سحر الجعارة: البعض يموت مرتين
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
آخر سؤال يمكن أن يطرحه الإنسان، فى قلب عواصف التكفير، هو السؤال عن «تجديد الخطاب الدينى»! فمن منا يملك «شجاعة» تمكنه من رفض «إسلام الفقهاء» الذى نتبعه كالقطيع؟، ليتورط فى تهم من عينة: (الانضمام إلى جماعة القرآنيين، ورفض السنة كمصدر ثانٍ للتشريع الإسلامى). إنها تهم تحرّض على المطالبة برأسك، أو -فى أحسن الأحوال- بالحجر عليك!
لقد سلّمنا عقولنا -طواعية- لنجوم التطرّف، نأخذ عنهم «إسلام السوشيال ميديا» المعلب فى دولارات «يوتيوب»، دون أى مراجعة لرائحة المصالح، التى تفوح من «مباخر علماء» يفصّلون الفتوى على مقاس انتمائهم المؤقت!
حتى أصبح قانون «مصادرة الآخر» منهجاً فكرياً لديهم، ومن لم يتعظ ببرامج «الترهيب»، ينتظره مصير الدكتور «نصر حامد أبوزيد» «النفى من الوطن»!
«علماء يوتيوب وتيك توك» لديهم بضاعة يروجون لها، إنهم يعملون فى مساحة لا تقبل التنازل عن الأفكار الصدئة بزعم أنها للسلف الصالح.
الساحة لم تكن تتسع من قبل لكتاب عنوانه «المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء».. فتمّت مصادرته، الكتاب كان للمفكر الإسلامى الراحل «جمال البنا»، الذى لم تفلح حملات التشويه فى إدخال «الرعب» إلى قلبه، ولم تثنه عن نشر الكتاب الصدمة (جناية قبيلة «حدثنا»)، الذى يعالج قضية «رواة الأحاديث النبوية» أى من سماهم «قبيلة حدثنا»، فى محاولة لتنقية السنة النبوية المطهرة من إسرائيليات لا أصل لها، ومئات الأحاديث عن «الغيب»، وهو ما تقوم به السعودية حالياً.. لكنه كان سبباً فى تكفيره آنذاك.
لقد أكد «البنا» فى مقدمة كتابه أنه: (لا يقصد «السُنّة»، لأنها العمل والمنهج والدأب والطريقة، ولكنه يعنى الأحاديث الشفهية، التى تناقلها المحدثون عبر 150 عاماً قبل بدء التدوين)، لكن المتربّصين بأى محاولة اجتهاد لم يقرأوا الكتاب ولا حتى المقدّمة!
«البنا» سرد -فى كتابه- الكثير من الأحاديث والوقائع، خلاصتها أن النبى -صلى الله عليه وسلم- والصحابة نهوا عن «تدوين» الأحاديث حتى لا يكون هناك كتاب آخر للمسلمين غير المصحف الشريف.
لقد عاش «جمال البنا» ومات زاهداً، لم يكن لديه ما يخسره «لا ولد.. ولا منصب ولا ثروة»، ولد لأب يبيع الأسطوانات، وهو شيخ معمّم فتربى داخل «مكتبة» هى كل ثروة أسرته الفقيرة.. وتربى مع شقيقه «حسن»، مؤسّس «جماعة الإخوان»، دون أن يمسسه جنون الدعوة وشره السلطة!
فى مذكراته المنشورة، قال «جمال البنا»: إنه تمرد على فكر جماعة، فكان يرى دائماً أنه تعلم ما لم يتعلمه «حسن»، وألّف من الكتب ما عجز «حسن» عن تأليفه.. ولهذا رفض أن يكون «ابنه الروحى».
لم يكن «جمال» متديناً فى طفولته، ولم يحفظ القرآن، كانت طفولته «مدنية».. ولهذا كان يرى «الإخوان» متخلفين فى القضايا التى تتعلق بالمرأة، والسياسة، والمسيحيين، وغيرها.
كان يعارض شقيقه دائماً، وحين سمعه يُردّد شعار (الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا، الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول زعيمنا)، ألف كتاب «ديمقراطية جديدة» ليرد على فكر الإخوان.
كان مؤمناً بالإنسان، مناضلاً وسط العمال، يرفض الحياة «البرجوازية».. و«برجوازية الكتابة»، التى تعتمد على «التقليد» تحت شعار أكاديمى!
وفى مذكراته -المشار إليها- فك شفرة تسليح الإخوان، وتكوين جيش من خلال فرق الكشافة والجوالة، بزعم تحرير مصر من الإنجليز وتحرير فلسطين.. وكشف النقاب عن أسرار مهمة ومثيرة عن «جماعة الإخوان» ويومياته فى المعتقل.
كنت أحب هذا الرجل، أشعر كلما قابلته كم هو «مضطهد» بقدر ما هو «مستنير»، كنت أشعر أنه فى عمر التسعين لا يزال طفلاً يعانى الحرمان من اللعب بالدراجة مثل رفاقه.. يعانى سطوة شهرة أخيه التى دفنته حياً، يشعر بالغربة فى عالم ضيق الأفق، لا يجد للاجتهاد مبرّراً.. عالم يسيطر عليه «بيزنس الدين».
