في خيمة من القماش والبلاستيك نصبت في العراء بجنوب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يجلس إسماعيل نبهان مع أبنائه وأحفاده أمام موقد للحصول على بعض الدفء، فالبرد قارس، والخيمة تصارع الرياح الشديدة في محاولة للصمود.

يقول نبهان (60 عاما) "قبل يومين كانت الرياح قوية، حاولنا طيلة الليل أن نثبت النايلون على الخيمة.

نعيش في صحراء، والبحر أمامنا، البرد مضاعف".

وتنبعث من الخيمة التي يسكنها 28 فردا رائحة كريهة بسبب إشعال الحطب ومواد بلاستيكية، كما يملأ الدخان الخانق المكان.

وتقول رائدة عوض (50 عاما)، زوجة إسماعيل نبهان "الدخان الذي نستنشقه من حرق البلاستيك يحرق صدورنا".

وخيمة العائلة التي نزحت من وسط قطاع غزة واحدة من آلاف خيم النازحين المستحدثة في جنوب القطاع المحاصر، وتبعد مئات الأمتار عن شاطئ البحر المتوسط في أقصى جنوب غرب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.

المشقة كبيرة لإيجاد الحطب من أجل الطهي أو التدفئة في ظل القصف الإسرائيلي (الفرنسية)

وفي جوار رائدة، يسعل حفيدها، وتقول "جميع الأطفال مرضى من الرائحة ومن البرد، لا يتوقفون عن السعال والرشح. الملابس ليست ثقيلة بما يكفي لتدفئتهم".

وتضيف "الأغطية لا تكاد تكفي، كل 3 يتشاركون بغطاء واحد".

وتطلب رائدة من ابنها حاتم أن يحضر بعض الحطب. وتقول "الحطب مبلل، سنحتاج 4 أيام لتجفيفه ليكفينا يوما أو اثنين للتدفئة والطهي لـ30 شخصا. الوضع مأساوي".

ومنذ عملية طوفان الأقصى، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى اليوم الاثنين، 24 ألفا و100 شهيد و60 ألفا و832 مصابا، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع.

خوف التجمد حتى الموت

ويقدر عدد النازحين في قطاع غزة بنحو 1.9 مليون من قرابة 2.2 مليون نسمة، هم إجمالي سكان القطاع.

وأكد بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، أمس الأحد، أن هناك "حاجة ملحة" في قطاع غزة إلى "تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية".

ودعا البيان إلى تأمين طرق إمداد "بشكل أكثر أمنا وأسرع"، محذرا من أن مستوى المساعدات الحالي "أقل بكثير مما هي الحاجة لتجنب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض".

وقالت وكالة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية (أوتشا)، في تقريرها الأحد، إن النقص يشمل "مليونا و200 ألف بطانية ومرتبة، وما لا يقل عن 50 ألف خيمة عائلية معدة لفصل الشتاء و200 ألف قطعة ملابس شتوية، بالإضافة إلى قماش مشمع وأغطية بلاستيكية".

وفي رفح، يقول محمد كحيل النازح من شمال القطاع "ليس لدينا طعام ولا ماء ولا تدفئة. نتجمد حتى الموت".

أطفال غزة يعيشون صنوفا من المعاناة بعدما شرّدتهم الحرب الإسرائيلية (الفرنسية)

ونزحت أيضا حنين عدوان -الأم لـ6 أطفال- من مخيم النصيرات وسط القطاع إلى رفح، وتقول "في الليل، أشعر أننا سنموت من البرد، جميعنا مرضى نعاني من الرشح والسعال".

وتضع حنين (31 عاما) التي تبعد خيمتها مئات الأمتار عن البحر، 3 فرشات فوق بعضها لاتقاء البرد.

وتقول "لا وسيلة للتدفئة سوى النار، لكن سعر الحطب مرتفع ولا نملك نقودا. نشعل النار بالبلاستيك، نختنق من الرائحة".

