نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا سلطت فيه الضوء على حملات مكافحة الهجرة، التي تعتبر سياسة مفيدة من الناحية السياسية، ولكنها ضارّة من الناحية الاقتصادية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الهجرة أصبحت قضيّة سياسيّة أكثر إثارة للجدل في الولايات المتحدة مع انضمام العديد من الديمقراطيين إلى الجمهوريين في الدعوة إلى اتخاذ تدابير للسيطرة على التدفقات غير القانونية على الحدود الجنوبية.

في المقابل، تسير المحادثة الاقتصادية في اتجاه مختلف إذ يتعلق الأمر بالكيفية التي ساعدت بها زيادة الهجرة في استقرار الاقتصاد خلال سنة 2023، وكيف أن رد الفعل السياسي العنيف سيعرض هذه المكاسب غير المتوقعة للخطر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهجرة قفزت في جميع أنحاء العالم السنة الماضية، بسبب الحروب والمصاعب ونهاية الوباء. وقد بلغت الزيادات الصافية، التي تشمل المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، أعلى مستوياتها منذ عدة عقود في العديد من بلدان المقصد الأكثر شعبية. ومقارنةً بمتوسط المكاسب السنوية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تضاعف صافي الهجرة ثلاث مرات تقريبًا في سنة 2023 ليصل إلى 3.3 مليون في الولايات المتحدة وإلى 670 ألف في المملكة المتحدة، في حين تضاعف تقريبًا في كل من كندا وأستراليا.

وأضافت الصحيفة أن ردود الأفعال كانت عنيفة في العديد من البلدان وتسارعت بشكل متوقع. كانت الكثير من ردود الفعل العنيفة الحالية استجابة للارتفاع في عدد عمليات العبور غير القانونية والخطيرة، ومدفوعةً جزئيًا بالعداء المتجدد تجاه المهاجرين والرغبة الإنسانية في إصلاح مشاهد المعاناة.


وبينما يؤدي تهرّم السكاني إلى تآكل القوى العاملة في جميع أنحاء العالم، يقدم المهاجرون أيضا دفعة عملية تشتد الحاجة إليها في شروط العمل. وبفضل المهاجرين وعودة المزيد من الأمريكيين إلى العمل، نمت القوة العاملة في الولايات المتحدة في سنة 2023 بسرعة أكبر بثلاث مرات من عدد السكان الأساسي، ويساعد هذا في تفسير سبب عدم حدوث الركود الذي كان متوقعًا على نطاق واسع.

وذكرت الصحيفة أن موجة الهجرة ساهمت بشكل كبير في تخفيف النقص في العمالة، وتباطؤ التضخم، ورفع الطلب الاستهلاكي. ويشكل صافي الهجرة إلى الولايات المتحدة ما يقارب ربع الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي - بنسبة 2.7 بالمائة في السنة الماضية. وفي كندا والمملكة المتحدة، أضافت الزيادة نحو 1 بالمائة إلى نمو الاستهلاك.

وقالت الصحيفة إن التأثير الدقيق على القوى العاملة غير مؤكد لأنه من الصعب معرفة نسبة الوافدين الجدد، خاصة بين أولئك الذين دخلوا بشكل غير قانوني، الذين حصلوا على وظائف، لكن التأثير كان كبيرًا بما يكفي ليذكره رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمره الصحفي في كانون الأول/ ديسمبر، عندما أشار إلى ارتفاع الهجرة باعتباره أحد العوامل التي خففت من اختناقات العرض في السنة الماضية. وهذا بدوره أدى إلى خفض الضغط التصاعدي على الأجور والتضخم.

وأضافت الصحيفة أن ظروف سنة 2023 - مع النمو المرتفع بشكل غير متوقع والتراجع السريع والكبير بشكل مدهش في التضخم - تنسب إلى جزئيا إلى العامل الذي لا يحظى بالتقدير الكافي ألا وهو المهاجرون. والقوى التي عززت الهجرة في السنة الماضية تبددت الآن، وتحتجز إدارة بايدن بالفعل مهاجرين غير شرعيين على الحدود بأعداد كبيرة قياسية، وأشارت إلى استعدادها لتشديد تطبيق القانون بشكل أكبر، إذا دعم الجمهوريون المزيد من التمويل لأوكرانيا.



وتابعت الصحيفة أن دورية الحدود الأمريكية واجهت وألقت القبض على عدد أقل بكثير من المهاجرين المحتملين في الأسبوع الأخير من شهر كانون الأول/ ديسمبر مقارنة بالأسابيع السابقة. قد يكون ذلك بمثابة توقف مؤقت في عيد الميلاد، أو قد يعكس تراجع اندفاع ما بعد الوباء. وفي كلتا الحالتين، فإن ركود الهجرة الناشئ يهدد التوقعات لسنة 2024، نظرًا لأن العديد من الناس يتوقعون استمرار الظروف المعتدلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكبر هنا هو امتداد المخاوف المشروعة بشأن الهجرة غير الشرعية إلى تقييد أو تثبيط تدفق المهاجرين الشرعيين أيضًا. لقد اتخذت المملكة المتحدة مؤخرًا خطوات لخفض الهجرة بأكثر من النصف إلى 300 ألف. وقامت أستراليا للتو بتشديد قواعد التأشيرة للطلاب والعمال ذوي المهارات المنخفضة. وحتى كندا، التي تعمل على زيادة حصتها من المهاجرين الدائمين، تتحرك للحد من تدفق العمال المؤقتين. وفرنسا، التي ربما تفرض الإجراءات الأكثر صرامة، تحد من الرعاية الاجتماعية للأجانب، وتسهل ترحيل المهاجرين، وتنهي المواطنة التلقائية للأطفال المولودين في فرنسا لأبوين مهاجرين.

