لقيادة البحر الاحمر العسكرية
بوح خاص للواء ركن محمد عثمان

قبر مجهول
يمتعض كمال بشير صديقى و شدتى عز الحرب والحصار بشمبات من إحساس بالإنتظار للحسم دون مشاركة تتطلب عدم استكفان بالخوف وتحليا بالشجاعة،كمال عرفته مقداما وحكيما وغير هيّاب،لازال هناك يقاوم كل أسباب النزوح يمدد يد العون بما تيسر ويستطع إليه سبيلا،يرد الماء من آبار سايفون قيد التنفيذ ويسرع ليحمل عن الكبير والصغير ويفزع بحثا عن الدواء وغذاء يطبخه ويخرج به للناس، ويترقب ليهب لدفن ضحايا الحرب حيث لاقوا الحتف المحتوم،يحدثنى ذات صباح عن جثمان لإحداهن( نهّابة )ملقى فى قارعة الطريق غير بعيد عن مول تجارى شهير،ويبدى صاحبى إشتراكى النزعة بالفطرة والسليقة تعاطفا مع الضحية لفاعل مجهول وعند الله معلوم إذ تجتمع الخصوم ،المجتمع بحكمه صيرها نهّابة ثم يسيس كمال ولا يعرج بالتعقيدات ويسايسها بهدوئه ووقاره اللافت منتظرا من يناصره لمواراتها الثرى تحت أجواء ماطرة بالموت والهلاك قاطرة،وستر ميت لديه اهم من أن يبقى حيا وإنسان مثله خلق مكرما ملقى فى عراء ساج بالوحشة نهارا وليلا وبالظلمة وتتناوشه بعد ظلم الإنس كلاب الحرب،فتراه يتسقط عن قرب لمن يهرع حتى اليوم الثالث ليصطحب ثلة استثناء باتخاذ أشجع المواقف بعيدا عن الاعين وإرضاء للأنفس والأرواح فيها دبّابة بالحياة،فيقرر كمال وصحبه الدفن فى موضع الزهق أمام ذات المول الملفوف بوحشة الموت من كل جانب بعد إلتفاف بالناس قادمين من كل شارع عدا الضحية المسترقدة الآن قبرا يشرف على المتجر قاعا صفصفا و الفخيم لدى مرورها حية تسعى بينما الآن جثة هامدة وتذكارا يحدث عن سيرة حرب ولا ابشع وأجشع،وقبل الإنزال فى القبر يديرون وجه الضحية لالتقاط صورة ربما الأولى عسى ولعل فى يوم من سائل،ويعجب كمال من حالة الستر التى ماتت عليها المجهولة ملفوفة مستعدة للحظة لا حول لها فيها ولا قوة فلا يظهر منها إلا الوجه،وهم يغادرون يقتطع كمال جريدا من نخل يعجف ليغرسه على جانبى القبر شاهدين،والحديث عن هذا وذاك من قصص عايشناها فى انتظار إيجابى يستدعى مشاركة الكل الواء ركن محمد عثمان قائد منطقة البحر الاحمر العسكرية فى الفعل بمحض اختياره لا فى السلبى و الأبله الممعض لكمال من اغلبية لاقلية للحسم ومعاودة الحياة الطبيعية وآى الذكر الحكيم تلخصها ببشريتها بالروى الأعظم:

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ۝ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ۝ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ۝ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ۝

بالكجيك والمرس

واللواء الركن محمد عثمان قائد المنطقة العسكرية بالبحر الاحمر أحد المنتظرين من القابعين فى اكواخ النزوح لحسم وضعية غير إنسانية وحرب مفروضة غير مسبوقة لا يعرف لها مختصو تاريخ الآدمية مثيلا وشبيها قبيحا،والحسم باثنتين، قتال أو تفاوض، و تبدى القوات المسلحة استعدادها للأخذ بالسبيلين وتنزع للسلم حلا وتدرك بمنهجية التكامل أن الحسم ميدانيا وإضطراريا لها او عليها ينتهى كذلك بالجلوس إلى مائدة بانفاس الإنتصار الهادئة والإذعانواللاهثة، وقائد منطقة البحر الأحمر يعمل وبمقدار يتكلم.

