فايننشال تايمز: كيف تؤثّر حملات القمع ضد الهجرة على الاقتصاد؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا سلطت فيه الضوء على حملات مكافحة الهجرة، التي تعتبر سياسة مفيدة من الناحية السياسية، ولكنها ضارّة من الناحية الاقتصادية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الهجرة أصبحت قضيّة سياسيّة أكثر إثارة للجدل في الولايات المتحدة مع انضمام العديد من الديمقراطيين إلى الجمهوريين في الدعوة إلى اتخاذ تدابير للسيطرة على التدفقات غير القانونية على الحدود الجنوبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجرة قفزت في جميع أنحاء العالم السنة الماضية، بسبب الحروب والمصاعب ونهاية الوباء. وقد بلغت الزيادات الصافية، التي تشمل المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، أعلى مستوياتها منذ عدة عقود في العديد من بلدان المقصد الأكثر شعبية. ومقارنةً بمتوسط المكاسب السنوية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تضاعف صافي الهجرة ثلاث مرات تقريبًا في سنة 2023 ليصل إلى 3.3 مليون في الولايات المتحدة وإلى 670 ألف في المملكة المتحدة، في حين تضاعف تقريبًا في كل من كندا وأستراليا.
وأضافت الصحيفة أن ردود الأفعال كانت عنيفة في العديد من البلدان وتسارعت بشكل متوقع. كانت الكثير من ردود الفعل العنيفة الحالية استجابة للارتفاع في عدد عمليات العبور غير القانونية والخطيرة، ومدفوعةً جزئيًا بالعداء المتجدد تجاه المهاجرين والرغبة الإنسانية في إصلاح مشاهد المعاناة.
وبينما يؤدي تهرّم السكاني إلى تآكل القوى العاملة في جميع أنحاء العالم، يقدم المهاجرون أيضا دفعة عملية تشتد الحاجة إليها في شروط العمل. وبفضل المهاجرين وعودة المزيد من الأمريكيين إلى العمل، نمت القوة العاملة في الولايات المتحدة في سنة 2023 بسرعة أكبر بثلاث مرات من عدد السكان الأساسي، ويساعد هذا في تفسير سبب عدم حدوث الركود الذي كان متوقعًا على نطاق واسع.
وذكرت الصحيفة أن موجة الهجرة ساهمت بشكل كبير في تخفيف النقص في العمالة، وتباطؤ التضخم، ورفع الطلب الاستهلاكي. ويشكل صافي الهجرة إلى الولايات المتحدة ما يقارب ربع الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي - بنسبة 2.7 بالمائة في السنة الماضية. وفي كندا والمملكة المتحدة، أضافت الزيادة نحو 1 بالمائة إلى نمو الاستهلاك.
وقالت الصحيفة إن التأثير الدقيق على القوى العاملة غير مؤكد لأنه من الصعب معرفة نسبة الوافدين الجدد، خاصة بين أولئك الذين دخلوا بشكل غير قانوني، الذين حصلوا على وظائف، لكن التأثير كان كبيرًا بما يكفي ليذكره رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمره الصحفي في كانون الأول/ ديسمبر، عندما أشار إلى ارتفاع الهجرة باعتباره أحد العوامل التي خففت من اختناقات العرض في السنة الماضية. وهذا بدوره أدى إلى خفض الضغط التصاعدي على الأجور والتضخم.
وأضافت الصحيفة أن ظروف سنة 2023 - مع النمو المرتفع بشكل غير متوقع والتراجع السريع والكبير بشكل مدهش في التضخم - تنسب إلى جزئيا إلى العامل الذي لا يحظى بالتقدير الكافي ألا وهو المهاجرون. والقوى التي عززت الهجرة في السنة الماضية تبددت الآن، وتحتجز إدارة بايدن بالفعل مهاجرين غير شرعيين على الحدود بأعداد كبيرة قياسية، وأشارت إلى استعدادها لتشديد تطبيق القانون بشكل أكبر، إذا دعم الجمهوريون المزيد من التمويل لأوكرانيا.
وتابعت الصحيفة أن دورية الحدود الأمريكية واجهت وألقت القبض على عدد أقل بكثير من المهاجرين المحتملين في الأسبوع الأخير من شهر كانون الأول/ ديسمبر مقارنة بالأسابيع السابقة. قد يكون ذلك بمثابة توقف مؤقت في عيد الميلاد، أو قد يعكس تراجع اندفاع ما بعد الوباء. وفي كلتا الحالتين، فإن ركود الهجرة الناشئ يهدد التوقعات لسنة 2024، نظرًا لأن العديد من الناس يتوقعون استمرار الظروف المعتدلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكبر هنا هو امتداد المخاوف المشروعة بشأن الهجرة غير الشرعية إلى تقييد أو تثبيط تدفق المهاجرين الشرعيين أيضًا. لقد اتخذت المملكة المتحدة مؤخرًا خطوات لخفض الهجرة بأكثر من النصف إلى 300 ألف. وقامت أستراليا للتو بتشديد قواعد التأشيرة للطلاب والعمال ذوي المهارات المنخفضة. وحتى كندا، التي تعمل على زيادة حصتها من المهاجرين الدائمين، تتحرك للحد من تدفق العمال المؤقتين. وفرنسا، التي ربما تفرض الإجراءات الأكثر صرامة، تحد من الرعاية الاجتماعية للأجانب، وتسهل ترحيل المهاجرين، وتنهي المواطنة التلقائية للأطفال المولودين في فرنسا لأبوين مهاجرين.
