بعد سنوات من طرح الفكرة.. لماذا تتحرك بريطانيا لحظر حزب التحرير الإسلامي؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
تتجه بريطانيا نحو تصنيف "حزب التحرير" منظمة إرهابية ممنوعة، بعد أن باشر وزير الداخلية، جيمس كليفرلي، إجراءات حظر الجماعة الإسلامية السنية التي يتهمها بـ"معاداة السامية" والترويج لـ"الإرهاب".
وقال كليفرلي إن "حزب التحرير" منظمة "معادية للسامية" تعمل بنشاط على "الترويج للإرهاب وتشجيعه"، مشيرا إلى إشادتها بهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن حزب التحرير يقوم بأعمال "التحريض والتجنيد في بريطانيا منذ ما يقرب من 40 عاما"، موضحة أن موافقة البرلمان على خطوة الحظر سيجعله منظمة "على قدم المساواة مع تنظيمي القاعدة وداعش".
وسيدخل قرار الحظر حيز التنفيذ ضد المنظمة المحظورة بالفعل في مصر وألمانيا وباكستان وبنغلادش وعدد من الدول العربية والآسيوية الأخرى، ابتداء من 19 يناير الجاري، في حال أقر النواب البريطانيون الإجراء الذي قدمه كليفرلي إلى البرلمان. فما هو هذا الحزب؟ ما هي مرجعيته؟ ولماذا يسعى وزير الداخلية البريطاني لحظره في هذا الوقت؟
نشأة "الحزب"تأسس "حزب التحرير" في عام 1953 في الأردن على يد تقي الدين النبهاني، وهو مثقف إسلامي فلسطيني تخرج من من "المعهد العالي للقضاء الشرعي" التابع للأزهر بمصر.
ولجأ "حزب التحرير"، بقيادة النبهاني، إلى "العمل السري"، بعد أن رفضت وزارة الداخلية في الأردن، سنة 1953، التصريح له لممارسة أنشطته علانية، وأغلقت مقره في القدس، وفقا لـ"الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية".
ورغم التضييق عليه، نجح الحزب في إقامة خلايا سرية له في القدس والخليل ونابلس وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين حول أريحا، كما انتشر بين الطلاب في جنين وطولكرم بوجه خاص، وفقا للمصدر ذاته.
وانتقل النبهاني "مرغما" من عمان إلى دمشق سنة 1954، لكن حزبه لم يحصل على ترخيص رسمي بمزاولة النشاط السياسي في سوريا أيضا، ليلجأ إلى العمل السري، مرة أخرى، قبل أن يضطر للانتقال إلى بيروت، أين عاش إلى أن توفي في عام 1977، وفق الموسوعة المذكورة.
وحصل الحزب في عام 1959 على ترخيص بمزاولة النشاط السياسي في لبنان، قبل أن يمتد نشاطه إلى العراق ومصر، ثم نجح في الثمانينيات من القرن الماضي في إقامة فروع له في شمال أفريقيا، وخصوصا في تونس وليبيا، بحسب الموسوعة.
كما برز نشاط فرعه في تركيا منذ السبعينيات، وشكل فرعا له في بريطانيا وفي عدد من الدول الأوروبية الأخرى، وصار يستند إلى قاعدة قوية في بعض بلدان آسيا الوسطى.
وبحسب صحيفة "الغارديان"، كانت الطريقة الرئيسية التي اتبعها حزب التحرير في محاولة الوصول إلى السلطة متمثلة في "التسلل إلى جيوش البلدان ذات الأغلبية المسلمة"، مشيرة إلى أن الحزب "كان وراء المحاولات الفاشلة للقيام بانقلابات في الأردن والعراق وسوريا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات".
"أشاد بهجوم حماس".. بريطانيا تباشر إجراءات حظر "حزب التحرير" أعلن وزير الداخلية البريطاني، جيمس كليفرلي، الاثنين، أنه باشر إجراءات حظر "حزب التحرير"، وهو منظمة سياسية إسلامية سنية، واصفا إياه بأنه معاد للسامية ويروج "للإرهاب" المرجعية الفكرية للحزبويعرف الحزب، نفسه على موقعه الرسمي، على أنه "حزب سياسي مبدؤه الإسلام. فالسياسة عمله، والإسلام مبدؤه، وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود".
ويقول إنه "تكتل سياسي، وليس تكتلا روحيا، ولا تكتلا علميا، ولا تعليميا، ولا خيريا، والفكرة الإسلامية هي الروح لجسمه، وهي نواته وسرّ حياته".
