رغم التجاذبات والخلافات السياسية الكبيرة في اليمن، فإن مختلف المكونات اتحدت في موقف ثابت لنصرة الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب مدمّرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

 

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، خرج اليمنيون بشكل متكرر في مسيرات ومظاهرات حاشدة دعما للفلسطينيين، بمختلف محافظات البلاد سواء الواقعة تحت سلطة الحكومة أو جماعة "الحوثي".

 

ومع الحرب المستمرة في اليمن منذ 9 سنوات والخلافات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي حتى بشأن "الأهداف الخفية" للأخيرة من التدخل في الأزمة عبر استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل بالبحر الأحمر، تبقى نصرة غزة قضية توحد جميع اليمنيين.

 

ولأكثر من مرة، شدّدت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، على موقفها الثابت في مساندة القضية الفلسطينية، رغم تحذيرها في أكثر من بيان "من مغبة الاستمرار في استثمار الحوثي لمظلومية الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق مصالح إيران ومشاريعها التوسعية في المنطقة".

 

وفي أحدث موقف، أكدت وزارة الخارجية اليمنية عبر بيان أصدرته، في 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، "ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته في وقف جرائم قوات الاحتلال (الإسرائيلي) وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني، وإدانة هذه التصريحات العنصرية واللاقانونية".

 

ودعت الخارجية اليمنية إلى ضرورة "التنفيذ الفوري للقرارات الدولية المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

 

من جانبها، جماعة "الحوثي" التي تسيطر على معظم المناطق شمالي اليمن، أكدت "موقفها في دعم غزة ونصرتها سياسيا وعسكريا".

 

وللمرة الأولى، تدخلت جماعة "الحوثي" عسكريا في إسناد المقاومة الفلسطينية بغزة، حينما بدأت بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة، في 31 أكتوبر الماضي، نحو مدينة "إيلات" جنوب إسرائيل.

 

وأعقب ذلك إعلان الجماعة بشكل متكرر "إطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل، واستهداف السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر، نصرة لغزة".

 

** توحد الموقف الشعبي

 

المواطن محمد أحمد إسماعيل من سكان مدينة تعز (جنوب غرب)، يقول للأناضول، إنّ "القضية الفلسطينية تحظى باهتمام ودعم جميع اليمنيين من مختلف الأحزاب والجماعات".

 

وأضاف: "سواء كنت مؤيدا أو معارضا لأي طرف من أطراف الصراع في اليمن، فإن غزة وحدت جميع المواطنين في مواقفهم الداعمة لفلسطين والرافضة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر".

 

وأشار إلى أن "هذا الموقف ليس بجديد على اليمنيين الذين يناصرون القضية الفلسطينية منذ عقود، ولا يوجد في صفهم أي مؤيد للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي".

 

بدوره، يرى الإعلامي عبد الفتاح جميل، من سكان مدينة عدن (جنوب)، أن "القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لليمنيين، وهي من وجهة نظر الكثير منهم أهم من قضاياهم".

 

وقال للأناضول: "بالنسبة لليمنيين، يمكن للقضايا الأخرى أن تؤجل، بينما قضية فلسطين لا يختلف على أحقية الدفاع عنها أحد، سواء في الشمال اليمني أو جنوبه أو شرقه أو غربه".

 

وتابع: "مهما اختلف توجه اليمنيين أو مذهبهم الديني أو منطقتهم، تظل قضية فلسطين بالنسبة لهم جميعاً قضية مركزية والدفاع عنها واجب إنساني ووطني وأخلاقي وقيمي، تعلمناه جيلا عن جيل".

 

ومضى قائلا: "مهما عصفت بنا الأحداث وشردتنا الحروب ومزقت نسيجنا الفتن والتبعيات الخارجية، نظل متفقين على أن قضية فلسطين قضيتنا جميعاً والدفاع عنها واجب".

 

** "وحدة مستمرة" مع فلسطين

 

رغم التأثيرات الكبيرة للحرب اليمنية على المواطنين من مختلف النواحي، فإن الاهتمام بالقضية الفلسطينية ما يزال حيّاً.

