في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية لمنع المتمردين الحوثيين في اليمن من مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر، دعت الصين إلى ضبط النفس، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ".

 

ومع ذلك فإن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد تأثر من الاضطرابات في البحر الأحمر، فالصين تستورد حوالي نصف نفطها الخام من الشرق الأوسط، وتصدر إلى الاتحاد الأوروبي أكثر مما تصدره الولايات المتحدة.

 

ووفقًا لبلومبرغ إنتليجنس، فقد ارتفع مؤشر شنغهاي للشحن بالحاويات الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى منذ سبتمبر 2022، مما يعكس التكاليف الإضافية جراء تحويل مسار السفن التجارية من البحر الأحمر إلى رأس رجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

 

ولكن بالنسبة للزعيم الصيني، شي جين بينغ، فإن التكاليف ليست مرتفعة بحيث تدفع بلاده إلى التورط في مواجهة جماعة الحوثيين خاصة وأن هناك من يقوم بتلك المهمة التي يعتقد أنها تزيد من مشاعر العداء لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط.

 

وفي هذا الصدد تقول كبيرة محللي الاقتصاد الجغرافي في بلومبرغ إيكونوميكس، جينيفر ويلش، إن القادة الصينيين "ليس لديهم الكثير ليكسبوه في حال قرروا اتخاذ مواقف أقوى.. وذلك مشابه لنهجهم في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يدعون إلى السلام لكنهم يرفضون إدانة روسيا أو المساهمة بشكل كبير في الجهود المبذولة لإحلال السلام في تلك البقعة من أوروبا".

 

وارتفعت أسهم الشحن الآسيوي يوم الجمعة بعد شن واشنطن ولندن ضربات على أهداف في اليمن، مما دفع الحوثيين إلى التعهد برد قوي.

 

بعد الضربات الجوية الأميركية والبريطانية الأخيرة على أهداف للحوثيين في اليمن ردًا على هجمات تلك الجماة بطائرات بدون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر، قال بعض المعلقين في مصر إن التصعيد في هذا الأمر، يمكن أن يقلل من حركة المرور في قناة السويس وتضر باقتصاد بلادهم والاقتصاد العالمي، بحسب تقرير لموقع "صوت أميركا".

 

وكان المتمردون المتمركزون في اليمن قد باشروا في شهر نوفمبر باستهداف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل، تحت ذريعة دعمهم لحركة حماس، المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، في قتالها مع الجيش الإسرائيلي.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ، يوم الجمعة، إن الصين "تشعر بقلق عميق” بشأن التصعيد في البحر الأحمر"، ولكنها ظلت غير ملتزمة باتخاذ أي إجراء.

 

وأضافت: "نأمل أن تتمكن جميع الأطراف من لعب دور بناء ومسؤول لحماية الأمن وتجنب أي هجمات ضد السفن المدنية، فذلك أمر ليس في صالح التجارة الدولية".

 

وعلى مدى العام الماضي، كثف شي جين بينغ علاقاته واتصالاته بالشرق الأوسط في محاولة لاكتساب المصداقية كرجل دولة عالمي.

 

وفي مارس، نال الرئيس الصيني الفضل في حدوث انفراجة بين إيران والسعودية، على الرغم من أن الأسئلة لا تزال قائمة حول مدى دور بكين في التوسط في الصفقة.

 

"قدرات ضئيلة"

 

وحثت دول عدة في الشرق الأوسط الصين في الأسابيع الأخيرة على استخدام نفوذها الإقليمي لمنع نشوب حرب أوسع نطاقا، وفقا لأشخاص مطلعين على الوضع، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لكن بكين تواجه قيودا في إقناع الحوثيين أو إيران.

 

مع التصعيد العسكري الذي يشهده الشرق الأوسط يتخوف البعض من تأثر أسعار النفط بما يؤدي إلى زيادة مستويات الأسعار في وقت تكافح فيه الدول لضبط معدلات التضخم.

 

وقال ويليام فيغيروا، الأستاذ المساعد في جامعة جرونينجن في هولندا: "إن لدى الصين قدرة ضئيلة للغاية على استعراض القوة في منطقة الخليج (العربي)، وبالتأكيد ليست مستعدة للتورط في صراع أكبر".

 

وزاد: "أن الإدانة القوية لهجمت الحوثيين من شأنها أن تخاطر بإثارة غضب طهران وحلفائها في المنطقة، ولن تحقق الكثير".

 

من جانب آخر، يرى البعض في بكين أيضا أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر مفيدة للصين، فقد أوضح، شياو يون هوا، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني لجيش التحرير الشعبي الصيني، في ديسمبر على وسائل التواصل الاجتماعي: "بطريقة ما، قدم الحوثيون عن غير قصد خدمة كبيرة للصين".