وبحسب مقال سابق لـمؤسسة "كارنيغي" للسلام العالمي"، فإن "الحزب"، جعل من فكرة "إحياء دولة الخلافة، عنوانا دائما لنشاطه السياسي، باعتبارها فرضا دينيا، إضافة إلى كونها حلا سحريا لجميع مشاكل مسلمي العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
وذكر المقال، أن حزب التحرير يشترك مع الحركات الإسلامية الأخرى في أن العودة إلى"الأصول" و"السلف الصالح" هي الطريق لـ"تجاوز الحاضر المرير وبناء مستقبل مزدهر".
ويقول الحزب، إن "الفكرة التي يقوم عليها، وتتجسد في مجموعة أفراده، ويعمل لأن يصهر الأمة بها، ولأن تتخذها قضيتها هي الفكرة الإسلامية، أي العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام، وما بني عليها من أفكار".
ويوضح أنه، تبنى "هذه الفكرة القدر الذي يلزمه كحزب سياسي يعمل لإيجاد الإسلام في المجتمع، أي تجسيد الإسلام في الحكم والعلاقات وسائر شؤون الحياة، وقد وضّح الحزب كل ما تبناه بشكل تفصيلي في كتبه ونشراته التي أصدرها".
ووفقا للمقال المنشور على "كارنيغي"، فإنه فيما استوعبت حركات إسلامية أخرى،"الأفكار الحديثة كالديمقراطية وحقوق الإنسان، التي لم يعد بإمكانها تجاهلها بعد أن نشطت في المجتمع المدني، والمنظمات المهنية، وبين أساتذة الجامعات، إضافة إلى دخولها حلبة الصراع السياسي ومنافستها في الانتخابات ووصولها البرلمان"، فإن حزب التحرير يصرح علنا برفض هذه المفاهيم "ناعتاً إياها بالكفر البواح والمؤامرة التي يسعى الغرب من خلالها إلى إحكام سيطرته على المسلمين".
انتشاره في بريطانياذكرت صحيفة الغارديان، أن حزب التحرير، أنشأ أول فرع أوروبي له في الستينيات في ألمانيا الغربية، وسرعان ما انتشر إلى عشرات البلدان الأخرى.
وأسس أول فرع له في بريطانيا عام 1986، مركزا في بداياته على استهداف المسلمين الذين كانوا يعيشون في المملكة المتحدة بشكل مؤقت، وعلى إنشاء مجموعات دراسية، وفقا للغارديان
وانتقل الحزب، بحسب المصدر ذاته، من تنظيم الاحتجاجات أمام السفارات إلى تجنيد شباب المسلمين البريطانيين من الجيل الثاني في الجامعات. وبعد أن واجه معارضة من الاتحاد الوطني للطلاب ومنظمات أخرى، ركز على إنشاء "مجموعات واجهة" تركز على قضايا بعينها.
ومن بين الشخصيات الرئيسية للحزب، عمر بكري محمد، الذي أسس فرع في المملكة المتحدة وظل زعيما له حتى عام 1996، إلى جانب عبدول واحد، وهو طبيب كان رئيس فرع حزب التحرير في بريطانيا.
لماذا لم يتم منعه من قبل ببريطانيا؟حظرت العديد من الدول، بما في ذلك ألمانيا ومصر وباكستان وبلدان عربية وآسيوية أخرى حزب التحرير، بينما بقي محل جدل سياسي مستمبر منذ عقود في المملكة المتحدة.
وسبق أن قال رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، إنه سيحظر الجماعة بعد وقت قصير من تفجيرات 7 يوليو عام 2005 كجزء من خطة لمكافحة التطرف الإسلامي، لكنه تنازل عن الخطة بعد ذلك وسط تحفظات من وزارة الداخلية وكبار ضباط الشرطة، الذين كانوا يخشون أن يأتي ذلك بنتائج عكسية في نفس السنة.
كما فكر وزراء الداخلية المتعاقبون في فرض حظر، لكنهم، لم ينفذوا القرار ـ بما في ذلك تيريزا ماي، التي قالت إنها أرادت منع أنشطة الحزب، قبل أن تتراجع عن ذلك بناء على مشورة قانونية.
ما الذي تغير اليوم؟وربطت الغارديان تغير موقف السلطات البريطانية بشأن الحزب، بتسلّط مزيد من الأضواء على أنشطته،في الأشهر الأخيرة، التي عرفت خلالها مدن بريطانية احتجاجات واسعة، بسبب الحرب المندلعة في غزة.
وأصدرت الشرطة البريطانية، بيانا، قالت فيه إنها لم تتخذ أي إجراء آخر بعد انتشار لقطات على الإنترنت لرجل يهتف "الجهاد، الجهاد" في مسيرة نظمها "حزب التحرير".
