لجريدة عمان:
2025-04-11@07:29:41 GMT

رأس المال الجريء والخيارات الاستثمارية

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

عرف رأس المال الجريء بأنه «شكل من أشكال التمويل الذي يوفر الأموال للشركات الناشئة التي لديها إمكانات نمو عالية في المراحل المبكرة، مقابل الحصول على حصة من الملكية»، ويطلق على هذا النوع من التمويل مصطلح الاستثمار المغامر أو رأس المال المجازف وذلك لتقديم تمويل على نتائج متوقّع حدوثها مستقبلا، ويعد رأس المال الجريء مصدرا مهما لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سواء عبر التمويل النقدي أو الاستفادة من خبرات فنية أو إدارية بهدف دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للنمو والتوسع وزيادة معدل الابتكار داخل الشركات الناشئة، وتعزيز جودة عمل الشركات، أو تسجيل نمو استثنائي باستمرار ومتوقّع ومواصلة النمو لتحقيق معدلات نمو كبيرة مستقبلا.

وما يميّز هذا النوع من رأس المال أنه قادر على تحمل الخسارة، إذا تعرضت لها إحدى المؤسسات الممولة نتيجة صدمات اقتصادية غير متوقّعة، مثل الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)، مما تسبّب في تراجع تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب عدم اليقين الاقتصادي والتقلبات الحادة في الأسواق المالية حينها، إلا أن ظهور بعض الأفكار الابتكارية والداعمة لريادة الأعمال لمساعدتها على الصمود والاستدامة المالية والإدارية خلال فترة الوباء زاد من استقطاب عدد الاستثمارات ونوعيتها، خاصة تلك الشركات غير القادرة على التمويل الذاتي على المدى الطويل، وبطبيعة الحال فإن غالبية مؤسسي الشركات الصغيرة يبحثون عن تمويل لتأسيس شركاتهم سواء التمويل النقدي أو البشري أو الاستثماري. هناك عدد من الآراء بين الاقتصاديين حول رأس المال الجريء، تتمثل في أن هذا النوع من الاستثمار ربما يؤدي إلى عدم توافق بين الشركاء والمستثمرين، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على مستقبل الشركة، بسبب توجّس الشركاء من فقدان جزء من حصصهم في الشركة لصالح المستثمرين الجدد. ووفقا للكاتب آدم هيز -في تقرير لموقع «إنفستوبيديا» (Investopedia)- عن أهمية الاستثمار الجريء للشركات الناشئة: «يجب أن يفهم رواد الأعمال آلية عمل صناديق الاستثمار المغامر، من حيث كيفية صنع القرارات ومدة العملية الاستثمارية وشروطها، حيث تعدّ كل هذه التفاصيل أمرا بالغ الأهمية لكل رائد أعمال ومؤسس شركة ناشئة»، ورغم أن رأس المال الجريء يعد أحد أنواع الاستثمارات عالية المخاطر، إلا أن المقدمين على هذا النوع من الاستثمار يأملون أن يحققوا منافع مادية كبيرة عبر دراسة واقع الاستثمار، من حيث الإدارة المالية الصلبة وقوة الفريق الذي يدير الشركة، إضافة إلى القيمة المضافة التي تقدمها منتجات الشركة ومدى وجود الميزة التنافسية في المنتج أو السلعة المراد تسويقها وبيعها. كذلك نظرا لخطوة الاستثمار المترتبة على رأس المال الجريء ولكونه أحد استثمارات رأس المال المجازف أو المغامر به، فإن المستثمر غالبا ما يطلب الحصول على ضمانات تحميه في حال فشل العملية الاستثمارية، وإن كان يملك حصة من الشركة. ولكن في المجمل، فإن اتخاذ القرار في الشركة أو تعديله لن يتم إلا بدعم من الشريك الاستثماري. ومن الأمثلة على ذلك البرنامج الاستثماري «مسرعة الوادي»، أحد برامج الصندوق العماني للتكنولوجيا، الذي يهدف إلى عملية تسريع نمو المشاريع الناشئة والاستثمار فيها لتحقيق الاستدامة من خلال مواءمة نموذج العمل مع السوق وربطها بشبكة من الخبراء والمستثمرين الأفراد ورأس المال المغامر، مما تحظى الشركات الناشئة بدعم كبير وحوافز عديدة في المجال التقني لتعزيز التحول الرقمي ولبناء اقتصاد وطني متنوع تنافسي يتميّز بالابتكار عبر تشجيع المواهب على تأسيس شركات بمنتجات مبتكرة قادرة على معالجة التحديات، التي تواجه بعض المجالات، وداعمة للتوجه الوطني نحو التنويع الاقتصادي، خصوصا بعد إطلاق صندوق الاستثمار الجريء للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة؛ فتنوّع الخيارات الاستثمارية التي يقدمها رأس المال الجريء لا تقتصر على تقديم التمويل النقدي فقط للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل تتعدى أكثر من ذلك عبر توظيف أحدث التقنيات والابتكارات لتطوير الأنظمة الإدارية والمالية وتأهيل الكوادر البشرية من خلال الاستعانة ببيوت خبرة لإيجاد ميزة تنافسية وقيمة مضافة للمؤسسة أو الشركة الناشئة، إضافة إلى دور رأس المال الجريء في توطين بعض الصناعات وتطوير منظومة العمل والابتكار والإبداع للمؤسسات والشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة.

