تسليح المواطنين آخر ما تفتقت عنه عبقرية النظام القديم، الذي لا يوفر جهدا من أجل إحداث الفوضى الشاملة، بل والدفع بتقسيم البلاد إلى عدة دويلات، فالنظام الكيزاني هو صاحب فكرة مثلت حمدي وصاحب دولة النهر والبحر، وهو من قام بتقسيم الولايات على أساس القبيلة. رغم أنّ دور الدولة هو تذويب أية فوارق مجتمعية، لكن الإنقاذ التي لا تعترف أصلا بفكرة الدولة، مضت في الاتجاه المعاكس، لإيقاظ النعرات القبلية والعصبيات بدلا من محاربتها، بل وتقنينها، فأصبح كتابة اسم القبيلة اجباريا في استمارات المعاملات الرسمية!
كانت الانقاذ تزرع طوال الثلاثة عقود بذور تفتيت الدولة السودانية، وكان تقديرهم أن ذلك هو العاصم الوحيد لهم من السقوط، كونهم يمسكون بالخيط الرفيع الذي يبقي نسيج الدولة محتفظا ببعض تماسكه، وأنهم يملكون بالتالي مفاتيح بقاء الدولة أو انهيارها.

إنهار نظامهم المنخور بالفساد والاجرام، بعد السقوط المزرى لكل رموز نظامهم في مستنقع الفساد والنهب، وهم الآن يحاولون جر الدولة نفسها معهم إلى الهاوية.
التنظيم اللصوصي لم يخف ابدا ميوله العنصرية، وحين ظهرت حركات التمرد بعد المفاصلة لم يعمل على احتواء المشاكل التي قادت لظهور التمرد، بل سعى عن طريق الحلول الأمنية لتعقيد المشكلة، وحتى الحركات نفسها سعى لإفسادها وشق صفوفها بالمنازعات والانقسامات، حتى تضيع القضية ويصبح هم نشطائها هو المكاسب الشخصية.
يبرع البرهان ومن خلفه النظام القديم فقط في التخبط وصناعة الازمات، فبعد كل العراقيل والمعاكسات التي وضعتها اللجنة الأمنية الكيزانية في طريق حكومة حمدوك، اتجهوا للانقلاب، وحين فشل الانقلاب، كان البديل هو حرب الساعات المعدودة بحسب خطتهم لإفشال الاتفاق الإطاري، وحين استطالت الحرب، وبدا واضحا أن الجيش لم يعد قادرا بعد سنوات التهميش والتدمير لصالح مليشيات النظام. لم يعد قادرا على حسم المعركة، اتجهوا للتجييش والاستنفار لإغراق الوطن في الفتن والفوضى، كبديلهم الأخير في مواجهة احتمال عودة واستقامة المسار المدني للدولة.
عادت الإنقاذ بكل مساوئها، لتشعل الحرب بل ولتدير شئون حكومة بورتسودان، ولتعيد إلى الاذهان نفس التخبط في التعامل مع المجتمع الدولي طوال عقود حكمهم الثلاثة، من استعداء لدول الجوار، ووضع مصالح التنظيم والجماعة قبل مصلحة الوطن ومواطنيه، وشخصنة القضايا: فولكر يجب أن يغادر، لا نريد التعامل مع الرئيس الكيني، والايقاد في نظرهم تشجع على الارهاب، وعلى قوتيريز الا يتحادث تليفونيا مع قائد المليشيا التي يصفونها بالمتمردة، رغم انها صنيعتهم وامتدت شراكتهم معها إلى التمرد الحقيقي: تمردهم الجماعي على الثورة، فض الاعتصام، وحربهم على محاولات الحكومة الانتقالية استعادة بعض الروح للحياة في بلادنا بعد موات الثلاثة عقود، ثم انقلابهم على الحكومة الانتقالية واعادتهم لفلول النظام القديم، بل وإعادة كل الأموال المنهوبة التي صادرتها منهم لجنة تفكيك التمكين، ثم دق طبول الحرب والخراب.
كل الجهود التي تبذلها تقدم لوقف الحرب، ستجد التأييد والمباركة من شعب أفقرته وأفقدته الحرب كل شيء. ولا مصلحة في استمرارها الا للنظام القديم، الذي يحاول استعادة زخم مطلع التسعينات حين حاول تجييش المواطنين ليحاربوا نيابة عنه في الجنوب، ولم يكن هناك من غرض لتلك الحرب العبثية، سوى تثبيت النظام الفاسد الفاقد للجذور في تربة هذه البلاد الطيبة، ودفع الجنوب للانفصال.
الآن تتكرر نفس الأسطوانة، وما لم يتم تدارك الأمر ووقف الحرب وافشال مؤامرات النظام الكيزاني الجديد، فإن الكارثة قادمة لا محالة.
لا_للحرب

ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تصريح صحافي من حزب الأمـــة القومي

بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمـــة القومي
مؤسسة الرئاسة
تصريح صحافي
عقدت مؤسسة الرئاسة أمس الأربعاء ٢٠-١١-٢٠٢٤م اجتماعاً برئاسة الحبيب محمد عبدالله الدومة، رئيس الحزب المكلف بالإنابة بحضور قانوني النصاب. وفي بداية الاجتماع تم تنوير عضوية المجلس بالراهن السياسي في الوطن وأوضاع اللاجئين والمشردين والنازحين والمآسي التي تشهدها البلاد ويعاني منها الشعب السوداني، خاصة في قرى ولاية الجزيرة وسنار وشمال وغرب دارفور وفي أنحاء أخرى من البلاد، تضرعت مؤسسة الرئاسة إلى المولى عز وجل أن يرحم الشهداء ويربط على قلوب ذويهم ويشفي الجرحى والمصابين وأن يوفقنا لوقف هذه الحرب اللعينة وإنهاء معاناة أهل السودان.

تداول الحضور في أجندة الاجتماع واطلعوا على القرارات التي صدرت باسم مجلس التنسيق في اجتماع عقد بتاريخ ١١-١١-٢٠٢٤م وبعد نقاش مستفيض قررت مؤسسة الرئاسة ما يلي:

أولاً : اطلع اجتماع المؤسسة على القرار الصادر بتاريخ ١٤-١١-٢٠٢٤م بتوقيع اللواء م فضل الله برمة ناصر الرئيس المكلف القاضي بتجميد عضوية الحبيب إسماعيل كتر عبد الكريم مساعد رئيس الحزب للشئون القانونية والدستورية والذي أشير فيه إلى أنه تم بالتشاور مع الأحباب في مجلس التنسيق. ورفض الاجتماع هذا القرار بالإجماع، واعتبره إجراءً باطلاً وكأن لم يكن إذ أن الحبيب إسماعيل كتر مساعد للرئيس للشئون القانونية وتكون مساءلته عن تصرفاته أمام مؤسسة الرئاسة وفقا للدستور ولائحة تنظيم أعمال الرئاسة، كما وأن الاجراءات التى تمت في اجتماع التنسيق كانت معيبة ذلك أن الدعوة للاجتماع كانت انتقائية بدعوة بعض الأعضاء وتجاوز وتغييب أغلبية عضوية المجلس وعقد الاجتماع بدون علم مقررة المجلس ودون الإعلان عنه في مجموعة التنسيق أو لجميع الاعضاء بصورة خاصة، وانعقد دون توفر النصاب بحجة أنه اجتماع مواصلة وهذا ما يبطله إجرائيا وبالتالي فإن كل ما بني عليه يعتبر باطلاً، فضلاً عن أن القرار لا يدخل في إطار صلاحيات واختصاصات مجلس التنسيق ويتجاوز صلاحيات الرئيس المكلف الذي يجب أن يمارس صلاحيات الرئيس المنتخب ويتخذ القرارات عبر مؤسسة الرئاسة وفق قرار تكليفه، كما وشكل الإجراء تغولاً على صلاحيات لجنة الرقابة وضبط الأداء صاحبة الاختصاص في النظر في المخالفات. مثلما اعتبر الاجتماع توجيه الرئيس المكلف لهيئة الرقابة وضبط الأداء لإنفاذ ما جاء بالقرار وتوجيه الأمين العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومخاطبة الرأي العام، إجرائين في غير محلهما من حيث الاختصاص والصلاحيات والممارسة الصحيحة في مخاطبة الأمور التنظيمية.
ثانياً: أكد الاجتماع بأن مبدأ المساءلة لكل مخالف لدستور ولوائح الحزب أمر متفق عليه، إلا أن ذلك محكوم بترتيبات وإجراءات نص عليها في دستور الحزب واللوائح الصادرة بموجبه. وأن القرار موضوع التداول يعكس حالة من ازدواجية المعايير لوجود تصرفات مماثلة بل وأنكى أتى بها آخرون من قيادات الحزب وأشارت اليها مؤسسة الرئاسة في حينه ولكن تم تجاهلها بل والاستمرار فى نهج الانفراد الذي هيأ لها. على رأسها مشاركة الرئيس المكلف والأمين العام في مقابلة قائد الدعم السريع وتوقيع اتفاق معه في أديس أبابا في ٢ يناير ٢٠٢٤م ضمن تحالف تقدم، بدون شورى أو حتى إخطار المؤسسات، برغم خطورة الخطوة وما استتبعها من استقطاب سياسي أعاق دور الحزب في تنفيذ خطته باتخاذ مسافة واحدة من أطراف الحرب والسعي للتوسط لإيقافها فوراً. وترى المؤسسة أن المطلوب في حالة رشح في الإعلام أخبار عن خطوة قام بها أحد القيادات أن يسأل عنها وتتاح له فرصة للتوضيح أو الشرح قبل إيقاع أية عقوبة. وتعتبر المؤسسة أن القرار المنشور بخصوص الأستاذ إسماعيل كتر يعد خطيئة في حقه وفي حق العمل المؤسسي في حزب الأمة ومحاولة لذبح تراثه الديمقراطي والمؤسسي التليد.