وفي إعلانه عن خطوة حظر أنشطة الجماعة، أشار وزير الداخلية البريطاني، على وجه التحديد إلى إشادتها بهجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس، والتي أسفرت عن مقتل 1200 شخص بإسرائيل.
وأكد بيان حكومي أن "إشادة حزب التحرير بهجوم 7 أكتوبر والأحداث المرتبطة بها، فضلا عن وصفه حماس بالأبطال على موقعه المركزي على الإنترنت، يشكل ترويجا وتشجيعا للإرهاب".
ومنذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر، لم يقم حزب التحرير بإدانة حماس، المصنفة إرهابية بالفعل في المملكة المتحدة، وفي المقابل، أشاد بالهجمات على المواطنين الإسرائيليين بقوله: "إذا كان من الممكن القيام بذلك من قبل حركة مقاومة، تخيل مدى الرد الذي يمكن تحقيقه من طرف عالم إسلامي موحد"، حسبما نقلت الغارديان.
وتابع البيان الحكومي أن "حزب التحرير له تاريخ في الإشادة والاحتفال بالهجمات ضد إسرائيل والهجمات ضد اليهود على نطاق أوسع"، وأضاف "تقف المملكة المتحدة بقوة ضد معاداة السامية ولن تتسامح مع الترويج للإرهاب بأي شكل من الأشكال".
وقال كليفرلي إن إشادة المنظمة بالهجمات ووصفها لمسلحي حماس بالأبطال على موقعها على الإنترنت يشكل تشجيعا للإرهاب. ونفى حزب التحرير أن يكون معاديا للسامية، قائلًا: "نحن لا ندعم جماعة حماس، ولكننا ندعم شعب فلسطين".
ووفقا لرويترز، ولم يرد ممثل الجماعة المقيم في المملكة المتحدة على الفور على رسالة بريد إلكتروني تطلب التعليق.
وكانت الجماعة وصفت الشهر الماضي، الدعوة لحظرها، بأنها "علامة على اليأس" وذلك على موقعها على الإنترنت.
حظر المجموعة، يعني أن الانتماء إليها أو الترويج لها وترتيب اجتماعاتها وحمل شعارها في الأماكن العامة سيكون بمثابة جريمة جنائية في بريطانيا.
ويمكن أن يواجه أولئك الذين ينتهكون القواعد عقوبة السجن لمدة تصل إلى 14 عاما..
وقد يؤدي هذا الأمر أيضا إلى مصادرة أصولها أو أصول أعضائها والمرتبطين بها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی المملکة المتحدة وزیر الداخلیة على الإنترنت حزب التحریر فی بریطانیا بعد أن
إقرأ أيضاً:
توجيه تهمة “تبديل هيئة الدولة” إلى رئيسة “الحزب الدستوري” المعارض في تونس عبير موسي
سرايا - قال محامون إن القضاء في تونس وجّه تهمة التخطيط لتبديل هيئة الدولة إلى رئيسة “الحزب الدستوري الحر” عبير موسي، الموقوفة في السجن، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعود هذه التهمة إلى قضية “مكتب الضبط” للقصر الرئاسي، حين توجهت رئيسة الحزب إليه لإيداع تظلّم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرّت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.
وقال محامون عن هيئة الدفاع عن موسي إن قضاة التحقيق وجهوا إلى رئيسة الحزب تهمة “الاعتداء، القصد منه تبديل هيئة الدولة”، المضمنة في الفصل 72 من المجلة الجزائية، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وأضاف المحامون، في مؤتمر صحفي، أن التحقيقات، في مرحلة أولى، كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة، وأن قرار القضاة، الذي صدر أمس، الثلاثاء، كان مفاجئاً.
وأوضحت هيئة الدفاع أنها طالبت بالعودة إلى كاميرات المراقبة، لكن طلبها رُفض. وهي تستعد للطعن في قرار القضاة.
وكانت عبير موسي، وهي من بين المعارضين البارزين للرئيس قيس سعيد، مرشحة “الحزب الدستوري الحر” للانتخابات الرئاسية، التي أُجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفاز بها سعيد. لكن هيئة الانتخابات كانت قد رفضت ملف ترشحها.
وهي ملاحقة أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت هيئة الانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر “معلومات مضللة” عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق، في 2021.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #السعودية#تركيا#تونس#الدولة#الدفاع#الفصل#الرئيس
طباعة المشاهدات: 1772
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 20-11-2024 11:34 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...