الممارسات العادلة والتغلب على عقبات التحيّز في تحليلات البيانات الضخمة القائمة على الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
تسعى الحكومات وشركات التكنولوجيا والأكاديميات في جميع أنحاء العالم إلى الوصول إلى توافق في الآراء حول كل ما يخصّ الذكاء الاصطناعي. كما تحاول أيضاً فهم أفضل السبل التي يمكننا من خلالها الحصول على فوائد الذكاء الاصطناعي مع ضمان حوكمة هذه التقنية وتنظيمها وأنها تُستخدم بشكل عادل دون أن تتسبب بأي ضرر.
أحد الشواغل الشائعة في أنظمة الذكاء الاصطناعي هو تحيز الذكاء الاصطناعي عندما تأتي خوارزمية الذكاء الاصطناعي بنتائج أو تنبؤات غير عادلة أو متحيزة أو تمييزية بسبب افتراضات خاطئة في نظام الآلة الأساسي.
التحيز في البيانات والذكاء الاصطناعي
ينشأ التحيز في البيانات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي في الغالب عندما تكون البيانات الأساسية المستخدمة لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي متحيزة. وأحد أشكال تحيز الذكاء الاصطناعي هو عندما تكون البيانات المستخدمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي متحيزة بطبيعتها بسبب كيفية جمعها. وإذا كانت البيانات المختارة للتدريب غير دقيقة أو غير كاملة أو غير متوافقة بطريقة ما بحيث لا تمثل السكان الذين تهدف إلى خدمتهم، فيمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي أن يطوّر تحيزاً بناءً على ذلك. وخير مثال على هذه الحالة هو عندما يتم تدريب أنظمة التعرف على الوجه على مجموعة بيانات تخص عرقاً أو جنساً واحداً بشكل أساسي، فسيكون النظام أفضل في التعرف على الوجوه التابعة للمجموعة التي يتحيز لها الذكاء الاصطناعي، وقد يكون أداؤه ضعيفاً بالنسبة للأفراد الذين ينتمون إلى المجموعات العرقية أو الجنسية الأخرى.
وكثيراً ما تظهر التحيزات المجتمعية والتاريخية، فضلاً عن عدم المساواة في البيانات، وقد تتجلى تلك التحيزات في بيانات التوظيف أو سجلات الإقراض أو بيانات العدالة الجنائية، مما يؤدي إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعمل على إدامة الفوارق القائمة. ويمكن للخوارزميات نفسها في الواقع التوقف عن التحيز عندما تقوم بتنبؤات بناءً على أنماط في بيانات التدريب، لكنها تعمل عن غير قصد على تضخيم التحيزات الحالية. على سبيل المثال، قد يقوم نظام الذكاء الاصطناعي المدرب على تصفية طلبات العمل بناءً على قرارات التوظيف الماضية باختيار المرشحين الذين يمتلكون خصائص معينة فقط واستبعاد الآخرين.
وهناك أمثلة أخرى على التحيز الذي يمكن أن يحصل في بيئات التعلم الخاضع للإشراف، عندما يقوم المشغلون البشريون بتسمية البيانات المستخدمة للتدريب. كما أن تحيز المعالجة المسبقة للبيانات بالإضافة إلى تحيز الآراء والتعليقات على النتائج قد يسبب أيضاً المشاكل. وإذا لم يتم تنفيذ خطوات المعالجة المسبقة للبيانات وتنظيفها وتطبيعها واختيار الميزات بعناية، فيمكن أن يزيل الذكاء الاصطناعي المعلومات ذات الصلة أو أن يعزز التحيزات الموجودة التي أدخلها المُشغل البشري. ويحدث تحيز الآراء عندما يكون المشغل أو المستخدم النهائي متحيزاً لنتيجة معينة، ويشير إلى الذكاء الاصطناعي بأن نتيجة معينة "صحيحة" ويتم تدريبه على اختيار تلك النتائج. ويستمر الذكاء الاصطناعي في تفضيل النتيجة "الصحيحة" ويستمر المشغل في تصنيفها على أنها "صحيحة" حتى لو لم تكن كذلك، مما يؤدي إلى إنشاء حلقة مستمرة من النتائج المتحيزة.
وهناك قلق جديد إلى حد ما متعلق بالأداة الأكثر استخداماً اليوم، وهو عندما تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي (GAI) الصعوبات في فهم الأسئلة، مما يتسبب بالتفسير الخاطئ لها، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى توليد إجابات غير صحيحة. وهي ظاهرة تعرف باسم "هلوسة الذكاء الاصطناعي".