وأكدت الصحيفة أن هذه الخطوات قد تكون بمثابة سياسة جيدة في عالم أصبح مرهقًا من المهاجرين، لكنها تثير العديد من التساؤلات بشأن جدواها اقتصاديًا. ووفقًا لأحد الإحصائيات الأخيرة، ستحتاج الولايات المتحدة إلى السماح بدخول ما يقارب أربعة ملايين مهاجر سنويًا لمنع تحول نموها السكاني إلى النطاق السلبي في العقود المقبلة. وأغلب الاقتصادات المتقدمة قطعت شوطا أطول بكثير من الولايات المتحدة على طريق الانخفاض السكاني. ويتعين على الساسة الأذكياء إيجاد التوازن بين السيطرة على فوضى الهجرة غير الشرعية، والحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن السياسات المناهضة للمهاجرين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الهجرة الاقتصادية التأثير السياسة الاقتصاد أضرار الهجرة القمع سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة السنة الماضیة الصحیفة أن العدید من سنة 2023
إقرأ أيضاً:
فاينانشيال تايمز: تخوفات من تصاعد خطر أنفلونزا الطيور.. طفرات مقلقة وإصابات نادرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خلال الأعوام الماضية اجتاحت موجات من أنفلونزا الطيور مناطق متفرقة من العالم، أدت إلى إعدام مئات الملايين من الدواجن، وإصابة عشرات الأنواع من الثدييات، بما فيها الأبقار الأمريكية، التى شهدت نفوقًا جماعيًا بلغ ١٣٠ مليون طائر ودواجن، مع إصابة ٩١٧ قطيعًا من أبقار إنتاج الألبان.
وتشهد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تصاعدًا فى حالات القلق إزاء تطورات فيروس أنفلونزا الطيور، وسط تفشى غير مسبوق لسلالتى "إتش٥ إن١" (H٥N١) الأكثر شيوعًا، و"إتش٥ إن٩" (H٥N٩) النادرة، مع تسجيل إصابات بشرية وحيوانية وحالات وفاة أثارت مخاوف من تحولات جينية قد تعزز خطورة الفيروس.
وعلى الرغم من الدروس القاسية التى خلّفتها جائحة كورونا "كوفيد-١٩"، يجمع خبراء صحة دوليون، على أن العالم ما زال يعانى ثغرات خطيرة فى استعداده لمواجهة أوبئة مستقبلية، رغم تحسن بعض الآليات الوقائية.
وأعرب علماء الفيروسات عن قلقهم من احتمال حدوث "إعادة تجميع جيني" بين سلالة "إتش٥ إن١" وفيروس إنفلونزا بشرى أو حيوانى آخر، ما قد ينتج فيروسًا هجينا قادرا على الانتشار بين البشر، خاصة مع توازى تفشى أنفلونزا الطيور مع موسم الإنفلونزا الشتوي، الذى شهد وفقًا لـ"CDC" ما بين ١٢ إلى ٢٢ مليون إصابة خلال الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى يناير ٢٠٢٤.
ففى الولايات المتحدة، أعلنت السلطات عن تفشٍ أول لسلالة "إتش٥ إن٩" بين الدواجن بمزرعة بطّ فى كاليفورنيا، بالتزامن مع رصد أول وفاة بشرية بسبب سلالة "إتش٥ إن١".
وتكافح واشنطن موجة انتشار غير معتادة للفيروس بين الدواجن والأبقار، مع تسجيل إصابات لحوالى ٧٠ مزارعًا ممن يتعاملون مباشرة مع الحيوانات.
وتعززت المخاوف مع نشر تقرير علمى أمريكى يشير إلى حدوث طفرات فى فيروس "إتش٥ إن١" تزيد من قدرته على استهداف أنسجة الدماغ عند إصابة البشر، مما يرفع احتمالات تفاقم الأعراض ويهدد بتحوله إلى تهديد صحى أكبر.