إلى جوارها، يجلس ابنها فادي (14 عاما) الذي يحضر البلاستيك لإشعال النار. ويقول الفتى وهو يشير إلى يديه اللتين صبغتا باللون الأسود "أذهب هناك بالقرب من برك الصرف الصحي عند الحدود، يوجد أسفلها بلاستيك تحت الرمل، أقوم يوميا بالحفر وتقطيع البلاستيك بالسكين".

ويقول غير مكترث بالجروح التي تغطي يديه جراء هذا العمل "يموت إخوتي من البرد في الليل وأنا أيضا، يجب أن نشعل أي شيء وإلا سنتجمد".

لا ملاذ آمنا

وفي خيمة مجاورة، يعد خالد فرج الله (36 عاما) الخبز لعائلته المؤلفة من 6 أطفال بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.

يخبز فرج الله -الذي نزح من منزله شرق مدينة غزة- الأرغفة في زاوية الخيمة ويناولها لابنه.

ويقول "بعد الثانية فجرا، لا يتمكن أحد من النوم بسبب شدة البرد حتى لو وضعت ألف بطانية، الأرض باردة والتراب ينقل الرطوبة والبرد". ويتشارك أطفاله الستة 3 فرشات.

البرد قارس في خيام النازحين القريبة من البحر (الفرنسية)

ويصارع الأب ما بين إشعال النار للتدفئة وخوفه من القصف. ويقول "أصبح لدينا هاجس أنهم (جيش الاحتلال الإسرائيلي) قد يقصفون لأي سبب".

ويشير الأب بأسف إلى طفله سند. ويقول "كان يتفاعل ويضحك لكنه أصبح دائم الصمت ولا يتحرك خصوصا أنه طيلة الوقت مريض بسبب البرد ولا يحصل على أدوية".

ويخشى فرج المطر والاجتياح الإسرائيلي ويقول "إذا أمطرت بغزارة سيموت الناس من البرد، وإذا اجتاح الإسرائيليون المنطقة ماذا سأفعل؟ سأهرب من أجل أبنائي إلى هناك"، مشيرا إلى الحدود المصرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة من البرد

إقرأ أيضاً:

حَّمل تحت القصف| السيدات الحوامل في غزة بين الحصار والموت.. وهيومن رايتس تكشف المأساة

تواجه النساء الحوامل في قطاع غزة أوضاعًا إنسانية وصحية كارثية في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد والهجمات المستمرة التي دمرت المرافق الطبية وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية.

ومنذ بدء الأعمال العدائية في أكتوبر 2023، تحولت رحلة الحمل والولادة إلى كابوس مرعب، حيث تواجه الأمهات صعوبات هائلة في الحصول على الرعاية الطبية الأساسية، والتغذية السليمة، وحتى المياه النظيفة.

وبينما تتكدس المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل جزئيًا بالمرضى والمصابين، تُجبر النساء على مغادرة المستشفيات بعد ساعات قليلة من الولادة، في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن لخطر الموت الذي يمكن تفاديه.

تفاقم الأزمة الصحية في قطاع غزة

القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية أدت إلى تفاقم الأزمة، مع ارتفاع معدلات الإجهاض والوفيات بين الأمهات وحديثي الولادة بشكل غير مسبوق.

وسط هذه المأساة، تجد الأمهات أنفسهن في مواجهة انعدام الأمن الغذائي، حيث تحول التجويع إلى سلاح ضد المدنيين، مما يهدد صحة النساء وأطفالهن حديثي الولادة. ومع استمرار هذه الانتهاكات، يظل السؤال الملح: متى سيتحرك المجتمع الدولي لضمان الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية لهؤلاء النساء وأطفالهن؟

وقالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن حصار الحكومة  الإسرائيلية لقطاع غزة والهجمات على المرافق الصحية خلقت خطراً جسيماً يهدد حياة النساء والفتيات أثناء الحمل والولادة وبعدهما منذ بدء الأعمال العدائية في أكتوبر 2023.

