في عام تُبنى عليه توقعات بتجاوز الجائحة وصدمات الطاقة، كان من المتوقع أن يرسم المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا خطا تحت 3 سنوات مضطربة. لكن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط حطمت هذه التوقعات، وكشفت أن العالم لا يزال عالقا في أزمات غير منتهية. ويواجه هذا الاجتماع السنوي لزعماء العالم، المعروف بتشكيله الخطاب الدبلوماسي، تحديات جديدة في عصر التحولات الجيوسياسية والأزمات الناشئة.

ويؤكد رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ بريندي، ضرورة التعاون المبتكر بين القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات العالمية الملحة. ويهدف المنتدى، الذي ينعقد تحت شعار "إعادة بناء الثقة"، إلى استعادة القدرة الجماعية وتعزيز المبادئ الأساسية للشفافية والاتساق والمساءلة بين القادة.

ويشارك في المنتدى لهذا العام أكثر من 300 شخصية عامة، بما في ذلك أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة. وسوف يضم اجتماعات لزعماء وسياسيين؛ مثل: رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ولي تشيانغ، رئيس وزراء جمهورية الصين الشعبية، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأورسولا فون دير لاين من المفوضية الأوروبية، وأنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، إضافة إلى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إلى جانب آخرين يمثلون مناطق متنوعة.

وستؤدي المنظمات الدولية دورا مهما، حيث تسهم في الحوار شخصيات رئيسة؛ مثل: الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، إضافة إلى رئيس مجموعة البنك الدولي أجاي إس بانجا.

ويتناول جدول أعمال المنتدى الديناميكيات المعقدة في الشرق الأوسط، ويلقي الضوء على التوترات الأخيرة، في ظل وجود مسؤولين من قطر والأردن ومصر وإسرائيل، بينما ستُعقد جلسة مخصصة حول الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة، لتؤكد الحاجة الملحة لمعالجة الاضطرابات الإقليمية.

ويبرز موضوع الذكاء الاصطناعي نقطة محورية في المنتدى، مما يعكس التأثير المتزايد للتقنية في مشهدنا العالمي. وتستكشف حوالي 30 جلسة التأثير البعيد المدى للذكاء الاصطناعي، وتضم شخصيات رئيسة؛ مثل: مؤسس شركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان والمدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت، وسيناقش الحضور مسألة المعلومات الخاطئة المولدة بالذكاء الاصطناعي كونها تهديدا عالميا ملحا.

وستشهد قاعات دافوس نقاشا حول المخاوف المحيطة بالمعلومات المضللة، وتأثيرها المحتمل في الديمقراطيات في مركز الصدارة، وفقا لتوصيف الموقع الرسمي للمنتدى.

وعلى خلفية حرب باردة جديدة محتملة، يشارك المتحدثون البارزون، بما في ذلك رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مناقشات تتعمق في التوازن الدقيق بين الأنظمة الاستبدادية والمُثل الديمقراطية.

إن التحدي الدائم المتمثل في تغير المناخ يسترعي الاهتمام مرة أخرى، وعلى خلفية ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، يقود شخصيات مثل مستشار المناخ الأميركي جون كيري، المناقشات حول المبادرات الرامية إلى جذب القطاع الخاص إلى تطوير التقنيات المنخفضة الكربون، ومع اكتساب خطط التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري زخما، يبرز دافوس منصة قوية لمواءمة الاهتمامات البيئية مع المبادرات المالية رفيعة المستوى.

ولا يقتصر المنتدى على السياسة فحسب؛ فهو يجمع ممثلين عن مختلف القطاعات. حيث سيشارك في المؤتمر أكثر من 1600 من قادة الأعمال، بما في ذلك 800 من كبار الرؤساء التنفيذيين، وسينضم إليهم 150 من المبتكرين العالميين ورواد التقنية في طليعة الصناعات التحويلية، وفقا لجدول أعمال المنتدى.

