لجريدة عمان:
2024-07-03@04:23:34 GMT

المأزق الأمريكي البريطاني في اليمن

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

هل كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن تدخُّلها العسكري في اليمن يمكن أن ينهي الاضطرابات في البحر الأحمر؟ إن كانت تحليلاتها للمشهد سياسيا وعسكريا أوصلتها إلى هذه القناعة فهذا يعني أنها لا تفهم التشابكات الثقافية في منطقة الشرق الأوسط رغم السنوات الطولية التي قضتها في المنطقة. فاليمن التي خاضت صراعا داميا خلال السنوات الماضية وقتل من أبنائها عشرات الآلاف وشهدت أحد أكبر المجاعات في تاريخ جزيرة العرب لم تتعرض لخطوط التجارة في البحر الأحمر، رغم أنها كانت تستطيع ولو عند الحد الأدنى الذي كان يمكن أن يلفت نظر العالم إلى القضية اليمنية ويسهم في الدفع بالحرب نحو هدنة طويلة كما هي عليه اليوم.

لكن الجرائم والمجازر التاريخية التي ما زال جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني حرّكت العالم أجمع بما في ذلك الشعب اليمني الذي وجد نفسه ممسكًا بورقة يمكن أن تشكّل ضغطًا عالميًا للتحرك نحو وقف الحرب ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، ولم يتأخّر اليمن بعد أن فشلت كل المساعي لوقف المجاز، وجرّب أن يستخدم الورقة التي يملكها علّ العالم يستشعر أن ثمة نتائج كارثة وأثمانًا باهظة على الجميع أن يتشارك فيها فيما لو استمرت هذه الحرب الإجرامية على غزة، وعندها يمكن للداعمين الكبار للكيان الصهيوني أن يوقفوا إسرائيل عند حدها.

وقالت حركة أنصار الله «الحوثيين» التي تسيطر على صنعاء والكثير من المدن اليمنية: إنها ستمنع أي سفينة متجهة إلى إسرائيل أو على علاقة بإسرائيل ما لم تتوقف حرب الإبادة. ورغم صعوبة هذا الموقف على العالم أجمع إلا أنه ليس موقفًا عبثيًا يهدف إلى خلط الأوراق، ولكنه موقف ينطلق من مبررات سياسية وثقافية ودينية، وأيضا لمن أراد التوسع من قيم عربية تاريخية وحديثة تتمثل في إغاثة الملهوف وفي التضامن العربي، وموقف عالمي في العمل على وقف الإبادة الجماعية إن كان ثمة وسيلة لوقفها.

وهذه المبادئ من شأنها أن تجلب لليمن ولليمنيين الكثير من المتاعب والكوارث.. ولكن أهل اليمن يعتقدون، أيضا، أن ثقافتهم ودينهم ومكانتهم التاريخية تحتم عليهم ما داموا يملكون وسيلة لدعم حق الفلسطينيين في الحياة ألا يدخروا جهدا في المساعدة حتى لو نالهم بعض مما ينال أهل غزة.

لذلك كان على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تفهما كل هذه الخلفيات المهمة قبل أن تتورط في اليمن وتمهد الطريق لتوسيع الحرب إلى خارج نطاق غزة الجغرافي وتدفع بسياسة «توحيد ساحات» المقاومة في العراق وفي سوريا وفي لبنان إضافة إلى اليمن الذي بات الآن في قلب مشهد المقاومة.

شنت أمريكا وبريطانيا فجر الجمعة الماضي ضربات قوية على أهداف يمنية وكانت النتيجة أن اعتبر اليمن متمثلا في حركة أنصار الله أن كل المصالح الأمريكية والبريطانية ومصالح دول أخرى بينها دول عربية أهداف قابلة للاستهداف المباشر.. وهذا ما حدث أمس عندما تم استهداف سفينة شحن أمريكية بصاروخ باليستي.

لكن أثر التدخل الأمريكي والبريطاني في اليمن لن يتوقف عند استمرار استهداف السفن التي تبحر في البحر الأحمر، إنه أعمق من ذلك بكثير حيث يمكن أن تبرز متغيرات جيوسياسية في المنطقة تقود إلى تحولات كبرى تسهم في تعميق الصراعات في المنطقة.

