سيظل العام المنصرم «2023» واحداً من أهم الأعوام فى تاريخ النظام الدولى فى استخدام القوة وتوظيف القوة العسكرية، والتى لم تقتصر فقط على الحروب المندلعة، وبعضها بات حرباً منسية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الراهنة فى قطاع غزة، إضافة لعشرات التوترات الدولية والإقليمية التى تُعبِّر عن حالة من عدم الاستقرار فى بيئة النظام الدولى، حيث تجاوز عدد القتلى جراء الصراعات فى جميع أنحاء العالم 238 ألفاً العام الماضى، وهو أعلى رقم منذ الإبادة الجماعية فى رواندا عام 1994، حسبما أفاد معهد الاقتصاد والسلام، فى مؤشر السلام العالمى، ويصنف المؤشر السلام العالمى فى 163 دولة على أساس 23 مؤشراً نوعياً وكمياً، ويضع قائمة تمتد من أكثر الدول إلى أقلها سلاماً.

ووفقاً للمؤشر، أصبح العالم أقل سلاماً للعام التاسع على التوالى. وهو الأمر المرشح للعام الجديد 2024 لاعتبارات متعلقة بتعقيدات الصراعات الدولية الراهنة، وعدم وجود فرص للحل أو التعامل الحاسم بل مجرد إدارة لأغلب الصراعات الراهنة انطلاقاً من رؤية عامة، وفى ظل غياب واضح لدور التنظيم الدولى وعدم فاعليته، وهو ما كشفت عنه الحرب فى أوكرانيا والحرب فى غزة مع تحويل مجلس الأمن إلى ساحة لتسوية الأزمات، الأمر الذى سيستمر مع التأكيد على أن النظام الدولى بات نظاماً متعدد الأقطاب.

وأنه نظام تعددى ولم يعد نظاماً واحداً تهيمن على قراره دولة واحدة برغم قوتها العسكرية، ما يؤكد أننا أمام تحولات مهمة فى بنية النظام الدولى، الأمر الذى سيؤدى لمزيد من المواجهات والصراعات التى لن تنتهى فى الفترة المقبلة، بل ستتزايد، ومن خلال مقاربة منقوصة بالفعل وغير واضحة المعالم، ما يؤكد أننا سنكون أمام ظواهر مستجدة من احتمالات صعود دور جديد لدور الفواعل من غير الدول، والتركيز على عودة القوة لحسم الصراعات فى مراحل التحول فى النظام الدولى الراهن والمحتمل.

وما يؤكد ذلك ارتدادات الحروب المندلعة الحالية، ومنها أزمتا أوكرانيا وغزة فى الفترة الراهنة، وما يمكن أن تؤثر فى بعض الملفات المفتوحة الراهنة، ومنها الانتخابات الأمريكية ومستقبل حلف الناتو وبناء روسيا منظمة الأمن الجماعى بمقاربة جديدة والعلاقات بين الأقطاب، إضافة للأزمات الساكنة إقليمياً والتى ستدخل فى منظومة الارتدادات التى يمكن أن تجرى وفى ظل صعود واضح للقوى الفرعية من غير الدول والتى قد يكون لها دور مركزى فى تسوية أو تصعيد وتنامى الصراعات مثل ما يجرى فى البحر الأحمر فى الوقت الراهن وإعادة بناء تحالفات عسكرية جديدة مثلما أعلنت الولايات المتحدة لمواجهة ما يجرى من تحولات حقيقية تحتاج بالفعل إلى استراتيجية تحرك مهمة.

وبرغم كل ذلك، فإن الولايات المتحدة أصبحت أقل اهتماماً بوضع قواعد لتسيير العالم، وبكونها القوة الدولية المهيمنة ومهندسة التجارة والاقتصاد فى العالم وحتى المشجعة للقيم العالمية، وأصبحت البلدان الأخرى، التى أصبحت أكثر قوة، قادرة بشكل متزايد على تجاهل القواعد التى لا تعجبها، وقد كشفت الحرب فى أوكرانيا، وفى غزة عن الكثير من التوجهات السلبية المباشرة فى هذا الإطار مع التأكيد على أن النظام الدولى الحالى بات نظاماً أمنياً أحادى القطب، قطبه الولايات المتحدة، التى أصبح دورها الأمنى فى العالم اليوم أكثر هيمنة مما كان عليه قبل عقد من الزمان، وهى القوة الأمنية العظمى الوحيدة فى العالم، وستظل كذلك على الأقل خلال العقد القادم.

