لماذا ينأى الزعيم الصيني بنفسه عن أحداث البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية لمنع المتمردين الحوثيين في اليمن من مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر، دعت الصين إلى ضبط النفس، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ".
ومع ذلك فإن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد تأثر من الاضطرابات في البحر الأحمر، فالصين تستورد حوالي نصف نفطها الخام من الشرق الأوسط، وتصدر إلى الاتحاد الأوروبي أكثر مما تصدره الولايات المتحدة.
ووفقًا لبلومبرغ إنتليجنس، فقد ارتفع مؤشر شنغهاي للشحن بالحاويات الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى منذ سبتمبر 2022، مما يعكس التكاليف الإضافية جراء تحويل مسار السفن التجارية من البحر الأحمر إلى رأس رجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
ولكن بالنسبة للزعيم الصيني، شي جين بينغ، فإن التكاليف ليست مرتفعة بحيث تدفع بلاده إلى التورط في مواجهة جماعة الحوثيين خاصة وأن هناك من يقوم بتلك المهمة التي يعتقد أنها تزيد من مشاعر العداء لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد تقول كبيرة محللي الاقتصاد الجغرافي في بلومبرغ إيكونوميكس، جينيفر ويلش، إن القادة الصينيين "ليس لديهم الكثير ليكسبوه في حال قرروا اتخاذ مواقف أقوى.. وذلك مشابه لنهجهم في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يدعون إلى السلام لكنهم يرفضون إدانة روسيا أو المساهمة بشكل كبير في الجهود المبذولة لإحلال السلام في تلك البقعة من أوروبا".
وارتفعت أسهم الشحن الآسيوي يوم الجمعة بعد شن واشنطن ولندن ضربات على أهداف في اليمن، مما دفع الحوثيين إلى التعهد برد قوي.
بعد الضربات الجوية الأميركية والبريطانية الأخيرة على أهداف للحوثيين في اليمن ردًا على هجمات تلك الجماة بطائرات بدون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر، قال بعض المعلقين في مصر إن التصعيد في هذا الأمر، يمكن أن يقلل من حركة المرور في قناة السويس وتضر باقتصاد بلادهم والاقتصاد العالمي، بحسب تقرير لموقع "صوت أميركا".
وكان المتمردون المتمركزون في اليمن قد باشروا في شهر نوفمبر باستهداف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل، تحت ذريعة دعمهم لحركة حماس، المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، في قتالها مع الجيش الإسرائيلي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ، يوم الجمعة، إن الصين "تشعر بقلق عميق” بشأن التصعيد في البحر الأحمر"، ولكنها ظلت غير ملتزمة باتخاذ أي إجراء.
وأضافت: "نأمل أن تتمكن جميع الأطراف من لعب دور بناء ومسؤول لحماية الأمن وتجنب أي هجمات ضد السفن المدنية، فذلك أمر ليس في صالح التجارة الدولية".
وعلى مدى العام الماضي، كثف شي جين بينغ علاقاته واتصالاته بالشرق الأوسط في محاولة لاكتساب المصداقية كرجل دولة عالمي.
وفي مارس، نال الرئيس الصيني الفضل في حدوث انفراجة بين إيران والسعودية، على الرغم من أن الأسئلة لا تزال قائمة حول مدى دور بكين في التوسط في الصفقة.
"قدرات ضئيلة"
وحثت دول عدة في الشرق الأوسط الصين في الأسابيع الأخيرة على استخدام نفوذها الإقليمي لمنع نشوب حرب أوسع نطاقا، وفقا لأشخاص مطلعين على الوضع، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لكن بكين تواجه قيودا في إقناع الحوثيين أو إيران.
مع التصعيد العسكري الذي يشهده الشرق الأوسط يتخوف البعض من تأثر أسعار النفط بما يؤدي إلى زيادة مستويات الأسعار في وقت تكافح فيه الدول لضبط معدلات التضخم.
وقال ويليام فيغيروا، الأستاذ المساعد في جامعة جرونينجن في هولندا: "إن لدى الصين قدرة ضئيلة للغاية على استعراض القوة في منطقة الخليج (العربي)، وبالتأكيد ليست مستعدة للتورط في صراع أكبر".
وزاد: "أن الإدانة القوية لهجمت الحوثيين من شأنها أن تخاطر بإثارة غضب طهران وحلفائها في المنطقة، ولن تحقق الكثير".
من جانب آخر، يرى البعض في بكين أيضا أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر مفيدة للصين، فقد أوضح، شياو يون هوا، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني لجيش التحرير الشعبي الصيني، في ديسمبر على وسائل التواصل الاجتماعي: "بطريقة ما، قدم الحوثيون عن غير قصد خدمة كبيرة للصين".
وادعى شياو أن التعطيل سيدفع مزيدا من التجار إلى استخدام شبكات السكك الحديدية، مما يعزز مبادرة الحزام والطريق التي كان قد أطلقها شي لتشييد البنية التحتية في الاقتصادات الناشئة.
وتابع: "إن توسيع مبادرة الحزام والطريق هي استراتيجيتنا الدولية لقطع هيمنة واشنطن، وتقويض القوة البحرية الأميركية، وتعزيز التعددية القطبية العالمية".
وتوقفت شركة شحن الحاويات الصينية العملاقة تشاينا كوسكو للشحن عن تسليم البضائع إلى إسرائيل بسبب التهديدات والهجمات التي يشكلها المسلحون.
