سودانايل:
2025-03-04@18:06:57 GMT
من يحمي الديار من حماة الديار؟ (2 – 10)
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
تعرض المقال الأول للأهمية القصوى لإيقاف الحرب ومعالجة أسبابها، التي لن تتم بدون وحدة القوى المدنية، للدفاع عن التصور الديمقراطي لحل هذه الأزمة الكارثية. ابتداء من مقال اليوم سيكون الجيش هو محور الحديث. الحوار حول الجيش له أهمية قصوى، لعدة أسباب. أولا كان من الممنوع الحديث عن الجيش، مما فرض وضعه كمؤسسة فوق المجتمع، وفوق جميع مؤسسات المجتمع.
" من يحمي الديار من حماة الديار" هي صرخة أطلقها شاعر روماني بعد ان رأي ما يقوم به الجيش من قتل للأباطرة أو عزلهم وتنصيب آخرين. ومنذ ذلك الحين صارت شعار احتجاج على تسلط العسكر وفظاظتهم، وفرضهم حكمهم بالقوة، والاستمتاع بخيرات البلد الذي يقع تحت سلطتهم. وكانت مهمة الحرس البريتوري هي حماية مجلس الشيوخ (أساس الشرعية في الدولة الرومانية) من احتمال انقلاب عسكري يقوم به القادة العسكريون المنتصرون لدي عودتهم الى روما من الفتوحات الخارجية. بعد اغتيال يوليوس قيصر ولم تكن هناك قواعد متفق عليها لوراثة منصب الامبراطور. لكن الحرس البريتوري بدأ يستخدم موقعه وقوته لفرض حكام روما. وسرعان من اكتشف ذلك قادة الجيوش المرابطين في نواحي الإمبراطورية. وتطور الامر لان يفرض بعضهم وبقوة السلاح نفسه امبراطوريا.
كتب الفيلسوف افلاطون:
"ليس أضر ولا ابعث على الخجل بالنسبة الى الراعي، من أن يربي ويغذي من اجل قطعانه كلابا تدفعهم شراستهم وجوعهم، أو أي عادة سيئة أخرى تعودها، الى التعرض بالأذى للماشية، فيتحولون من كلاب الى ما يشبه الذئاب. وأذن من الواجب اتخاذ كل التدابير تحول دون سلوك حراسنا على هذا النحو إزاء مواطنيهم، بحيث يسيئون استخدام قدراتهم ويصيرون ساسة شرشين بدلا من أن يكونوا حماة يقظين."
قام الخليفة العباسي المعتصم باستجلاب جنود اتراك لتثبت سلطته، وأبعد غيرهم خصوصا العرب من اي دور في حماية الدولة. وكانت النتيجة استيلاء الاتراك على السلطة في العالم الإسلامي.
هذا مثال آخر من تركيا العثمانية:
" الإنكشارية هم أسري وصبية مختطفين، منتزعين من أهاليهم ويجلبون الى معسكرات خاصة يخضعون فيها لتدريب عسكري وتثقيف يركز الولاء والطاعة للسلطان. لاحقا، وفي مراحل افول السلطنة، تحولت ملكية السلطان للإنكشارية الى ملكية الإنكشارية للسلطان. وتراجعت الإنكشارية من حيث الشجاعة وعجزت عن قتال الأعداء في الثغور والذود عن السلطنة. وازداد تدخلها، باعتبارها قوة مسلحة في شؤون الآستانة. وازداد جشع قادتهم ومطالبتهم بحصة أكبر من الثروة. وحدث تداخل في المصالح بينهم وبين التجار في إسطنبول. وتحولوا الى آلة فساد وفوضى، وتضاءل ارتباطهم بثكناتهم. وصار الكثيرون منهم لا يذهب الى الثكنات الا لاستلام المرتبات. وكمثال على تسلطهم عزل سلطانين من منصبها، بل قتل أحدهما."
أما في مصر فقد أنشأ الحكام في مصر جيوشا من الرقيق الأجانب، عرفوا باسم المماليك. وعندما قويت شوكتهم قاموا بالاستيلاء على السلطة في مصر. وحكموا مصر لمدة من الزمن، حتى تخلص منهم محمد على باشا في القلعة.
هذه الأمثلة مقصودة لتشكل خلفية، لنقاشاتنا القادمة حول دور الجيوش المدمر على عبر التاريخ قديما وحديثا. والتأكيد على ضرورة رفض أي شكل من اشكال الحكم العسكري.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً: