رام الله- في الذكرى 59 لانطلاقتها، تواجه حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، التي قادت على مدى سنوات ما قبل اتفاق أوسلو الشعب الفلسطيني، انتقادات لتراجع دورها النضالي على الأرض خلال الحرب التي تشنها إسرائيل منذ ما يزيد على 100 يوم على قطاع غزة، وما رافقها من اعتداءات في الضفة الغربية طالت كل مناحي الحياة اليومية.

فما مستقبل الحركة؟ وقوتها في الشارع الفلسطيني في المواجهة الحالية؟ وما مدى قدرتها على الحفاظ على هويتها المقاومة بعد سنوات من التماهي مع السلطة التي ترفع شعار الحل السلمي؟.

خلال هذا اللقاء مع إحدى قيادات فتح وعضو لجنتها المركزية عباس زكي، استطلعت "الجزيرة نت" مواقف الحركة من أهم القضايا على الساحة الفلسطينية حاليا.

تابعتم جلسة محكمة العدل الدولية بشأن اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ما أهمية الخطوة التي قامت بها جنوب أفريقيا؟ وكيف يمكن البناء عليها فلسطينيا؟

جنوب أفريقيا عاشت في السابق الظروف التي تعيشها فلسطين الآن تحت الاحتلال، ولكن بإرادة وتصميم وصبر وحكمة عالية استطاعوا أن ينتصروا، وهذا الانتصار كان انتصارا لكل المظلومين في العالم.

بالتالي مع بدء الحرب على القطاع كانت جنوب أفريقيا تراقب المجزرة التي تقوم بها إسرائيل، وهي تعلم بجرائمها السابقة منذ عام 1948.

هذه الخطوة أسست لمرحلة جديدة تقوم على تغيير جذري شامل على أساس أن فلسطين الآن تُقسّم العالم أخلاقيا بين من مع الاحتلال والظلم، وبين من مع القانون الدولي والعدالة والسلام، إلى جانب إعادة تصحيح مفاهيم الصهيونية والاحتلال وحق الشعب المحتل باستخدام كل أشكال النضال لإنهاء الاحتلال.

هذه الخطوة عززت الموقف الدولي والعربي الشعبي المساند للقضية الفلسطينية، الذي بات مقتنعا بعدالة القضية وضرورة إنهاء الاحتلال الذي أصبح عبئا على الغرب والعالم.

"إن حريتنا غير كاملة دون حرية الشعب الفلسطيني" #جنوب_افريقيا على خطى #نلسون_مانديلا #FreePalestine pic.twitter.com/y1zRqDk6Ev

— Abed Dolah (@AbedDolah) January 11, 2024

رشح عن لقاء وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بالرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا وجود مطالب أميركية بالإصلاح وتجديد السلطة، فهل المقصود شكل السلطة الحالي لتكون مقبولة أكثر إسرائيليا وأميركيا؟

أميركا ومن خلفها إسرائيل ترى أن هذه السلطة لا تخدمهم، لذا يسعون إلى إعادة تشكيل السلطة على مقاسهم، وهو شيء لا أحد يقبله. وبالتالي يفترض أن نواجه ونرفض هذه المطالب.

أميركا تساند إسرائيل بما تقوم به من إبادة لشعبنا في القطاع، ومن جهة أخرى لا تستطيع أن تجبر إسرائيل على أبسط الاستحقاقات للجانب الفلسطيني وأقلها دفع أموال الضرائب (المقاصة).

كل حديث عن إصلاح السلطة حاليا كمقدمة لترتيبات ما بعد الحرب من طرف يمارس الإبادة الجماعية مع إسرائيل مرفوض، فلا أحد يقبل على نفسه أن يذهب إلى غزة بغطاء أميركي.

في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع، وجرائم الاحتلال اليومية والاستيطان في الضفة الغربية، أين السلطة الفلسطينية مما يجري هنا، وما المطلوب منها برأيك؟

السلطة تقوم ليل نهار بواجبها بحماية الحالة الفلسطينية، ومنع الانهيار وتوفير المساعدات، والتواصل مع الأطراف الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو المحافل الدولية، ولكنها لا تستطيع أكثر من ذلك.

هدّد الرئيس محمود عباس بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال في أكثر من محطة، ما الذي يمنع من العمل بهذا التهديد، طالما أن الاحتلال يتجاوز كل الخطوط الحمراء في التعامل مع السلطة ومع المواطنين الفلسطينيين؟

شخصيا لا أعرف إن كان هناك حاليا تنسيق أمني، لأن الجانب الإسرائيلي لا يلتزم به، فالتنسيق الأمني يسري عندما يكون هناك اتصالات بين ضباط فلسطينيين وإسرائيليين، ولكن ما يجري أن إسرائيل تستبيح كل الضفة الغربية، قد يكون هناك حكمة بعدم إلغاء التنسيق رسميا من قبل الرئيس والقيادة، ولكن لا تنسيق حقيقي على الأرض.

