عصب الشارع –
إستبق نائب رئيس المجلس الإنقلابي مالك عقار إجتماع الإيقاد المقرر بعد غدا الخميس في أوغندا بتصريحات جديدة تماماً ومفاجاة في لقاءه مع قناة الجزيرة مباشر، وقام بتحويل تصريحاته حتي قبل أيام قليلة (فجأة) الي مائة وثمانون درجة، وقال إن البرهان وافق على مقابلة وفد من تنسيقية (تقدم) في الوقت الذي تراه وأنهم سيتعاطون إيجابيا مع كافة المبادرات التي تهدف للتفاوض وزاد في ذلك بان قائد اللجنة الانقلابية ملتزم بلقاء قائد الدعم السريع حميدتي في جيبوتي حسب ما تم الإتفاق عليه في وقت سابق.
حديث عقار المفاجيء جاء وسط صمت مريب من كافة الجهات التي ما تزال تدعم الحرب وتنادي بتسليح المواطنين وتشن حملات مكثفة على كل من يدعوا للحوار لوقف الحرب وإعتقالات وتنكيل وتخوين لثوار ثورة ديسمبر والناشطين السياسيين من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة ومن ضمنها (تقدم) التي قال بأنه قد وافق على الجلوس إليها ومايمثله من صدمة عنيفة للساعين لقطع كل الطرق للحوار وجلوس كل الأطراف في مائدة واحدة لبحث كيفية إيقاف الحرب وإعادة الديمقراطية وعلى رأسهم طبعاً كيزان العهد المباد والذين كانوا حتى الأمس يتحدثون عن بل بس..
بكل تأكيد أن التوقيت الذي جاءت فيه هذه التصريحات يجعلها في شكل مناورة لتبريد حدة القرارات التي يمكن تصدر عن قمة رؤساء دول الإيقاد الغاضبين من مناورات (البرهان) طوال الفترة الماضية ولا يمكن (تصديق) كل ما ورد فيها إلا في حالة واحدة وهي أن يخالف البرهان أيضاً كل التوقعات والقرار الصادر من وزارة خارجية الكيزان بعدم مشاركته ويسافر إلى أوغندا للمشاركة في تلك القمة وأن يعيد ما قاله نائبه في خطاب أمامها حتي يقطع الشك باليقين ويصبح حديثه (شاهدا) علي صدق نوايا اللجنة الامنية.
في السياسة لا توجد عهود وأحاديث فضفاضة بل يوجد إتفاق مكتوب وموثق وسيظل حديث عقار الذي لا يعلم أحد حتى الآن إن هو رأي شخصي أم قرارات تم الإتفاق عليها أم مناورة و(تبريد) لتمرير وتخفيف القرارات الساخنة التي يتوقع أن تخرج بها تلك القمة، ويظل مجرد حديث يمكن أن يتراجع عنه كالعادة بمجرد انتهاء القمة، ولكنه في كل الاحوال سيضع عقار على الكرسي الساخن سواء تم تنفيذه أو لم يتم وهي بكل تأكيد ستهز عرش المنادين بإستمرار الحرب ولن تؤثر في القرارات التي ستخرج بها القمة إلا إذا ما تم إلحاقها بقرارات (رسمية) تؤكد مصداقيتها خلال اليومين القادمين قبل إنعقاد القمة أو مشاركة البرهان فيها كما اسلفنا وفي كل الأحوال فإن اليومين القادمين هما الفصل فإما أن هناك تغيير جذري فعلاً في سياسة اللجنة الأمنية وأما أن راس عقار قد حان قطافه..
والثورة ستظل مستمرة ..
والقصاص يظل أمر حتمي ..
والرحمة والخلود للشهداء ..
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م