رصدت وكالة "بلومبرغ" في تقرير مطول أبرز المخاطر الاقتصادية العالمية في عام 2024، ومنها هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن وانعكاساتها على التجارة الدولية والملاحة وأسعار النفط، والتضخم المرتفع في عدة دول والاضطرابات في ألمانيا والصين والتخوف من حدوث ركود.

وجاء التقرير بعد سنوات حافلة، وفقا للوكالة، حدثت خلالها حروب وأوبئة وانهيار بنوك وتفاقمت فيها مشاكل اقتصادية ومعيشية في مناطق متفرقة بالعالم.

الشرق الأوسط "على حافة الهاوية"

بعد أكثر من ثلاثة أشهر، دفعت الحرب التي شنتها إسرائيل في غزة المنطقة إلى حافة صراع أوسع نطاقا، مع احتمال التأثير على تدفقات النفط والنمو العالمي وارتفاع التضخم.

وتصاعدت التوترات في البحر الأحمر منذ أن شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية في اليمن، ردا على هجمات شنها الحوثيون على عشرات السفن خلال الأسابيع الماضية، يقولون إن ملكيتها تتبع لإسرائيل أو تتعامل معها.

وأشار التقرير أيضا إلى أن التبادل اليومي لإطلاق النار على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، واغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، يهدد بجر حزب الله، وبالتالي إيران، إلى مستويات أعلى من القتال. ويبدو أن العراق وسوريا يشكلان بؤرة توتر متصاعدة أيضا.

ويلفت إلى أنه في حال حصول حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، فقد يتعرض خمس إمدادات النفط الخام العالمية، فضلا عن ممرات الشحن والتجارة المهمة، للخطر.

ومن الممكن أن ترتفع أسعار النفط الخام إلى 150 دولارا للبرميل، مما يعني خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو نقطة مئوية واحدة وإضافة 1.2 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي.

ركود محتمل

ويذكر التقرير أيضا مخاطر أخرى مرتبطة بحصول ركود، في حال تفاقم الصراعات حول العالم.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، تقريرا قال إن احتمال حدوث ركود اقتصادي بشكل كبير خلال عام 2024 "انخفض"، ومع ذلك، فإنه "سيظل كثير من الناس يشعرون وكأن الركود حدث بالفعل".

"سنشعر وكأنه حدث".. اقتصاديون يقللون من احتمالات الركود في 2024 انخفض احتمال حدوث ركود اقتصادي بشكل كبير خلال عام 2024، حسبما أظهر استطلاع أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية المتخصصة.

وخفض اقتصاديون ورجال أعمال وأكاديميون شملهم استطلاع أجرته الصحيفة، احتمال حدوث ركود خلال عام 2024، إلى 39 من 48 في المئة في استطلاع أجري خلال شهر أكتوبر الماضي.

وعندما أجري الاستطلاع في أكتوبر، قال كبير الاقتصاديين في بنك "كوميريكا"، بيل آدامز: "يبدو أن الركود في العام المقبل (2024) أقل احتمالا مما بدا عليه في بداية عام 2023، نظرا لأن أسعار الفائدة تتجه نحو الانخفاض، وانخفضت أسعار الغاز عن العام الماضي، ونمو الدخل تم بشكل أسرع من التضخم".

وكان الاحتياطي الفدرالي الأميركي سارع لرفع معدلات الفائدة في مطلع 2022، وأبقاها عند أعلى مستوى في 22 عاما سعيا لخفض الطلب وكبح جماح التضخم.

ألمانيا والصين

وبالنسبة لألمانيا، القوة المتعثرة في أوروبا، لن يستغرق الأمر الكثير ليضاف عام 2024 إلى عام آخر من الانكماش. ويزيد التباطؤ في الصين أيضا من المخاطر، فما يحدث بالصين ينعكس سلبا على ألمانيا، التي تعتبر القوة العظمى الآسيوية واحدة من أكبر أسواق صادراتها.

وفي المقابل هناك مؤشر إيجابي بالنسبة للصين، وهو صعود شركات صناعة السيارات الكهربائية، وهذا أيضا يعتبر مؤشرا سيئا بالنسبة لألمانيا، لأن شركة فولكس فاغن والشركات الألمانية الأخرى تخشى من منافسة "بي واي دي".

والوضع في الصين يبدو متذبذبا، إذ يدخل ثاني أكبر اقتصاد في العالم عام 2024 مع اتجاه النمو بالفعل نحو الهبوط، فقد تلاشى التعافي بعد الوباء، وهناك خشية من تفاقم مشكلة قطاع العقارات المتراجع.

وقد تتسبب مشاكل القطاع العقاري في إشعال شرارة أزمة مالية، كما حدث في اليابان عام 1989 والولايات المتحدة عام 2008، فقد ينكمش الاقتصاد ويضعف النمو.