واشفق ايما إشفاق على اللواء اركان حرب محمد عثمان وقدره يضعه امام مسؤولية امانة تكليفها عظيمة حرب شعواء تركتها لو انفض قتالها الآن بإحدى الإثنتين اليوم فثقيلة ننوء بحملها انّانين،والإشفاق لثقة فيه وصداقة تجمعنا منذ سنوات ومتوطدة بعلاقة مهنية صحفية وضبطية ايام توليه منصب والى سنار فى مرحلة كذلك صعبة بعد سقوط نظام الإنقاذ وقيام دولة قوى الحرية والتغيير التى واجهت فيها المؤسسة العسكرية ثورات ضدها ضارية،ففى هذه الأجواء تولى اللواء ركن محمد عثمان ولاية سنار محسنا الاداء ومبليا بخلطة بين إنضباطية العسكرية واريحية المدنية مما اكسبه مهارات إدارية وسياسية دون استغراق وهو إبن المؤسسة العسكرية من يعمل مكلفا بحب بعيدا عن أضابيرها و يعلم غدا مغادرا،وأشهد له بالعمل دونما إعلام وسعى ولكنه لايرد صحفيا لبابه طارق لنيل المعقول ولا زائرا بروح إبن السودان وامتداد الخرطوم محط رعرعته،لا تجد سببا لتسأل سعادة اللواء من أي قبيل هو وجهة ولولا مصادفة لما عرفت بها من مؤانسة سودانية مع شاب من أين و جذوره سودانية يعتز بها ويفخر،تحينت فرصة لزيارته بمقر قيادته ببورتسودان لإلقاء التحية وإسداء الشكر على المبذول وما التوفيق إلا من عندالله ،واستغللت شفاءه من طارئ صحى فترافقت إلى مقر القيادة والصديق المشترك مصعب محمود من لا اعرف حتى اللحظة من اين هو وأصدقاؤه من مختلف الانحاء والأرجاء، ولكأن بسعادة اللواء ينتظر مقدمنا بعد طول افتراق لإطعام شعبى هو سائر غذاء العسكريين،ففطرنا بالكجيك والمرس وام تكشو والورق والمفروك بعصيدة من الصلب و من ثم هومنا ببوح خاص وهم يلفنا واللواء لم يمنعنى دون تطرق لشؤون عمله إحتراما من طرح سؤال مباغت عن الساعات الأولى لاندلاع الحرب كيف قضاها فاختطف إهتمامى مما تفضل به محنة إنسانية أسرية تزامنت مع قيادته لاجتماع وتنفيذ خطة لحسم اى تحرك لإشعال الحرب بثغر الشرق بالتزامن دون إلحاق خسائر فى المال والبنون قوام الدولة وهذا ما تحقق بفضل وتوفيق من عندالله،ولدى ترأسه إجتماع بمقر منطقة القيادة لإدارة العملية العسكرية بعد إشتعال حريق الخرطوم الممتد،يرن هاتف سعادة اللواء والمتصل من افراد أسرته بمقر إقامتهم العسكرية وكذلك أساتذة الجامعة بحى المطار صبحية السبت و حرب القيادة وبكل الأسلحة على أشدها،المهاتفة تنبئ بالوقوع افراد الاسرة فى كمين الحرب المفاجئة وهى فى بيتها آمنة ربما للعيد وقد أزف ترتب وإلا لما حصل ما حصل والبيت ربه قائد يسد ثغرة عنه جغرافيا بعيدة وامنيا قريبة ، فوجه اللواء الموجودين سريعا للتصرف بخطة رسمها للحماية وسط استماعه للعلعة الأسلحة بمختلف تشكيلاتها ليتفرغ هو وينصرف بعقله وحواسه للهم الأكبر إدارة معركة التصدى والحسم ولكن وقبل ان يكمل لهم فى عجالة خطة بناء السواتر بالمتوفر والمتيسر من أثاثات مدنية بالمنزل ومن ثم خلق حيلة وتدبير طريقة لمغادرة الحى المشتعل، انقطع فجأة التواصل بين اللواء وافراد أسرته الساعة الحادية عشر صباحا لينصرف كليا لأداء مهمته مستودعا بعض اهل بيته الله حتى رنين هاتفه الحادية عشر ليلا من رقم غريب ومضطرا إستجاب بالرد والمتصل احد ابنائه من هاتف صديق بلغوا منزله بالديم بشق مخاطرة ومغامرة مصحوبة بتوفيق إلهى ولطف من قبل طوق كذلك افراد أسرة اللواء قبل الإجلاء من منزل المطار ودانة هدت من فوقهم سقف الغرفة المحتمين بها فنجوا إلا من إصابة احدهم طفيفا،احداث يجهل بها اللواء وقعت بعد انقطاع الإتصال ولكنه يتصورها وما من بد غير اداء الواجب ولطم الخدود ليس من سمة القيادة، ليس كل هذا ما جرى دعك من تساقط الرصاص و الدانات،مثيرة التفاصيل والإمساك عنها تمليه مقتضيات المرحلة والشاهد أن هذه الحرب لكل واحد فيها قصة وحكاية ورواية وقدر سعادة اللواء وإخوته مواجهة مدافعها بينما أنا وكمال وآخرون غير المستنفرين دفاعا عن أرضهم ودورهم ومالهم ومن قبل وبعد عرضهم فى الإنتظار الممعض لإنهاء لهذه الحرب بأى من الإثنتين اللتين لا ثالثة لهما و الخوض فى لجتها غرّاق.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: أجراس الأرض البلال عاصم فجاج محمد عثمان