 

وادعى شياو أن التعطيل سيدفع مزيدا من التجار إلى استخدام شبكات السكك الحديدية، مما يعزز مبادرة الحزام والطريق التي كان قد أطلقها شي لتشييد البنية التحتية في الاقتصادات الناشئة.

 

وتابع: "إن توسيع مبادرة الحزام والطريق هي استراتيجيتنا الدولية لقطع هيمنة واشنطن، وتقويض القوة البحرية الأميركية، وتعزيز التعددية القطبية العالمية".

 

وتوقفت شركة شحن الحاويات الصينية العملاقة تشاينا كوسكو للشحن عن تسليم البضائع إلى إسرائيل بسبب التهديدات والهجمات التي يشكلها المسلحون.

 

وذكرت وكالة بلومبرغ، الخميس، أن خمس سفن على الأقل تعبر البحر الأحمر تستخدم إشاراتها لتقول إن لها صلات بالصين في محاولة لتجنب استهدافها.

 

ورأى هنري هوياو وانغ، مؤسس مركز الصين والعولمة، وهي مجموعة أبحاث سياسية في بكين، أن الصين تريد اتباع نهج شامل تجاه التوترات في الشرق الأوسط، بما في ذلك هجمات الحوثيين.

 

وشرح: "الهجوم الإسرائيلي على غزة هو السبب الجذري لما يحدث، ونحن بحاجة إلى النظر إلى الأمر حقا كصورة كاملة وليس بشكل منفصل".

 

وفي الماضي، كافحت الولايات المتحدة وحلفاؤها لإقناع الصين بالانضمام إلى العمليات الدولية. عندما أصبحت البحار قبالة شرق أفريقيا ملاذا للقراصنة، واستغرق الأمر عدة سنوات لإقناع بكين بأن حرية الشحن وأمنه أمر ضروري، وفقاً لمدير تنفيذي للشحن الأجنبي في بكين.

 

وكانت الصين قد رفضت تشكيل قوة عمل بقيادة الولايات المتحدة – عملية حارس الازدهار– لتوفير الأمن للسفن التي تعبر البحر الأحمر. لدى البحرية الصينية سفن قريبة تقوم بمكافحة القرصنة.

 

ومن المحتمل أن تؤثر المواجهة في البحر الأحمر على تكلفة واردات الطاقة الصينية، إذ شكلت واردات الصين النفطية من الشرق الأوسط 46 في المئة من إجمالي واردات البلاد من النفط الخام في أول 11 شهرا من العام الماضي، وفقا لبيانات الجمارك.

 

ومن المرجح  أيضا أن يواجه شي رد فعل عنيف في حال إرسال قوات لمحاربة الحوثيين، سواء من أولئك في الشرق الأوسط الذين قد يعارضون هذه الخطوة أو من الصقور في الغرب الذين قد يثيرون مخاوف بشأن التوسع العسكري الصيني، وفقا لجوزيف لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة شرق الصين العادية في شنغهاي، غريغوري ماهوني.

 

وختم قائلا: "من المحتمل أن يكون هناك أيضا الكثير من الانتقادات من بعض الصينيين لتلك الخطوة وخاصة القوميين (المتشددين)".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الصين البحر الأحمر اقتصاد امريكا الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الشرق الأوسط فی الیمن

إقرأ أيضاً:

واشنطن تعلن مقتل العديد من قادة «الحوثيين» وتؤكد استمرار الضربات

عواصم (الاتحاد)

أخبار ذات صلة ترامب وبوتين يبحثان حرب أوكرانيا الأسبوع الحالي مشاورات أميركية لبنانية لاختيار حاكم مصرف لبنان

