إسرائيل والعدالة الدولية
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
آخر تحديث: 16 يناير 2024 - 9:59 صبقلم:سمير عادل إن نقطة قوة جرّ إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية تكمن بأنها جاءت من قبل دولة لا تنتمي إلى “الأمة العربية” ولا إلى “الأمة الإسلامية”، وفضلا على ذلك تعترف بإسرائيل، ولا يوجد اسمها في لائحة معاداة السامية.لسنا من المتوهمين بمحكمة العدل الدولية، ولا يخفى علينا بأنها جزء من مؤسسة شرعت بفرض حصار ظالم ووحشي من قبل مجلس الأمن على جماهير العراق مدة ثلاثة عشر عاما بحجة معاقبة نظام صدام حسين لاحتلال الكويت.
وحينها قالت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في مقابلة مع إحدى القنوات الأميركية بأنه يستحق موت أكثر من 200 ألف طفل عراقي بسبب نقص الغذاء والدواء، ردا على سؤال محاورها: هل يستحق هذا العدد من الضحايا ثمنا لسياسة أميركا تجاه العراق؟ لم تتحرك حينها محكمة العدل الدولية، ولا بعد غزو العراق واحتلاله وقتل الآلاف من جماهير العراق تحت عنوان نشر الديمقراطية، بعد فشل إثبات امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أو أن لديه صلة بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001. هذا غيض من فيض، فملفات جرائم أميركا وعموم الغرب لا تعد ولا تحصى في أفغانستان وفيتنام وكوسوفو والبلدان الأفريقية، ومع هذا لم تحرك محكمة العدل الدولية ساكنا.وبشكل آخر نقول إن جرائم إسرائيل ليست بجديدة ضد الفلسطينيين، حرب الإبادة التي تشنها اليوم في غزة تجري على قدم وساق منذ أكثر من سبعة عقود ونصف العقد، إلا أن الجديد هذه المرة، أن الولايات المتحدة فشلت في منع وصول ملف الدعوى المقامة بحق إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية، وتعكس هذه الحالة انحسار النفوذ السياسي للولايات المتحدة في العالم، والتي تعكس ضعفها أيضا بالسيطرة على المؤسسات الدولية. وهذا هو الفرق في حالة العراق في عقد التسعينات من القرن العشرين الذي أعلن حينها النظام العالمي الجديد بزعامة أكبر دولة بلطجة حتى غزوه واحتلاله ودون أيّ ترخيص من مجلس الأمن ولا أيّ مؤسسة دولية، وبين ما يحدث اليوم وتحديدا أمام محكمة العدل الدولية.تجدر الإشارة إلى أن دفاع الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة عن إسرائيل، ونفي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تهمة الإبادة الجماعية عنها، هما في الحقيقة دفاع عن سياستها، دفاع عن جميع مواقفها ودعمها العسكري والسياسي والاقتصادي لإسرائيل. وإذا ما أدانت محكمة العدل الدولية إسرائيل، فهي إدانة صارخة وسافرة بحق كل سياسات الولايات المتحدة في العالم، وهذا ما تخشاه الإدارة الأميركية أكثر ممّا تخشاه إسرائيل. بيد أن دلالات جرّ إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية وبغض النظر عن أيّ نتائج تسفر عنها، تصل إلى جوانب أخرى وحيوية، منها بدء العد التنازلي لأفول التضليل الإعلامي العالمي، أي نهاية الاستفادة القصوى من تهمة “معاداة السامية” لقمع حرية التعبير التي لطالما كان الغرب يتبجح بها بقيادة الولايات المتحدة، فالعشرات من الموظفين أوقفوا عن العمل أو وبّخوا أو طردوا بسبب تغريدة أو كلمة تضامن مع الشعب الفلسطيني، وقد دحضت إذا لم نقل مزّقت مرافعة محامي دولة جنوب أفريقيا أمام قضاة المحكمة صفحات وصفحات من الرواية الإسرائيلية التي روّج لها الإعلام الغربي وخاصة الإعلام الرسمي والمأجور في الولايات المتحدة.وبات جزء العالم المتوهم بواحة الديمقراطية في الشرق الأوسط التي تسمّى إسرائيل، ينظر اليوم بأم عينيه كم كان مخدوعا بالرواية الإسرائيلية التي صورت الفلسطينيين أنهم لا يستحقون الحياة لأنهم يكرهون إسرائيل ويعادون السامية. وها هي المحكمة الدولية تدفع بنيامين نتنياهو ليظهر بإطلالته غير البهية عشية جلسات اليوم الأول، ويقول لنا إن إسرائيل لا تنوي احتلال غزة وإنه لا يقاتل سكان غزة، بل إنه يحارب حماس، بعكس تصريحاته السابقة هو وأعضاء حكومته النازية مثل وزيري المالية والأمن القومي في إسرائيل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير التي كانت من الوثائق التي قدمت على طاولة المحكمة، وهي، أي تلك التصريحات، تقطر عنصرية ويندى لها جبين الإنسانية. وأخيرا، بقدر ما يثبت تحرّك دولة جنوب أفريقيا لرفع دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية ما ذهبنا إليه سابقا من أن القضية الفلسطينية هي قضية ضمير الإنسانية وقضية تضع أسئلة كبرى على ماهيتنا الإنسانية متجاوزة كل معتقد ودين وقومية وعرق وجنس، بنفس القدر هي يوم حداد لمن يسمّون أنفسهم بالمقاومة والممانعة، لأنها أي دولة جنوب أفريقيا سحبت البساط من تحت أقدامهم وأغلقت أمامهم أسواق المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وقامت بتمزيق هويتهم الزائفة، فلا عزاء لهم سوى إقناع حكومة جنوب أفريقيا بالانضمام إلى محور “المقاومة والممانعة” عسى ولعلّ يكون سُلوانا لهم.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة الولایات المتحدة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
قاضي محكمة.. من هو «نواف سلام» مفاجأة لبنان الجديد؟
حسمت الاستشارات النيابية الملزمة التي جرت في بيروت، الاثنين، الأغلبية النيابية لصالح تسمية رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام رئيسا للحكومة اللبنانية، بعد حصوله على 84 صوتا.