أوكرانيا

وبعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، يحذر الداعمون الغربيون من أن البلاد تخاطر بهزيمة ساحقة، وخاصة إذا توقفت المساعدات العسكرية الأميركية، مما يمنح روسيا ميزة حاسمة في ساحة المعركة.

وتشعر حكومات في أوروبا الشرقية الآن بالقلق من وصول جيش روسي أكثر جرأة إلى حدودها - وما إذا كان الأمر سيتوقف عند هذا الحد. ويقول محللون إن الولايات المتحدة قد تواجه خيارا صعبا بين نشر قوات لردع روسيا في أوروبا، أو الصين في آسيا.

ويقول التقرير إن هزيمة أوكرانيا قد تجعل من الصعب على واشنطن إقناع الدول الأخرى بأنها حليف قوي وموثوق. وقد يؤدي ذلك أيضا إلى زيادة احتمالات حدوث صراعات في أماكن أخرى من العالم.

انتخابات تايوان

وفي تايوان، شهدت الانتخابات الرئاسية التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي فوز نائب الرئيس، لاي تشينغ تي، بفارق ضئيل، مما منح حزبه الديمقراطي التقدمي الحاكم فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة. وكان رد الفعل الفوري من جانب الصين خافتا، إذ لم يصل إلى حد التدريبات العسكرية الكبرى أو التدابير الاقتصادية.

وربما ترى بكين أن فشل الحزب الديمقراطي التقدمي في الحصول على أغلبية تشريعية يشكل تقييدا لإدارة لاي، مما يسمح برد فعل أقل حدة. ومع ذلك، فإن الشكوك الصينية العميقة في الرئيس المنتخب باعتباره "انفصاليا" و"مثيرا للمشاكل"، قد تعني أن الثقة منخفضة، مما يفتح الباب أمام تصعيد محتمل في التوترات في الأشهر المقبلة.

وتشير بعض التقديرات إلى أنه في حال حدوث حرب في تايوان فيمكن أن يكون لها تأثير أكبر على الناتج المحلي الإجمالي العالمي مقارنة بحروب أخرى.

ويشير التقرير إلى أن المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي مرتفعة، وخاصة بسبب الدور الرئيسي الذي تلعبه تايوان في إنتاج أشباه الموصلات والمعالجات الرقمية.

وفي حال حصول حرب بمضيق تايوان، فإن تقديرات بلومبرغ تشير إلى أن تعثر إمدادات الرقائق، وغلق طرق التجارة، والعقوبات الاقتصادية التي قد تفرض يمكن أن تكلف ما يصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما قد يفوق تأثير الصدمات الكبرى مثل الأزمة المالية العالمية والوباء.

الولايات المتحدة

إن الانتخابات الأكثر أهمية في عام 2024 قد تقلب الحسابات في مختلف أنحاء العالم رأسا على عقب. تبدو الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، بمثابة مباراة العودة بين، جو بايدن، ودونالد ترامب، الذي حصل على تقدم مبكر في استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة.

وقد تؤدي عودة ترامب إلى منصبه إلى تقلبات سياسية حادة في عام 2025، وقد تتأثر الأسواق نتيجة ذلك. ووعد ترامب بفرض تعريفة بنسبة 10% على جميع الواردات، وإذا قام الشركاء التجاريون بالانتقام بالمثل، فإن ذلك من شأنه أن يقلل 0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وفقا لتقديرات بلومبرغ.

وقد تبرز المزيد من التوترات التجارية مع شركاء مثل أوروبا ومنافسين مثل الصين. وقد تتضاءل رغبة أميركا في قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقا للوكالة.

الأداء الأضعف

وكشف أحدث تقرير للبنك الدولي بخصوص الآفاق الاقتصادية العالمية، أنه من المتوقع أن يتم تسجيل "الأداء الأضعف" على مدار 30 عاما، وهو أمر لم تسلم منه منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من الصراعات والأزمات المتتالية.

وأشار التقرير الصادر، الثلاثاء الماضي، إلى أن الاقتصاد العالمي "في وضع أفضل مما كان عليه قبل عام"، في ظل تراجع مخاطر حدوث ركود عالمي. لكن على الرغم من ذلك، يمكن أن تخلق التوترات الجيوسياسية المتصاعدة "أخطارا جديدة أمام الاقتصاد العالمي على المدى القريب".

بالأرقام.. البنك الدولي يحذر من "عقد الفرص الضائعة" كشف أحدث تقرير للبنك الدولي بخصوص الآفاق الاقتصادية العالمية، أنه من المتوقع أن يتم تسجيل الأداء الأضعف في فترة خمس سنوات على مدار 30 عاما، وهو أمر لم تسلم منه منطقة الشرق الأوسط بالطبع التي تعاني من الصراعات والأزمات المتتالية.