وذكرت وكالة بلومبرغ، الخميس، أن خمس سفن على الأقل تعبر البحر الأحمر تستخدم إشاراتها لتقول إن لها صلات بالصين في محاولة لتجنب استهدافها.
ورأى هنري هوياو وانغ، مؤسس مركز الصين والعولمة، وهي مجموعة أبحاث سياسية في بكين، أن الصين تريد اتباع نهج شامل تجاه التوترات في الشرق الأوسط، بما في ذلك هجمات الحوثيين.
وشرح: "الهجوم الإسرائيلي على غزة هو السبب الجذري لما يحدث، ونحن بحاجة إلى النظر إلى الأمر حقا كصورة كاملة وليس بشكل منفصل".
وفي الماضي، كافحت الولايات المتحدة وحلفاؤها لإقناع الصين بالانضمام إلى العمليات الدولية. عندما أصبحت البحار قبالة شرق أفريقيا ملاذا للقراصنة، واستغرق الأمر عدة سنوات لإقناع بكين بأن حرية الشحن وأمنه أمر ضروري، وفقاً لمدير تنفيذي للشحن الأجنبي في بكين.
وكانت الصين قد رفضت تشكيل قوة عمل بقيادة الولايات المتحدة – عملية حارس الازدهار– لتوفير الأمن للسفن التي تعبر البحر الأحمر. لدى البحرية الصينية سفن قريبة تقوم بمكافحة القرصنة.
ومن المحتمل أن تؤثر المواجهة في البحر الأحمر على تكلفة واردات الطاقة الصينية، إذ شكلت واردات الصين النفطية من الشرق الأوسط 46 في المئة من إجمالي واردات البلاد من النفط الخام في أول 11 شهرا من العام الماضي، وفقا لبيانات الجمارك.
ومن المرجح أيضا أن يواجه شي رد فعل عنيف في حال إرسال قوات لمحاربة الحوثيين، سواء من أولئك في الشرق الأوسط الذين قد يعارضون هذه الخطوة أو من الصقور في الغرب الذين قد يثيرون مخاوف بشأن التوسع العسكري الصيني، وفقا لجوزيف لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة شرق الصين العادية في شنغهاي، غريغوري ماهوني.
وختم قائلا: "من المحتمل أن يكون هناك أيضا الكثير من الانتقادات من بعض الصينيين لتلك الخطوة وخاصة القوميين (المتشددين)".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الصين البحر الأحمر اقتصاد امريكا الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الشرق الأوسط فی الیمن
إقرأ أيضاً:
مباحثات أمريكية روسية بشأن الضربات على الحوثيين
بحث وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، الضربات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، وفق بيان صادر عن الخارجية الأمريكية.
وأوضح البيان أن روبيو شدد على أن "الهجمات الحوثية المستمرة على السفن العسكرية والتجارية الأمريكية في البحر الأحمر لن يتم التسامح معها".
تحذيرات أمريكيةأكد روبيو أن الرد الأمريكي جاء بمثابة "رسالة قوية وواضحة إلى الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران"، مشددًا على ضرورة توقف الهجمات التي تستهدف السفن الأمريكية وحركة الشحن العالمية. وحذر الوزير الأمريكي من أن بلاده ستحاسب جماعة الحوثي على هذه العمليات.
في سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أمريكي قوله إن الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين قد تستمر "لأيام وربما أسابيع"، في إشارة إلى احتمال تصاعد العمليات العسكرية في المنطقة. ويأتي ذلك في وقت تزداد فيه التوترات في البحر الأحمر، وسط تحذيرات من تداعيات أوسع لهذه المواجهات.
رد الحوثيوفي بيان رسمي، شدد المجلس على أن استهداف المدنيين في اليمن دليل على فشل الأمريكيين، مؤكدًا أن هذا التصعيد لن يردع الجماعة عن مواصلة دعمها لغزة، بل سيدفعها إلى مزيد من التصعيد.
وأضاف البيان أن العمليات البحرية اليمنية ستستمر حتى يتم رفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، معتبرًا أن الغارات الأمريكية تمثل عودة لعسكرة البحر الأحمر وتهديدًا فعليًا للملاحة الدولية.
وأوضح أن "الحوثيين تسببوا في شل حركة الشحن في أحد أهم الممرات المائية العالمية، مما أثر سلبًا على التجارة الدولية"، مشددًا على أن الولايات المتحدة "لن تتهاون" في ردها، وستستخدم "قوة ساحقة وقاتلة لتحقيق أهدافها".
وفي هذا السياق، اعتبر عضو المجلس السياسي للحوثيين محمد البخيتي، أن التدخل الأمريكي في اليمن "غير مبرر"، مشددًا على أن الجماعة ستواجهه بالمثل، قائلًا: "سنقابل التصعيد بالتصعيد".
من جانبه، وصف الناطق باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، الغارات الأمريكية بأنها "عدوان سافر" على دولة مستقلة، متهمًا واشنطن بالسعي إلى "عسكرة البحر الأحمر".
يُذكر أن الحوثيين كانوا قد أعلنوا في وقت سابق عن استعدادهم لاستئناف العمليات العسكرية ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر اعتبارًا من الثلاثاء، وذلك بعد تعليقها عقب الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس"، الذي تم التوصل إليه في 19 يناير الماضي.