إقرأ أيضاً:

السلام على الأرض ومحبة تتجاوز الحدود .. الكنائس تحتفل بذكرى ميلاد السيد المسيح.. صلوات وقداسات في فلسطين وسوريا لوقف نزيف الحرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من نزاعات وحروب مدمرة، تأتي ذكرى ميلاد السيد المسيح هذا العام كرمزٍ للأمل والسلام وسط الظلام الذي يكتنف العديد من البلدان.. فبينما تعيش المنطقة تحديات جسيمة من حرب وصراع، تظل رسالة الميلاد التي حملها المسيح، منذ أكثر من ألفي عام، دعوة للتسامح والمحبة والإيمان بقوة النور في أحلك الظروف.

تحتفل الكنائس في مختلف دول الشرق الأوسط، من فلسطين إلى سوريا، لبنان، العراق، واليمن وغيرها من المناطق التي تمزقها النزاعات، بميلاد المسيح في الوقت الذي يعاني فيه العديد من أبناء هذه البلدان من الألم والدمار. ورغم كل ما يحيط بالمنطقة من مآس، تظل رسالة الميلاد ماثلة في قلوب المؤمنين: "السلام على الأرض" و"المحبة التي تتجاوز الحدود".

تأخذ هذه الذكرى طابعًا خاصًا في هذا السياق، حيث تجد الكنائس نفسها في دورٍ عميقٍ من التأثير الروحي، من خلال دعوتها للسلام، وترسيخ الأمل في النفوس، وتأكيد أن الميلاد ليس فقط حدثًا تاريخيًا، بل هو تذكير دائم بأن المحبة والرحمة هما السلاح الأقوى في مواجهة التحديات.

قال البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الأرثوذكسيّة، "الشعوب اكتتبوا بأمر قيصر وأما نحن المؤمنين فقد كُتبنا باسم لاهوتك"، بهذه الكلمات وبلسان ناظمة التسابيح كاسياني تدعونا الكنيسة المقدسة إلى تأمل ميلاد المسيح. تدعونا للتأمل في تلك الأيام التي جرى فيها اكتتاب أو إحصاء المسكونة. تضع ذلك أمام أعيننا وتدعونا أن نكتتب قلباً وقالباً لاسم المسيح. تدعونا أن نكون له وحده، شهوداً لمحبته، شهوداً لعظم تنازله، شهوداً لإنجيله، و التي ما أنفت أن تتنازل لتخاطب جبلةً أحبت وبشريةً تهاوت في كبريائها فهوت من مجدها فوافاها مخلصاً يعيدها إلى المجد الأول.