ولا يزال المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يمتد لأكثر من نصف قرن، يشكل بوتقة للحوار بين زعماء العالم. وعلى الرغم من الانتقادات، يحتفظ المنتدى بأهميته كونه مساحة للمحادثات وجها لوجه حول التحديات العالمية المشتركة. وبينما ترحب مدينة دافوس المغطاة بالثلوج بهذا التجمع المتنوع، يصبح من الواضح أن نجاح هذه المناقشات يكمن في تعزيز التعاون بين القطاعات، وتجاوز الحدود الجغرافية والأيديولوجية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

قادة البورصات العالمية يبحثون في قمة AIM للاستثمار آليات تعزيز تكامل الأسواق المالية

 

استضافت قمة AIM للاستثمار جلسة رفيعة المستوى بمشاركة الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين بالبورصات الرائدة والهيئات المعنية بالأسواق المالية من مختلف أنحاء العالم ركزت على كيفية التعامل مع التحديات التنظيمية، وتعزيز نزاهة الأسواق المالية، وتوسيع الوصول للأسواق الناشئة، وتعزيز التزام معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في بيئة مالية عالمية سريعة التغير.
وناقش أول محاور الجلسة التحديات والفرص التنظيمية، والإصلاحات والمبادرات الرئيسية واستعرض خلاله هيثم السالمي، الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط، تطور استراتيجية البورصة وجهودها لتعزيز الرؤية والثقة لدى المستثمرين رغم التحديات على صعيد المنافسة بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
فيما سلط جليل طريف، الأمين العام للاتحاد العربي لهيئات الأوراق المالية المسألة التنظيمية في أسواق الأوراق المالية العربية وما قد تشكله من عوائق أمام الاستثمار عبر الحدود، داعياً إلى تبني أطر تنظيمية موحدة وتطوير الأسواق الثانوية لتعزيز السيولة والمشاركة الاستثمارية.
وفي المحور الخاص بـ التخفيف من تقلبات السوق وتعزيز الالتزام بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، أشار دورجي فونتشو، الرئيس التنفيذي لبورصة الأوراق المالية في بوتان، إلى نهج بوتان المتميز الذي يدمج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية مع رؤية التنمية الاجتماعية، داعياً إلى فرض الافصاحات البيئية والاجتماعية لتشجيع استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل وتقليل التداولات بالمضاربة.
وحول محور التأثير التنظيمي والامتثال في السوق، أكدت نوربان فهمي، المديرة التنفيذية والمستشارة القانونية لبورصة المالديف، على ضرورة التوافق مع المعايير الدولية، في حين أشار هايك ييغانين، الرئيس التنفيذي لبورصة أرمينيا، إلى التحديات التي تواجهها الشركات المدرجة في تلبية معايير الشفافية وحوكمة الشركات المعززة، لا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة.
وفيما يتعلق بتأثير التحرير التنظيمي أشارت إيفانا غاجيتش، رئيسة مجلس إدارة بورصة مدينة زغرب عاصمة كرواتيا، إلى أن التحرير التنظيمي يمكن أن يُحسن المرونة ويجذب رأس المال الأجنبي، لكنه في الوقت نفسه يزيد من مخاطر تقلبات السوق ويضعف حماية المستثمرين.

