الوَجْبَةُ الكُبْرَى، قصة قصيرة لـ(تعبان لوليونق) .. ترجمها بتصرف: جمال محمد إبراهيم
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
إن كانت القصة التي سأحكيها لكم الآن ، قد سبق أن حكيتها لكم ، فإن في ذلك ما يعزى إلى رداءة التواصل الذي قد يفضي إلى ملهاة أو مأساة ، أو إلى خليط منهما . هكذا ، فإنه من المهم أن نُعلّم صغارنا قواعد اللغة الصحيحة : الفعل ، الفاعل ، المفعول به ، إذ أن عدم الإنضباط هنا ، قد يفضي إلى نهايات مفجعة .
ولنبدأ القصة :
* * * *
في أفريقيا ، زمن المجاعة ، أو بالأحرى زمن المجاعة في أفريقيا ، وأفريقيا التي في الذهن ، هي أفريقيا قبيلة "الكوكوا " .
هكذا فقد كان الزمن زمن مجاعة ، وكانت هنالك إمرأة ، لا نعرف لزوجها مكانا . لكن خلال المجاعات، فإنَّ الأمهات هنَّ اللائي يُعتمد عليهنّ . هنّ اللائي يتعلق بهنّ الأطفال . كان لهذه المرأة ، طفلة نحيلة، ولربما كانت تعاني من مرض "الكواشيركور" : انتفاخ البطن . رأس كبير وعينان جاحظتان . . يدان نحيفتان وساقان نحيلان . ولربما لا يكون الأمر كذلك . أنا لم أرها ، فقد جاءني خبرها سماعيا .
والقصة في فهمنا المتواضع ، هي إعادة سرد ما حدث من وقائع ، بحيث نهبها حياة ثانية أو ثالثة . . كإعادة سرد ، من طرف الذين شدتهم شاعريتها الرقيقة، وإبهارها للمثقف الذكي ، حين تترابط الوقائع لتشكل حدثاً محكيا . .
( . . . . )
وهكذا فقد وقع ذلك في زمن المجاعة في أفريقيا . كانت هنالك إمرأة لها طفلة ، بـ"كواشيركور" (نفاخ) ، أو بدونه . و لها أيضاً طفلة أخرى ، ترعى لها ذلك الكائن الصغير ذو البطن المنتفخ والذي في طريقه ليتكوّن بشراً سويا . . لنسمهِ "شبه إنسان" أو "شبه طفل". ما تذوّقوا طعاماً منذ يومين وليلتين متتاليتين . إستيقظوا مبكرين ذات صباح ، متجهين إلى مكان قصي . . ربما مسيرة ساعات خمسٍ أو ست ، بغرض الحصول على ثمار اللوز. لقشرته الخارجية الندية ، مذاق حلو ويسهل أكلها . وتجلب ثمار اللـوز ليعتصر منها الزيت . لم يبق لهم في هذه الحياة ، إلا جمع هذه الثمار . ( لم يكن ذلك دأب ربة الأسرة هذه وحدها ، بل كان دأب الناس يفعلون ما تفعل وفي كلِّ مكان . لم تعد السماء تمطر ، ولا الأرض تخرج ثمارها . ما بقيت إلا هذه الأشجار التي تعمّر لمئات السنين ، لا تبخل بثمارها ، برغم الجفاف المطبق ) .
ذهبوا إلى حيث شجرة اللوز، ذات الثمار اليانعة . وضعت الأم الطفلة ذات البطن المنتفخ ، ثم وضعت إلى جوارها السّلة ، التي ستجمع فيها الثمار. دعت طفلتها الأخرى، لأن تلتقط الثمار التي ستقذف بها إليها من فوق الشجرة . ثم تسلقتْ الأمُّ الشجرة ، وبدأت في قطع بضع ثمرات ، إلتهمتها في حينها لتطفيء حدة الجوع في أحشائها ، وذلك قبل أن تبدأ عملها في إسقاط الثمار لطفلتيها.
ثم بدأتْ تلقي بالثمار إلى الأرض ، وأخذت إبنتها تهرول هنا وهناك، لتجمع الثمار، بطول المساحة التي إمتلاءت بالأغصان المتساقطة وبالثمار . واستمر الحال على هذا المنوال . ولكن بعد مضي بعض الوقت ، لاحظت البنت ، أن رأس الطفلة – شبه الإنسان – بدأ في الإختفاء ، رويداً رويدا ، داخل شيء طويل ومنتفخ ، مثل جزع شجرة أملس مدهون . هرولت البنت إلى الجانب الذي يمكّنها من رؤية أمها وهي أعلى الشجرة . قالت لها :
- ماما . . " نا .. وي .. وي . ."
( أي : ماما . . إنها تبتلعها . . ! )
- ماذا . . ؟
- أقول لك ، "نا .. وي .. وي" : إنها تبتلعها . . !
- حسنا . . دعيها ، إذ لم تأكل شيئا منذ ليلة البارحة ، ومعدتها فارغة . . !
