قلق أميركي من احداث المنطقة… هل تتدحرج الكرة؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
من الواضح أنّ التصعيد الذي لوّح به أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، يعكس التوجهات العامة لكل المنطقة في المرحلة المُقبلة. إذ إنّ السيّد نصر الله وضع على الطاولة خيار الحرب مجدّداً، من دون أن يسحب فتيل الأزمة، متماشياً مع المبادرات والوساطات الغربية.
هذه السياسة التي اتّبعها نصر الله في خطابه تضع حدّاً لكلّ التحليلات التي أكّدت في المرحلة الفائتة بأن التسوية باتت حتميّة وأن التصعيد شارف على الانتهاء والحرب الشاملة لم تعُد خياراً.
لا يوحي كلام أمين عام "الحزب" بأنه يرغب بتصديق الاميركي، او العمل وفق شروطه ورغباته السياسية، الامر الذي لفتت إليه مصادر مطّلعة، لذلك فإن كل المساعي التي تبادر اليها واشنطن للوصول الى تسويات في المنطقة باستثناء قطاع غزّة، لن تكون لقمة سائغة لدى محور المقاومة.
وقد حسم "حزب الله" هذا الأمر من خلال تصعيده لعملياته العسكرية على الحدود الجنوبية في الأيام الماضية، في المقابل تبدو اسرائيل عاجزة عن مجاراة "الحزب" للمرة الأولى منذ مئة يوم، إذ إنها باتت غير قادرة على المغامرة بفتح جبهة جديدة، وهذا ما أدركه السيد نصر الله وأعلن عنه في خطابه الاخير بأن القوات الاسرائيلية باتت أعجز عن أي مغامرة. وعليه فإنّ الورقة باتت اليوم بيد نصر الله بشكل كامل بعد أن كانت بيد اسرائيل في المراحل الأولى حيث كانت هي من تقرّر تصعيد العمليات العسكرية.
بالتوازي مع المفاوضات التي تركّز على ضرورة الوصول إلى تسوية وإنهاء الصراعات في كل من العراق وسوريا ولبنان وحتى اليمن، يبدو أنّ ربط التسوية بغزّة ليس قراراً يتيماً، بل إن "حزب الله" مع ما يمثّله في المنطقة أعاد وربط التصعيد في المنطقة مقابل استمرار الحرب في غزّة، وبالتالي من المتوقّع عدم بقاء الجبهات على حالها في المرحلة المقبل، بل انها ستتجه نحو تصعيد اكبر حتى تخفيف الضغط عن قطاع غزّة المُحاصر.
وقد شهدت الساعات الأخيرة من ليل الأمس أحداثاً دراماتيكية متتالية، حيث شكّل الحدث الأمني الذي وقع ليلاً على الحدود المصرية مع الأراضي المحتلة جرّاء تسلّل عدد من المسلحين المصريين واشتباكهم مع قوات الاحتلال رسائل ذات بعد أمني خطير، اذ اعتبر محلّلون سياسيون أنّ ما حصل لا يمكن وصفه بالحادثة الفردية بل يُنذر بأنّ ثمة قوّة منظّمة تحرّكت نتيجة حالة الغليان الشعبي بسبب سوء إدارة النظام المصري للملفّ الفلسطيني. ولاحقاً كانت أعلنت وسائل اعلام نقلاً عن مصدر أمني في مصر أن الاشتباكات جرت أثناء إحباط محاولة تهريب للمخدرات بجنوب معبر العوجة وتم القبض على 6 مهربين الامر الذي طرح علامات استفهام كبرى من المبكر تحديد اجاباتها.
من جهة أخرى، نفّذ الحرس الثوري الايراني هجوماً بالصواريخ البالستية في اربيل شمال العراق، معلناً في بيان لاحق له "استهدافه مقرات الجواسيس والتجمعات الإرهابية المناهضة لإيران". وسبق ذلك أيضاً هجوم بصاروخ باليستي من قِبل الحوثيين على سفينة أميركية جنوب شرق ساحل عدن في اليمن.
كل ذلك يبدو مؤشراً كافياً إلى أن الآتي من الأيام ربّما لا يوحي بأي تهدئة في المنطقة الا إذا حمل طروحات سياسية أو شبه تنازلات تدفع بكل الاطراف المعنية للجلوس الى الطاولة، بحسب ما وصفت مصادر سياسية مطّلعة. ولفتت المصادر الى أن اميركا لا تزال حريصة على عدم توسّع رقعة الحرب لأنها لا تنوي اليوم الغرق في وحول المنطقة، لكنّ أي خطأ وارد أن يحصل على أي من الجبهات المفتوحة دعماً لغزّة، من شأنه أن يدحرج كرة التوازن ويدفع بالمنطقة الى حرب طويلة الأمد تكلّف كل الأطراف أثماناً باهظة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی المنطقة نصر الله
إقرأ أيضاً:
الغارديان: بلير قدم النصح لبوش الذي آمن بأنه يقوم بمهمة من الله في العراق
كشفت وثائق الأرشيف الوطني البريطاني التي يكشف عنها بعد كل عشرين سنة أن مستشاري رئيس الوزراء في حينه توني بلير نصحوه بأن يمارس تأثيره على جورج دبليو بوش الذي كان يؤمن بمهمة الخير في العراق.
وقالت صحيفة "الغارديان" في تقرير أعدته كارولين ديفيس أن المسؤولين الأمريكيين البارزين اعتقدوا أن بوش بحاجة إلى جرعة واقعية لمواجهة المعارضة المسلحة في العراق.