وتتنوع أسباب الهلوسة هذه، حيث تفشل خوارزميات الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية للتعلّم العميق في التوافق مع أي بيانات تم التدرّب عليها أو حتى تُظهر أي نمط يمكن تمييزه، وتشمل عوامل خارجة عن البرمجة مثل معلومات الإدخال وتصنيف البيانات غير الصحيح وعدم كفاية البيانات والتدريب ومواجهة التحديات في تفسير الأسئلة باللغات المختلفة أو وضعها في سياقها الصحيح. ومع عدم وجود قيود على أي نوع محدد من البيانات، يمكن أن يحدث ذلك في مختلف أشكال البيانات الاصطناعية وتشمل: النصوص والصور وملفات الصوت والفيديو ورموز الحاسوب.
العدالة المقصودة
للتغلب على التحيز وحماية العدالة في تحليلات البيانات الضخمة المعززة بالذكاء الاصطناعي، يُعدّ اتباع نهج استباقي أمر ضروري للغاية، حيث يمكن لمبادئ "العدالة المقصودة" أن تساعد في توجيه طريقة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي من غير المرجح أن تتسبب بالتحيز أو تشجع عليه.
ويُقلّل ضمان تنوع بيانات التدريب وتمثيلها للسكان الذين سيخدمهم نظام الذكاء الاصطناعي من خطر نقص التمثيل أو التمثيل الزائد لمجموعات معينة، في حين سيساعد التدقيق المنتظم لأنظمة الذكاء الاصطناعي في تحديد التحيز وتصحيحه.
ولحسن الحظ، هناك طرق لتطوير الخوارزميات التي تعمل على تخفيف التحيز بنشاط. على سبيل المثال، تهدف تقنيات مثل تقليل انحياز الخصومة إلى تقليل التمييز في تنبؤات النماذج. ويمكننا أيضاً أن نجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر شفافية وقابلية للتفسير، مما يسمح للمستخدمين وأصحاب المصلحة بالحصول على نظرة دقيقة حول كيفية اتخاذ القرارات، وهو ما يمكن أن يساعد في تحديد التحيّزات ومعالجتها.
أخبار ذات صلة 120 لاعباً في «دولية دبي لتنس الشباب» زكي نسيبة: الشباب حجر الأساس الذي نبني عليه آمالنا في مسيرة التنمية المُستدامةويمكننا حتماً المساعدة في تحديد المشكلة بشكل أكثر فعالية، من خلال تعزيز التنوع في الفرق التي تعمل على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وتوفير وجهات النظر المتنوعة. كما أن تشجيع المستخدمين على تقديم التعليقات حول نتائج نظام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون ذو قيمة لا تقدر بثمن في تصحيح هذه المشكلات.
المسار المستقبلي
يعد ضمان العدالة في تحليلات البيانات الضخمة المعززة بالذكاء الاصطناعي رحلة مستمرة، وهناك العديد من الاتجاهات الواعدة، بدءاً من الأطر التنظيمية والتعليم الأخلاقي للذكاء الاصطناعي وحتى أدوات تخفيف التحيز وتقييمات تأثير التحيز.
وقد تكون الخطوة الأولى البسيطة إلى حد ما في معالجة التحيز هي التعاون والشراكات بين الحكومات وشركات التكنولوجيا ومجموعات التوعية، حيث يمكن لأفضل الممارسات والموارد والبيانات المشتركة تسريع التقدم.
وتدرك الحكومات والهيئات التنظيمية بشكل متزايد أهمية معالجة التحيز في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد تم بالفعل اتخاذ خطوات لتطوير أطر تنظيمية شاملة. ووقعت المملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي في وقت سابق من شهر نوفمبر على إعلان بلتشلي لتنظيم وكبح المخاطر المحتملة لتقنية الذكاء الاصطناعي، في حين وقعت أيضاً على مدونة قواعد السلوك للشركات المشاركة في بناء بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً.
وجاء ذلك على خلفية توقيع رئيس الولايات المتحدة على أمر تنفيذي بشأن تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق، نظراً لأن الاستخدام غير المسؤول يمكن أن يؤدي إلى "تفاقم الأضرار المجتمعية مثل الاحتيال والتمييز والتحيز والانتهاكات والتضليل وتشريد العمال وإضعافهم وخنق المنافسة وتشكل مخاطر على الأمن القومي".
إذن، تعي القوى العالمية كيف يمكن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي بدرجة ضارة، وتتخذ خطوات حثيثة للتخفيف من هذه الظاهرة، مثل المبادئ التوجيهية الثمانية لإدارة الرئيس بايدن، وإن كانت خاصة بالولايات المتحدة، وتشمل:
1) يجب أن تكون هذه الأنظمة آمنة وسليمة
2) تشجيع الابتكار المسؤول والمنافسة والتعاون
3) اشتراط الالتزام بدعم العمال الأميركيين
4) أن تكون متسقة مع التفاني في تعزيز المساواة والحقوق المدنية
5) حماية مصالح الذين يستخدمون أو يتفاعلون مع أو يشترون منتجات الذكاء الاصطناعي والمنتجات التي تدعم الذكاء الاصطناعي
6) حماية الخصوصيات والحريات المدنية
7) إدارة المخاطر وتعزيز القدرة الحكومية الداخلية على تنظيم الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي وحوكمته ودعمه
8) قيادة الطريق نحو التقدم المجتمعي والاقتصادي والتقني العالمي.
