستندت الحكومة الألمانية في تدخلها بالدعوى على نص المادة 63 من لائحة النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، التي تُرخص لأي دولة من الدول الأعضاء في المحكمة -أي كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة- أن تقوم بـ"التدخل" في دعوى قضائية ماثلة أمام المحكمة، وفي أي توقيت وحتى قبل إصدار القرار القضائي النهائي في القضية.

ويشار إلى أنه عندما تتعلق الدعوى بجرائم إبادة جماعية، فإن الطرف المدعِي، عليه أن يثبت للمحكمة حصول أفعال متعمدة منسوبة للمدعَى عليه، وفق قوانين المحكمة.

وكانت معركة إثبات الوقائع والنية المبيتة للإبادة الجماعية و توصيفها القانوني هي الجزء الأهم في المرافعات التي استمرت ليومَين خلال الأسبوع الماضي، كما أعلنت دول عزمها تقديم مرافعات قانونية ضد الاحتلال الإسرائيلي في المحكمة لدعم الدعوى.

من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الاثنين، إن الأردن يعد مرافعات قانونية ستقدم لاحقا وفق آليات عمل محكمة العدل الدولية بشأن قضية انتهاك إسرائيل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

اقرأ أيضاً : جيش الاحتلال يعلن تنفيذ عملية برية في الجنوب اللبناني لأول مرة منذ 2006

وأوضح الصفدي، أن هذه المرافعات لا تقدم الآن والمحكمة ستصدر قريبا حكمها في الإجراءات التدبيرية التي طلبتها جنوب إفريقيا، وبعد ذلك تطلب المحكمة من الدول الأعضاء فيها أن تقدم مرافعاتها.

وقال وزير الخارجية أن الأردن سيقدم مرافعته عندما تطلب المحكمة ذلك، وستعكس الموقف الأردني الثابت الواضح الذي كان سباقا في التحذير من خطورة جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة، التي باتت في إطار التعريف القانوني للإبادة الجماعية.

انقسام دولي بين دعم الاحتلال وإدانته

كما جرت العادة حظي الاحتلال بدعم دول غربية كثيرة تقف في صفه غاضة النظر عن جرائمه التي يرتكبها بحق الفلسطينيين منذ 75 عاما، بينما أيدت دول عربية وإسلامية ومن القارة السمراء دعوى جنوب إفريقيا.

القاسم أكد لـ"رؤيا" أن هناك حاجة إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الدول الداعمة لدعوى جنوب إفريقيا، حتى يتم رد مطالب بعض الدول الغربية التي تدعي أن الاحتلال لم يرتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.

وبين أن هذا الإجراء في حال تحقق فإنه سيثبت للمحكمة أن هناك رأي عام دولي لإدانة الاحتلال ومحاسبته على ما يفعل في قطاع غزة منذ 102 يوما.

وفقا لإتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فإنه يحق لجنوب أفريقيا الاعتراض رسمياً أمام المحكمة على تدخل ألمانيا كطرف خصم في الدعوى، بيد أن محكمة العدل الدولية سيكون لها "الكلمة العليا والقول الفصل" في حسم مسألة قبول أو رفض التدخل الألماني.

ويشار إلى أنه في اليوم الثاني بعد المئة من عدوان الاحتلال على غزة، تواصل قوات الاحتلال شن غاراتها الحربية على عدة مناطق وسط وجنوبي القطاع، حيث بلغ عدد الشهداء في القطاع 24100 شهيد و 60834 جريحا، بحسب آخر حصيلة معلنة لوزارة الصحة بغزة.

كما وارتكب الاحتلال آلاف المجازر بحق المدنيين لا سيما النساء والأطفال، حيث تسبب عدوانه بقتل أكثر من 10 آلاف طفل و7 آلاف امرأة عدا عن آلاف المفقودين تحت الركام، وأكثر من 60 ألف مصاب يعانون من شح المواد الطبية العلاجية.