وأكدت الصحيفة أن هذه الخطوات قد تكون بمثابة سياسة جيدة في عالم أصبح مرهقًا من المهاجرين، لكنها تثير العديد من التساؤلات بشأن جدواها اقتصاديًا. ووفقًا لأحد الإحصائيات الأخيرة، ستحتاج الولايات المتحدة إلى السماح بدخول ما يقارب أربعة ملايين مهاجر سنويًا لمنع تحول نموها السكاني إلى النطاق السلبي في العقود المقبلة. وأغلب الاقتصادات المتقدمة قطعت شوطا أطول بكثير من الولايات المتحدة على طريق الانخفاض السكاني. ويتعين على الساسة الأذكياء إيجاد التوازن بين السيطرة على فوضى الهجرة غير الشرعية، والحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن السياسات المناهضة للمهاجرين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الهجرة الاقتصادية التأثير السياسة الاقتصاد أضرار الهجرة القمع سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة السنة الماضیة الصحیفة أن العدید من سنة 2023

إقرأ أيضاً:

تكساس تمنح ترامب أراضي لبناء «مركز ترحيل» المهاجرين

واشنطن (وكالات)

أخبار ذات صلة نيويورك سيتي والاتحاد للطيران يعلنان عن «الاتحاد بارك» «إعصار القنبلة» يضرب الولايات المتحدة

أعلنت ولاية تكساس الأميركية منح إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب أرضاً على الحدود مع المكسيك لبناء «مركز ترحيل» لدعم خطته المتعلقة بطرد المهاجرين غير الشرعيين.
وأكد الرئيس المنتخب الاثنين أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين، بعد توليه منصبه في يناير.
وقالت مفوضة تنظيم المدن في ولاية تكساس داون باكنغهام في بيان إنها «ستمنح ترامب نحو 570 هكتاراً من أراضي الولاية الواقعة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة من أجل مساعدة إدارته على تنفيذ خططها المتعلقة بالطرد».
والأرض المعنية هي مزرعة تم الاستيلاء عليها في أكتوبر في مقاطعة «ستار»، على ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل بين المكسيك والولايات المتحدة.
وكتبت المفوضة في رسالة إلى ترامب أنها اتخذت الإجراءات اللازمة للسماح ببناء الجدار الحدودي في تكساس.
وأضافت باكنغهام في الرسالة أن «فريقها على استعداد تام لإبرام اتفاق مع وكالة فدرالية أميركية يتيح بناء مركز لدراسة واحتجاز وتنسيق أكبر عملية ترحيل مجرمين عنيفين في تاريخ البلاد».
وخلال حملته الانتخابية، انتقد ترامب مراراً المهاجرين غير الشرعيين، ووعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد الرئيس جو بايدن.
وقبل ولايته الرئاسية الأولى، تعهد ترامب ببناء جدار على طول الحدود بين البلدين، لكن المشروع لم يرَ النور.
وقالت المتحدثة باسم حملة ترامب، كارولين ليفيت، إنه «سيحشد كل نفوذ السلطة لتأمين الحدود وتنفيذ خطط الطرد الجماعي»، وفق ما نقلت قناة «أيه بي سي» الأميركية.
وتقدر السلطات بنحو 11 مليوناً الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
ويتوقع أن تؤثر خطة الترحيل بشكل مباشر على نحو 20 مليون أسرة.

مقالات مشابهة

  • رئيس مدينة بورسعيد: حملات التحصين مستمرة بشكل يومي
  • نيويورك تايمز: مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو تشير إلى تورط الولايات المتحدة
  • تكساس تمنح ترامب أراضي لبناء «مركز ترحيل» المهاجرين
  • كيف يمثل ترحيل المهاجرين من أمريكا قنبلة قابلة للانفجار؟.. تكلفة وخسائر ضخمة
  • رئيس جامعة القاهرة يرحب بنشر مجلة "هجرة" إلكترونيا على المنصة الرقمية للجامعة
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • رئيس جامعة القاهرة يلتقي أسرة أول مجلة شبابية تصدر عن وحدة بحوث الهجرة
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • إسبانيا تمنح 300 ألف مهاجر وثائق للعمل والإقامة.. هل ذلك استثمار في المهاجرين غير الشرعيين؟
  • بحث العديد من المحاور التي تخص المغتربين في الخارج