بالحديث عن الحرب على غزة، ما دور حركة فتح بعد أحداث طوفان الأقصى، وكيف تردون على الانتقادات بشأن تراجع دورها في الشارع الفلسطيني؟

للأسف، رهنوا مصيرنا بوهم اسمه السلام، وخلال 30 عاما الفائتة لم يكن هناك تحضير للمعارك بمقدار الانشغال ببناء مؤسسات الدولة، وفي كل ذلك كانت فتح على يسار السلطة، مما جعل دورها في المقاومة أقل. ولكن هذا لا يعني أن فتح لا تقاتل، غزة لا تخلو من الفتحاويين الذين يقاتلون، وحتى في الضفة رغم كل التقييدات والاتفاقيات التي تمنع على فتح حمل السلاح نرى كتائب شهداء الأقصى تقاوم.

وأنا أقول في اليوم الذي تقدم فيه إسرائيل على ضم الضفة الغربية سيتصدى لها كل الفتحاويين مهما كانوا منخرطين في السلطة ومصالحها. أنا واثق أن عدوانية إسرائيل ستقودنا جميعا إلى المعركة.

عباس زكي: إسرائيل ستواجه تحديا كبيرا من حركة فتح عندما تقدم على ضمّ الضفة الغربية (الجزيرة) كان يفترض أن تعقد حركة فتح مؤتمرها العام الثامن بمنتصف الشهر الفائت، ما الذي يعيق ذلك؟ وما أبرز القرارات التي يتوقع أن يخرج بها في حال انعقاده؟

كنا بحاجة إلى عقد المؤتمر لتكريس الحياة الديمقراطية لاختيار حركة فتح قياداتها، ولكن لا يمكن تحت أي ظرف أن نعقد مؤتمرنا دون غزة، وأن نبحث في ظل هذه الحرب مَن يقود وهناك قيادة على الأرض تقاتل في غزة. وأنا قلت وأقول إنه طالما "محمد ضيف" يمشي على رجليه نحن جميعا بخير.

بشكل عام كيف تقيّم حركة فتح بعد 59 عاما على انطلاقتها، ألا تزال تقود الشارع؟ وهل يمكن القول إن خلافاتها الداخلية أثرت في قوتها على الأرض؟

الفكرة الملهمة لا تكمن في أشخاص، وفكرة فتح هي تحرير كامل التراب الفلسطيني، رغم انخراطنا باتفاقيات سلام مع إسرائيل. فتح لا تزال لديها الإستراتيجية نفسها، ولا تزال بقوتها رغم كل الخلافات، وكلما زادت إسرائيل ضغطها، عادت الحركة للتماسك والقوة، ولا نختلف مع من يريد السلام منا، ولكن نقول إن عليه أيضا أن يستعد للحرب.

والآن نحن في حركة فتح نبذل جهدا ليكون هذا البعد الاضطراري نتيجة للظروف السابقة غير دائم.

بالحديث عن الشأن الداخلي، هل هناك أي اتصالات بين السلطة الفلسطينية وحركة فتح وبين حركة حماس؟ وما أهم الملفات التي برأيكم يجب أن تعالجها هذه الاتصالات؟

بالنسبة لنا كان اغتيال القائد صالح العاروري مثل اغتيال أبو جهاد، لا فرق بينهم بالنسبة لحركة فتح، وبالرغم من كل الظروف والتهديدات وتصنيفه من قبل أميركا على أنه إرهابي، أعلنا الحداد.

أعتقد أن الموقف بيننا وبين حماس "تحت الطاولة" مقبول، ولكن دون أن يترتب عليها نتائج سياسية، أو اتصالات رسمية.

من وجهة نظري، كان يجب أن تكون هناك اتصالات منذ اليوم الأول للعدوان، وأنا مع دعوة من قبل الرئيس لترتيب البيت الفلسطيني الآن، فحماس بحاجتنا ونحن بحاجتها، ولا يوجد ما يعرقل ذلك.

القيادي في حركة فتح عباس زكي ..!! pic.twitter.com/gNwcrfZKCl

— (سامي عطا ) Sami Atta (@SamiAtta) January 8, 2024

بعد معركة طوفان الأقصى سمعنا أصواتا من داخل حركة فتح تنتقد حركة حماس وتطالب بمحاسبتها، هل توافق على هذه الانتقادات؟

في أثناء المعركة لا يمكن التفوه بأي شيء من هذا القبيل، ولكن بعدها الكل سيحاسب شعبيا عبر صناديق الانتخابات لقيادة جديدة.