ويعتبر تعزيز التعليم والتدريب الأخلاقي في مجال الذكاء الاصطناعي أمر ضروري أيضاً، ويضم تثقيف ممارسي الذكاء الاصطناعي والمطورين والمستخدمين حول الآثار المترتبة على التحيز وكيفية معالجته. وسيكون استمرار البحث والتطوير لأدوات ومكتبات تخفيف التحيز أمراً بالغ الأهمية، وكذلك اعتماد تقييمات تأثير التحيز الموحدة لمساعدة الشركات على قياس التأثير المحتمل لأنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها على المجموعات السكانية المختلفة.
يشكل التغلب على هذا التحيز التقني تحدياً معقداً ومتعدد الأوجه ويتطلب جهداً جماعياً. وهناك حلّ لهذا التحدي، فمن خلال معالجة التحيز بشكل مباشر وضمان العدالة في تحليلات البيانات الضخمة المعززة بالذكاء الاصطناعي، نجد أن الطريق إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي الخالي من التحيز أصبح في متناول أيدينا.
مادة إعلانية
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أنظمة الذکاء الاصطناعی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«جوجل» تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث
الذكاء الاصطناعي.. تستعد شركة جوجل، لإضافة ميزة جديدة لمحرك البحث الخاص بها والتي تعرف باسم وضع الذكاء الاصطناعي «AI Mode» خلال الفترة المقبلة.
وضع الذكاء الاصطناعيوبحسب التقرير المنشور على موقع «The Information»، أن الميزة الجديد وضع الذكاء الاصطناعي «AI Mode»، توفر للمستخدمين خيار للتبديل من أعلى صفحة النتائج، والذي يتيح الصول لواجهة تشبه خاصية «Gemini AI chatbot».
ميزة جديدة في محرك بحث جوجل ميزة جديدة في محرك بحث جوجلكما سيتم إضافة علامة تبويب جديدة في الجانب الأيسر تحمل اسم «وضع الذكاء الاصطناعي»، ضمن علامات التبويب الموجودة مثل: «الكل - الصور - مقاطع الفيديو - التسوق»، بحسب ما ذكره موقع «ذا فيرج» التقني.
تفعيل وضع الذكاء الاصطناعيوعند تفعيل وضع الذكاء الاصطناعي، ستظهر روابط لصفحات ويب ذات صلة، بالإضافة إلى شريط بحث موجود أسفل إجابة المحادثة، مخصص لمتابعة المتسخدمين الاستفسارات.
وضع الذكاء الاصطناعي في الإصدار الجديد لجوجلويؤكد آخر تقرير صادر عن «Android Authority»، على وجود وضع الذكاء الاصطناعي في الإصدار التجريبي المقبل لتطبيق جوجل، حيث اكتشف موقع «9to5Google» رمز يشير لإمكانية استخدام وضع الذكاء الاصطناعي لطرح الأسئلة عبر الصوت.
ميزة جديدة في محرك بحث جوجل إضافة ميزة جديدة في جوجلوحتى الآن، لم تعلق شركة جوجل على إضافة ميرة جديدة في محرك بحثها، حيث أنها تتجه لدمج البحث مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة، بالأخص عقب طرح «OpenAI» ميزة البحث في «ChatGPT» لجميع المستخدمين.
تقديم ملخصات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعيويذكر أن شركة جوجل بدأت بالفعل في تقديم ملخصات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي لبعض الاستفسارات، كما عملت على توسيع الميزة لتشمل المزيد من الدول في أكتوبر الماضي.
نظام الذكاء الاصطناعيوفي وقت سابق، أعلنت الشركة عن توسيع إتاحة أداة البحث العميق «Deep Research» عبر نظام الذكاء الاصطناعي «Gemini» الخاص بها، لتضم 40 لغة إضافية، بعد إتاحتها لأداة للمشتركين في خطة «Gemini Advanced»، والتي تعمل من خلال طلب المستخدم من Gemini البحث في موضوع معين.
اقرأ أيضاًلعشاق الذكاء الاصطناعي.. خطوات تفعيل ChatGPT على واتساب مجانا
مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.. أداة جديدة من إنستجرام لتحرير مقاطع الفيديو
ندوة عن الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي بمركز شباب أحمد عبده بالسويس