وكشفت الوثائق التي أفرج عنها الأرشيف الوطني أن مستشاري بلير تساءلوا بشكل خاص عما إذا كانت الولايات المتحدة تتمتع "بالسيطرة السياسية المناسبة" على العمليات العسكرية في العراق، وذلك بعد تصريحات مسؤول أمريكي بارز بان بوش يعتقد أنه كان في "مهمة من الله" ضد المقاومين العراقيين.
ففي نيسان/أبريل 2004، كان بلير بحاجة إلى "توصيل بعص الرسائل الصعبة" إلى الرئيس الأميركي آنذاك من أجل "اتباع نهج أكثر تحفظا"، وذلك في أعقاب عملية عسكرية أمريكية لقمع انتفاضة كبرى في مدينة الفلوجة، وفقا لوثائق نشرت في الأرشيف الوطني في كيو، غرب لندن.
وفي محادثة صريحة بشكل مدهش، مسجلة في وثيقة تحمل علامة "الرجاء حمايته بعناية شديدة"، قال ريتشارد "ريتش" أرميتاج، نائب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، للسير ديفيد مانينغ، السفير البريطاني في حينه بواشنطن، إن بوش كان بحاجة إلى "جرعة من الواقع" بعد مطالبة القوات الأمريكية "بالرد بقوة" في الفلوجة، حيث كانت القوات الأمريكية منخرطة في معركة دامية مع مسلحين عراقيين بعد أن تعرض أربعة من المتعاقدين الأمنيين الخاصين لكمين وقتلوا.
وناشد أرميتاج بلير أن يستخدم نفوذه في زيارته المقبلة إلى واشنطن في 16 نيسان/أبريل لحث بوش على التعامل مع الفلوجة "كجزء من عملية سياسية مدروسة بعناية".
وكانت الولايات قد شنت عملية ضد المدينة أطلقت عليها "عملية العزيمة اليقظة"، وذلك انتقاما لتشويه وسحل جثث المتعاقدين الأمنيين الأمريكيين فوق جسر على نهر الفرات وبعد أقل من عام على الغزو الأمريكي للعراق الذي أطاح في أيار/مايو بالرئيس العراقي صدام حسين.
وفي البداية تأثر بوش بأراء قادته العسكريين وأراد العقاب وترك قوات المارينز تحتل المدينة. لكن الساسة في الهيئة التي شكلها الاحتلال الأمريكي وعرفت باسم "سلطة التحالف المؤقتة" والتي أنشئت بعد سقوط صدام، خافت من أن يؤدي الرد الأمريكي إلى الإضرار بجهود تشكيل سلطة عراقية مستقلة.
وتراجع بوش بعدما أعيد للواقع، حسبما يقول مانينغ الذي كتب مخبرا 10 داونينغ ستريت "لخص ريتش (ريتشارد) الأمر بالقول إن بوش كان يعتقد بأنه بمهمة من الله، لكن الأحداث الأخيرة جعلته أكثر تعقلا".
وكان بوش قد أعلن عن "نهاية المهمة" بعد إطاحة النظام العراقي، لكن البيت الأبيض، رفض ما قيل إن بوش أخبر وفدا فلسطينيا من أنه تحدث مع الله وأخبره " جورج، اذهب وقاتل هؤلاء الإرهابيين في أفغانستان"، "جورج، اذهب وقاتل الطغيان في العراق".
ورفض أرميتاج مزاعم القائد العام للقوات الأمريكية في العراق الجنرال جون أبي زيد بأنه قادر على إخماد انتفاضة الفلوجة في غضون أيام ووصفها بأنها "هراء" و"فظاظة سياسية"، واعتقد أرميتاج أن الولايات المتحدة "تخسر تدريجيا في ساحة المعركة" وأن إرسال الإدارة الأمريكية المزيد من القوات أصبح أمرا "حتميا""، وهو ما سيكون "قبيحاً سياسياً" بالنسبة لبوش، كما ذكر مانينغ.
وكانت رئاسة الوزراء البريطانية متوترة بشأن رد الفعل العسكري الأمريكي. فقد جاء في وثيقة إحاطة صدرت قبل زيارة بلير إلى واشنطن في نيسان/ إبريل 2004 أن الأحداث في الفلوجة "استهلكت قدرا كبيرا من رأس المال السياسي للتحالف".
وجاء فيها: " نريد التأكيد علنا التزامنا المستمر بإنجاز المهمة، ولكننا سنحتاج سرا إلى إيصال بعض الرسائل الصعبة إلى بوش حول الحاجة إلى نهج أكثر تحفظا من جانب الجيش الأميركي، تحت إشراف سياسي مناسب، والحاجة إلى نهاية واضحة للاحتلال في 1 تموز/يوليو".
وجاء فيها: "ربما وجه رئيس الوزراء أسئلة لبوش حول وجود سيطرة سياسية مناسبة على العمليات العسكرية"، واستنتجت "باختصار، هناك عدد كبير من الضباط العسكريين يتحدثون بقوة للرأي العام الأمريكي وبدون اهتمام بأثر ما يقولون على الرأي العام العراقي والإقليمي".
وفي مذكرة موجهة إلى رئيس الوزراء، وصف مستشار بلير للشؤون الخارجية السير نايجل شينوالد المخاوف الرئيسية البريطانية من "التعامل الأمريكي الأخرق"، و"التكتيكات العسكرية الأمريكية غير المتناسبة، أي ما فعلته في الفلوجة وبدا على شاشات التلفزيون العراقي وكأنه شكل من أشكال العقاب الجماعي" و"المعالجة الإعلامية المروعة".
وخسرت الولايات المتحدة 27 جنديا، في حين كان من المعتقد أن نحو 200 من المسلحين و600 مدنيا عراقيا لقوا حتفهم في الفلوجة في ذلك الوقت. واستولت قوات التحالف على المدينة في هجوم ثانٍ شن في تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وظلت القوات الأمريكية في العراق حتى عام 2011.