تقاطع بين باسيل وجعجع.. هل يمكن البناء عليه رئاسيًا؟!
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
توحي الحركة السياسية في البلاد أنّ الاستحقاق الرئاسي عاد إلى صدارة الاهتمام في الأيام الأخيرة، على الرغم من أنّ "شبح الحرب" لا يزال مسيطرًا، على وقع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية والقصف على الجبهة الجنوبية، ولو أنّ مثل هذه العودة تبقى "محصورة" حتى الآن ببعض التصريحات والمواقف، التي لا تقترن بأيّ خطوات ملموسة على الأرض، من شأنها وضع حدّ للفراغ الرئاسي المستمرّ منذ أكثر من عام وشهرين.
وسط هذه التصريحات والمواقف، رُصد في الأيام الأخيرة "تقاطع" يكاد يكون نادرًا بين كلّ من رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لا على مرشّح رئاسيّ معيّن، ولا على خريطة طريق، ولا حتى على حوار كانا من قطعا الطريق عليه منذ اللحظة الأولى، لكن على رفض فرضيّة "المقايضة" بين رئاسة الجمهورية والملف الأمني، وتحديدًا تطبيق القرار الدولي 1701.
وفي حين لوحظ أنّ باسيل وجعجع كرّرا الموقف نفسه تقريبًا من هذه "المقايضة" في إطلالاتهما التي عادت إلى "كثافتها المعهودة" خلال الأسبوع الماضي، بعد مرحلة من "الجمود النسبي"، فإنّ علامات استفهام طُرِحت حول دلالات هذا "التقاطع" ومآلاته إن جاز التعبير، ولو أنّه ليس الأول من نوعه، فما هي الرسائل الكامنة خلفه، وهل يمكن البناء عليه رئاسيًا، ولماذا لا يؤسّس لتقاطع أوسع وأكبر يفضي إلى انتخاب رئيس؟!
رسالة إلى "حزب الله"؟
يضع العارفون موقف كلّ من رئيس حزب "القوات اللبنانية" ورئيس "التيار الوطني الحر" من موضوع "المقايضة بين الرئاسة والأمن"، الذي يكاد يكون "مفتعلاً"، باعتبار أنّه "بلا أساس"، وقد تنصّل منه المعنيّون به بشكل أو بآخر، أو المتّهَمون بالوقوف وراءه، في إطار "المزايدات الطائفية"، أو ربما محاولة "تسجيل النقاط" على الساحة المسيحية، من خلال اللجوء تحديدًا إلى "دغدغة المشاعر"، وهو تكتيك ليس بجديد بهذا المعنى.
مع ذلك، لا يخفى على أحد أنّ خلف تبنّي باسيل "سرديّة" جعجع، إن جاز التعبير، من موضوع المقايضة، رسالة أراد توجيهها تحديدًا إلى "حزب الله"، في إطار رسائل "العتب" التي لا ينفكّ عن توجيهها في الآونة الأخيرة، منذ تبنّي الحزب ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، وصولاً إلى "تمرير" التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، وما بينهما من أحداث واستحقاقات لم يقف فيها الحزب "على خاطر" باسيل، إن صحّ القول.
يقول العارفون إنّ باسيل أراد أن يقول لـ"حزب الله" من خلال هذه الخطوة، إنّه لا يزال قادرًا على "التقاطع" مع قوى المعارضة، بل مع جعجع تحديدًا، الذي بقيت العلاقة متأزّمة معه في ذروة "التقاطع السابق"، وإنّ كلّ الحديث عن أنّ مثل هذا التقاطع بات مستحيلاً بعد التمديد لقائد الجيش غير دقيق، ولذلك فإنّ المطلوب من "حزب الله" أن يكون أكثر مرونةً، وأن يتخلّى عن ترشيح فرنجية للرئاسة، بما يفتح باب التفاوض على خيار ثالث مقبول من الجميع.
"تقاطع" لا يُبنى عليه
بهذا المعنى، يبدو للعارفين أنّ "التقاطع المستجدّ" بين جعجع وباسيل لا يتوخّى مرّة أخرى، سوى "توجيه الرسائل" إلى فريق "حزب الله"، ولا يمكن البناء عليه فعليًا على المستوى الرئاسيّ، علمًا أنّ هذه الخلاصة تبدو بديهيّة حتى لو كان مجرّد "توافق بريء" على رفض مبدأ "المقايضة"، احترامًا لموقع رئاسة الجمهورية، بعيدًا عن أيّ أهداف سياسية مخفيّة، لأنّ مثل هذا التوافق لا يعني بالمطلق أنّ الرجلين قادران على الوصول إلى أرضيّة مشتركة حقيقية.