ويخلص التقرير المكون من 50 صفحة، " خمسة أطفال في حاضنة واحدة: انتهاكات حقوق النساء الحوامل وسط هجوم إسرائيل على غزة "، إلى أن الحصار غير القانوني الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، والقيود الشديدة التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، والهجمات  على المرافق الطبية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، ألحقت أضرارًا مباشرة بالنساء والفتيات أثناء الحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة. 

تعاني النساء الحوامل في قطاع غزة من ظروف إنسانية وصحية مأساوية، في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق والتصعيد العسكري المستمر، الذي أدى إلى تدمير المرافق الطبية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

ومنذ اندلاع الأعمال العدائية في أكتوبر 2023، تحولت فترة الحمل والولادة إلى محنة قاسية، حيث تواجه الأمهات تحديات جسيمة في الحصول على الرعاية الطبية الأساسية، والتغذية الكافية، وحتى المياه النظيفة، مما يزيد من المخاطر الصحية عليهن وعلى أجنّتهن.

وفي ظل الاكتظاظ الشديد في المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئيًا، تُجبر العديد من النساء على مغادرة المستشفيات بعد ساعات قليلة من الولادة، بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية، الأمر الذي يعرض حياتهن وحياة أطفالهن لخطر الموت الذي يمكن تجنبه لو توفرت الرعاية الصحية اللازمة.

الدكتور أيمن الرقبماذا تواجه الحوامل في غزة؟

من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب إن النساء الحوامل في قطاع غزة يواجهن أوضاعًا كارثية في ظل الحصار والعدوان المستمر، حيث يفتقدن أبسط مقومات الحياة من طعام، وأدوية، وحاجات شخصية. وأشار إلى أن البنية التحتية الصحية دُمرت بالكامل، إذ تم إعدام المنشآت الطبية، مما جعل النساء يلدن في ظروف بدائية دون رعاية طبية، حيث تُجبر نسبة كبيرة منهن على الولادة في المنازل، وهو ما يعيد غزة إلى عصور ما قبل الخدمات الصحية الحديثة.

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن هناك محاولات لإعادة الأمل لمستشفى الشفاء، رغم الدمار الذي طال أكثر من 70% من مرافقه، إلا أن الواقع الصحي يظل مأساويًا، حيث يفقد العديد من الأطفال حديثي الولادة حياتهم بسبب عدم توفر الحاضنات، أو حاجتهم لأجهزة التنفس، أو إصابتهم بالصفراء دون إمكانية علاجهم.

وأكد أن وفاة الأمهات الحوامل والإجهاض القسري أصبحا مشاهد متكررة نتيجة نقص الرعاية الطبية، مشيرًا إلى أن حظر الأونروا فاقم الوضع سوءًا، حيث لم يتم توفير بدائل حقيقية لتعويض الخدمات التي كانت تقدمها المنظمة.

وأشار الدكتور أيمن الرقب إلى وجود طلبات رسمية لتسهيل إدخال المساعدات الصحية، لكن التحديات لا تزال قائمة، محذرًا من أزمة صحية طويلة الأمد، حيث تتزايد معدلات انتشار الأمراض والأوبئة، إضافة إلى الأورام السرطانية والأمراض الجلدية بسبب استخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دوليًا داخل القطاع.

واختتم تصريحه بالتأكيد على ضرورة التحرك الدولي العاجل لإنقاذ القطاع الصحي في غزة، وتقديم الدعم الإنساني والطبي للنساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، للحيلولة دون تفاقم الكارثة الصحية التي تعصف بالمدنيين الأبرياء.

انتهاك من كافة الجوانب

انتهكت الحكومة الإسرائيلية، بصفتها القوة المحتلة في غزة، الحق في أعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وحقوق أخرى للنساء والفتيات الحوامل، بما في ذلك الحق في الرعاية الصحية الكريمة والمحترمة طوال فترة الحمل والولادة وما بعد الولادة، فضلاً عن الحق في رعاية الأطفال حديثي الولادة.