أكدت الولايات المتحدة، أمس، أن ضرباتها ضد مواقع تابعة لجماعة «الحوثي» في اليمن أدت إلى قتل العديد من قادة الجماعة، كما تعهدت بشن مزيد من الضربات ضد «الحوثيين» حتى يقرروا وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر. 
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز، في تصريح لشبكة «إيه بي سي نيوز»، إن الغارات الجوية مساء السبت «استهدفت العديد من قادة الحوثيين وقتلتهم». وأضاف: «لقد ضربناهم بقوة ساحقة»، محذراً إياهم من مغبة الاستمرار في مهاجمة السفن في البحر الأحمر. وأشارت القيادة المركزية الأميركية، التي نشرت لقطات فيديو لإقلاع مقاتلات ولإلقاء قنبلة على مجمع عسكري حوثي، إلى توجيه «ضربات دقيقة» تم شنها «للدفاع عن المصالح الأميركية ولردع الأعداء واستعادة حرية الملاحة». 
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، أن الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة «الحوثيين» حتى يوقفوا هجماتهم على حركة الشحن البحري العالمية. وقال هيجسيث: «في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون: سنتوقف عن قصف سفنكم، ستنتهي هذه الحملة، ولكن حتى ذلك الحين، فالحملة ستستمر بلا هوادة». وأضاف: «يتعلق الأمر بوقف استهداف الأصول.. في ذلك الممر المائي الحيوي، لعودة حركة الملاحة إلى طبيعتها، وهي مصلحة وطنية جوهرية للولايات المتحدة.. من الأفضل لهم أن يتراجعوا».  
وفي سياق آخر، حمّلت الحكومة اليمنية «الحوثيين» المسؤوليةَ الكاملة «عن استدعاء الضربات العسكرية وتحويل اليمن إلى ساحة حرب مفتوحة». وقال معمر الإرياني، وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، أمس، في حسابه على منصة «إكس»: «اختارت جماعة الحوثي التصعيد العسكري منذ البداية، ومع كل هجوم إرهابي يشنونه على خطوط الملاحة الدولية، وكل معركة يفتعلونها تحت شعارات زائفة، فإن الشعب اليمني هو من يدفع الثمن». وأوضح أن «الأحداث أثبتت أن جماعة «الحوثي» لا تهتم بمستقبل اليمن، وتقامر بحياة اليمنيين خدمة لأجنداتها، غير آبهة بحجم الدمار الذي تلحقه بالشعب اليمني. 
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أشار لدى إعلانه تنفيذ الضربات العسكرية ضد «الحوثيين»، مساء السبت، إلى شن «عمل عسكري حاسم» ضد «الحوثيين»، وجاء في منشور له على منصته «تروث سوشال»: «سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا»، مؤكداً أن «الحوثيين» يمثلون تهديداً لحركة الشحن في البحر الأحمر. 
وأضاف: «إن دعم الإرهابيين الحوثيين ينبغي أن يتوقف فوراً. لا تهددوا الشعب الأميركي ورئيسه، وطرق الملاحة البحرية العالمية. وإذا فعلتم ذلك فإن أميركا ستحمّلكم كاملَ المسؤولية ولن تقدم إليكم هدايا». وجاءت الضربات الأميركية بعد أن توعد «الحوثيون» باستئناف هجماتهم ضد السفن التجارية في البحر الأحمر. وقد بدؤوا منذ أواخر عام 2023 شنَّ عشرات الهجمات بصواريخ وطائرات مسيّرة ضد السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن. وبعد وقف هجماتهم لبعض الوقت، عادوا ليتوعدوا باستئنافها في 11 مارس الجاري. ووفقاً للمتحدث باسم «البنتاغون»، شون بارنيل، فإن «الحوثيين هاجموا سفناً حربية أميركية 174 مرة وسفناً تجارية 145 مرة منذ عام 2023». وعطلت هجمات «الحوثيين» حركة شحن التجارة العالمية، واضطرت شركات الشحن البحري العالمية إلى زيادة مسارات إبحارها بآلاف الأميال؛ تجنباً لهجمات الحوثيين، مما دفع الجيش الأميركي إلى شن حملة لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة الأميركية.
وسعت الإدارة الأميركية السابقة، برئاسة جو بايدن، إلى إضعاف قدرة «الحوثيين» على مهاجمة السفن قبالة السواحل اليمنية، لكن إدارة ترامب، كما يقول مسؤولون أميركيون، أجازت اتباع نهج أكثر قوة. وقد وصفت القيادة المركزية في الجيش الأميركي ضربات، أول أمس، بأنها بداية عملية واسعة النطاق في أنحاء اليمن. وقال مسؤولون إن بعض الضربات انطلقت من حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان» المتمركزة في البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • لماذا قصف ترامب الحوثيين فجأة؟
  • كأس السوبر السعودي في الصين
  • الصين تدعو لخفض التصعيد في البحر الأحمر
  • ما هي الممرات المائية التي تسعى أمريكا للسيطرة عليها بالشرق الأوسط؟
  • صحيفة: مصر تجري مشاورات سرية مع الحوثيين لاحتواء تصعيد البحر الأحمر
  • تكلفة الشحن عبر البحر الأحمر ترتفع مع استمرار هجمات الحوثيين
  • غارات أمريكية جديدة على الحوثيين في الحديدة باليمن
  • الصين تدعو للحوار بعد مهاجمة الحوثيين حاملة طائرات أمريكية
  • واشنطن تعلن مقتل العديد من قادة «الحوثيين» وتؤكد استمرار الضربات
  • البنتاجون: العمليات العسكرية ضد الحوثيين ستستمر