عندما شبَّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهتلر، فيما يتعلق بقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة آنذاك، اندلعت ضجة في إسرائيل، لكن نشطاء يتهمون أردوغان بالنفاق، بحسب رجب صويلو في تحليل بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).

ويقول هؤلاء النشطاء إن أردوغان يستخدم خطابا قاسيا ضد إسرائيل مع الحفاظ على العلاقات التجارية، وإن تركيا لا تزال تسهل تدفق النفط الأذربيجاني إلى سفن الشحن التي تحمله إلى الموانئ الإسرائيلية.

صويلو لفت، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن أنقرة ألغت زيارة كان من المقرر أن يقوم بها نتنياهو، واستدعت سفيرها في تل أبيب للتشاور، وجمدت المحادثات بشأن التعاون في مجال الطاقة، وفي انفصال واضح عن حلفائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يدين أردوغان إسرائيل بقوة".

وأضاف أن "النهج الدبلوماسي التركي تجاه الحرب يتجاوز مجرد الخطابة، إذ تتشابك حسابات أنقرة تجاه إسرائيل مع قضيتين رئيسيتين، وهما حل الدولتين وإسقاط نتنياهو. وكرر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الحاجة إلى حل الدولتين، واقترح نموذج ضمان يمكن أن يشمل الناتو والحلفاء العرب من خارجه لحماية أي اتفاق".

وأردف: كما "شكلت تركيا ودول عربية وإسلامية أخرى وفدا من وزراء الخارجية يسافرون حول العالم لإقناع أعضاء مجلس الأمن والدول الغربية بالدفع نحو وقف إطلاق النار".

"وأثمرت تلك الجهود، ففي 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أيدت 120 دولة قرار الأردن في الجمعية العامة للأمم المتحدة  بوقف إطلاق النار، مع تصويت 14 ضد القرار وامتناع 45 عن التصويت"، كما أردف صويلو.

واستطرد: "لكن بعد الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها أردوغان وفيدان والوفد العربي الإسلامي بين الدول التي لم تدعم القرار، تغيرت الأرقام بشكل كبير، إذ شهد التصويت في ديسمبر الماضي دعم 153 دولة لوقف إطلاق النار، مع معارضة 10 وامتناع 23 عن التصويت.. وكان هذا إنجازا كبيرا، لكنه لم ينل التقدير المستحق وسط الكارثة الإنسانية المستمرة بغزة".

اقرأ أيضاً

أردوغان: نتنياهو لا يختلف عن هتلر.. ورئيس وزراء الاحتلال يرد

إجراءات دقيقة

صويلو قال إن "أنقرة تسعى أيضا إلى توحيد الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين، "حماس" و"فتح". وقال أردوغان إن أنقرة تحاول جمع الطرفين معا لتقديم جبهة موحدة قبل مناقشة نهائية حول إقامة دولة فلسطينية".

وشدد على أن "مثل هذه الخطوات الدبلوماسية الدقيقة والمخططة بعناية تتجاوز الإجراءات العقابية المبسطة وقصيرة النظر، والتي لم تكسب أنقرة أي نفوذ بين صناع القرار الإسرائيليين في الماضي".

و"المسؤولون الأتراك، وبينهم أردوغان، قالوا مرارا إن نتنياهو يتحمل المسؤولية الأساسية عن حرب غزة، في حين يبدو أن حياته السياسية تقترب من نهايتها"، بحسب صويلو.

وأردف: "ولهذا، أردوغان يستهدف نتنياهو مباشرة، بدلا من انتقاد المجتمع الإسرائيلي بأكمله. وكثيرا ما يذكر المعارضة الإسرائيلية لحكم نتنياهو، مما يترك مجالا للمناورة بعد مغادرته منصبه".

وزاد بأن "تركيا تدعم رسميا قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، واعتقلت مؤخرا أكثر من عشرين جسوسا لإسرائيل يشتبه بأنهم كانوا يجمعون معلومات عن فلسطينيين في تركيا".

اقرأ أيضاً

طالبه بوقف دعم إسرائيل.. أردوغان لبايدن: كفى لمأساة غزة

مستقبل غزة

و"فيما يتعلق بالتجارة، لا تؤمن أنقرة بإمكانية فرض عقوبات جماعية على المجتمع الإسرائيلي بأكمله عبر قطع العلاقات تماما، وهي خطوة من شأنها أن تؤثر سلبا أيضا على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وحتى بعد مذبحة (سفينة) مافي مرمرة عام 2010 التي نفذها جنود إسرائيليون، لم تنه تركيا علاقاتها التجارية الثنائية"، كما زاد صويلو.

واستدرك: "لكن إذا قارنت بيانات التصدير من ديسمبر 2023 مع ديسمبر 2022، فستجد انخفاضا بنسبة 30% في السلع والخدمات التركية المباعة إلى إسرائيل، إذ انخفضت من 611 مليون دولار إلى 431 مليون دولار".

"كما انخفض إجمالي تجارة تركيا مع إسرائيل بين 7 أكتوبر و31 ديسمبر 45% مقارنة بالفترة نفسها من 2022، من حوالي 2.3 مليار دولار إلى 1.2 مليار دولار"، وفقا لصويلو.

وتابع: "ولن يقوم المسؤولون الأتراك بإلغاء الصفقات التجارية الملزمة بين الكيانات الخاصة، مثل الترتيبات المتعلقة بالصادرات الأذربيجانية عبر الموانئ التركية إلى إسرائيل، أو الشركات التركية الخاصة التي تحمل البضائع المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية".