ثالثاً: أعادت مؤسسة الرئاسة التأكيد على قراراها الصادر في مارس الماضي والخاص بوجوب تسريع الخطى بالتواصل مع جميع الأطراف المتحاربة وفقا لخطة وتكاليف محددة الموضوعات والأشخاص والآليات لوقف الحرب وإحلال السلام والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وبما يضمن قيام حزب الأمة القومي بدوره المعهود ضمن مفهوم الحل القومي الديمقراطي وبقيادته المبادرات السياسية المضمنة في مشروعه الوطني المرتكز على إرثه التاريخي ومخزونه الفكري الذي يعلي من قيمة الوطن ويسمو بها فوق المصالح الحزبية والشخصية والذي طالما وحد الجبهة الداخلية في مراحل سابقة وسيوحدها بحول الله لمواجهة التحديات الوطنية المتجددة وإخراج البلاد من أزمتها الراهنة وقيادة البلاد نحو السلام وتأسيس حكم مدني ديمقراطي شامل وعادل.
رابعاً : أخذ الاجتماع علماً بتشكيل عدد من اللجان في اجتماعات التنسيق التي عقدت بشكل غير قانوني وأكد الاجتماع على بطلان تشكيلها إذ أن تشكيل مثل هذه اللجان المتخصصة لمناقشة القضايا الأساسية والاستراتيجية من صميم مهام واختصاصات مؤسسة الرئاسة، وينبغي في جميع الأحوال أن يراعى في التشكيل التوازن الكلي بتمثيل أجهزة الحزب والكفاءات المهنية والنوع والتوازن الجهوي وغيرها من الجوانب المتعارف عليها.
خامساً ⁠: أمنت مؤسسة الرئاسة على أهمية دور مجلس التنسيق الذي يحل محل المكتب السياسي في غيابه ويشكل كابينة التنسيق والقيادة التشاركية بين مؤسسات الحزب، إلا أن السعي لعقد اجتماعاته بصورة خاطئة إجرائيا وبدعوات سرية وانتقائية تتم بمن حضر يعد التفافا على سلامة النهج المؤسسي والديمقراطي وبادرة خطيرة في الانفراد بالراي واختطاف وتزييف إرادة المؤسسة، وينبغي الحرص على عقد اجتماعات التنسيق وفقاً للترتيبات والإجراءات ذات الصلة من خلال الرئيس المكلف أو نائبه وتوجه الدعوة بصورة علنية عبر مقررة المجلس أو نائبتها، وينطبق ذلك على كل الاجتماعات حتى اجتماعات المواصلة، ولا مبرر لإرسال روابط اجتماعات المواصلة بصورة انتقائية إلا نية الإقصاء أو التغييب المتعمد للآخرين.
سادساً: أدان الاجتماع بأشد العبارات الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في قرى ولاية الجزيرة وسنار وشمال وغرب دارفور وأنحاء أخرى من البلاد كما تدين مؤسسة الرئاسة جميع الانتهاكات التي تحدث من جميع الأطراف المتحاربة، وتطالب القوى المدنية السودانية أن ترفع صوتها وتسجل مواقفها واضحة بإدانة هذه الانتهاكات بحق المواطنين العزل، كما تطالب المنظمات الحقوقية بتوثيق هذه الجرائم وبرصد انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب لمساءلة ومحاسبة المتورطين فيها وتناشد جميع الأطراف بالوقف الفوري للقتال والعمل على التفاوض لإيقاف الحرب وبناء السلام المستدام.
سابعاً: إن مؤسسة الرئاسة تغاضت عن تجاوزات دستورية وقانونية كثيرة لأن الوضع في بلادنا لا يحتمل صرف الجهود وتبديد الطاقات في العراك الداخلي ولهذا تحث على أن يشمر الحزب عن السواعد من أجل وقف الحرب ومساعدة منكوبيها وسوف تستمر المؤسسة في هذا الاتجاه وتلتزم بالحرص على حسم الخلافات التنظيمية مؤسسياً والسير بالحزب موحداً في الدفع نحو هدف إنهاء معاناة الشعب وإبطال مخططات تقسيم البلاد وضياعها وعودة الحكم المدني والديمقراطي لإعادة البناء والاستقرار والتنمية والحرية والعدالة.

والله أكبر ولله الحمد.
محمد عبد الله الدومة
الرئيس المكلف بالإنابة
الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤م  

مقالات مشابهة

  • من بحري إلى بيالي: قصة الموسيقار اللاجئ الذي يبحث عن الأمل في المنفى 
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • الغويل: الأحزاب تعمل من أجل بناء الدولة وخدمة الشعب      
  • تصريح صحافي من حزب الأمـــة القومي
  • هولندا: سنعتقل نتنياهو إذا دخل البلاد
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • "من سيناديني ماما الآن؟".. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة بعد غارة إسرائيلية على غزة
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • صفحة سوداء أخرى وليست أخيرة من تاريخ تنظيم الأخوان المسلمين بالسودان (الكيزان) (3)
  • قيس سعيّد يعلن الحرب على مؤسسات حكومية وهمية.. يُصرف عليها ملايين الدنانير