هل ننشد العدل بعد افتضاح المؤسسات الدولية؟
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
عدم فعالية الأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية تجلت في أوضاع كثيرة منذ إنشائها، خاصة في قضية فلسطين وعشرات القرارات التي لم تنفذ، مرورا بجائحة كورونا ونهاية بالعدوان على غزة والعجز التام عن اتخاذ موقف حاسم.
لقد تعملقت الأمم المتحدة ومنظماتها على الغلابة فقط، وجعلت كل قراراتها محصنة بالباب السابع الذي يتيح استعمال القوة لتنفيذ القرارات، بينما كان الفيتو لخمس دول مانعا من تحقيق العدالة المنشودة ضد الدول القوية.
يقول أردوغان في كتابه "نحو عالم أكثر عدلا" عام ٢٠٢١م: "لا يمكن ترك مصير البشرية لأهواء عدد محدود من البلدان في عصر يواجه مشكلات جسيمة".. "إن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للأسف تكتفي بموقف المتفرج لا غير، والأدهى من ذلك تموضع المجتمع الدولي والجهات الفعالة عالميا ضد الديمقراطية ومطالب الناس بالعدالة إضافة إلى إضفاء الشرعية على أولئك الذين يقتلون الأبرياء بوحشية في مختلف أنحاء العالم، والتغاضي عن العنف بتجاهل القيم العالمية من أجل سياسة الوقيعة".
العالم اليوم إن لم يستطع إجراء هذا التغيير الذي يشكل أمما متحدة تعكس التعددية الثقافية والتعددية القطبية لضمان سلام عالمي عادل وأكثر استدامة، وإن لم تنجح الجهود في تحقيق ذلك بعد كل الفشل الذي صاحب تاريخ المنظمة الدولية، فلا بد من موقف حاسم تتحرك فيه الدول الحرة التي عانت من ويلات الظلم الدولي والسيطرة الأممية لعدة دول
تعريف الأمم المتحدة في ميثاق تأسيسها: "منظمة عالمية تهدف إلى تأمين العدالة والأمن والتنمية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية لجميع البلدان"، فهل حققت ذلك، أم كانت عاجزة وفقدت وظيفتها مع مجلس أمنها أمام صراعات عدة، مثلما حدث ويحدث في فلسطين وسوريا والعراق وأوكرانيا، ومن قبلها مجازر حرب البوسنة والمذبحة الرواندية؟ كانت كلها وصمات عار، ولم يفكر أحد في تعديل مسارها وفاقا أو اختلافا طالما هي تحقق مصالح الدول الخمس دائمة العضوية!
ومن هنا كانت اقتراحات تركيا بوجوب عدم استمرار هذا النظام الدولي المنحاز ضد الفقراء والأبرياء، بل تجب إعادة هيكلته من أجل تأسيس بنية أكثر فاعلية وشفافية ووظيفية وتمثيلا وخضوعا للمساءلة، من شأنها الإسهام بحق في السلام العالمي والأمن والاستقرار. وهذا يستلزم تغييرا جذريا عند إعادة هيكلة مجلس الأمن الذي يتمتع بسلطة رادعة فعلية لا يدفع ثمنها إلا الضعفاء، من أجل الحصول على بنية تمثيلية أكثر عدلا.
إن العالم اليوم إن لم يستطع إجراء هذا التغيير الذي يشكل أمما متحدة تعكس التعددية الثقافية والتعددية القطبية لضمان سلام عالمي عادل وأكثر استدامة، وإن لم تنجح الجهود في تحقيق ذلك بعد كل الفشل الذي صاحب تاريخ المنظمة الدولية، فلا بد من موقف حاسم تتحرك فيه الدول الحرة التي عانت من ويلات الظلم الدولي والسيطرة الأممية لعدة دول؛ إما بالتوقف عن المشاركة أو الانسحاب من هذه المنظمات، وكلما زاد العدد كلما كان ذلك مؤثرا ومعجلا في قرار التغيير المنشود.