وتابع البطريرك يوحنا العاشر: في بيت لحم الهاجعة على أنغام الرعاة جاءنا الساهر على الدنى من علياء مجده. جاءنا من أمٍّ عذراء التحفت الخفر والوداعة. جاءنا وديعاً يناجي الإنسانية الهاجعة في مغاور قلوبها والمتطلعة إلى نور قيامة وفيض رجاء.

واستطرد “العاشر”، من مغارةٍ في باطن الأرض أطل على البشرية الملتحفة بضعفها دثاراً وبكبريائها برقعاً. جاءها طفلاً يناجي أطفالها. جاءها متوسداً في حشا العذراء حشا كل ذهن بشري. أراد أن يلاقيها ببشارة الخلاص وهي التائهة في براري العتو والصلف. جاءها متواضعاً وهي التي شمخت بزيف كبريائها. دخلها مقتدراً كاسراً الأسوار وهي التي تدرعت بأسوار تجبرها وزيف قدرتها.

وفي كل عام تتذكر البشرية ميلاد ذاك الطفل وسط قعقعة حروبها ووسط حروبها التي لا تنتهي. وهي تذكره اليوم وهي تغلي بالحروب ونار الصراعات. تذكره اليوم وفي الذكرى مناجاة لرب السلام. تذكره بعيون كل طفل يتوق إلى سلامه. تذكره في الأرض التي ولد فيها ومن الشرق الذي حضن تلاميذه وأطلق إنجيله إلى كل العالم. تذكره وهي تفتقد حضوره في نشيد الملائكة مجداً لله في علاه وسلاماً على الأرض ومسرةً لبني الأنام. تذكره اليوم وفي الذكرى تلتمع تلك الحروب الآثمة التي تحصد الأرواح وتخطف بهجة الناس. تذكره وهي تتخبط في أوحال السياسة وفي وهاد المصالح التي تدوس كرامة الإنسان وتسلّعها في سوق كبار هذا الدهر.

ورغم كل هذا يبقى لنا الرجاء النابع من عيون ذاك الطفل الإلهي، من عيون طفل المغارة الذي نسأله اليوم الرأفة بعالمه كما ونسأله أيضاً من أجل هذه البشرية التي تترنح من مرارة حروبها وتتوق إلى رحيق سلامه. نسأله أن يطفئ نار الحروب بعذوبة سلامه وأن يضع في النفوس شيئاً من رويّته.

كن معنا يا يسوع ولامس قلبنا بعذوبة قلبك. كن معنا، كما أنت دوماً، وأنعم على بلادنا بروح سلامك. تعهد هذا الشرق الذي ولدت فيه واحفظه بفيض رأفتك. كن، كما أنت دوماً، مع إنسانك المعذب الذي يقاسي ويلات الحرب قتلاً وترهيباً وجوعاً ودماراً وتهجيراً وخطفاً. سكن يا رب هياج هذا العالم وأخمده بجبروت صمتك. أرح نفوس من سبقونا إلى لقيا وجهك القدوس.

البطريرك يوحنا العاشر

أما المطران الدكتور سني إبراهيم عازر؛ مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة قال: المولود هنا في بيت لحم، فلسطين، ليجلب النور لجميع البشر لاسيما في عالم تسوده النزاعات والاضطرابات.

ويأتي علينا عيد الميلاد المجيد مرة أخرى ونحن في حالة حداد وحزن على أهلنا في قطاع غزة الذين يواجهون الحرب والقتل والدمار حيث قُتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وسجن آلاف آخرين ظلمًا، إضافة إلى الأعداد التي لا حصر لها من الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض أو في أماكن مجهولة، وملايين المشردين والنازحين الذين يتعرضون للمجاعة والأوبئة والامراض، ويعانون برد شتاء قارس آخر بينما لا تلقى النداءات لوقف إطلاق النار أي استجابة، ولا نعلم كم من الأرواح ستُزهق قبل أن تنتهي هذا الحرب.