ويؤكد منتقدو التدخل الأمريكي والبريطاني في اليمن بأن الرد العسكري قد يؤدي إلى تفاقم الوضع بدلًا من تخفيفه؛ فالاعتماد على القوة العسكرية، بدلا من الحلول الدبلوماسية، أو معالجة أصل القضية وهو وقف إطلاق النار في غزة، يُنظر إليه باعتباره حافزًا محتملًا لحرب إقليمية أوسع نطاقا.. ويستشهد هؤلاء بالنفس الطويل الذي ظهرت به جماعة أنصار الله في مواجهة الحرب الماضية ما يشير إلى أن المزيد من العمل العسكري قد لا يكون حلا حقيقيا وجذريا للقضية.

ولو استمعت الولايات المتحدة للنصيحة العمانية في التعامل مع أزمة البحر الأحمر وقررت الدفع نحو وقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية لجنبت نفسها غرقا جديدا في اليمن خاصة أنها في سنة الانتخابات التي تتجنب فيها خوض صراعات عسكرية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البحر الأحمر فی الیمن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

في ذكرى وفاته .. اليمن يقطف ثمار تحركات عالمه الرباني السيد بدرالدين الحوثي

يمانيون – متابعات
قليل هم أولئك العلماء الربانيون الذين كانت لهم بصمات واضحة في حياة الشعب اليمني، ومن أبرزهم العالم الرباني الجليل السيد المجاهد بدرالدين أمير الدين الحوثي رضوان الله عليه الذي مثل نبراساً للهدى وعلماً للجهاد في سبيل الله ونصرة للمستضعفين.

والحديث عن هذا العالم الرباني هو حديث عن المسلم والعالم الأصيل في مبادئه وقيمه وأخلاقه الذي برز بشخصيته فكراً وسلوكاً وجهاداً وتضحية.

يصف السيد محمد بدرالدين والده “بأنه العالم العارف بالله سبحانه وتعالى معرفة جعلته يذوب في خشيته لله ويسعى في حبه ورضاه وهو الفقيه المحقق المطلع المدّقق عاش مع القرآن وسبر أغواره وارتوى من معينه حتى لقب بفقيه القرآن”.

ويشير إلى “أنه العابد الآواه والمتخشع المنقطع لمولاه، فهو الورع التقي الزاهد الصابر والصادق في المقال ذو كرم وشهامة وعزة ونجدة وغيره وشجاعة وتواضع وإحسان وإنصاف وقد شهد له بذلك الصديق والعدو والقريب والبعيد”.

ويضيف “وهو أيضا المجاهد بنفسه وماله وقلمه ولسانه ولم يخشى في لله لومة لائم ولم يداهن أي طاغ ولا ظالم وكان أعظم من سعى لوحدة الأمة وأفضل داعم ومؤيد ومناصر لكل عمل يعود على الأمة بالعزة والكرامة، كما كان المربي البارع والمعلم القدير الذي تخرجت من مدرسته طلائع النهضة الفكرية الحديثة ورواد المسيرة القرآنية المباركة”.

لم تقتصر إسهامات العالم السيد بدرالدين الحوثي على مجال محدود ولم ينحصر دوره في العلوم التشريعية الدينية فقط بل امتدت إسهاماته وتنوعت أنشطته وتوسع دوره ليشمل كل مناحي الحياة ومجالاتها المتعددة وأسهم بشكل ملموس في الجوانب الدينية والتعليمية والتربوية والفكرية والجهادية والقومية وحتى الشعرية، وبذلك فقد فاق غيره من علماء عصره وحتى علماء اليوم.

وفي هذا الصدد أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن العالم الرباني بدرالدين كان يحمل دائماً الهّم لنصرة الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يتراجع يوماً عن مبادئه ونصرته للإسلام رغم ما واجهه من تهديدات ومحاولات اغتيال لإسكات صوته ومنعه عن قول كلمة الحق رافضاً الصمت.

ولفت إلى “أن من نتائج تحركات العلامة بدر الدين الحوثي الانتصارات التي حققها الشعب اليمني على مدى السنوات الماضية”.

مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، أفاد بأن اليمن يجني اليوم ثمار المسيرة القرآنية التي بدأها العالم المجاهد بدرالدين الحوثي وواصل رعايتها الشهيد القائد حسين بدر الدين عليه رضوان الله عليه، وتحمل شرف مواصلتها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي.

وقال” لقد أثمرت إسهامات هذا العالم الرباني وتوسعت اهتماماته خاصة الجهادية الفكرية منها والحركية في تأصيل الوعي الايماني ومواجهة الأفكار الضالة، ومواجهة قوى الظلم والطغيان والاستكبار ورفض التبعية الخارجية”.

بدوره أكد رئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان أن العالم الرباني السيد بدرالدين أمير الدين الحوثي وبالنظر لطلابه وأبنائه وحياته ومواجهته للظالمين وغطرستهم استطاع أن يغير مجرى الحياة بين أوساط المجتمع، فكان مدرسة في كل المجالات.

وقال “يعيش اليمن اليوم حالة غير مسبوقة من العزة والكرامة والحرية والاستقلال والقوة والمهابة لم يسبق لها مثيل وذلك كله يعود الفضل فيه لهذا العالم الرباني الذي جمع بين العلم والعمل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بقول الحق أمام الطغاة والمستكبرين وباهتمامه بقضايا الأمة قاطبة”.

ما أسهم به العالم الجليل بدرالدين الحوثي في واقع اليمنيين لم يأت من فراغ بل كان نتيجة لقناعته وإيمانه بضرورة ووجوب متابعة قضايا الأمة والاهتمام بها.

وفي هذا السياق يقول نجله السيد يحيى بدر الدين “لقد كان العالم الرباني السيد بدرالدين الحوثي على درجةٍ كبيرةٍ من الاهتمام بشؤون الأمة وقضاياها الكبرى، وكان يتابع الأحداث يومياً ويناقشها ويحللها باهتمامٍ بالغ، مع طلابه كما كان يدعو دائماً بالنصر للمستضعفين في الأرض خصوصاً في فلسطين وما يعانونه من ظلم الصهاينة الغاصبين”.

وأضاف “تميز بالحماس والغيرة على الدين خشية أن تمتد إليه الأفكار المسمومة وعندما كان يَطلع على مقال أو يقرأُ كتاباً أو يسمع بفكرة تنال من دين الإسلام ومن عقيدة أهل البيت لا يستقر له قرار ولا يهدأ له بال حتى يهبَّ لصدها وتفنيدها وإبطالها، بأسلوب مهذب وطريقة علمية، ومنصفة، فتراه في جميع كتبه في الرد على المخالفين يذكر حجة الخصم ثم يرد عليه من كتب أهل مذهبه كي يُلزمه الحجة”.

ويؤكد الكثير من العلماء والمحللين أن ما يشهده اليمن حالياً من عزة وكرامة وما يحققه الشعب اليمني من انتصارات ومناصرة للشعب الفلسطيني وما يقوم به جيشه الباسل من ضربات قاسية للأعداء وفي مقدمتهم أمريكا والكيان الصهيوني هي ثمرة التحرك الصادق للعالم السيد بدرالدين بن أمير الدين الحوثي.

عبدالودود الغيلي

مقالات مشابهة

  • مباحثات بين وفد صنعاء ومبعوث بوتين حول عمليات البحر الأحمر المساندة لغزة والحل الشامل في اليمن
  • انفضاح الإرهاب الأمريكي.. ماذا بعد؟!
  • روسيا تدين العدوان الامريكي البريطاني على اليمن
  • عبدالسلام يشكر الموقف الروسي الرافض للعدوان الأمريكي – البريطاني على اليمن
  • رئيس الوفد الوطني يشكر الموقف الروسي الرافض للعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن
  • من يريد أن يدير العالم؟ تحذيرات في تاريخ الحرب الباردة
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • توكل كرمان من جورجيا : أدين الحرب الظالمة على غزة وأنضم إلى كل الأحرار في جميع أنحاء العالم في الدعوة إلى وقفها الفوري.
  • في ذكرى وفاته .. اليمن يقطف ثمار تحركات عالمه الرباني السيد بدرالدين الحوثي
  • يستغل الانتخابات الأمريكية ويحاول تجميل صورته.. نتنياهو يبحث عن «الجائزة الكبرى» وجملة مزايا في واشنطن!