من هي الدول المؤيدة؟

وحظيت دعوى جنوب إفريقيا بدعم وتأييد أكثر من 64 دولة حول العالم على رأسهم الأردن الذي أكد أنه سيقدم مرافعات للمحكمة تدين الاحتلال وتثبت ارتكابه لجرائم الإبادة وغيرها، كما لا زال العدد يتزايد.

ودعمت معظم الدول العربية دعوى جنوب إفريقيا حيث أيدتها كل من الأردن وفلسطين ومصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان وسوريا والعراق واليمن والجزائر والمغرب وتونس وليبيا والسودان وليبيا وموريتانيا والصومال وجزر القمر وجمهورية جيبوتي.

أما على الصعيد الدولي فلم يدعم الدعوى من دول أوروبا سوى بلجيكا وألبانيا وتركيا إذا ما تم احتسابها دولة عابرة للقارات، فيما كانت القارة السمراء أكبر الداعمين حيث أيد دعوى جنوب إفريقيا من دون الدول العربية الموجودة في القارة 22 دولة مع جنوب إفريقيا صاحبة الدعوى، وهم غينيا وغينيا بيساو وغيانا والكاميرون وكوت ديفوار وسيراليون وناميبيا وبوركينا فاسو وغامبيا والجابون وتشاد وجيبوتي وبنين ومالي والسنغال والنيجر ونيجيريا وموزمبيق وسورينام وأوغندا وتوغو.

فيما أيدت عدد من الدول الآسيوية ودول من أمريكا الجنوبية والشمالية الدعوى حيث دعمتها من أسيا كل من أوزباكستان وباكستان وأفغانستان وقيرغستان وكازاخستان وجزر المالديف وبنغلاديش وأذربيجان وطاجيكستان وماليزيا وبروناي، بينما أيدها في دول أمريكا كل من بوليفيا وفنزويلا  وطالبت البرازيل صاحبة أكبر إقتصاد في أمريكا الجنوبية بوقف إطلاق النار إلا أنها لم تؤيد الدعوى بشكل علني.

فيما رفضت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا الدعوى القضائية حيث اعتبرت واشنطن أن الاتهامات لا أساس لها من الصحة، بينما قالت بريطانيا إن دعوى جنوب إفريقيا غير مبررة، كما كانت ألمانيا من الدول الداعمة للاحتلال في صد الدعوى.

أما بقية الدول الغربية اكتفت بالصمت ولم تعلن موقفها من الدعوى بشكل صريح، رغم أنها دعمت الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على القطاع بعد السابع من أكتوبر الماضي.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: قوات الاحتلال الحرب في غزة جنوب إفريقيا الأردن الولايات المتحدة الأمريكية الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة الحکومة الألمانیة دعوى جنوب إفریقیا الإبادة الجماعیة إبادة جماعیة فی من الدول فی قطاع فی غزة

إقرأ أيضاً:

حزب الله يستهدف مواقع للاحتلال بأكثر من 200 صاروخ ومسيرة.. ومقتل جندي إسرائيلي

أعلن حزب الله اللبناني، الخميس، إطلاق أكثر من 200 صاروخ من مختلف الأنواع تجاه مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، في حين تحدثت وسائل إعلام عبرية عن رصد  إطلاق مئات من القذائف الصاروخية والمسيرات خلال الساعة الأخيرة نحو الاحتلال، وذلك بالتزامن مع دوي صافرات الإنذار بمناطق واسعة من شمال الأراضي المحتلة.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، قصفا مدفعيا عنيفا على محيط بلدات كفرشوبا وراشيا الفخار وكفر حمام في جنوب لبنان.

قصف مدفعي عنيف استهدف الأحياء السكنية في كفرحمام وحي المراحيات على طريق عام #كفرحمام - #كفرشوبا pic.twitter.com/ZYaA8DpprT — جريدة الأخبار - Al-Akhbar (@AlakhbarNews) July 4, 2024
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، إنه "هاجم أهدافا لحزب الله في مناطق شيحين وبلاط وشبعا بجنوب لبنان ليلة الأربعاء/ الخميس"، كما قال إنه قواته قصفت أيضا منطقة شبعا.

في المقابل، قال حزب الله إنه استهدف بأكثر من 200 ‏صاروخ من مختلف الأنواع، 5 مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.