واحتارت البنت كيف تشرح لأمّها . ثم مضت تجمع المزيد من الثمار المتساقطة وتحملها إلى السّـلة . لكنها لاحظت هذه المرّة ، أن رأس الطفلة – شبه الإنسان – قد اختفى بأكمله ، وأن العنق الآن قد بدأ في الإختفاء أيضا . .
هرولت البنت ثانية إلى الناحية التي تمكّنها من رؤية أمها أعلى الشجرة . .
- أمي . . أمي ، إنها تبتلعها . !
- ولكني قلت لك ، دعيها تبتلع ، فقد كانت جائعة ونامت البارحة دون أن تأكل شــيئا . . !
ثم أخذت البنت تجمع المزيد من الثمار وتحملها إلى السلة . في هذه المرّة ، وجدت أن البطن المنتفخ ، أخذ في الإختفاء أيضا .
هرولت ثالثة ، إلى الناحية التي فيها أمها :
- أمي . . إنها حقيقة ، تبتلعـها . . !
- حسناً . . ما ذا بكِ . . ؟ لقد قلت لك دعيها ، فقد نامت البارحة بلا أكل . . هل أنت غبية ولا تفهمين ؟
وأخذت البنت تجمع المزيد من الثمار، ثم تحملها إلى السلة . وجدت هذه المرّة، أن كلّ ما تبقى من شقيقتها ، هما الساقان النحيلان . هرعت إلى أمها تنبئها بالخبر :
- أمي . . لقد أكملت ابتلاعها تماماً . . !
- حسناً . . هذا ما سيجعلها تحـيـا .
في نهاية المطاف ، نزلت الأم من أعلى اشجرة ، ولكنها لم ترَ طفلتها . .
- أين الطفــلة . . ؟
- إنها في داخل ذلك الشيء . .
- أي شيء تعنين . . ؟
وأومأت البنت إلى الشيء . صاحت الأم :
- لماذا لم تخبريني . . ؟
- لقد أخبرتك يا أمي أنها بدأت تبتلعها ، فقلت لي أن أدعها ، فهي لم تأكل ليـلـة البارحة . .
أما الثعبان ، الذي ربما لا يكون قد أكل شيئا البارحة ، فإنه قد بدأ الآن في هضـم الوجبة التي التهمها حـديثاً .
وهكذا ، إذا لم يُعلّم الآباء أبناءهم ، كيف يخاطبونهم بطريقة صحيحة، وإذا لم يتحقق الآباء ممّا يستغلق على صغارهم ، فإنهم سيحيلونهم طعاماً سائغاً لثعـابيـن جائعة .
إنتهت
نشرت في The Picador Book of African stories, Picador ,London,2000
ترجمت في مارس 2004 ، باذن خاص من المؤلف
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بسبب أغنية.. محمد رمضان يعلن عن مكافأة 5 مليون
أعلن الفنان محمد رمضان عن مكافأة قدرها 5 ملايين جنيهًا، عبر حسابه الشخصي علي فيسبوك، لمن يتمكن من معرفة الأغنية التي سيطرحها خلال الفترة المقبلة.
محمد رمضان يعلن مكافأة 5 مليونوكتب محمد رمضان: «أيه الأغنية اللي جاية؟! اللي هيجاوب صح هياخد 5 مليون جنيه»، في إشارة إلى الشركة راعية الإعلان التي قدم لها حملة إعلانية مؤخرا.
احدث اعمال محمد رمضانومن ناحية اخري، يشارك محمد رمضان في فيلم "أسد" لنوعية الأعمال التاريخية، حيث تدور أحداثه في عام 1280، إبان عصر المماليك، حين قاد العبيد ثورة ضد الجيش العباسي، الفيلم من إخراج محمد دياب، وتأليف خالد دياب وشيرين دياب ومحمد دياب، ويشارك في بطولته إلى جانب محمد رمضان، ماجد الكدواني، رزان جمال، وكامل الباشا، وأحمد خالد صالح، وأحمد عبد الحميد.
اخر اعمال أعمال محمد رمضانوكان اخر اعمال الفنان محمد ر مضان، أغنية «كبير بلد» عبر قناته على موقع الفيديوهات «يوتيوب»، ومختلف منصات الموسيقى الرقمية، وحققت الأغنية نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وايضا طرح اغنيه تحت اسم «مفيش كدة» التي طرحها عبر حسابه الرسمي بموقع الفيديوهات «يوتيوب» خلال الفترة الأخيرة، وتضمنت كلماتها: ««نازل بالليل أقضي سهرة موت، اللوكيشن عـالصحاب Go، بالي رايق المزاج فوق، قابلت بنوتة جميلة موت، قولتلها هو في جمال كده، ضحكنا لبعض بقينا صحاب كده، في حياتي أنا مشوفتش كده، بالجمال ده لا لا مفيش كده، مفيش كده.. مفيش كده.. مفيش كده.. مفيش كده، بيبي شوفي كل دولا محتاجين قبول، عاوزين الإشارة مني يبقوا بالطابور، انتي تبقي حاجة تانية الدنيا تحلي بيكي».