 

وفي السياق، يقول الشاب فارس الشعري، من سكان العاصمة صنعاء، للأناضول: "على مدى تسع سنوات من الحرب التي أسهمت في تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي لم يتوحد اليمنيون (شمالاً وجنوبا) مثلما توحدوا إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، من جرائم لا حدّ لوحشيتها".

 

وأضاف: "يتمسك اليمنيون بالحمية القومية كالعروبة والدفاع عن القضايا العربية المصيرية كالقضية الفلسطينية، لذلك لا غرابة أن تجدهم متوحدين إزاءها، ودائما ما يجسّدون روح التضامن مع هذه القضية منذ ظهورها لنوازع قومية ودينية".

 

وشدد الشعري على أن "اليمنيين لا يتخلون عن مناصرة القضايا الإنسانية العادلة على مر التاريخ، ويرون في المقاومة الخيار الوحيد لتحرير الأرض والإنسان، كما أن التخلّي عن مقاومته اعتراف عملي بحقه في الأرض، علاوة على أن مقاومة المحتل حق لكل شعوب الأرض".

 

وأشار إلى أن "الحراك الشعبي المستمر في اليمن تجاه فلسطين، له تاريخ قديم قدم النضال الفلسطيني، وهو موقف ثابت بالنسبة لليمنيين، وأكبر من حزب أو جماعة أو طائفة، باعتبارها مرتكزا لا يمكن تجاوزه".

 

** فلسطين قضية اليمن الأولى

 

يختلف اليمنيون في الأحداث الدائرة محليا ودوليا، إلا أنه من النادر أن لا يتفقوا على دعم فلسطين.

 

عن ذلك يقول صدام الحريبي، كاتب ومحلل سياسي مقيم في محافظة مأرب (وسط)، للأناضول: "لا توجد قضية وحّدت موقف لليمنيين بهذا الشكل مثل القضية الفلسطينية".

 

وأضاف: "اليمنيون يرون أن فلسطين هي قضيتهم، وتتجاوز حتى القضية اليمنية بالنسبة لاهتمامهم، بغض النظر عن التباين في توجهاتهم السياسية والإيديولوجية والقبلية".

 

وتابع: "فلسطين جعلت قضية اليمنيين واحدة وموقفهم واحد، حيث توحدوا خلف دعم فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي سفك الدماء".

 

وأردف: "بالنسبة للمكونات السياسية اليمنية، فإنها تحمل موقفا واحدا في دعم القضية الفلسطينية رغم خلافاتها في كثير من الأمور".

 

وختم قائلا: "رغم حالة الفقر والظروف الصعبة التي يعيشها اليمنيون من مختلف توجهاتهم، نجد العديد منهم يبحثون عن أماكن تبرعات لغزة وتقديم ما يستطيع من المال".

 

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الاثنين "24 ألفا و100 قتيل و60 ألفا و832 مصاباً، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة (ما يعادل 1.9 ملايين شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر فلسطين الحوثي يمنيون القضیة الفلسطینیة فی الیمن من سکان

إقرأ أيضاً:

زلطة: مصر حارسة القضية الفلسطينية واتفاق غزة يعكس دبلوماسية ناجحة (فيديو)

 علق الكاتب الصحفي شادي زلطة، المتخصص في شؤون رئاسة الجمهورية بالأهرام، على أهمية ترحيب الرئيس عبدالفتاح السيسي باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قائلًا إن غزة صمدت وانتصرت رغم ما قدمته من تضحيات جسيمة، حيث سقط نحو 46 ألف شهيد وأكثر من 109 ألف مصاب، في مواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.

نتنياهو يتهم حماس بالتراجع عن أجزاء في اتفاق غزة الاحتلال يشن غارات مكثفة على قطاع غزة  مصر كانت دائمًا العين الحارسة على الملف الفلسطيني

وأضاف «زلطة» خلال لقاء عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أن مصر كانت دائمًا العين الحارسة على الملف الفلسطيني، حيث وقفت بقوة أمام محاولات تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الاتفاق الذي تم الإعلان عن مراحله مؤخرًا يعكس السياسة المصرية الناجحة والدبلوماسية الحكيمة التي بذلت في هذا الملف على مدار أكثر من عام.