لقد فضح العدوان الصهيوني النازي الوحشي على المدنيين في غزة لأكثر من مائة يوم قتل وهدم وتدمير وحصار ومنع كهرباء وماء وطعام ومأوى؛ عجز هذه المنظمة وكل مؤسساتها عن حماية الأبرياء ووقف العدوان رغم القرارات المؤيدة لذلك فكان العجز عالميا.
فهل من الممكن انشاء نظام دولي أكثر عدلا واستقرارا؟!
نحن أمام دولة مارقة تعتبر نفسها فوق كل القوانين والقرارات الدولية تشعر بحالة من التدليل، وتتباهى بحالة من الاستعلاء المبني على القوة اعتمادا على الدعم الأمريكي الغربي والضعف العربي الإسلامي
هل يمكن التفاؤل بدعوى دولة جنوب أفريقيا ضد جرائم الكيان الصهيوني في غزة والضفة أمام محكمة العدل الدولية؟
رغم قوة البراهين وضعف المبررات الصهيونية فقد أعلن الكيان الصهيوني أنه لن يلتزم بأي قرار يوقف الحرب التي يدعي أنه يدافع بها عن نفسه، حتى لو كان من محكمة دولية في محاكمات يراها كل العالم.
الوضع خطير، فنحن أمام دولة مارقة تعتبر نفسها فوق كل القوانين والقرارات الدولية تشعر بحالة من التدليل، وتتباهى بحالة من الاستعلاء المبني على القوة اعتمادا على الدعم الأمريكي الغربي والضعف العربي الإسلامي.
فهل آن الأوان لتغيير هذه المعادلة التي أثبتت عملية طوفان الأقصى أنها ممكنة وحقيقية وواقعية وليست مستحيلة؟
وهل ممكن أن تكون الدروس المستفادة من طوفان الأقصى علامات طريق للأمة بكل مكوناتها لاستعادة إرادتها ومقدراتها للبدء في إحداث هذه التغييرات الضرورية؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأمم المتحدة العدل التغيير الأمم المتحدة التغيير العدل النظام العالمي سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بحالة من
إقرأ أيضاً:
ملف داهم أمام وزارة العدل.. حل وحيد للموقوفين السوريين في السجون اللبنانية!
تعاني السجون اللبنانية من أزمة خانقة تُعتبر بمثابة "قنبلة موقوتة"،حيث بلغ الاكتظاظ فيها مستويات غير مسبوقة. ويعيش الموقوفون في السجون اللبنانية في انتظار أحكام قضائية لم تُصدر بعد بحقهم، ما دفع العديد من العائلات إلى تنظيم احتجاجات للمطالبة بمحاكمة أبنائهم وإنصافهم. ومن بين الموقوفين، يوجد عدد كبير من السوريين الذين نظموا مؤخرًا إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على تأخر محاكماتهم، مطالبين بعودتهم إلى سوريا لمحاكمتهم هناك. مع نيل الحكومة الثقة، يترقب الجميع خطوات وزارة العدل في معالجة هذا الملف الذي بات يشكل عبئًا ثقيلًا على الدولة. فما هو الحل الأمثل لمعالجة هذه القضية؟
تكلفة باهظة على الدولة اللبنانية
عضو تكتل الاعتدال، النائب أحمد رستم أكّد عبر "لبنان 24"، أن"التكتل قدم اقتراح قانون يتعلق بالموقوفين اللبنانيين والسوريين".
وأشار إلى أن "تكلفة السجين على الدولة مرتفعة للغاية، حيث تصل تكلفة الطعام وحده إلى 20 دولارًا يوميًا لكل سجين. وبالتالي، إذا قمنا بحساب هذه التكلفة، فإن الدولة تتحمل حوالي 150 ألف دولار شهريًا من أجل الطعام فقط، أي ما يعادل 40 إلى 50 مليون دولار سنويًا، من دون احتساب النفقات الأخرى مثل الكهرباء والعمليات التشغيلية داخل السجون".
أضاف رستم أن من الضروري محاكمة هؤلاء السجناء وإعادتهم إلى سوريا أو تسليمهم للسلطات السورية لتتم محاكمتهم هناك.