كان -رحمه الله- يعشق الإمام «محمد عبده»، الذى اعتبر وجوده دليلاً على قوة الدين الإسلامى وبساطته، لكونه مجتهداً ومبسطاً وليس عقيماً ومنفراً.
لكن ارتكب ذنباً لا يُغتفر، فصدامه الدائم مع رجال الدين كان كفيلاً بتكفيره ووصمه بالزندقة.. واغتياله معنوياً!
دعاوى تكفير «جمال البنا» وجدت فى آرائه المتعلقة بالقبلات والتدخين فى نهار رمضان سبباً كافياً لإقامة «حد الحرابة» عليه.. لكن «جمال» لم يتراجع عن أفكاره ولم يتنصّل منها، وقال: (يقول النص القرآنى: «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ»، ويتضح من الآية أن هناك كبائر إثم وفواحش يجب ألا يقع فيها الإنسان، وهناك شىء آخر يُسمى «اللمم»، وبمجرد أن طرحت نتيجة بحثى واجتهادى خرجت دعاوى التكفير الكبرى ضدى).. تختلف أو تتفق مع الرجل لا يهم، فلن تحرمه «أجر الاجتهاد»، لكن من اغتالوه حياً ودفنوا ذكراه ميتاً أغلقوا «باب الاجتهاد».. ليحكمونا بأفكار متشددة!
لقد كان «جمال البنا»، رحمه الله، يكره عملية الفتوى والمفتى والمستفتى ويقول للمستفتى: (استفتِ قلبك واقرأ واطلع لكى تعرف).. فاقرأوا التراث الفكرى لرجل لم نعرف قيمته إن عثرتم عليه.. حتى لا يكون مات مرتين!
سحر الجعارة – الشروق نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جمال البنا
إقرأ أيضاً:
ما سر نسيان البعض الأحلام بمجرد الاستيقاظ؟.. طبيب يكشف مفأجاة
في الكثير من الأحيان يستيقظ بعض الأشخاص غير متذكرين أحلامهم، الأمر الذي يبدو غريبًا بالنسبة للكثيرين، إلا أن هناك بعض العوامل التي تتسبب في حدوث ذلك، والتي قد يجهلها البعض، فعادة يبذل صاحب الحلم جهدًا كبيرًا في تذكر ما رآه، من أجل روايته على غيره، إلا أنه يجد صعوبة بالغة في استرجاعه، فلا يتذكر سوى بعض المشاهد منه إذا صادف رؤية مثيلها في الحقيقة ليربط بينها وبين ما رآه ويمكن إيضاح أسباب ذلك في التقرير التالي..
ما سبب عدم تذكر الأشخاص الأحلام عند الاستيقاظ؟يجهل الشخص عادة أن هناك سببا علميا وراء عدم تذكره الأحلام عند الاستيقاظ، الأمر الذي أوضحته الدكتورة ناهد شوقي، استشاري الصحة النفسية بجامعة عين شمس، خلال حديثها لـ«الوطن»، أن ذلك يرجع إلى عدة عوامل منها ما يتعلق بصاحب الحلم وطبيعة شخصيته، فهناك بعض الأشخاص التي تمتلك ذاكرة طويلة المدى يجعلها قادرة على استعادة جميع الأحداث كما رآها بالتحديد، وفي حال عدم قدرته على ذلك فهو بلا شك يمتلك ذاكرة قصيرة المدى، لا تمكِّنه من تذكر ما رآه بسهولة فسرعان ما ينساه.
في بعض الأحيان يخلد الشخص إلى النوم، ويكون محملاً بالكثير من الضغوط الحياتية التي تنعكس على أحلامه، فالحلم ما هو إلا تعبير عن الرغبات والاحتياجات أو المخاوف بشكل عام، يعمل العقل اللاواعي على تخزينها بداخله، ليحاول الشخص التهرب منها في الواقع، لهذا يلجأ إلى نسيانها حال رؤيتها في أحلامه.
هل هناك شخص لا يحلم؟يعتقد البعض في أغلب الأحيان أنهم لا يحلمون، إلا أن ذلك غير صحيح، لأن الحلم عادة يكون تعبيرا عن رغباتنا غير المحققة، فالأحلام هي جزء من حياتنا، ومن الممكن أن يكون الحلم وسيلة لتحقيق الأهداف التي لا نستطيع تحقيقها في الواقع وفقًا لاستشاري الصحة النفسية بجامعة عين شمس.
ماذا تفعل لتذكر حلمك عن الاستيقاظ؟من جانبه، قدم موقع «wellandgood» بعض النصائح التي من شأنها مساعدتك في تذكر حلمك والتي يمكن تناولها على النحو التالي:
التدوينيُعتبر التدوين واحدا من أفضل الطرق التي تساعدك على تذكر حلمك، فلا عليك سوى العمل على تدوينها بمجرد ما تفتح عينيك.
التحدث مع الآخرينيمكنك قص حلمك على أي شخص قريب منك، فذلك من الطرق التي تساعدك على عدم نسيان الحلم أو العمل على تسجيله عبر الهاتف.
جودة النوموجب عليك تحسين جودة نومك فهذا واحد من أهم العوامل الرئيسية، التي تساعد على تذكر الأحلام، لذا عليك تجنب النظر إلى هاتفك قبل النوم مباشرة، وعدم الإفراط في تناول الكحوليات.