مسقط- الرؤية

استضاف قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس المؤرخ الروسي البروفيسور فلاديسلاف كوكولين من جامعة نوفو سيبريسك الحكومية.

وتأتي هذه الزيارة في إطار تبادل الخبرات الأكاديمية مع أساتذة قسم التاريخ، وطلبة الدراسات العليا بالقسم، وبحث آفاق التعاون مع الباحثين المتخصصين بالتاريخ، وكان في استقباله الدكتور علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ، الذي رحّب به، وقدم نبذة مختصرة عن جامعة السلطان قابوس بشكل عام وقسم التاريخ بشكل خاص، ثم استعرض السيرة الذاتية للضيف الزائر، وقد حضر اللقاء كل من الدكتورة فاطمة بلهواري أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد، والدكتور ناصر بن عبد الله الصقري أستاذ التاريخ الحديث المساعد، وعدد من طلبة الماجستير والدكتوراه.

ومن المقرر أن يُقدِّم البروفيسور خلال زيارته عدد من المحاضرات داخل الجامعة وخارجها في مجال تخصصه ونطاق اهتماماته البحثية والأكاديمية والمتمثلة في المواضيع المتعلقة بتاريخ الإسلام في روسيا ومنطقة القوقاز وسيبيريا.

وقد تعرّف البروفيسور فلاديسلاف على عُمان من خلال ما ينشر في مواقع الإنترنت المختلفة عن عمان، وأيضا من خلال كتابات بعض المؤرخين الروس الذين كتبوا عن تاريخ الجزيرة العربية، وهذا ما دفعه لزيارة عمان، كونها بلداً له تاريخ عريق ورصيد حضاري كبير.

وتناولت أولى محاضراته في رحاب كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، موضوع "تاريخ الإسلام في روسيا"؛ حيث افتتح حديثه بمدخل عام لبدايات دخول الاسلام إلى روسيا إبان حركة الفتوحات الإسلامية في آسيا الوسطى بدءًا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم تناول بدايات انتشار الإسلام على نحو أكبر في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ودخول المجموعات التركية في الإسلام. ثم عرّج على توغل الإسلام في عهد الدولة الأموية والأدوار التي قام بها القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي، عندما غدت خراسان مركز إشعاع اسلاميًا.

وتطرق المؤرخ الروسي إلى أبرز الأعلام في الفكر والثقافة الإسلامية الذين برزوا في منطقة القوقاز/ القفقاز مثل: ابن سينا، والخوارزمي، والبيروني، وعمر الخيام. ثم قدم صورًا لأبرز الآثار والمواقع الإسلامية في أنحاء روسيا الاتحادية.

ثم ختم البروفيسور محاضرته بالحديث عن الإشكاليات التي يعاني منها المسلمون في روسيا اليوم ومن أبرزها أن المسلمين في روسيا ليس لديهم مركز واحد، ولا مرجعية واحدة؛ حيث يوجد حاليا في روسيا حوالي 80 مفتيًا يتنافسون مع بعضهم البعض، وهذا يجعل من الصعب تطوير سياسة موحدة وحوار بين المسلمين والسلطات، ومن جهة أخرى الفقر في روسيا يُولِّد أرضاً خصبة للتطرف وإثارة العداء، علاوة على أن دراسة الإسلام وتاريخ الإسلام في روسيا الحديثة، لا تحظى بدعم الدولة. وفي ختام المحاضرة، فُتح المجال للنقاش بين الأستاذ الزائر والحضور الذين تفاعلوا مع المحاضر بأسئلتهم المُثرية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الإسلام فی فی روسیا

إقرأ أيضاً:

“معركة بدر” نقطة تحوّل في التاريخ الإسلامي ودروس خالدة في القيادة والتخطيط

المناطق_واس

تعدّ “معركة بدر الكبرى” التي وقعت في اليوم الـ 17 من شهر رمضان من السنة الثانية بعد الهجرة (الموافق 13 مارس 624 م) أول انتصار عسكري كبير للمسلمين، أظهرت قوة الإيمان والوحدة بين المسلمين في مواجهة الصعاب، وشكّلت نقطة تحوّل في التاريخ الإسلامي، ومسار الدعوة إلى دين الله تعالى.

ورصدت عدسة وكالة الأنباء السعودية مشاهد من موقع المعركة التي خلّدها التاريخ الإسلامي، وجرت أحدثها بين المسلمين بقيادة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وجيش المشركين في منطقة بدر 150 كلم – جنوب غرب المدينة المنورة – وما تحويه من معالم طبيعية من كثبان رملية، وساحة وميدان المعركة، ومقبرة شهداء بدر، ومسجد العريش الذي بُني في مقر قيادة النبي – صلى الله عليه وسلم – لجيش المسلمين، خلال المعركة التي عزّزت موقف المسلمين، ودعمت وحدتهم وقوتهم في مواجهة الأعداء المتربصين، وساهمت في توطيد أمنهم، وثبات إيمانهم رغم قلة عددهم وعتادهم، وإيمانهم الراسخ بأن الله ينصر عباده الموحدين.