إن الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان لتحفيز رأس المال الجريء كان لها دور في حصول سلطنة عمان وفقا للتقرير الصادر عن مؤسسة «ستارت أب جينوم» لعام 2023م على تصنيف متقدم ضمن أفضل 10 دول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال الأسواق الجاذبة للمواهب والداعمة لها بتكلفة تتناسب مع قدرة الشركات الناشئة المالية. ويقيس المؤشر كذلك وفرة تمويل رأس المال الجريء الذي حققت من خلاله سلطنة عمان نتائج إيجابية وضعتها ضمن 10 دول على الإقليم، هذه النتائج التي حققتها سلطنة عمان تعكس الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الجهات المعنية لإيجاد بيئة تنافسية وخصبة للمبتكرين لتأسيس شركات قائمة على الابتكار والإبداع في قطاعات مختلفة.

أخيرا، يمثّل رأس المال الجريء أحد الحلول السريعة والفاعلة لإنقاذ الشركات والمؤسسات الناشئة من التحديات التي تعترضها خاصة عند تعذّر الحلول لدى المؤسسين والشركاء، وكذلك توظيف التقنيات الحديثة والحلول الابتكارية لتطوير الأداء المالي والإداري للشركة وتسريع نموها وتحسن أدائها وتطويرها، إلا أنه من المهم فهم دور هذا النوع من الاستثمار جيدا تفاديا لأي مخاطر محتملة ربما تنشأ بين المستثمرين والمؤسسين.

الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان لتحفيز رأس المال الجريء، كان لها دور في حصولها على تصنيف متقدم ضمن أفضل 10 دول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال الأسواق الجاذبة للمواهب والداعمة لها.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصغیرة والمتوسطة الشرکات الناشئة هذا النوع من سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