وهناك توقع بأن يتخلى النظام الليبرالى الذى تقوده الولايات المتحدة عن الهيمنة العالمية خلال العقد المقبل، وأن يصبح الغرب مجرد قوة ضمن قوى عالمية عديدة. المعنى نحن أمام عالم أكثر عنفاً وفقاً لأحدث رصد لأهم الصراعات الجارية فى جميع أنحاء العالم عام 2023.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصراعات المسلحة الأمم المتحدة الحرب العالمية الثانية الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

طارق أبوالسعد: مخطط «الإخوان» يسعى لتحويل انتباه الناس عن الإنجازات وتشويه سمعة الدولة

كشف طارق أبوالسعد، القيادى الإخوانى المنشق والباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، توجهات التنظيم خلال الفترة الحالية، التى تقوم على إسقاط مصر ومشروعها الوطنى، عبر نشر الشائعات ودعم الأكاذيب، وتحويل انتباه الناس عن الإنجازات الوطنية، وأى نجاحات تحققها القيادة السياسية، وأوضح أن اللجان الإلكترونية للإخوان لديها ملايين الحسابات على منصات مختلفة، تقوم باستخدام هذه الحسابات لنشر أفكارهم الهدامة، وتشويه سمعة الدولة ومؤسساتها، فتلك الخلايا تحدد المعلومات التى يريد الإخوان نشرها، ويتم توزيعها بطريقة مدروسة على منصات مختلفة.

التنظيم يستهدف التقليل من دعم مصر لغزة

فعلى سبيل المثال، خلال أحداث غزة الأخيرة، كان وما زال الهدف الإخوانى هو التقليل من دعم الدولة المصرية لأهالينا فى القطاع، والترويج لصورة ذهنية لدى الجمهور بأن الدولة المصرية لم تقدم الدعم الكافى للقضية الفلسطينية.. وإلى نص الحوار:

فى البداية، وفى تقديرك، ما الذى تريده جماعة الإخوان من مصر؟

- «الإخوان» تريد إسقاط مصر ومشروعها الوطنى، عن طريق نشر الشائعات ودعم الأكاذيب، وتحويل انتباه الناس عن الإنجازات الوطنية، وأى نجاحات تحققها القيادة السياسية، فهذه اللجان الإلكترونية لديها ملايين الحسابات الوهمية على منصات مختلفة، تقوم باستخدامها لنشر مخطط الخراب بشكل واسع، من خلال تشويه سمعة الدولة ومؤسساتها، فتلك الخلايا تحدد المعلومات التى يريد الإخوان نشرها، ويتم توزيعها بطريقة مدروسة على منصات مختلفة، فخلال أحداث غزة الأخيرة، كان وما زال الهدف الإخوانى هو التقليل من دعم مصر لأهالينا فى القطاع، والترويج لصورة ذهنية لدى الجمهور بأن الدولة المصرية عاجزة عن تقديم الدعم الكافى للقضية الفلسطينية، وأنها عاجزة عن المساعدة، وآخر الشائعات التى يتم بثها، هو موافقة مصر على قضية التهجير بشكل غير معلن، وأن القيادة السياسية تؤيد مخطط تصفية القضية، بالمخالفة للحقيقة المعلنة للجميع، والمدعومة من الشعب المصرى والشعوب العربية.

وكيف تتم صناعة الشائعة من قبل اللجان الإلكترونية؟

- الشائعات تكون عبارة عن معلومة صحيحة صغيرة، يتم استكمالها بالعديد من الأكاذيب والشائعات، ويتم ترويجها عبر مواقع إخبارية خارج مصر، تابعة للإخوان بشكل غير معلن، ثم تقوم قنوات الإخوان بنشرها كونها أخباراً منشورة على مواقع غربية ذات مصداقية، ودعم تلك الرؤى بـ«الهاشتاجات» وفيديوهات «اليوتيوبرز»، فيتم تصدير هالة كبرى لنشر الشائعات حتى يصدق الناس، مما يسهم فى تشويه صورة الدولة، وهناك حالات كثيرة تؤكد هذا الأمر، آخرها ما نشرته تلك الكتائب بأن شاحنات المساعدات المصرية التى أرسلت للمساعدات إلى غزة كانت فارغة.