وتعود خلفية نشوب المعركة التاريخية حين علم المسلمون في المدينة المنورة أن قافلة تجارية كبيرة لقريش بقيادة أبو سفيان، كانت عائدة من الشام محملة بالبضائع، فقرر المسلمون اعتراض القافلة، لاستعادة بعض ما فقدوه من أموال بعد هجرتهم من مكة، لكن أبو سفيان تمكّن من تغيير مسار القافلة، وطلب النجدة من قريش، فخرج جيش من مكة يزيد عن 950 مقاتلاً، مزودين بعتاد، ويضم 100 خيل، فيما كان عدد جيش المسلمين 313 رجلاً بينهم فرسان قليلون، ويتضمن 70 جملاً و2 من الخيل.

وبدأت المعركة بمبارزات فردية، انتصر فيها المسلمون، ثم تطورت إلى قتال عام، حقق خلاله المسلمون نصرا حاسما على الرغم من التفوق العددي لقريش، وذلك بفضل الله تعالى ثم التخطيط الجيد، والروح المعنوية العالية، كما شهدت المعركة نزول الملائكة بأمر الله سبحانه لنصرة المسلمين، كما جاء في القرآن الكريم “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ.

وتجسّد معركة بدر التاريخية أهمية التفاصيل الاستراتيجية، وحنكة المسلمين في ثبات وتعزيز موقفهم قبل وأثناء المعركة، حيث سارع المسلمون إلى السيطرة على آبار الماء في منطقة بدر قبل وصول جيش قريش، وهي نقطة حيوية في منطقة تحيط بها الكثبان الرملية، فبادروا إلى تأمين الآبار الرئيسية، وردم بعض الآبار الأخرى، لمنع عدوهم من الوصول إلى الماء بسهولة، ما أضعف معنويات العدو وجعلهم في وضع غير مريح.

وتضمنت التفاصيل المهمة لمعركة بدر اختيار الموقع الاستراتيجي، إذ اختار النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – موقعا مرتفعا نسبيا قرب الآبار مع وجود الكثبان الرملية خلف المسلمين لتوفر لهم حماية طبيعية، بينما كان أمامهم أرض منبسطة تناسب القتال، وتعيق تقدم العدو المتفوق عدداً، إضافة إلى الاستفادة من اتجاه الشمس التي كانت في ظهر المسلمين وأمام أعين قريش، ما أعطى المسلمين ميزة بصرية، إلى جانب الاستفادة من الظروف الطبيعية مثل هطول المطر في الليلة التي سبقت المعركة ما جعل الأرض أمامهم صلبة وسهلة الحركة، بينما كان المطر في جانب قريش أثقل، ما جعل الأرض طينية، أعاقت تحركاتهم، كما قال تعالى ” إذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ”.

وساهم اختيار الموقع المناسب، واستغلال الظروف الطبيعية، والتنظيم الجيد، والتركيز على الروح المعنوية في انتصار المسلمين يوم بدر، رغم تفوق قريش في العدد والعتاد، فلم تكن استراتيجية القيادة التي فرضها النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – مجرد خطة عسكرية، بل كان يدعمها إيمان قوي، وحسابات دقيقة، ما جعلها نموذجا يدرّس في العلوم العسكرية حتى اليوم.

وكانت المعركة الخالدة، شاهدا على حسن التخطيط والقيادة، حيث ركّز النبي – صلى الله عليه وسلم – على الانضباط وتوزيع الأدوار، وتقسيم الجيش الصغير إلى وحدات منظمة، وتعيين قادة لكل مجموعة، كما وضع الرماة في الخلف لتوفير الدعم، بينما كان المشاة في المقدمة لمواجهة الهجوم المباشر، كما شجّع النبي – صلى الله عليه وسلم – الجيش على الوحدة والتضامن، فكان هذا العامل حاسما في تعزيز عزيمة المسلمين وتكاتفهم، وداعماً رئيسيا لنشر الدين والدعوة الإسلامية في مهدها.

وبلغت خسائر المسلمين في معركة بدر الكبرى 14 شهيدا، (ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار) فيما قُتل من قريش 70 رجلا، بينهم قادة بارزون، مثل أبو جهل، كما أُسر المسلمون 70 آخرين، فيما عزّزت المعركة مكانة المسلمين في المدينة المنورة، وساهمت في نشر الإسلام، وتوطيد دولتهم الناشئة آنذاك.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف “فصل خفي” في تاريخ تطور البشر
  • مفتي عمان: نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا وتوعدوا فنفذوا
  • مفتي عمان :نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا وتوعدوا فنفذوا
  • مفتي عمان :نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا، وتوعدوا فنفذوا
  • الإسلام دين واحد
  • بعمر 23 عاماً.. أصغر متقاعد في تاريخ روسيا
  • مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية
  • معركة بدر.. مدرسة محمد في صناعة التاريخ المكمل للكون
  • وزير الداخلية يعزي ذوي الشهداء الذين ارتقوا وهم يؤدون واجبهم الوطني
  • “معركة بدر” نقطة تحوّل في التاريخ الإسلامي ودروس خالدة في القيادة والتخطيط