ولفت التقرير أيضا إلى أن الآفاق متوسطة الأجل باتت "قاتمة" بالنسبة للعديد من الاقتصاديات النامية، في ظل تباطؤ معدلات النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، وتباطؤ التجارة العالمية، والأوضاع المالية "الأكثر تشديدا" منذ عقود.

ومن المتوقع، بحسب البنك الدولي، ألا يتجاوز نمو التجارة العالمية خلال العام الحالي نصف المتوسط خلال الـ10 سنوات التي سبقت جائحة كورونا.

كما تشير التوقعات في التقرير، إلى أن النمو العالمي سيتباطأ للعام الثالث على التوالي، من 2.6 في المئة في العام الماضي إلى 2.4 في المئة في عام 2024، أي أقل بنحو ثلاثة أرباع نقطة مئوية عن المتوسط السائد في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

التقرير كشف أيضا أن الاقتصادات النامية من المتوقع أن تنمو بمعدل 3.9 في المئة فقط، وهو معدل أقل من المتوسط الذي تحقق في العقد السابق، بأكثر قليلا من نقطة مئوية واحدة.

وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، فمن المتوقع أن تحقق معدلات بنسبة 5.5 في المئة، وهي معدلات أقل من المتوقع في السابق.

ولفت التقرير إلى أنه بنهاية عام 2024 "سيظل الناس في بلد واحد من كل 4 بلدان نامية، ونحو 40 في المئة من البلدان منخفضة الدخل، أكثر فقرا مما كانوا عليه قبل تفشي جائحة كورونا عام 2019".

أما في الاقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.2 في المئة هذا العام، انخفاضا من 1.5 في المئة عام 2023.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الولایات المتحدة الاقتصاد العالمی نقطة مئویة حدوث رکود فی المئة إلى أن فی عام عام 2024 فی حال

إقرأ أيضاً:

تقرير حول الـCNSS يتوقع وصول عجز نظام "أمو الشامل" إلى 107 مليارات في 2025.. والنفقات ستتجاوز الاشتراكات بـ291%

كشفت معطيات مقلقة عن وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خاصة نظام « أمو الشامل »، الذي يخص التأمين الإجباري عن المرض للأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك والذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور.

وتشير المعطيات المتضمنة في التقرير الذي كان من المفترض أن يُعرض أمس في اجتماع للجنة المالية في مجلس النواب، والذي تم تأجيله إلى الأسبوع المقبل بسبب الخلافات التي شهدتها أشغال اللجنة، إلى أن نظام « أمو الشامل » يواجه ضغوطًا مالية متزايدة، حيث تجاوزت النفقات مجموع الاشتراكات بنسبة 238%، وهي النسبة التي يُتوقع أن ترتفع إلى 291% في عام 2025.

وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن العجز المالي التقني سيصل إلى 1.075 مليار درهم في 2025، أي نحو 107 مليارات سنتيم، مقابل عجز مالي بلغ 269 مليون درهم سنة 2024، أي نحو 27 مليار سنتيم.

وبلغ إجمالي الاشتراكات في سنة 2024 نحو 195 مليون درهم، ويُتوقع أن تصل إلى 564 مليون درهم في سنة 2025، بينما بلغت النفقات 464 مليون درهم في سنة 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 1.638 مليار درهم في 2025.

كلمات دلالية أمو الشامل التغطية الصحية الضمان الاجتماعي

مقالات مشابهة

  • تقرير إسباني يرصد بالأرقام ارتفاعاً غير مسبوق لمبيعات الأسلحة إلى المغرب
  • تقرير حول الـCNSS يتوقع وصول عجز نظام "أمو الشامل" إلى 107 مليارات في 2025.. والنفقات ستتجاوز الاشتراكات بـ291%
  • بالفيديو.. خبير صحة عالمية: التلوث البيئي يزداد في الدول التي تعاني من الحروب
  • الأمير حسام بن سعود يطّلع على تقرير وكالة الحقوق بإمارة المنطقة لعام 2024م
  • تقرير :أوروبا أكبر مستورد للسلاح الأمريكي خلال 5 سنوات
  • "الشورى" يناقش تحديات وفرص قطاع الاقتصاد الرقمي مع أصحاب الشركات الناشئة
  • الشورى يناقش تحديات وفرص الاقتصاد الرقمي
  • بعد مباردة أوجلان.. تقرير ألماني يرصد غموضاً بموقف قوى كوردية إزاء إلقاء السلاح
  • تقرير حقوقي يرصد 13 ألف انتهاك في محافظة البيضاء خلال 10 سنوات
  • وزير الاتصالات للمرأة في يومها العالمي: كل عام وأنتِ القوة التي تبني المستقبل