وقف إطلاق النار

وأوضح أن الرسائل التي كانت تقدمها مصر، سواء من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي أو كافة الجهات المعنية في الدولة، كانت تستند دائمًا إلى تنفيذ وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات الإنسانية، وتبادل المحتجزين والرهائن، مضيفًا أن الجهود المصرية التي بذلت في هذا الإطار لا يمكن وصفها بالكلمات، فهي تمثل موقفًا قويًا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

جدير بالذكر أن الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، قال إنّ الوصول إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس يعتبر نجاح كبير للإرادة المصرية والفلسطينيين، موضحا أنّ ذلك يأتي نتيجة المفاوضات بين الإدارة الأمريكية والرئيس عبدالفتاح السيسي.       

وأضاف «سنجر»، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أعلن قبل أي أحد عن نجاح الاتفاق، إذ يعتبرها مرحلة مهمة، مشيرا إلى أن ترامب خالف كل توقعات المتشددين المجرمين في دولة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تنظر على أنها ستزيد من قتل الفلسطينيين.  

مصر حرصت على تحقيق إرادة الفلسطينيين

وتابع: «المجتمع الأوروبي بأكمله رحب بهذا الاتفاق، بالتالي تعد علامة مميزة للدور المصري ومركزية الدولة، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي مصر لن تخون هذه القضية وستحافظ على إرادة الفلسطينيين وتحقيق دولتهم ومقاومة هذا المحتل الغاصب الذي حاول إشعال الشرق الأوسط، ومصر حاولت بكل جهدها إطفاء هذه الحرائق».

وواصل: «الإعلان عن هذا الاتفاق في قطاع غزة بكل قوة من الرئيس ترامب مع الإدراة المصرية يعتبر نجاح كبير لدولة عظيمة مصرية متمسكة بسيادتها وقوتها مع دولة تقود العالم، لذا أعتقد أن يكون ثنائي مهم لإخماد الحرائق».

جدير بالذكر أن سمير غطاس، المفكر الاستراتيجي، قال إن نتنياهو كان يرغب في إطالة الحرب في غزة لأبعد مدى، معقبا: "لاتفاق على وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه اليوم كان معروضًا على الطرفين من شهر مايو العام الماضي".

وأضاف سمير غطاس، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج يحدث في مصر المذاع على قناة إم بي سي مصر، أن العوامل الأساسية للاتفاق هو وجود ترامب والذي ضغط بشدة على الطرفين، متابعا:" الضامن الأساسي هو ما قاله ترامب فيما يخص فتح أبواب جهنم في الشرق الأوسط".

وأوضح أن نتنياهو يبحث عن مبررات حاليًا لاستئناف الحرب في غزة مره أخرى، متابعًا: نتنياهو لم يستطع حتى الآن سوى تحرير  5 رهائن فقط بالعمل العسكري.

وتابع: “تم العثور على 36 رهينة قتلى في أنفاق حماس، ويتبقى نحو 68 رهينة لدى حماس حتى الآن، مضيفا: ”من أهم مكاسب الاتفاق هو رفع العلم الفلسطيني في القطاع وليس علم حماس أو غيرها.

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة اليمنية تنفذ ثلاث عمليات صاروخية في عمق العدو استهداف وزارة الحرب الإسرائيلية في يافا وهدفين في أم الرشراش
  • انتصار المقاومة الفلسطينية.. غزة أول الغيث لتحرير فلسطين كاملة
  • باحث سياسي: الموقف المصري ثابت ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • مستقبل القضية الفلسطينية بعد اتفاق غزة
  • توكل كرمان: آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وعلى العالم أن يقف إجلالاً لنضالهم
  • خبير سياسات دولية: مصر تنقذ القضية الفلسطينية ولا تزايد على أحد
  • حزب التجمع: مصر الأكثر اتساقا في تعاملها مع القضية الفلسطينية
  • اليمن.. موقف إيماني مبدئي ثابت من القضية الفلسطينية
  • وزير يمني: مسام جنب الآلاف من اليمنيين الموت والإعاقات بالألغام والمجتمع الدولي متخاذل تجاه قضية الألغام
  • زلطة: مصر حارسة القضية الفلسطينية واتفاق غزة يعكس دبلوماسية ناجحة (فيديو)