والمواقع المستهدفة، هي "مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر ‏قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة كتيبة المدرعات التابع للواء ‏السابع في ثكنة غاملا، ومقر قيادة الفرقة 210 (فرقة الجولان) في قاعدة نفح، ومقر ‏فوج المدفعية التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن"، حسب بيان الحزب اللبناني.

وأوضح الحزب أن العملية جاءت "في إطار الرد ‌‏على الاعتداء ‏والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة الحوش في مدينة ‏صور".

والأربعاء، أعلن حزب الله  استشهاد قيادي وعنصر في المواجهات المستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي، ليرتفع العدد الإجمالي لشهدائه إلى 359 منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لوكالة الأناضول.

وأكدت وسائل إعلام عبرية، وقوع إصابات بين جنود الاحتلال بعد استهداف مركبة عسكرية بقصف من جنوب لبنان، بالإضافة إلى مقتل جندي جراء الاستهداف.

وفي بيان ثان، قال حزب الله إن مقاتليه استهدفوا تموضعا مستحدثا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في مستعمرة كفربلوم بصلية من صواريخ الكاتيوشا.

وأوضح الحزب أن العملية جاءت ردا "على ‌‌اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً بلدة شبعا وإصابة امرأة مدنية".

وكشفت وكالة أنباء لبنان عن استشهاد شخص بعد استهداف منزله بمسيرة إسرائيلية في بلدة حولا جنوبي البلاد.

في غضون ذلك، قالت القناة "13" العبرية إنها رصدت إطلاق مئات من القذائف الصاروخية والمسيرات خلال الساعة الأخيرة من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية، في حين أكدت هيئة البث الإسرائيلية رصد إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان على جنوب هضبة الجولان السوري المحتل.

وذكرت وسائل إعلام عبرية، أن صفارات الإنذار دوت في المالكية وديشون بالجليل الغربي خشية تسلل طائرات مسيرة.


وتشهد المواجهات المتبادلة بين الاحتلال وحزب الله على الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تصعيدا كبيرا وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة.

وقبل أيام، كشفت  صحيفة "بيلد" الألمانية عن استعداد دولة الاحتلال الإسرائيلي للهجوم على جنوب لبنان في النصف الثاني من شهر تموز/ يوليو الجاري، وذلك في ظل تصاعد حدة القصف المتبادل بين حزب الله و"إسرائيل" خلال الأسابيع الأخيرة.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، شدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على جاهزية جيشه لتنفيذ "عملية مكثفة في لبنان إذا لزم الأمر"، متعهدا بـ"إعادة الأمن إلى الحدود الشمالية لإسرائيل".

ومنذ الثامن من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، تتواصل المواجهات على الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلة بين الاحتلال من جهة وحزب الله وفصائل فلسطينية من جهة أخرى بوتيرة يومية، تزامنا مع العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • استشهاد عشرة فلسطينيين في قصف للاحتلال على رفح وخان يونس
  • عبد الله بن زايد يبحث العلاقات الثنائية مع وزير العلاقات الدولية في جنوب إفريقيا
  • إصابة عدد من الفلسطينيين باعتداء للاحتلال جنوب نابلس
  • الخارجية الإسبانية: انضممنا إلى دعوة جنوب إفريقيا وعلى الدول الأوروبية دعم محكمة العدل الدولية
  • بسبب خلافهما على الميراث.. زوجة أحمد السقا تقاضي شقيقها
  • استئنافية فاس تحكم لصالح وزارة العدل في مواجهة شركة بناء في قضية تزوير محررات بنكية
  • السعودية تعلن دعمها نشر قوة دولية في غزة
  • حزب الله يستهدف مواقع للاحتلال بأكثر من 200 صاروخ ومسيرة (شاهد)
  • حزب الله يستهدف مواقع للاحتلال بأكثر من 200 صاروخ ومسيرة.. ومقتل جندي إسرائيلي
  • أبو نعمة ناصر.. غارة الاحتلال تغتال قائد عسكري بحزب الله جنوب لبنان