على الجانب الآخر كشفت "وكالة الأمن الصحى البريطانية" (UKHSA) عن تسجيل حالة وفاة لشخص مصاب بفيروس "إتش٥ إن١"، فى سابقة هى الأولى من نوعها بالمملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت الوكالة أن الضحية كان على احتكاك مباشر بالدواجن، مؤكدةً ندرة انتقال الفيروس إلى البشر، وأن البلاد سجلت تاريخيًا حالات محدودة جدًا للإصابة به.
فى ظل تصاعد حالات الإصابة بفيروس "إتش٥ إن١" بين البشر والحيوانات، دعا خبراء صحة الولايات المتحدة إلى تعزيز إجراءات المراقبة والاحتواء للحد من تحوّرات فيروس أنفلونزا الطيور، الذى ينذر بتحوله إلى تهديد وبائى عالمي، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأكد علماء فى مجال الأوبئة ضرورة تكثيف تطعيم العاملين فى المزارع الأمريكية، وتبنى إجراءات أكثر صرامة للحد من انتشار الفيروس بين الحيوانات الزراعية، خاصة مع استمرار تفشى سلالة "إتش٥ إن١" بين الأبقار الحلوب والدواجن عبر ولايات متعددة.
وحذر البروفيسور جيمس وود، خبير الأمراض المعدية بجامعة كامبريدج، من السماح بـ"مستوى انتقال مرتفع للفيروس بين الأبقار"، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل "تهديدًا جسيمًا للصحة العامة العالمية".
وأضاف فى تصريح للصحيفة: "فرض قيود على حركة الماشية سيقلل تعرض البشر للفيروس، وهو إجراء متوقع من جميع الدول".
أشارت التقارير الصحية إلى أن الفيروسات التى تنتقل من الحيوانات إلى البشر خارج الإطار المعتاد تعد مصدر قلق بالغ، نظرا لافتقاد المناعة الجماعية ضدها، وهو ما يذكر بالأزمة العالمية التى فجرها وباء (كوفيد-١٩).
من جانبها، نبهت "المنظمة العالمية لصحة الحيوان" إلى تلقيها تقارير من الولايات المتحدة تؤكد تفشى سلالتى "إتش٥ إن١" و"إتش٥ إن٩" فى كاليفورنيا، ما دفع السلطات لإعدام نحو ١١٩ ألف طائر منذ أواخر ٢٠٢٤.
كما تسببت السلالات الفيروسية، فى وفاة مزارع من ولاية لويزيانا الأمريكية.
وصفت "فاينانشيال تايمز" التفشى الحالى بأنه "اختبار مبكر" لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التى بدأت وفقًا للتقرير فى تقليص التزاماتها تجاه المبادرات العالمية لمكافحة الأوبئة فى وقت تواجه فيه الولايات المتحدة موجة تفشٍ غير مسبوقة لأنفلونزا الطيور تجاوزت ٩ أشهر، مع تسجيل ٦٧ إصابة بشرية وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض "CDC" معظمهم من عمال المزارع، إضافة إلى أول حالة وفاة بشرية هذا الشهر.
وكشفت "فاينانشيال تايمز" عن تعقيدات تواجه الاستجابة الأمريكية بسبب "توقف مؤقت" فرضته إدارة ترامب على الاتصالات العامة غير الطارئة، بما فى ذلك تحديثات الصحة العامة، بهدف "إعداد آلية للمراجعة وتحديد الأولويات".
أشارت الصحيفة إلى أن الشركات الرائدة فى تصنيع لقاحات إنفلونزا الطيور"سى إس إل سيكيروس" و"سانوفي" و"جلاكسو سميث كلاين" تعد فى وضع يسمح بالاستجابة السريعة حال تحول التفشى إلى جائحة، خاصة بعد اتفاقية بقيمة ٧٢ مليون دولار مع الحكومة الأمريكية فى أكتوبر الماضى لضمان توزيع الجرعات.
خصصت واشنطن ٥٩٠ مليون دولار لشركة "موديرنا" لتطوير لقاح باستخدام تقنية mRNA – الشبيهة بلقاح كوفيد – بينما لجأت فنلندا إلى تطعيم عمال المزارع بلقاح "سيكيروس"، وسط دراسة مستقلة لفاعليته.
رغم التهديدات، تطمئن المنظمات الصحية إلى ضآلة خطر الانتشار البشرى المباشر حتى الآن، لكنها تشدد على ضرورة اليقظة فى ظل تحورات الفيروس غير المتوقعة، والتى قد تعيد العالم إلى كابوس جائحة جديدة.
من جانبها دعت منظمات "الصحة العالمية" و "الفاو" و "صحة الحيوان" الحكومات إلى تعزيز الاختبارات والتسلسل الجينى وتبادل البيانات، وتحسين الإجراءات الأمنية فى المزارع، وحماية المخالطين للحيوانات المصابة.
وأكدت ماريا فان كيرخوف، مسئولة الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية، على ضرورة "بذل جهود أكبر لوقف الانتشار بين الحيوانات والبشر".