و"استنادا إلى محادثاتي مع المسؤولين الأتراك، من الواضح جدا أن أنقرة مستعدة لأن تكون جزءا من قوة حفظ سلام في غزة تحت رعاية اتفاق يهدف إلى حل الدولتين، كما أنها مستعدة للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار في ظل حكومة فلسطينية شرعية"، كما ختم صويلو.

اقرأ أيضاً

لماذا يهاجم أردوغان إسرائيل؟ وهل تعصف حرب غزة بالعلاقات الثنائية؟

المصدر | رجب صويلو/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة تركيا إسرائيل علاقات إبادة جماعية حل الدولتين نتنياهو

إقرأ أيضاً:

أردوغان يعرض وساطته بين بوتين والأسد لبدء عملية تطبيع جديدة بين البلدين

عرض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، وساطته بالتعاون مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتوجيه دعوة إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، لبدء عملية تطبيع جديدة للعلاقات مع سوريا.

وقال أردوغان للصحفيين فور وصوله من أستانا: "لقد قلت بالفعل يوم الجمعة (الماضية)، بعد صلاة الجمعة، أنه يمكننا بدء عملية جديدة (لتطبيع العلاقات) مع سوريا. يمكننا مع السيد بوتين، دعوة السيد الأسد".

تركيا: لا يوجد خطط لاجتماع بين أردوغان والأسد بروسيا سبتمبر المقبل أردوغان: يجب إيقاف إسرائيل وإجبارها على قبول الصفقة

وأضاف أردوغان بأن زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، المرتقبة إلى تركيا قد تكون بداية لعملية جديدة، لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.وعلّق قائلاً:

"إذا تمكن السيد بوتين المحترم من زيارة تركيا، فقد تكون هذه بداية لعملية جديدة (تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا). لقد أظهرت كل السنوات، التي مرت على الساحة السورية، للجميع بوضوح، أن ذلك ضروري لخلق آلية للتسوية الدائمة. يتعين على سوريا، التي دُمرت بنيتها التحتية وشعبها المشتت، أن تقف على قدميها وتنهي عدم الاستقرار. ويمكن للتهدئة الأخيرة في هذا المجال، أن تفتح الباب أمام السلام، إذا تم تبني سياسات حكيمة ونهج لحل المشاكل، دون تحيز".

وأكد أردوغان أن "المشكلة هي أن عدم الاستقرار في المنطقة يعطي المنظمات الإرهابية، وخاصة حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات حماية الشعب الكردية (المحظورة في تركيا كمنظمات إرهابية، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني) مساحة للنشاط".

وتعليقاً على تصريحات الأسد بشأن تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، الأسبوع الماضي، قال أردوغان، إنه لا توجد أسباب لعدم إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، وبحسب قوله، فإن أنقرة لا تهدف إلى التدخل في شؤون دمشق الداخلية.

وكان الأسد قد صرح في 26 يونيو، خلال لقاء مع الممثل الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، أن سوريا منفتحة على كافة المبادرات المتعلقة بعلاقاتها مع تركيا والمبنية على احترام سيادة البلاد.

وفي يونيو الماضي، قال مصدر في السلطات الأمنية السورية لوكالة "سبوتنيك" إن نقطة التفتيش التي تفصل بين المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الموالية لتركيا والأراضي الخاضعة لسيطرة السلطات السورية بدأت العمل في وضع تجريبي، وسيتم افتتاحها أخيرًا في الأول من يوليو الجاري.

وفي وقت سابق، أفادت صحيفة "أيدينليك" التركية، نقلا عن مصادر، أن الوفدين العسكريين لتركيا وسوريا، بوساطة روسية، أجريا مفاوضات في قاعدة حميميم الجوية، ومن المتوقع أن يكون الاجتماع المقبل في بغداد.

وكما قال لافرينتييف في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، فقد سلمت موسكو لأنقرة ودمشق مسودة خارطة الطريق لتطبيع العلاقات بين الجانبين، مشيرا إلى أنه بإمكانهما إجراء تعديلات.

وسبق أن حدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المواضيع ذات الأولوية في خارطة الطريق، بما في ذلك حل مشكلة استعادة سيطرة الحكومة السورية على جميع أنحاء البلاد، وضمان أمن الحدود السورية التركية، والقضاء على احتمال وقوع هجمات عبر الحدود وتسلل الإرهابيين.

 

مقالات مشابهة

  • هل سيلتقي أردوغان بالأسد؟
  • موكب أردوغان في برلين يثير جدلا
  • نتنياهو: أي اتفاق بشأن غزة يجب أن يتيح لإسرائيل مواصلة الحرب حتى تحقيق جميع الأهداف
  • ‏أردوغان: هناك تطورات إيجابية بشأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة والمهم هنا هو موقف نتنياهو
  • أردوغان في مدرجات مباراة تركيا وهولندا
  • أردوغان يحضر مباراة تركيا وهولندا بربع نهائى يورو 2024
  • أردوغان: نواصل مدَّ يد الصداقة إلى سوريا
  • أردوغان يعرض وساطته بين بوتين والأسد لبدء عملية تطبيع جديدة بين البلدين
  • أردوغان يعلن نيته دعوة الأسد إلى زيارة تركيا رفقة بوتين
  • هل الأتراك حزينون على الطفلة السورية لهذه الدرجة؟