والحال في الضفة الغربية والقدس الشرقية ليس بالأفضل.. فنحن نعاني من فرض قيود مشددة على حرية الحركة، والعديد من عائلاتنا وأصدقائنا وجيراننا يعانون من الوضع الاقتصادي المتردي نتيجة تدهور القطاع السياحي حيث لا تزال العديد من الفنادق والمطاعم مغلقة ويبقى شعبنا محروم من فرص العمل والتعليم، ومحروم من حقهم في الوصول لأماكنهم المقدسة في القدس. ومع زيادة وتيرة وحدة المداهمات وهجمات المستوطنين، لا أحد منا يعلم ما ستؤول له الأمور.

وهنا في بيت لحم، سنحتفل مرة أخرى بميلاد مخلّصنا بدون الاحتفالات التقليدية، بدون إضاءة الأشجار، وبدون بهجة الاستعراضات الكشفية، وبدون الحجاج الذين يأتون بحثًا عن طفل المذود. ورغم أننا نحتفل بمجيء النور إلى عالمنا المتجسد بميلاد المسيح، إلا أننا نمر بأيام عصيبة ومظلمة. ولكننا نستمد الأمل في كلمات بولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيين، الإصحاح 13 والآية 8:

"يسوع المسيح هو أمسًا واليوم وإلى الأبد."

وهنا تكمن رسالة كنيستنا منذ أكثر من 170 عامًا. وكجزء متأصل من مكونات المجتمع الفلسطيني، واجهت الكنيسة على مر العقود تحديات جمة مثلها مثل باقي اطياف الشعب الفلسطيني الذي عانى من الحروب والنزوح واللجوء وغياب الحريات الأساسية. من خلال كل هذا، نتمسك برسالة أن يسوع يبقى كما هو في كل الأوقات والمصاعب. لا يمكن لمصائب هذا العالم أن تغير محبة المسيح لنا، والأمل الذي يجلبه إلى العالم. هذا هو ما يجعلنا ثابتين وراسخين في أرضنا وفي إيماننا. ومن خلال خدمتنا الكنسية وبرامجنا المجتمعية، نسعى إلى نشر هذه الرسالة في مجتمعنا. شكل ميلاد يسوع المسيح ثورة. فقد غيّر العالم جاء يسوع إلى العالم في وقت كان شعبه في أمس الحاجة إليه. وهو يأتي إلينا في وقت حاجتنا وعوزنا أيضًا. على مدار خدمته، سواء عندما كان يدعو التلاميذ، أو يصنع المعجزات، أو يعلّم الجموع، لم ينتظر يسوع الناس ليأتوا إليه. بل ذهب إليهم.

مهمتنا ورسالتنا في هذه الأرض هي الاستمرار في هذا العمل الثوري، والذهاب إلى الناس حيثما تواجدوا. كل يوم نحاول أن نعيش ونختبر هذه الرسالة، على الرغم من العقبات الجمة التي تواجهنا. فمن خلال مدارسنا ورسالتنا التربوية، نجلب أمل التعليم لأطفالنا ونخلق جيلا متنورا ومثقفا، ومن خلال كنائسنا، نشارك وعد الإنجيل مع بعضنا البعض ومحبة الله لنا، ومن خلال مركز التعليم البيئي، نعزز صلتنا بأرضنا وبخليقة الله ونسعى لحماية البيئة التي أوكلها الله لنا، من خلال مركز الخدمة الاجتماعية، نقدم الطعام والمأوى والرعاية الطبية والدعم النفسي لمجتمعاتنا. ومن خلال مكتب العدالة بين الجنسين، نعمل معًا من أجل مستقبل أكثر عدالة ومساواة للجميع. لا نسعى من خلال خدمتنا الكنسية أن نكون يدَي المسيح وقدميه في عالمنا فحسب، بل نرى صورة المسيح في أولئك الذين نخدمهم ونتبارك بخدمتهم.

وطالما نحن باقون على هذه الأرض، يبقى يسوع معنا أيضًا. وُلد قبل 2000 عام في بيت لحم، ويولد من جديد في حياتنا اليوم وسيبقى معنا إلى الأبد. ورغم أننا نعرف جيدًا اليوم حقيقة قصة الميلاد: قصة نزوح وخوف والعيش تحت سطوة الإمبراطورية، فإننا نعلم أيضًا أنه اختار أن يأتي إلى العالم من خلال هذه  القصة وبما أنه اختار أن يُولد في مغارة متواضعة لشعب يرضخ تحت سلطة الإمبراطورية فإننا على يقين بأنه لن يتركنا. هو الذي أرسل الأخبار السارة للرعاة يرسل الأخبار السارة لنا اليوم ويظهر لنا أنه حتى في أحلك الليالي، هناك نجمة تضيء طريقنا إلى المذود.