وقالت بلقيس ويلي ، المديرة المساعدة لقسم الأزمات والصراعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "منذ بدء الأعمال العدائية في غزة، تعاني النساء والفتيات من الحمل دون الحصول على الرعاية الصحية الأساسية والصرف الصحي والمياه والغذاء. ويتعرضن وأطفالهن حديثي الولادة لخطر دائم من الموت الذي يمكن الوقاية منه".

ويستند التقرير إلى مقابلات مع 17 شخصاً بين يونيو وديسمبر 2024، بما في ذلك 8 نساء فلسطينيات كن حوامل أثناء إقامتهن في غزة أثناء الأعمال العدائية، وعاملين طبيين من غزة، وموظفين طبيين دوليين يعملون مع فرق عمل المنظمات الإنسانية الدولية والوكالات العاملة في غزة.

واعتبارًا من يناير 2025، أصبحت الرعاية الطارئة للولادة وحديثي الولادة  متاحة فقط في 7 من أصل 18 مستشفى تعمل جزئيًا في جميع أنحاء غزة، و4 من أصل 11 مستشفى ميدانيًا، ومركز صحي مجتمعي واحد، مقارنة بـ 20 مستشفى ومرافق رعاية صحية أصغر أخرى كانت تعمل قبل 7 أكتوبر 2023.

وفي منتصف يناير، وافقت السلطات الإسرائيلية وحماس  على وقف إطلاق النار متعدد المراحل يشمل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، والإفراج عن السجناء الفلسطينيين.

وتراجعت جودة الرعاية الصحية التي تقدمها المرافق الطبية ومقدمو الخدمات القليلة المتبقية في غزة بشكل كبير. فقد  اضطرت النساء إلى مغادرة المستشفيات المكتظة في بعض الأحيان بعد ساعات قليلة من الولادة لإفساح المجال للمرضى الآخرين، وكثير منهم من ضحايا الحرب. 

وتعمل جميع المرافق الطبية في غزة في ظروف غير صحية ومزدحمة وتعاني من نقص خطير في السلع الصحية الأساسية، بما في ذلك الأدوية واللقاحات.

إن مشروعي  قانونين  أقرهما الكنيست الإسرائيلي في أكتوبر، ويدخلان حيز التنفيذ في يناير 2025، يهددان بتفاقم الضرر الذي يلحق بصحة الأمهات والمواليد الجدد. 
ويمنع هذان القانونان الجديدان وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) من العمل في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة، ويمنعان الحكومة من الاتصال بالأونروا، الأمر الذي يجعل من المستحيل على الأونروا إيصال المساعدات إلى الضفة الغربية المحتلة أو غزة أو الحصول على تصاريح أو تأشيرات لموظفيها. وقد أمرت إسرائيل الأونروا بإخلاء جميع المباني في القدس الشرقية المحتلة ووقف عملياتها هناك بحلول 30 يناير 2025.

وتوفر الأونروا المياه والغذاء والمأوى وغيرها من الخدمات الحيوية لمئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك النساء الحوامل والأمهات المرضعات والأطفال حديثي الولادة.

لقد أدى الهجوم العسكري الذي شنته القوات الإسرائيلية إلى  تهجير أكثر من  90% من سكان غزة ـ 1.9 مليون فلسطيني ـ عدة مرات في كثير من الأحيان. ولقد أصبح من المستحيل في أغلب الأحيان إبلاغ النساء بالأماكن التي يمكنهن الوصول إليها بأمان إلى الخدمات الصحية، كما أصبح من الصعب عليهن الوصول إلى الخدمات القليلة المتاحة بأمان وفي الوقت المناسب. ولم يكن لدى النساء والفتيات والمواليد الجدد أي  إمكانية تقريباً للحصول على الرعاية الصحية المتابعة وما بعد الولادة.  

لا تتوفر سوى معلومات قليلة عن معدل بقاء الأطفال حديثي الولادة على قيد الحياة أو عدد النساء اللاتي يعانين من أمراض خطيرة أو يمتن أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو بعد الولادة. 

