أظهرت دراسة جديدة أجرتها “ايكونوميست إمباكت”، الذراع التجارية لمجموعة الايكونوميست، ومجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”، أن قادة الأعمال حول العالم متفائلون بمسار حركة التجارة في عام 2024، على الرغم من التحديات التي شهدها عام 2023 والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
وقالت الدراسة، التي تم الكشف عنها ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، إن الدافع الأساسي وراء ذلك التفاؤل هو الاعتقاد المتزايد بأن التكنولوجيا ستحدث تحوّلاً هائلاً في كفاءة ومرونة سلاسل التوريد، إذ تقوم الشركات بإعادة تقييم المخاطر في سلاسل التوريد الخاصة بها وتتجه نحو استراتيجيات التقارب جغرافياً من مراكز “صديقة” للتصنيع والاستهلاك واعتماد سلاسل التوريد المزدوجة، وسط تصاعد المخاوف بشأن الحمائية والتشرذم العالمي وحالة عدم الاستقرار السياسي.


وسجّلت الدراسة التي حملت “التجارة في مرحلة انتقالية”، وجهات نظر خبراء التجارة وكبار المسؤولين التنفيذيين في مجموعة متنوعة من المناطق والقطاعات، مشيرة إلى أن هذه الفترة من التحوّل غير المسبوق والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة والحقائق الملحة لتأثير التغيّر المناخي والتقدم الكبير في التقنيات، تضع الشركات أمام تحديات معقّدة لكنها تفتح في الوقت نفسه آفاقاً لفرص واعدة.
وكشف استطلاع عالمي أجري في إطار الدراسة وشمل 3500 مديراً تنفيذياً للشركات، أن التقنيات التي تعمل على تحسين فعالية ومرونة سلاسل التوريد هي المصدر الرئيسي للتفاؤل بالنسبة لقادة الأعمال عندما يُطلب منهم تقييم مستقبل التجارة العالمية، وأن اعتماد الذكاء الاصطناعي على نحو واسع النطاق عامل أساسي في هذا التفاؤل؛ إذ يستخدم 98% من المدراء التنفيذيين تقنيات الذكاء الاصطناعي لإحداث تغيير جذري في مجال واحد على الأقل ضمن عملياتهم في إدارة سلاسل التوريد، ابتداءً من ايجاد حلول لمشكلات إدارة المخزون، ومروراً بخفض نفقات التجارة، وصولا إلى تحسين مسارات النقل.
ويستخدم ثلث عدد الشركات التي شملها الاستطلاع تقنيات الذكاء الاصطناعي لخفض التكاليف الإجمالية للعمليات التجارية وتعزيز تخطيط الموارد وسلاسل التوريد، فيما يرى أكثر من ثلث الشركات أن تعزيز استخدام الأدوات الرقمية لتحسين إدارة المخزون يمثل الإستراتيجية الأكثر فاعلية في خفض التكاليف الإجمالية للتجارة وسلاسل التوريد.
وتتوقع الشركات زيادة اعتمادها التكنولوجي بشكل أكبر هذا العام، وهو أسلوب استباقي يؤكد الالتزام باستخدام الابتكار للتعامل مع مشهد الأعمال المتغيّر من خلال زيادة الكفاءة والمرونة، بينما قال ثلث المشاركين في الاستطلاع إنهم سيركزون على الأتمتة المتقدمة والروبوتات لتعزيز الكفاءة اللوجستية، و28% إنهم سيتجهون نحو اعتماد تقنية “بلوك تشين” لتقوية إمكانات التتبع وأمن البيانات، بينما سيعتمد 21% على الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة والتحليلات التنبؤية للوصول إلى رؤى في الوقت الحقيقي والتنبؤ بالاضطرابات في حركة التجارة.
ووفق الدراسة فإن مشهد المخاطر الجيوسياسية المتزايدة في حقبة جديدة من العولمة يشكّل معالم التجارة العالمية حيث تحاول الشركات تقليل المخاطر في سلاسل التوريد التي تعتمدها، وتستخدم أكثر من ثلث الشركات استراتيجيات التقارب جغرافياً من مراكز “صديقة” لتشكيل الحركة التجارية وعمليات سلاسل التوريد، في حين يقوم 32% من الشركات بإنشاء سلاسل توريد موازية أو مصادر مزدوجة.