متّكلين على هذه الرسالة والأمل الذي تجلبه، نرفع قلوبنا إلى يسوع المسيح الذي هو أمسًا واليوم وإلى الأبد. نصلي أن يغير ميلاده العالم مرة أخرى ويجلب عدله المقدس وسلامه الدائم لشعبنا الفلسطيني ولشعوب الأرض كافة.

المطران الدكتور سني إبراهيم عازر 

وقال الأنبا إبراهيم إسحق؛ يتميّز عيد الميلاد بمظاهر وعلامات خارجيّة عديدة، مثل المغارة وشجرة الميلاد وغيرها. هي لطيفة طالما أنّها لا تشتّت انتباهنا، بل تساعدنا على أن نعيش المعنى الحقيقيّ والمقدّس لعيد ميلاد يسوع، بحيث لا يكون فرحنا سطحيّا بل عميقًا. 

عيد الميلاد

يأتي عيد ميلاد رب المجد يسوع المسيح، ليجـدّد الـيقين بـأنّ الله حـقّا حـاضـر لنا، يأتي كي يلتقي بنا: «ولد لكم اليوم مخلّص». لـم يـكتف ِ الخالق بـأن يُظهـر لنا آيـات رائـعة أو أن يكلّمنا ليـرشـدنا، بل شـاركـنا حدود إنـسانـيّتنا ووهـبنا آفاق محبته الإلـهيّة.

« أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له » كما نردّد في مدائح شهر كيهك. هذا هو سرّ التجسد الذي میّز وما زال يميّز تاريخ الإنسان «لأَنه هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.. .(يو ٣: ١٦-١٧)

اختار عمانوئيل (الله معنا) أن يحضر في تاريخنا البشريّ بحدوده ومآسيه، في عالم يعاني من شر الانقسامات والحروب، ليعلن، بطريقة لا مثيل لها، عن قلب رحيم ومحبٍ للبشر.

 

الميلاد هو لقاء

الميلاد قبل كلّ شيء هو لقاء. اللقاء بشخص عمانوئيل، الله معنا، مع كلّ واحد منّا. هو النور الحقيقيّ الذي يهزم الظلمة التي تحاول غمر حياتنا وحياة الإنسانيّة كلّها. «النور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه» (يو ١، ٥).

من هنا تأتي هدية الميلاد متى قبلنا مولود بيت لحم بقلبنا وحياتنا وسمحنا له أن يدخل ويبارك حياتنا.  فبالميلاد الثاني الفوقاني تعود الحياة ويتعافى الـقلب ويتجـدّد الـرجـاء. ويصير عيد المـيلاد فرصة للاحـتفال بـالـثقة التي تغلب اليأس، والرجاء الذي يهب المعنى، فالله معنا ومازال يثق بنا.

وفي الميلاد، نلتقي حنان ومحبّة الله الذي ينحني فوق محدوديّتنا وضعفنا وخطايانا.

 

الميلاد دعوة ورجاء

وقف الله مرّةً وإلى الأبد إلى جانب الإنسان ليخلّصه وينفض عنه غبار بؤسه  ويمحو خطاياه.

ليلة الميلاد يولد رجاء للإنسانيّة بشكل عام وللكنسية بشكل خاصّ. فميلاد الرب يسوع هو مبادرة تجدّد فينا قدرة  التغلّب عــلى القلق الــذي راح يــسيطر عــلى نفوس الكثيرين.  

فإننا نشعر أن جزءاً منّا، وهو الأكرم، مهدور. وبالرغم من تعدّد وتقدّم تقنيات التواصل، صار كثيرون يميلون الي الـبقاء فـي عـزلـة أضعفت قدرتهم عـلى الـتواصـل! فظهرت معاناة فقدان التوازن واختلال الهوية.