قمة AIM تبحث مستقبل المدن الذكية والاقتصاد الرقمي والاستدامة


أبوظبي (الاتحاد)
شهدت قمة «AIM» للاستثمار التي اختتمت أعملها أمس في أبوظبي عقد طاولة مستديرة لرؤساء البلديات وقادة المدن من مختلف دول العالم لمناقشة محور «بناء المدينة الرقمية للمستقبل»، وأهمية توحيد الجهود نحو دفع عجلة التحول الرقمي وابتكار المدن الذكية.
وأكّدت بيرنغير بول، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة، على الدور الحاسم للقيادة المحلية في التنمية العالمية، فيما استعرض تونبوسون ألاكي، المفوض للابتكار والعلوم والتكنولوجيا في حكومة ولاية لاغوس، مشاهد من تحول لاغوس المدفوع بالتكنولوجيا من خلال خطة ابتكار ممنهجة وتوسيع البنية التحتية الرقمية، وتنمية مواهب الشباب.
فيما شرح جون - شاروك سياه سيافا، عمدة مدينة مونروفيا، كيف تقوم المدينة برقمنة أنظمة الإيرادات، وتدريب الشباب على المهارات الرقمية، وتجريب إدارة النفايات الذكية لتحسين الخدمات الحضرية.
من جانبه ركز أميبل دي خيسوس هيرنانديز، عمدة سان خوسيه دي كوليناس، على توسيع الوصول إلى الإنترنت، والتعليم الرقمي، واستخدام التكنولوجيا لتحقيق الشفافية الحكومية في تعافي أميركا اللاتينية بعد جائحة كوفيد، وسلط تامراز تاغييف، رئيس الجمعية الوطنية لبلديات المدن في أذربيجان، الضوء على ربط المناطق الريفية، ومبادرات المدن الذكية، والحاجة إلى مواءمة الجهود بين الحكومات المحلية والوطنية، وقدم المشاركون بالجلسة توصيات بأهمية تسريع الرقمنة عبر العمل على تنمية المواهب، وتبادل المعرفة، وإيجاد أطر سياسية مرنة.
كما احتضنت قمة «AIM» للاستثمار في يومها الأخير جلسة نقاشية حول الابتكار وريادة الأعمال، أدارها سعادة الدكتور هاشم سليمان حسين رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو» في مملكة البحرين، وسلطت الجلسة الضوء على استراتيجيات تعزيز نجاح ريادة الأعمال على المستوى العالمي، حيث قدم الدكتور حسين عرضاً لجهود التحالف العالمي لريادة الأعمال، الذي أُطلق في يناير 2025، ويعمل الآن في 54 دولة، والذي يركز على الابتكارات الرقمية، الصديقة للبيئة والموجهة من قبل الشباب.
من جانبها أشارت دلال أحمد الغيص، الرئيس التنفيذي لبنك البحرين للتنمية، إلى السياسات الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين، بما في ذلك القروض من دون فوائد، والبرامج الموجهة للمرأة مثل برنامج «ريادات»، وصندوق «استيميا» بقيمة 100 مليون دينار بحريني لمساعدة الشركات الناشئة على التوسع، فيما تحدث محمد عبود من جامعة دبي عن نماذج عمل تحويل الجامعات إلى حاضنات لريادة الأعمال.
وقدّم الدكتور محمد شريف من الإيسيسكو نموذج «الوعي، القبول، العمل» - 3A - وبرامج ريادة الأعمال التي وصلت لأكثر من 1,800 شاب في أكثر من 30 دولة، مع التركيز على التكنولوجيا النظيفة والتعليم، في حين أشار فادي الدين، المدير العام لشركة «بلانتس»، إلى أربعة ركائز لمنظومة ريادة الأعمال وهي: البنية التحتية، السياسات، الدعم، والثقافة، داعياً إلى الاستثمار في الابتكار المحلي الذي يحمل إمكانات عالمية.
وأبرمت مؤسسة AIM العالمية سلسلة من مذكرات التفاهم رفيعة المستوى، ما عكس مكانة القمة كمحفّز لتعزيز العمل المشترك بين الشراكات العالمية والتعاون الاقتصادي الاستراتيجي، وبما يؤكد نجاح القمة وتمكنها من تحقيق مستهدفاتها الاستراتيجية في تمكين التعاون العابر للحدود وصناعة مستقبل الاستثمار العالمي.
وتضمنت الجلسات لقاء لقادة وخبراء عالميين في مجالات التكنولوجيا والابتكار ضمن جلسة بعنوان: «القيادة في توسيع نطاق الاقتصادات الرقمية - إعادة تصور الإبداع الاقتصادي، والصناعات المتصلة، والمجتمعات المستدامة»، حيث عقدت الجلسة تحت محور الاقتصاد الرقمي، وناقش المتحدثون دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل اقتصادات شاملة ومستدامة.
فيما سلطت الجلسة الحوارية التي جاءت تحت عنوان «الاستدامة في الشركات الناشئة: الشركات الخضراء - موضوع تقاطعي من منظور الاستثمار» الضوء على الدور الحاسم للشركات الناشئة في تعزيز التأثير البيئي والاجتماعي، وأشار المتحدثون خلال الجلسة التي أدارتها ليز كريمالوفسكي من شركة أوربيليون بيو، إلى أهمية الشركات الخضراء في الاقتصادات الناشئة، خاصة في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تواجه الابتكارات المستدامة تحديات محلية مثل إدارة النفايات، والتلوث، والإدماج الاقتصادي. 

 

أخبار ذات صلة «قمة AIM» تعزز آفاق التعاون الاستثماري بين الإمارات والصين منتدى تكنولوجيا التجارة في أبوظبي يستشرف مستقبل التجارة العالمية

مقالات مشابهة

  • محمد الشرقي يؤكد أهمية تمكين الناشئة بأدوات التقنية الحديثة
  • فرنسا تتجه لتطوير السياحة في ذي قار عبر شركاتها الاستثمارية
  • قمة AIM تبحث مستقبل المدن الذكية والاقتصاد الرقمي والاستدامة
  • اجتماع موسع في حزب «الجبهة الوطنية» لبحث دعم المشروعات الصغيرة
  • الشركة المتحدة للإلكترونيات توفر وظائف شاغرة
  • «قمة AIM» تستعرض آفاق تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة
  • «قمة AIM» للاستثمار تستعرض الفرص الاستثمارية في روسيا
  • مجمع الشارقة للبحوث و AIM يتعاونان لتعزيز الابتكار وجذب شركات التكنولوجيا الناشئة
  • وزير الاستثمار يبحث مع كبرى الشركات الفرنسية تعزيز التعاون الاقتصادي
  • لتعزيز التعاون.. وزير الاستثمار يعقد لقاءً موسعا مع وفد من كبرى الشركات الفرنسية