وبالنسبة للتأخير في محاكمتهم، أوضح أن السبب يعود إلى الشغور في المؤسسات، مما أدى إلى تراكم الملفات وعدم إصدار الأحكام.
وأكد أن هذه القضية يجب أن تحظى باهتمام خاص من قبل الحكومة، لا سيما أن رئيس الحكومة قد أشار في بيانه الوزاري إلى أنه سيعمل مع الإدارة السورية الجديدة في سبيل عودة النازحين، وبالتالي إذا تم العمل على ملف السجناء سيساهم ذلك في تخفيف العبء عن السجون اللبنانية.
وشدد رستم على ضرورة الحفاظ على استقلالية القضاء وعدم السماح بتدخلات سياسية، لأن "العدل هو أساس الملك".
حل وحيد للموقوفين السوريين في السجون اللبنانية
بدوره، كشف رئيس هيئة الطوارئ المدنية في لبنان، إيلي صليبا، لـ "لبنان 24"، أن عدد السجناء اللبنانيين يبلغ حوالي 4800 سجين فقط، بينما يبلغ عدد الأجانب حوالى 3500 سجين، أي أكثر من 40% من إجمالي السجناء، منهم أكثر من 2550 سجينًا سوريًا. واعتبر أن هذا العدد المرتفع من الموقوفين السوريين يشكل سببًا رئيسيًا في أزمة الاكتظاظ.
وأشار إلى أنه في الزيارة التي قام بها إلى الرئيس نجيب ميقاتي في سوريا، تم طرح موضوع الموقوفين السوريين، وقد تم الاتفاق على تسليمهم إلى الدولة السورية.
لافتًا إلى أن هناك اتفاقية تسمى "اتفاقية تسليم المجرمين" تم توقيعها بين لبنان وسوريا عام 1951، والتي تُلزم بتسليم السوريين إلى الدولة السورية، إلا أنها تستثني الجرائم السياسية والجرائم المتعلقة بحرية التعبير.
واعتبر أن هناك عقبة أساسية تقف أمام تسليم الموقوفين السوريين للدولة السورية، وهي وجود أكثر من 4000 لبناني غير محكوم في السجون اللبنانية يتطلعون منذ سنوات الى إقرار قانون عفو عام ينهي مأساتهم.
وأكد أن أي إفراج عن الموقوفين السوريين، حتى لو كان تحت مسمى تسليمهم إلى دولتهم، لن يمر مرور الكرام، بل سيخلق حالة فوضى في السجون نتيجة رد فعل محتمل من السجناء اللبنانيين الذين يعانون منذ سنوات.
واشار صليبا إلى ان لا حل لازمة السجون بما فيها موضوع الموقوفين السوريين الا باقرار عفو عام شامل يستثني بعض الجرائم بالمعنى الضيق واهمها المرتبط بقتل العسكريين بصورة مباشرة وعن عمد وسابق تصور وتصميم، مشددا على ان اقتراح القانون المعد من قبل "هيئة الطوارئ المدنية في لبنان" بالتنسيق مع "لجنة متابعة العفو العام" برئاسة القاضي حمزة شرف الدين مدروس ومعدّ بشكل يشمل اكبر شريحة ممكنة من الموقوفين من دون المساس بهيبة الدولة وهو لا يشمل الجرائم المرتكبة على الاموال العامة باي شكل من الاشكال، ويتضمّن كافة الاسباب الموجبة الحقيقية التي تفرض اصدار قانون عفو عام، وهو حاليا مدار بحث بين الهيئة والكتل النيابية والجهات الرسمية المعنية.
باختصار، إن بقاء الموقوفين في السجون اللبنانية دون محاكمة يكلف الدولة مبالغ ضخمة، وكل تأخير في الإجراءات القضائية يزيد من العبء المالي على الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، فإن أوضاع السجون غير الملائمة تزيد من تفاقم المشكلة. ومن الجدير بالذكر أن العديد من الموقوفين قد أمضوا في السجون فترات أطول من العقوبات التي قد تُصدر بحقهم. والحل الوحيد يكمن في إقرار عفو عام، فهل ستتخذ الحكومة هذه الخطوة؟
المصدر: خاص "لبنان 24"