وبالإضافة إلى ذلك، اختار أكثر من ربع الشركات عدداً أقل من الموردين، بزيادة قدرها 16 نقطة مئوية مقارنة بالعام السابق، حيث تدرس الشركات مزايا الاندماج مقابل التنويع والسيطرة مقابل المرونة.
وتتزايد المخاوف من أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي وتزايد الخلافات التجارية والتشرذم العالمي إلى إعاقة النمو، حيث يشعر المسؤولون في خمس عدد الشركات المشاركة في الدراسة بالقلق إزاء ارتفاع الرسوم الجمركية، أو عدم اليقين بشأن التعرفة الجمركية في الأسواق الرئيسية التي يصدرون إليها أو يستوردون منها.
وفي هذا السياق، أكد 22% من المدراء التنفيذيين على التحدي الكامن في عدم الاستقرار السياسي في أسواق المصادر الخاصة بهم، بينما عبّر ما يقرب من الربع (23%) عن قلقهم بشأن تزايد حالة عدم التيّقن على المستوى الجيوسياسي.
وقد أجرت “ايكونوميست امباكت” تحليلاً تجارياً كمياً عبر منصة “مشروع تحليل التجارة العالمية” (GTAP) لتقدير الانخفاض المحتمل في الناتج العالمي من السيناريوهات الافتراضية لحدوث مزيد من “التشرذم الجيو-اقتصادي”، وفي سيناريو يركّز على زيادة العوائق التجارية بشكل كبير على السلع ذات التقنية العالية، وهي نقطة محورية في المناخ الجيوسياسي الحالي، توقعت “ايكونوميست امباكت” انخفاضاً بنسبة 0.9% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقال سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”: “تُظهر النتائج الواردة في هذا التقرير تفاؤلاً ملحوظاً، على الرغم من اضطرار الشركات إلى العمل في بيئة غير مستقرة بشكل متسارع، كما يمكن للحكومات تعزيز الفوائد الاقتصادية والوصول بها إلى حدودها القصوى من خلال توفير القدرة على التنبّؤ التي تحتاجها الشركات، مع الحد من الخلافات التجارية، ويتوجب في ضوء ذلك خفض التعريفات، إضافة إلى التعاون مع القطاع الخاص لتوسيع استخدام الابتكارات التكنولوجية، خاصةً في مجالات الرقمنة والأتمتة والذكاء الاصطناعي، ما يتيح قدراً أكبر من الكفاءة والوضوح”.
بدوره قال جون فيرجسون، الرئيس العالمي للعولمة الجديدة في “إيكونوميست إمباكت”: “لاحظنا في عام 2024، وجود زيادة واضحة في تنوّع المقاربات التي تعتمدها الشركات في سلاسل التوريد الخاصة بها، وسط المخاطر الجيوسياسية المتزايدة والتأثير المتعاظم لظواهر التغير المناخي. ويعكس ذلك تفهماً متزايداً بأنه لا توجد إستراتيجية منفردة قادرة على تلبية احتياجات الشركات المختلفة. ومن الواضح بالفعل استخدام التكنولوجيا عبر سلاسل التوريد لضمان قدرة الشركات على التكيّف بسرعة أكبر وذكاء أكثر”.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی سلاسل التورید

إقرأ أيضاً:

دراسة تحدد العوامل التي تدفع الشخص للإيمان بالتنجيم كعلم

الولايات المتحدة – بحث علماء النفس في العوامل التي تدفع الشخص للإيمان بالتنجيم كعلم، وتحققوا من المقدمات الكامنة وراء المعتقدات العلمية الكاذبة.

وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أن القدرات المعرفية ومستوى التعليم هما العاملان الأكثر تأثيرا في اعتبار التنجيم علما.

وكشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “Journal of Individual Differences” أن القدرات المعرفية ومستوى التعليم يمثلان العوامل الأكثر أهمية في تحديد نظرة الأشخاص إلى التنجيم باعتباره علما.