في ليلة الميلاد تبيت البشرية، العطشى الي الله، خارج مغارة بيت لحم - مثل الـرعـاة البسطاء- الذين سيقودهـم الـروح الـقدس إلـى مـغارة بـيت لحم، ليلتقوا بمريم ويوسف والطفل تمامًا كما قيل لهم.وبـــعد أن رأى الـــرعـــاة "الله الظاهر في الجسد" أخـــبروا عـــنه بـــما قـــيل لـــهم

فـــصاروا شـــهودًا ومـــعلنين للبشـــرى الـسارّة.

"أَنتُمُ الَّذينَ اختارَهمُ اللهُ فقَدَّسَهم وأَحبَّهم، اِلبَسوا عَواطِفَ الحَنانِ واللُّطْفِ والتَّواضُع والوَداعةِ والصَّبْر". (كول 3: 12)

لنبتهج فـي الـرب يـا أحـبائـي، ولـنفتح قـلوبـنا عـلى احـتياجـات مـن يـنقصهم الـفرح. "فقد أَرادَ الله أَن يُظهِرَ لِلأَجْيالِ الآِتيَة نِعمَتَه الفائِقةَ السَّعة بِلُطفِه لَنا في المسيحِ يسوع" ( اف 2: 7).

لـتساعـدنـا نـعمة مـيلاد رب المجد على الانفتاح والخروج مـن ذواتـنا، لـنكون شـهودًا عـلى مـثال الـرعـاة، الذين لــم يحتفظوا لأنفسهم بفرحه اللقاء بالمخلّص، بل شاركوا آخرين بما اختبروا.

لـيــكن احــتفالــنا وتــبادلــنا الــتهانــي فــي هــذا الــيوم تــعبيرًا عــن فرحة إيماننا أنّ الله مــعنا ويريد أن يرافقنا طريق حياتنا.

 

محبة واتحاد 

نرفع صلاتنا متّحدين مع قداسة البابا فرنسيس وأصحاب الغبطة بطاركة الشرق.

نــصلّي مــعا مــن أجــل الــبلاد التي تــعانــي ويــلات الحــرب والــدمــار والأزمــات خاصةً: ســوريــا، والسودان وأوكرانيا وفلسطين.

نـــصلّي مـــن أجـــل وطـــننا الـــغالـــي مـــصر، ومـــن أجـــل ســـيادة رئـــيس الجـــمهوريّـــة عـــبد الـــفتاح الـسيسي وكـل ّ معاونيه، سائلين الرب ان يلـهمهم الـحكمة والتدبير الحسن لمواجهة التحديات المحلية والأزمات الدوليّة.

يا ربنا محب البشر، هبنا أن نتعلم ألا نغلق قلوبنا، لنرى في كل شخص صورة لك

وأن نبني جسور المحبة والتفاهم بين جميع الناس

هبنا أن نرحّب بهدية سلامك  ونشاركةُ القريبين

الأنبا إبراهيم اسحق 

مقالات مشابهة

  • قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟
  • بعد أشهر من الحرب مع حزب الله.. مستشفيات الشمال الإسرائيلي تخرج من تحت الأرض
  • وفيات الجمعة .. 27 / 12 / 2021
  • تنصيب “محمد الطيب عبود” رئيسا مديرا عاما جديدا للمجمع الجزائري للنقل البحري 
  • ‏إدارة العمليات العسكرية في سوريا: اللواء محمد كنجو حسن كان مسؤولا عن المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا
  • إدارة العمليات العسكرية في سوريا تتمكن من القبض على اللواء محمد كنجو حسن بريف طرطوس
  • محمد فاضل: عاطف الطيب رمز للسينما الواقعية وجيل جديد من المبدعين
  • قصف مدفعي عنيف على محيط مستشفى كمال عدوان – فيديو
  • السلام على الأرض ومحبة تتجاوز الحدود .. الكنائس تحتفل بذكرى ميلاد السيد المسيح.. صلوات وقداسات في فلسطين وسوريا لوقف نزيف الحرب
  • عثمان ميرغني ..مشكلتكم.. ليست الحرب !!…..