يقول العارفون إنّ هذا التقاطع لا يُبنى عليه للكثير من الأسباب والاعتبارات، لكن أهمّها أنّ باسيل وجعجع نفسهما لا يريدان أن يتحوّل إلى تحالف ولو "على القطعة"، بل لا يريدان أن يتحوّل إلى "تفاهم" يعيد إلى الأذهان تجربة "تفاهم معراب" المُرّة، علمًا أنّ العلاقات بينهما "شبه مقطوعة"، حتى إنّ "التقاطع الأكبر" الذي جمعهما سابقًا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مقابل فرنجية، لم ينجح في "ترميم" العلاقة، ولو بالحدّ الأدنى.
أبعد من ذلك، يشدّد العارفون على أنّ "التقاطع" لا يُبنى عليه، لأنّه أضحى واضحًا أنّ تفاهمًا بين "التيار" و"القوات" لا يكفي أصلاً للوصول إلى رئيس، بعد تجربة التقاطع السابقة على ترشيح جهاد أزعور، من دون أن يستطيع الأخير أن يصل إلى الأكثرية المطلوبة من الأصوات، ما يعني أن المطلوب من الطرفين التخلّي عن "الشروط المسبقة"، والقبول بمبدأ الحوار والتفاهم مع سائر القوى والأطراف، بما فيها "حزب الله" بطبيعة الحال.
قد لا يرى كثيرون في "التقاطع" بين باسيل وجعجع على رفض فكرة "المقايضة" المفتعلة إعلاميًا، بين الرئاسة والأمن، أكثر من مزايداتٍ ودغدغةٍ للمشاعر، في سيناريو بات "مكرّرًا"، بل "مُستنسَخًا ومُستهلَكًا". لكن، أبعد من هذا الاعتبار الذي لا يمكن تجاهله، تبدو الرسائل واضحة إلى "حزب الله"، فهل يتلقّفها الأخير، أم يتمسّك بمواقفه، أقلّه بانتظار انتهاء الحرب على غزة، والمواجهة الموازية في جنوب لبنان؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
مدبولي: توجيه رئاسي بتوسيع دائرة الحوار الوطني ليشمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم المستشار/ محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني،/ ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، المنسق العام للحوار الوطني؛ وذلك لمناقشة عدد من الملفات الخاصة بتعزيز دور الحوار الوطني في المرحلة الراهنة.
وأوضح رئيس الوزراء، في مُستهل حديثه، أن الهدف من هذا اللقاء يتمثل في تحديد محاور مُحددة لاستكمال ملفات التعاون مع الحوار الوطني.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: إن التحديات الحالية تستدعي أن يكون هناك تواصل مستمر مع مجلس أمناء الحوار الوطني، حتى يتسنى الاستماع لمختلف الآراء والمقترحات.
وأضاف "مدبولي" أن هناك توجيهًا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتوسيع دائرة الحوار الوطني، وأن تشمل العديد من القضايا والملفات، قائلًا: هناك ملفات سياسية وتحديات داخلية وخارجية، تستدعي التشاوُر والاستماع لمختلف الآراء. ولدينا أيضًا ملفات وتحديات اقتصادية خارجية وداخلية، تستدعي توسيع قاعدة الحوار الوطني. هذا ناهيك عن قضايانا الاجتماعية المختلفة.
وشهد اللقاء استعراض ومناقشة عدد من الملفات في مجالات متعددة.
وأوضح ضياء رشوان أن مجلس أمناء الحوار الوطني خصص الجلستين الأخيرتين لمناقشة ملفات الأمن القومي، تواكبًا مع التطورات الأخيرة، وتم طرح عدد من الإجراءات والخطوات بشأن أهم القضايا والتحديات السياسية الآنية، خاصة ما يتعلق بملف غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.
وأكد المستشار محمود فوزي، خلال اللقاء، أهمية زيادة الوعي في هذه الفترة التي تتسم بسرعة الأحداث، خاصةً السياسية، والتي ترتبط بالأمن القومي المصري، مع ضرورة وضع سيناريوهات للتحرك في مختلف الأحداث، التي تتعامل مع الأخطار المختلفة، وهو ما سيسعى "الحوار الوطني" للمشاركة فيه بالرؤى والأفكار.
وأشار "رشوان" إلى أن هذا العام سيشهد استحقاقات سياسية مهمة، ومن ثم فهناك عدد من التوصيات التي رفعها الحوار الوطني للحكومة، وهناك مطالب بسرعة حسمها، تتعلق ببعض التعديلات المهمة في قانون مباشرة الحقوق السياسية، وبعض التعديلات في قانون العمل الأهلي، وكذا بعض الإجراءات الخاصة بالحريات الأكاديمية، وقانون التعاونيات، وكذا مشروع مفوضية مكافحة التمييز؛ مؤكدا أن الحكومة استجابت للعديد من التوصيات السابقة، وتتبقي هذه النقاط المهمة.
وأشار رئيس الوزراء، في ختام اللقاء، إلى أن الحكومة تعمل بالفعل على هذه الملفات، وسيتم التوجيه بسرعة البت فيها.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أنه سيتم قريبًا عقد اجتماع موسع مع أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني لمناقشة مختلف القضايا والملفات.