على الرغم من الإجماع العلمي الواضح على عدم وجود أي مصداقية للتنجيم، إلا أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في المجتمع المعاصر. فما يقرب من 30% من الأمريكيين يعتبرون التنجيم علما، ويصل عدد مستخدمي تطبيقات الأبراج إلى الملايين.

وقام باحثون من قسم علم النفس في جامعة “مينيسوتا” بالتحقيق في الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة المثيرة للجدل. واختبر الفريق أربع فرضيات رئيسية، وبينها فرضية “المعرفة السطحية” التي تربط القبول بالمعتقدات الزائفة بمستوى التعليم المنخفض وضعف القدرات المعرفية. بينما تشير فرضيات بديلة إلى أن الإيمان بالأبراج قد يكون مرتبطا بالتشكيك في العلم، والميل نحو الروحانيات والسمات الشخصية الاستبدادية.

واستُخدمت في الدراسة بيانات من المسح الاجتماعي العام (General Social Survey) الذي يجرى بانتظام منذ عام 1972. وشملت المجموعة النهائية 8,553 أمريكيا بالغا أجابوا على السؤال: “هل تعتبر التنجيم علما؟” مع خيارات الإجابة: “غير علمي تماما”، “علمي جزئيا”، أو “علمي جدا”.

وتم قياس الذكاء باستخدام اختبار المفردات (Wordsum)، بينما تم تقييم المستوى التعليمي بعدد سنوات التعليم الرسمي. وتم تحديد الثقة في العلم من خلال تقارير المشاركين الذاتية عن مدى ثقتهم في المجتمع العلمي. أما التدين والروحانية فتم قياسهما باستخدام مقاييس منفصلة من أربع نقاط. وتم تقييم الاتجاهات السياسية على مقياس من سبع نقاط يتراوح من “ليبرالي للغاية” إلى “محافظ للغاية”.

وشمل التحليل متغيرات ديموغرافية مثل الجنس والعمر والعرق، مع استخدام أساليب إحصائية لوزن البيانات.

وأكدت النتائج أن الذكاء والتعليم هما العاملان الأكثر تأثيرا على الموقف من التنجيم. فقد أظهر المشاركون الذين حصلوا على درجات منخفضة في اختبار المفردات (Wordsum) ميلا أكبر لاعتبار التنجيم علما. وبالمثل، كان الأفراد الحاصلون على التعليم الرسمي أكثر عرضة للإيمان بالمصداقية العلمية للتنجيم. وهذه البيانات تدعم بقوة فرضية “المعرفة السطحية”.

على عكس التوقعات، لم تجد التفسيرات الأخرى المقترحة مثل الثقة في العلم، والتدين والروحانية، والاتجاهات السياسية تأييدا كبيرا في البيانات.

وحذر الباحثون من وجود قيد مهم في الدراسة، بما أن المشاركين سُئلوا عما إذا كانوا يعتبرون التنجيم “علما”، فقد يكون قد فاتهم أولئك الذين يؤمنون بالتنجيم دون اعتباره علما.

مع ذلك، أظهرت الدراسة بوضوح أن المبادرات التعليمية التي تعزز التفكير النقدي والثقافة العلمية قد تكون الوسيلة الأكثر فعالية لمحاربة المعتقدات الزائفة.

المصدر: Naukatv.ru

مقالات مشابهة

  • 4.51 % زيادة طلبات توصيل الكهرباء التجارية بدبي 2024
  • “متحدث التجارة”: الخامس من شوال دخول نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية الجديدين حيز التنفيذ
  • الخميس.. دخول نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية الجديدين حيز التنفيذ
  • بوراس: “متفائلون بتحقيق الفوز أمام أورلاندو بيراتس”
  • بوراس :”متفائلون بتحقيق الفوز أمام أورلاندو  بيراتس “
  • القصبي يوافق على لائحتي نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية
  • رئيس سيمنس: التجارة العالمية ستصمد رغم رسوم ترامب الجمركية
  • بعض الأسئلة التي تخص قادة الجيش
  • هيئة السياحة تشدد الرقابة على الرحلات إلى كردستان للحد من حركة الشركات "الوهمية"
  • دراسة تحدد العوامل التي تدفع الشخص للإيمان بالتنجيم كعلم