رغم سلسلة الاجتياحات والاغتيالات الإسرائيلية لكوادر المقاومة في الضفة، خصوصا جنين ونابلس وطولكرم، لا تزال المواجهة مستمرة مع الاحتلال، بل تتصاعد وتشتد. في تقديركم إلى أين تمضي هذه المقاومة؟ وهل الأوضاع في الضفة تتجه إلى الانفجار أم الهدوء؟

الهدف الإستراتيجي لإسرائيل هو الضفة الغربية، والمقصلة كانت للضفة، وليست في غزة. ونحن نقول إذا أرادوا تنفيذ ما يتحدثون عنه بتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية لن نغادر مهما بلغ حجم التضحيات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة على الأرض فی الضفة عباس زکی حرکة فتح لا تزال

إقرأ أيضاً:

إسرائيل توسع شبكة طرق في أكبر مستوطنات الضفة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، المصادقة على مشروع شق طريقين جديدين في الضفة الغربية المحتلة، ما يعزز النشاط الاستيطاني في منطقة معاليه أدوميم.

وقال مكتب نتانياهو في بيان: "وافق مجلس الوزراء الأمني الليلة الماضية على اقتراح وزير الدفاع يسرائيل كاتس لبناء طرق بديلة، مما سيؤدي إلى بناء شبكة طرق جديدة في منطقة معاليه أدوميم".

وأضاف أن هذا المشروع "سيحسن تالياً حركة المرور ويعزز البنية التحتية للنقل بين القدس ومعاليه أدوميم، وشرق منطقة بنيامين، مما يسمح باستمرار تطوير المستوطنات في منطقة إي 1".

وتقع المنطقة "إي 1" خارج القدس في الضفة الغربية، ويعيش فيها بدو.

حولتها إلى مستوطنات مستقلة..إسرائيل تفصل 13 حياً استيطانياً في الضفة الغربية - موقع 24أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اليوم الأحد، أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وافق على خطة لفصل 13 حياً استيطانياً يهودياً في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل عن المناطق المجاورة لها.

ومن المقرر أن يلتف أحد الطريقين المخطط لهما حول الطريق الحالي، ويسمح للفلسطينيين في المنطقة بالوصول إلى القرى، دون استخدام الطريق الرئيسي.

وأعلنت إسرائيل مراراً مشاريع بناء في هذه المنطقة الواقعة بين القدس والبحر الميت.

وتعد معاليه أدوميم واحدة من أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، إذ يتجاوز عدد سكانها 40 ألفاً.

ويدين الفلسطينيون ومنظمات غير حكومية هذه المشاريع التي تقطع الضفة الغربية إلى قسمين، وتمنع قيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافياً.

وقال نتانياهو في البيان: "نواصل تعزيز أمن المواطنين الإسرائيليين، وتوسيع مستوطناتنا".

وأضاف أن "الطريق الجديد سيعود بالنفع على جميع سكان المنطقة، وسيسمح بحركة مرور سلسة، وتحسين الأمن، وإنشاء رابط استراتيجي بين القدس ومعاليه أدوميم وغور الأردن"، وهي 3 مناطق تقوم فيها إسرائيل بتطوير المستوطنات غير القانونية بموجب القانون الدولي.

من جهتها، وصفت منظمة السلام الآن غير الحكومية المناهضة للاستيطان المشروع بأنه "طريق جديد للفصل العنصري".

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967، ويعيش فيها حوالي 3 ملايين فلسطيني، إلى جانب ما يقرب من نصف مليون مستوطن إسرائيلي.

 

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفلسطيني يهنئ الرئيس الشرع بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة
  • إسرائيل توسع شبكة طرق في أكبر مستوطنات الضفة
  • في الذكرى الـ 49 ليوم الأرض الفلسطيني.. نقطة تحول في العلاقة بين السلطة الإسرائيلية وفلسطيني 48
  • حركة حماس تحيي صمود أبناء الشعب الفلسطيني في غزة
  • إسرائيل تبدأ مشروعاً استيطانياً يفصل شمال الضفة عن جنوبها
  • أحمد بن محمد: كل عام والإمارات قيادةً وشعباً والمقيمين على أرضها بخير
  • الرئيس عباس يهنئ الشعب الفلسطيني بحلول عيد الفطر
  • باحث سياسي: إسرائيل تريد تفكيك العنوان السياسي للشعب الفلسطيني
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة
  • الرئيس الشرع يتلقى برقية تهنئة من الرئيس الفلسطيني بمناسبة عيد الفطر المبارك