أين يوجد الجناح الإلكترونى للإخوان؟ ومن يقوده؟ وكيف يتم تمويله؟

- الجناح الإلكترونى للإخوان هو الجزء الأهم فى ترسانتهم لمحاربة الدولة وتشويه إنجازاتها، وقادة الجناح الإلكترونى يوجدون فى الخارج بعدة دول، الأهم فيهم يوجدون فى لندن، حيث التنظيم الدولى، فهم يديرون هذه الحملات عبر ملايين الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعى، والتمويل يتم عبر التنظيم الدولى، فهو يعطى دعمه الكبير لجناح الشائعات، باعتباره أهم أجنحة التنظيم اليوم لنشر مخططاته.

هل تعتقد أن «الإخوان» ستنجح فى تحقيق مخططها الظلامى ضد الشعب المصرى؟

- بكل وضوح، لم ولن يتحقق هذا المخطط الظلامى، طالما كان وعى المصريين هو السبيل لمواجهة تلك الشائعات، المصريون أدركوا أهمية الحفاظ على الدولة، والهوية الوطنية، وضرورة أن نكون يداً واحدة ضد جماعات التطرف والغلو، وأهمية أن نساعد مؤسسات الدولة والقيادة السياسية لتحقيق مصلحة الوطن، كذلك أدرك المصريون أن الإخوان فى عداوة واضحة ضدهم، بعدما أفشلت ثورة 30 يونيو مخططهم نحو حلم الخلافة الإخوانية، فضاعت كل تلك الأمنيات أمام إرادة المصريين، فتم إعادة الوطن إلى أبنائه، بعد أن سعت «الإخوان» وأعوانها لطمس الهوية المصرية، لكن هناك خطراً آخر يقلقنى بشكل شخصى من التنظيم، خاصاً بالأجيال الجديدة.

هل تقصد أن هناك خطراً من استمرار تأثير أفكار الإخوان؟

- بالتأكيد هناك خطر كبير، خاصة على جيل الشباب، الذين نشأوا بعد ثورة 30 يونيو 2013، فهؤلاء الشباب كانوا صغاراً، قد لا يعرفون حقيقة ما حدث فى الماضى على يد التنظيم من أعمال عنف وتخربيب وتحريض، وقد يتعرضون للتأثيرات الإعلامية للتنظيم، لذا يجب علينا أن نعمل جاهدين على نشر الوعى بينهم حول مخاطر الجماعات المتطرفة وأيديولوجياتها، وكيف كانت «الإخوان» تتصرف وتستغل المجتمع المصرى، وكيف تسعى للعودة مرة أخرى، وعليهم أن يدركوا أنه حال تمكن الإخوان مرة أخرى من مصر، سينتقمون من المصريين، عبر طمس الهوية الوطنية التى هى حائط الصد الأهم ضد مخططاتهم.

هل صحيح أن أهداف تنظيم الإخوان تخدم مصالح الغرب؟

- نشأة الإخوان من الأساس كانت لخدمة مصالح الاستعمار الأجنبى ضد نضال الشعب المصرى، فمن ساند حسن البنا لإنشاء التنظيم كانت لندن، والتنظيم على مدار سنواته الماضية يخدم مصالح أمريكا وبريطانيا، ومعظم أجهزة المخابرات الغربية على علاقة بالتنظيم وقياداته، فتلك مصالح مشتركة، الجماعة ترغب فى العودة بقوة لمنطقة الشرق الأوسط، والغرب يسعى لإبقاء المنطقة فى حالة من الضعف والانقسام، خاصة مصر، لذلك يقوم التنظيم بتنفيذ رؤية الغرب نحو تفتيت الوحدة الوطنية وزعزعة الاستقرار الداخلى، وهو ما يصب فى مصلحة القوى الكبرى، التى ترغب فى استمرار هذا الوضع.

الخلايا الكامنة للجماعة تعبث بعقول الأجيال الناشئة

وماذا عن دور الخلايا الكامنة للتنظيم فى الوقت الراهن؟

- هناك بالفعل خلايا كامنة للتنظيم تعبث بأمن الوطن، وبعقول الأجيال الناشئة، يربون بداخلهم مفاهيم خاطئة حول عدم دعم السياسات العامة للدولة، وللأسف هناك أسر إخوانية داخل مصر، ولديهم أبناء كبروا على المظلومية والعداء للدولة، ومن المهم أن نعرف أننا أمام عمليات تجنيد تتم للشباب الملتزمين دينياً، لذلك علينا الحذر من تلك الخلايا الكامنة، ونحن بحاجة إلى تعزيز قيم الانتماء بين الأجيال الجديدة، وتوعية الجميع بخطورة الجماعات الإرهابية التى تسعى إلى تقسيم المجتمعات، وهناك فرق بين أن نحب وطننا، وبين أن نكون متحزبين، أو ننتقد من أجل الانتقاد فقط، ويجب أن نكون واعين بأن التنظيمات تعمل على تفتيت الانتماء الوطنى.