ومع ذلك، في يوليو،  أفاد خبراء صحة الأمومة أن معدل الإجهاض في غزة ارتفع بنسبة تصل إلى 300 في المائة منذ 7 أكتوبر 2023.  

وذكرت اليونيسف أنه منذ 26 ديسمبر 2024، توفي ثمانية أطفال رضع وحديثي الولادة بسبب انخفاض حرارة الجسم بسبب نقص المأوى الأساسي إلى جانب درجات حرارة الشتاء.

وقال طبيب في مستشفى الولادة في رفح إن لديهم عدداً قليلاً جداً من الحاضنات والعديد من الأطفال الخدج لدرجة أننا "نضطر إلى وضع أربعة أو خمسة أطفال في حاضنة واحدة... معظمهم لا يبقون على قيد الحياة".

لقد  تسبب الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة واستخدام  التجويع كأسلوب من أساليب الحرب في انعدام الأمن الغذائي الحاد بالنسبة لمعظم الناس في غزة.

وتواجه النساء والفتيات الحوامل عقبات هائلة في الحفاظ على التغذية الجيدة والنظام الغذائي الصحي  الضروريين لصحتهن ولنمو أجنتهن.

كما حرمت الحكومة  الفلسطينيين عمداً من الوصول إلى المياه، وهو ما يشكل جريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية.  وقد أفادت العديد من النساء الحوامل بتعرضهن للجفاف أو عدم قدرتهن على الاغتسال.

وقد تتسبب هذه الحرمان في حدوث العديد من الحالات الصحية أو تفاقمها بشكل كبير، بما في ذلك فقر الدم، وتسمم الحمل، والنزيف، وتسمم الدم، وكلها أمراض يمكن أن تكون  قاتلة إذا لم يتم علاجها طبيا بشكل مناسب.

لا تتاح للنساء الحوامل في غزة أي فرصة تقريبًا  للإخلاء ، على الرغم من أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يكفل لجميع المدنيين الحق في مغادرة بلادهم، بما في ذلك لأسباب طبية، فضلاً عن الحق في العودة.

وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإن الحكومة الإسرائيلية ملزمة أيضًا بموجبالقانون الدولي الإنساني"لضمان حصول السكان المدنيين على الغذاء والماء والإمدادات الطبية إلى أقصى حد تسمح به الوسائل المتاحة للحكومة المحتلة. وبموجب القانون، فإن السلطات الإسرائيلية ملزمة بالسماح بحرية مرور جميع شحنات المستلزمات الطبية والمستشفيات والمواد الغذائية الأساسية والملابس والإمدادات الطبية المخصصة " للأطفال دون سن الخامسة عشرة، والأمهات الحوامل وحالات الأمومة ".

ويتعين على حلفاء الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك  الولايات المتحدة ، أن يتخذوا كل التدابير الممكنة لإنهاء هذه الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة وغيرها. ويتعين على الحكومات أن توقف المساعدات العسكرية؛ وأن تراجع وربما تعلق الاتفاقيات الثنائية، مثل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، كما اقترحت حكومتا  إسبانيا وأيرلندا ، واتفاقية  التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وأن تدعم المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من جهود المساءلة.

ويجب على الدول الأعضاء أن تواصل دعم جهود الأونروا في غزة، بما في ذلك توفير كافة الموارد اللازمة لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية. ويجب عليها أن تضغط على إسرائيل لضمان دخول المتخصصين في الصحة الجنسية والإنجابية والصحة العقلية إلى غزة دون قيود.

وقالت ويلي: "لقد كان للانتهاكات الصارخة والمتكررة التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في غزة تأثير خاص وحاد على النساء الحوامل والفتيات والمواليد الجدد. إن وقف إطلاق النار وحده لن ينهي هذه الظروف المروعة. ويتعين على الحكومات أن تضغط على إسرائيل لضمان تلبية احتياجات النساء الحوامل والفتيات والمواليد الجدد وغيرهم ممن يحتاجون إلى الرعاية الصحية على وجه السرعة".  