فيما أكد بيتر كوبليتش، الرئيس التنفيذي لبورصة براغ، أن التحرير التنظيمي قد يعزز المشاركة الأجنبية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ثم انتقلت الجلسة إلى مناقشة نزاهة الأسواق المالية، مع التركيز على الابتكار والتعاون عبر الحدود ودعا حسن دودا، الرئيس التنفيذي لبورصة الصومال، إلى تكثيف الشراكات التنظيمية واتفاقيات الاعتراف المتبادل لتعزيز ثقة المستثمرين وتدفق رؤوس الأموال عبر الحدود.
واستعرض بوب كارينا، رئيس بورصة رواندا، أبرز الإمكانات التحويلية لتكنولوجيا المالية، مشيرًا إلى دفع رواندا لتكامل التداول عبر الهواتف الذكية والمدفوعات الرقمية لتعزيز وصول السوق للمجتمعات غير المخدومة.
وحول تعزيز الإدراجات عبر الحدود وفي الأسواق المحلية، أشار لوكاس بونكو، الرئيس التنفيذي لبورصة براتيسلافا، إلى دور الحوافز الضريبية والتوافق التنظيمي في الاتحاد الأوروبي في جذب الإدراجات الدولية، بينما أكد روسلان خليلوف، الرئيس التنفيذي لبورصة باكو ضرورة تقليل الحواجز أمام الإدراج وتبسيط الإجراءات بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
فيما قدم إيفان شتيريف، الرئيس التنفيذي لبورصة مقدونيا، رؤى حول دمج بورصات الأوراق المالية في جنوب شرق أوروبا، مشيرًا إلى أهمية وجود أطر تنظيمية موحدة لدعم التداول عبر الحدود والتنوع الاستثماري، مع الاعتراف بالتعقيد الملازم لعملية الدمج الإقليمي.
وركزت الجلسة في ختامها على التمويل المستدام ودمج الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، كأولوية في الأسواق العالمية.
وقدم فادي كانسو، الأمين العام المساعد للاتحاد العربي للأسواق المالية، نظرة شاملة على التحديات التي تواجه تبني معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية في المنطقة، مشيرًا إلى نقص المعايير، والمقاومة المؤسسية، وعدم كفاية آليات التنفيذ، فيما أكد ميغيل مونتيرو، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبورصة كابو فيردي، على أهمية نشر الوعي والتثقيف بشأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن الفهم المحدود بين الشركات المحلية يعوق الإفصاح الشفاف والمقارنة.
وشهدت قمة AIM للاستثمار جلسة نقاشية أيضا تناولت مستقبل رأس المال في الإمارات، بحضور عدد من قادة قطاعات المال والتكنولوجيا الذي ناقشوا التأثير التحويلي للتمويل المفتوح، والذكاء الاصطناعي، وسبل تحقيق التطور في النظام المالي.
وناقشت الجلسة – التي أدارها فايز أبو عواد، مدير السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشارك بها فؤاد محمد الرئيس التنفيذي للمصرف العربي للاستثمار والتجارة الخارجية “المصرف”، وشارث مينديس رئيس قسم البنوك العالمية، “أمازون ويب سيرفيسز”، وجمال صالح، المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات- أهمية تحفيز التحول التكنولوجي في الصناعة المالية، حيث أكد فؤاد محمد أن التحول نحو الأنظمة المالية المفتوحة يتطلب تغييرًا جوهريًا في الفكر بين الموظفين والعملاء والمنظمين على حد سواء.
و تحدث شارث مينديس عن المرونة في التكنولوجيا المالية مشيراً إلى أن التحول الرقمي في القطاع المالي لم يعد خيارًا – بل بات أمرا ضروريا من أجل المرونة والقدرة على التنافس.
وعن أهمية بناء مستقبل مالي موحد أشار جمال صالح إلى أهمية التحليلات التنبؤية والخدمات الاستباقية في القطاع المالي، مسلطاً الضوء على المسار المالي الاستثنائي للإمارات وتصدرها المنطقة في مجال حوكمة التكنولوجيا المالي.وام


مقالات مشابهة

  • منتدى تكنولوجيا التجارة في أبوظبي يستشرف مستقبل التجارة العالمية
  • أستاذة علوم سياسية تحذّر: العولمة تتآكل.. والقيم العالمية تنهار أمام الأزمات
  • مشاركون لـ«الاتحاد»: «القمة العالمية للطوارئ والأزمات» تعزز الجاهزية في مواجهة تحديات المستقبل
  • المنتدى العالمي للإنتاج المحلي يستعرض سبل تمكين المرأة في الصناعة الدوائية
  • قادة البورصات العالمية يبحثون في قمة AIM للاستثمار آليات تعزيز تكامل الأسواق المالية
  • رئيس “الغذاء والدواء” يؤكد دور الجهات الرقابية في تمكين الاستثمار خلال المنتدى العالمي للإنتاج المحلي بأبوظبي
  • نهيان بن مبارك يفتتح القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025
  • «بناء مرونة عالمية لمواجهة التحديات» أهم أولويات القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات
  • الإصلاحات المالية في مهب الأزمات العالمية.. سلم الرواتب مؤجل بانتظار فائض مفقود
  • الإصلاحات المالية في مهب الأزمات العالمية.. سلم الرواتب مؤجل بانتظار فائض مفقود - عاجل