ما الأسباب التى دفعتك لخلع عباءة الإخوان؟

- عايشت الإخوان لأكثر من 30 عاماً، دخلت التنظيم فى صغرى، وتربيت على مبادئ الإخوان لفترة طويلة، انضمامى للإخوان تم من خلال «مدارس الجمعة» التى أسسوها، واستغلوها لاستقطاب النشء والأطفال، فالتنظيم كان يجعلنا نشعر بأننا مميزون عن الآخرين، كنا نوجد فى المساجد الصغيرة «الزوايا»، لتعليم الأطفال مبادئ الإخوان، فقادة التنظيم كانوا ينتقون آيات وقصصاً معينة لتدريسها للأطفال، كانوا يعلمونهم الكذب على أهلهم بحجة الإسلام، وأنا خلعت عباءتهم، وأصبحت محارباً لفكرهم، والحمد لله أننى اتخذت هذا القرار، فهناك العديد من الأسباب التى تجعلنى أؤكد أن تلك الجماعة إرهابية، وأنها لا تستحق الوجود داخل المجتمع المصرى، ويجب الوقوف ضدهم والتصدى لهم، عندما تكون عضواً فى التنظيم عليك أن تترك عقلك فى الخارج، وتنفذ ما يطلبه منك القادة، أنت مجرد جزء من التنظيم، الجماعة تفرض على أعضائها عدم التفكير والنقد، واتباع القادة مثل القطيع، كانت تعطينا المعلومات الصحيحة من وجهة نظرها، ونحن علينا تقبلها كما هى، رغم أن المعلومة قد تكون غير دقيقة، وكل هذا كان يحدث بسبب غياب التفكير العقلى لدى الأفراد، كذلك تيقنت أنهم على طريق الضلال، فنشر الأكاذيب واستباحة القتل، ليس هو الطريق الذى يتقرب به الإنسان إلى الله، بجانب إلزام الأعضاء على فرض السمع والطاعة دون مناقشة، حتى إن كان لديك اعتراضات، لذلك كانت هناك ضرورة لتصحيح ذلك المسار.

عمليات تجنيد الشباب

مصطفى مشهور وضع قواعد تجنيد الأفراد فى كتاب له يُدرّس داخل الإخوان، وأرسى أهم مبادئ الجماعة المتعلقة بالتجنيد واستمالة الناس والدعوة إلى خدمة أهدافهم، وأبرز وسائل الإخوان لاستقطاب النشء والأطفال كانت «مدارس الجمعة»، بخلاف الزوايا، فقادة التنظيم كانوا يستخدمون الدعوة لخدمة أهداف الجماعة وليس لخدمة الدين، فالإخوان يستهدفون الأفراد الذين لا يؤمنون بأى قضية، خاصة الطلبة فى المدن الجامعية وسكن الشباب، فكانوا يستهدفون الأفراد الذين لا تشغلهم أى قضية، وكانوا يمتنعون عن تقديم الخدمات لكل من يبدى آراءه ضد أهداف الجماعة، وهناك عدد من الهاربين من جماعة الإخوان فى السودان، تم طردهم خلال الفترة الأخيرة من الجماعة، بسبب اعتراضهم على بعض قرارات قادة التنظيم.

مقالات مشابهة

  • عطل فني يهدد عشرات الرحلات الجوية في الولايات المتحدة
  • خبراء: إعادة النظام الصحي بغزة تتطلب 12 عاما 
  • مقتل 841 جنديا إسرائيليا وإصابة أكثر من خمسة آلاف منذ أكتوبر 2023
  • انتحر.. كارثة وراء سقوط زوج نورا بلال الميكب آرتست من البلكونة (ما القصة؟)
  • «ترامب» يتحدى العالم
  • سفير السودان لدى جوبا عصام كرار: متوقّع عودة أكثر من 4 آلاف لاجئ سوداني من جوبا إلى بورتسودان عقب أحداث العنف الأخيرة
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • طارق أبوالسعد: مخطط «الإخوان» يسعى لتحويل انتباه الناس عن الإنجازات وتشويه سمعة الدولة
  • وراء كل جريمة.. مريض نفسى
  • «القاهرة الدولى للكتاب».. جسر ثقافى يعزز الوعى والانتماء الوطنى