وكلف الرئيس اللبناني جوزيف عون القاضي نواف سلام، بتشكيل الحكومة الجديدة، بناء على نتيجة الاستشارات البرلمانية الملزمة التي جرت الاثنين.
وسمى 84 نائبا في البرلمان سلام لتشكيل الحكومة الجديدة، فيما امتنعت كتلتا حزب الله وحركة أمل عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة. ومن المنتظر أن يصل سلام إلى بيروت الثلاثاء للقاء الرئيس عون وتسليمه مرسوم تكليفه تشكيل الحكومة.
ومنذ تحديد موعد الاستشارات الملزمة، التي تجري على مرحلتين قبل وبعد الظهر، تداولت قوى سياسية أسماء عدد من المرشحين للمنصب الذي يتولاه في لبنان شخص من الطائفة السنية.
ومن بين المرشحين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والنائب المعارض لحزب الله فؤاد مخزومي، والسفير السابق نواف سلام الذي يجري التداول باسمه في الساعات الأخيرة.
وبعدما كانت قوى معارضة تضم كتلة القوات اللبنانية وكتلا أخرى صغيرة أعلنت السبت قرارها تسمية النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة، أعلن نواب معارضون ومستقلون دعمهم لترشيح القاضي نواف سلام وهو دبلوماسي مخضرم يحظى باحترام في لبنان ويُطرح اسمه لدى أي استشارات نيابية.
وانضم تكتل “لبنان القوي” وقوامه 13 نائبا و”اللقاء الديمقراطي” وقوامه 8 نواب، وأيضا تكتل “الاعتدال” ذو الأغلبية السنية إلى المعارضة والتغييريين والمستقلين بتسمية سلام.
وانتهت الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري في بعبدا بفوز القاضي نواف سلام بنتيجة 84 صوتا فيما نال نجيب ميقاتي 9 أصوات.
نواف سلام هو قاض ودبلوماسي وأكاديمي لبناني من مواليد عام 1953، شغل منصب سفير وممثل دائم للبنان لدى الأمم المتحدة 10 سنوات، ومثل بلاده في مجلس الأمن الدولي.
انتخب عام 2018 قاضيا في محكمة العدل الدولية، وانتخب في السادس من فبراير2024 رئيسا لهذه المحكمة لمدة 3 سنوات عقب انتهاء ولاية القاضية الأمريكية جوان إي دونوغو، وأصبح ثاني عربي يتبوأ هذا المنصب بعد وزير خارجية الجزائر الأسبق محمد بجاوي.
ويتحدّر سلام من عائلة سياسية بيروتية معروفة. إذ كان جده لأبيه «أبو علي» سليم علي سلام (1868 – 1938) أحد أبرز زعماء المدينة في مطلع القرن العشرين، وأحد نوابها في البرلمان العثماني (مجلس المبعوثان)، كما تولى رئاسة بلديتها (عام 1908).
أما والد نواف سلام، عبد الله سلام، فكان رجل أعمال بارزاً وأحد مؤسسي شركة «طيران الشرق الأوسط». ومن أعمامه رئيس الوزراء اللبناني السابق صائب سلام، الذي تولى رئاسة حكومة لبنان أربع مرات، ما بين عامي 1952 و1973، والوزير السابق المهندس مالك سلام. ومن أبناء أعمامه تمام صائب سلام رئيس الحكومة السابق (بين عامي 2014 و2016).
ويحمل نواف سلام شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية (سيانس بو) في باريس، ودكتوراه في التاريخ من جامعة باريس – السوربون، وماجستير في القوانين من جامعة هارفارد، وله مؤلفات عدّة في السياسة والتاريخ والقانون.
وعلى الصعيد العملي، مارس سلام المحاماة، كما عمل أستاذاً محاضراً في التاريخ المعاصر في السوربون، كما درّس العلاقات الدولية والقانون الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت؛ حيث ترأس دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة فيها من 2005 إلى 2007.
وبالنسبة للمؤلفات والأبحاث، كان بين أحدث مؤلفات سلام «لبنان بين الأمس والغد» الصادر في بيروت عام 2021. ونشير إلى أنه قبل تعيينه رئيساً لمحكمة العدل الدولية، كان قد شغل قبل ذلك منصب سفير لبنان لدى الأمم المتحدة بين 2007 و2017. ومثّله في مجلس الأمن خلال ولايته فيه عامي 2010 و2011 وترأس أعمال هذا المجلس في شهري مايو (أيار) 2010 وسبتمبر (أيلول) 2011.
انتخابي رئيسا لمحكمة العدل الدولية مسؤولية كبرى في تحقيق العدالة الدولية واعلاء القانون الدولي. وأول ما يحضر إلى ذهني ايضاً في هذه اللحظة هو همي الدائم ان تعود مدينتي بيروت، أماََ للشرائع كما هو لقبها، وان ننجح كلبنانيين في إقامة دولة القانون في بلادنا وان يسود العدل بين أبنائه. https://t.co/vIs487b3yN
— Nawaf Salam نواف سلام (@nawafasalam) February 6, 2024