بقلم: ماهر المهدي
من المكيفات الخلافية التدخين والكحوليات، وهي أشياء بلا طعم كأنها تعمد إلى استدراج المقبلين عليها إلى مسافات بعيدة ومفتوحة أملًا في العثور على الطعم المنشود الذي لا يأتي أبدًا، أو إرواء العطش الذي لا يرتوي يومًا ما حتى الموت، كأنها مخادعة مستمرة ماكرة ولكنها بموافقة الخادع والمخدوع معًا.
الناس تتكاثر بسرعة رهيبة في كل بلاد الدنيا، والطمع في قلوب الناس يتكاثر أيضًا بشراسة ووحشية: فالمليون لا يكفي وعشرات الملايين من الجنيهات والدولارات ومن كل العملات لا تكفي البعض ولا تلبي أحلامهم الوحشية في الثراء وفي اكتناز المال، بينما البعض لا يجد قوت يومه. ومن لا يجد قوت يومه قد لا يجد من يسمعه ويسمع شكواه وشكايته سوى المكيفات عديمة الطعم عديمة المعنى عديمة السؤال عديمة الإيجابية مثل السيجارة ومثل الكحول، على سبيل المثال. والطعم الغائب أو الهارب ربما التبس بالهدف الباهت الملامح البعيد الراقد على نهاية طريق طويل لا تدرك العين نهايته ولو كانت عفية قادرة. وربما كان في الهدف الباهت مسعى لمن يبحث عن هدف سحيق يطارده حتى نهاية السيجارة أو انتهاء المشروب أو نهاية الحياة واكتشاف السر المعلن للجميع منذ زمن بعيد على جميع الأشجار وعلى أسفلت الطريق .
المصدر: جريدة زمان التركية
إقرأ أيضاً:
أسرار كابوسية وراء تصنيع لعب الأطفال.. الوجه المظلم للدمى المبتسمة!
بينما تحتل الدمى والدببة والألعاب الإلكترونية رفوف المتاجر، وتنتقل فرِحة إلى أيدي الأطفال في لحظات لا تُنسى من البهجة، تتوارى خلفها ممارسات صادمة داخل المصانع التي تصنعها، خصوصاً في الصين، حيث يُنتج ما يقرب من 90% من الألعاب في العالم.
ووفق تحقيق أجرته منظمة China Labor Watch، بالتعاون مع مؤسسة ActionAid France، كشف عن سلسلة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في مصانع ألعاب تابعة لكبرى العلامات التجارية مثل Mattel وHasbro.
انتهاكات مروعة تطال العاملينوبحسب صحيفة “ذا صن”، فإن العمال في مصانع Chang’An Mattel بمقاطعة قوانغدونغ، والذين يقضون ساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة يومياً، لا يحصلون سوى على أجور متدنية لا تكفي للحد الأدنى من المعيشة، ما يدفعهم للعمل الإضافي المفرط الذي يتجاوز 110 ساعات شهرياً، وهو ما يخالف قوانين العمل الصينية التي تسمح بـ36 ساعة فقط.
وإلى جانب الإرهاق الجسدي، رُصدت حالات من سوء المعاملة النفسية داخل المصنع، بينها شتائم علنية، ونعوت مُهينة من المدراء للعمال، أبرزها وصفهم بـ “الأغبياء” و”غير الأكفاء”.
تحرش جنسي وسلوكيات مهينةالنساء العاملات – اللاتي يُشكلن النسبة الأكبر داخل هذه المصانع – واجهن تحرشاً متكرراً سواء داخل مواقع العمل، أو في مجموعات المحادثة الخاصة بالمصنع.
بعضهن تم استجوابهن عن حياتهن الجنسية، وطُلب منهن صور شخصية، في ظل غياب واضح لأي حماية مؤسسية حقيقية.
كما وردت تقارير عن منع العاملات من أخذ إجازات مدفوعة عند المعاناة من آلام الطمث، بالإضافة إلى حصر مهامهن فيما اعتُبر “أعمالاً أنثوية” كتمشيط شعر دمى باربي، في مقابل تكليف الرجال بأدوار تُصنف على أنها “ذكورية” كتشغيل الآلات.
ظروف معيشية مهينة داخل مساكن العمالالمساحات السكنية المخصصة للعاملين داخل المصانع لم تكن أفضل حالاً؛ فقد وثّق المحققون نوم بعض العمال على الطاولات خلال فترات الراحة بسبب الإرهاق، في حين اشتكى آخرون من انتشار الصراصير، وغياب الخصوصية، وقذارة المراحيض.
كما أظهرت التقارير إمكانية نظر الرجال إلى داخل غرف نوم النساء، ما تسبب في شعور العاملات بعدم الأمان، خاصةً أن بعض الرجال كانوا يتعمدون التسكع قرب دورات المياه النسائية، وإطلاق صافرات التحرش.
ضحايا بلا صوتأكثر مشاهد التحقيق مأساوية تمثلت في حالات انتحار مسجلة لعمال داخل هذه المصانع، من بينهم امرأة تبلغ من العمر 45 عاماً قفزت من أعلى المبنى بعد أن وصفها أحد المديرين بأنها “عجوز” وطلب منها مغادرة خط الإنتاج.
في حادثة أخرى، اعتُدي بالضرب على أسرة عاملة قضت نحبها، بعدما تجمعت أمام المصنع للمطالبة بالعدالة.
وتتزامن هذه الوقائع مع النجاح الكبير لفيلم باربي الذي تم الترويج له كرمز للتحرر وتمكين المرأة، إلا أن منظمة China Labor Watch وصفت هذا الترويج بـ “الوعد الأجوف”، مؤكدةً أن معاناة النساء العاملات في مصانع إنتاج الدمية الشهيرة تكشف تناقضاً صارخاً بين الرسالة المعلنة والواقع المؤلم.
ويتقاطع هذا الواقع القاتم مع اضطرابات اقتصادية ناجمة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعريفات الجمركية على المنتجات الصينية إلى 145%، وهو ما ينذر بارتفاع أسعار الألعاب، ويُعمق الضغط على المصانع التي تسعى لتقليص التكلفة على حساب رفاهية الإنسان.