ونقلت هيومين رايتس تجربة امرأة حامل في غزة حيث كانت رم، 31 عاماً، حاملاً في شهرها الثاني عندما بدأت الحكومة الإسرائيلية حملتها العسكرية على قطاع غزة.

وكافحت أسرة ر.م. من أجل الحصول على الطعام. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش: "كنت أموت من الجوع حرفيًا. كنا جميعًا في مجاعة في شمال غزة. لم يكن لدينا غاز للطهي. كنا نتناول وجبة واحدة في اليوم لحفظ الحطب... كان الدقيق باهظ الثمن للغاية. لا طعام. لا دجاج. لا لحوم. لقد فقدت الكثير من الوزن".

كما كانت تعاني من مشاكل صحية: "كنت أعاني بالفعل من انخفاض ضغط الدم وكنت أغمى علي كثيرًا. كنت أشعر بالدوار والدوار. لم يكن لدي أي طاقة، ولم أكن أستطيع الوقوف بمفردي". أخذتها الأسرة إلى عيادة خاصة في رفح، لكن الطبيب لم يتمكن من إجراء أي فحص بخلاف الموجات فوق الصوتية أو إعطائها أي فيتامينات أو كالسيوم. عانت RM من التهابات متعددة في المسالك البولية لكنها لم تذهب إلى العيادة لأنها سمعت أنهم لا يملكون أي دواء.

وأدى القتال إلى تعقيد عملية الولادة الصعبة التي مرت بها آر إم في الخامس من مايو. تقول: "دخلت المخاض في الثانية صباحاً. كنت أعاني من آلام شديدة، وكنا نحاول إيجاد طريقة للوصول إلى المستشفى". وتقول إنه في المستشفى "لم تأت ممرضة واحدة لفحصي أو مراقبتي أو سؤالي عن حالتي".

وغادرت آر إم المستشفى في الساعة السادسة صباحًا، بعد أربع ساعات فقط من ولادة طفلتها. وقالت: "كنت منهكة ولم أستطع المشي. كنت أحمل طفلتي حديث الولادة، ومع زوجي وثلاثة أطفال آخرين، كان علينا البحث عن شخص على استعداد لتوصيلنا [إلى منزل والديّ]. استغرق الأمر ساعات حتى توقفت سيارة لنا. أخبر زوجي السائق أننا سنعطيه أي شيء [إذا قادنا]".

وبعد أيام قليلة، اضطرت عائلة ر.م. إلى إخلاء رفح إلى خان يونس، حيث تعيش في خيمة في ظروف قاسية. وسرعان ما أصيبت ابنتها المولودة حديثًا بالإسهال، وهو ما قد  يهدد حياتها .

تعكس تجربة الحمل والولادة الصعبة التي مرت بها الطفلة RM التحديات غير العادية التي تواجهها العديد من النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة منذ بداية الأعمال العدائية في عام 2023.

مقالات مشابهة

  • سيجونغ تكشف سبب حبها للمملكة: كنا نموت جوعًا وفتحت لنا أبواب العمل .. فيديو
  • إيرلندا ترفض مقترح إسرائيل لقبولها نازحين من غزة وتقول إنه غير مجد
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مخالفين لنقل الحطب المحلي
  • وزارة الصحة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة
  • روسيا وأوكرانيا تتبادلان أسرى وتكثفان القصف
  • بدء تفريغ غزة من السكان.. قصة مانشيت قبل 55 عاما
  • عاجل. الشرع يدعو أردوغان لزيارة سوريا في أقرب وقت ويقول "الدم السوري اختلط بالدم التركي في معارك التحرير"
  • المدينة المنورة.. ضبط مواطن مخالف لنظام البيئة لنقل الحطب المحلي
  • حَّمل تحت القصف| السيدات الحوامل في غزة بين الحصار والموت.. وهيومن رايتس تكشف المأساة
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة