اقرأ غدًا في «البوابة»: شتاء قارس و«عالم قاسٍ».. شهادات مؤلمة من نازحي غزة: «الخيمة سقطت علينا والبرد لا يطاق»
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
تقرأ غدًا في العدد الجديد من جريدة "البوابة"، الصادر بتاريخ الجمعة الثلاثاء 16 يناير 2024، مجموعة من الموضوعات والانفرادات المهمة، ومنها:
داليا عبد الرحيم تكشف في "الضفة الأخرى": ممارسات إسرائيل العنيفة سبب تنامي الجماعات المتطرفة
شتاء قارس و"عالم قاسٍ".. شهادات مؤلمة من نازحي غزة: "الخيمة سقطت علينا والبرد لا يطاق"
مندوب الصومال بالجامعة العربية: لن نتنازل عن شبر واحد من أراضينا
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط في حوار مع "البوابة": %85 من سكان غزة أصبحوا نازحين.
الصين ترحب.. جزيرة ناورو تقطع علاقاتها مع تايوان
رحب الأمم المتحدة: أوكرانيا تحتاج 4.2 مليار دولار مساعدة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل غزة الصومال
إقرأ أيضاً:
عوالم متوازية.. هذا ما قد يحدث لك إذا سقطت في ثقب أسود
مقدمة للترجمة
مع نشر أول صورة على الإطلاق لثقب أسود في أبريل/نيسان 2019، تَبدَدتْ أي شكوك متبقية تحوم حول وجود مثل هذه الوحوش التي تسكن الزمكان. ومع ذلك، يبقى ما يحدث داخل الثقب الأسود موضوعا مثيرا للجدل بين علماء الفيزياء، غير أن السؤال الأهم هنا هو: ما الذي يمكن أن يحدث لك إذا كنت سيئ الحظ إلى الحد الذي يجعلك تقترب من ثقب أسود؟! تشيلسي وايت من نيوساينتست تفتح الباب للإجابة عن هذا السؤال في هذه المادة، من خلال استطلاع وجهات نظر العلماء في هذا النطاق، والتي تعرضها بسلاسة ويسر.
نص الترجمةتخيل أنك تطفو في الفضاء، حيث يعم الهدوء والبرودة المكان، ومع ذلك ثمة ما يُشعِرك بالرهبة. وبينما أنت على هذه الحالة، يراودك فجأة شعور بقوة جذب واهية في البداية، لكنها تزداد شدة تدريجيا، لتسحبك نحو منطقة فارغة في السماء. وقبل أن تُدرك أنك على شفير الهاوية، ستكتشف أنك أخذت تشق سبيلك إلى داخل ثقب أسود.
عن ذلك تقول "بريامفادا ناتاراجان" من جامعة ييل: "هنا يبدأ الكون في التصرف بطريقة غريبة عصية على إدراكك". مع نشر أول صورة على الإطلاق لثقب أسود في أبريل/نيسان 2019، تَبدَدتْ أي شكوك متبقية تحوم حول وجود مثل هذه الوحوش التي تسكن الزمكان. ومع ذلك، يبقى ما يحدث داخل الثقب الأسود موضوعا مثيرا للجدل بين علماء الفيزياء، غير أن السؤال الأهم هنا هو: ما الذي يمكن أن يحدث لك إذا كنت سيئ الحظ إلى الحد الذي يجعلك تقترب من ثقب أسود؟!
إعلانتمارس جميع الأجسام قوة جذب على بعضها بعضا، وعادة ما تكون ضعيفة للغاية وغير ملحوظة، لكن في حالة الثقوب السوداء، تكون قوة الجذب هائلة للغاية لدرجة أن لا شيء -حتى الضوء- يمكنه التملص من قبضتها.
وبسبب كتلتها الهائلة، فإن الثقوب السوداء تؤثر على نسيج الزمكان لدرجة أن الزمن نفسه يبدأ في الانحناء أو التشوه بالقرب منها. والمفاجأة أنك لن تشعر بأن خطواتك لم تعد تعرف موطئها معرفة جيدة أو تشعر بأي تغيير غريب أثناء سقوطك فيه، ولكن بالنسبة لأي شخص يراقبك من بعيد، ستبدو كأنك تتباطأ تدريجيا مع اقترابك من الثقب الأسود.
أثناء سقوطك نحو الثقب الأسود (مثلما يدور الماء في مجرى الصرف)، فإن جميع الفوتونات (جزيئات الضوء) التي تُسحب معك ستشكل تيارا من الضوء الساطع يدور حول ثقب يموج بالظلام الدامس، وهو ما أظهرته الصورة الشهيرة لفريق "تلسكوب أفق الحدث".
وسيظهر تأثيران غريبان عند اقترابك النهائي من الثقب الأسود، سيغطي الظلام المتزايد مجال رؤيتك تدريجيا، وسيمضي الثقب الأسود موغلا في الاتساع بسرعة هائلة على نحو غير متوقع، في حين ستبدأ النجوم المحيطة بالظهور مشوهة ومنحنية.
إنها فرصتك الأخيرة إذن للفرار، لأنك إذا تقدمت أكثر فستعبر أفق الحدث، وهو النقطة التي تصبح فيها جاذبية الثقب الأسود هائلة لدرجة أنه لا يمكن لأي شيء الفرار من قبضتها. في السياق ذاته، تقول ناتاراجان: "ما إن تبلغ النقطة التي يمكنك فيها رؤية أفق الحدث، حتى تلاحظ كيف ينحني ضوء النجوم حول الثقب الأسود".
عند هذه المرحلة، ستلتف الخطوط المنحنية للضوء حول الثقب الأسود، ولكن مع تسارعك نحو نقطة اللاعودة (أفق الحدث)، ستؤثر شدة المجال الجاذبي على طبيعة الضوء الذي يتراءى لك. وإذا كان لديك القوة الكافية في عضلات رقبتك لتلتفت بنظرة أخيرة خلفك، فسترى ضوء النجوم يتجمع معا ليشكل نقطة حمراء واحدة. أنت الآن في المكان الأشد عمقا وظلمة حيث يتسنى للمرء أن يرتحل إليه. يشبه الأمر كما لو أنك تسقط إلى الهاوية، لكن الفرق هنا هو أن "الهاوية لا نهاية لها" كما تقول ناتاراجان.
الثقب الأسود في مركز مجرتنا درب التبانة (مرصد أفق الحدث)انطلاقا من هذه اللحظة، سيشهد جسدك صنوفا من العذابات المروّعة التي ستعجز عن أن تبرأ منها. فالجاذبية الهائلة والمتزايدة بسرعة مهولة داخل الثقب الأسود لن تسحقك فحسب، بل ستفصل كل جزء من جسدك لتحويله إلى ما يشبه خيوط المعكرونة. فإذا سقطت على قدميك أولا، ستُسحَب كاحلاك بعيدا عن ركبتيك ثم سيتمدد عنقك ليصبح مثل خيط المعكرونة، إلا أن الفارق الزمني بين تأثر أجزاء جسدك صغير جدا لدرجة أنك ربما لن تلحظ ذلك. ومن جانبها، تُضيف ناتاراجان: "سيحدث هذا في طرفة عين، ولعل هذا ليس التعبير الأفضل عن حالتك بما أن مقلتَي عينيك ستبرزان إلى الخارج".
إعلانما مصيرك النهائي إذن وأنت تواصل السقوط والتسارع نحو مركز الثقب الأسود بجسد ممتد مثل المعكرونة و بلا عينين؟! لمعرفة مصيرك، سيكون أمامك 4 خيارات:
الخيار الأول: ابقَ كما أنتإن قوانين الديناميكا الحرارية صارمة، حتى الثقب الأسود يتعذر عليه الإفلات من حكمها. ووفقا للقانون الثاني، فإن مقدار الإنتروبيا أو الفوضى في الكون لا يمكن أن يتناقص أبدا.
لذا، عندما يسقط جسمك المضطرب في الثقب الأسود لا يمكن ببساطة محو الإنتروبيا التي يحتوي عليها جسدك، وبدلا من ذلك لا بد لهذه الإنتروبيا أن تُحسَب عن طريق زيادة في إنتروبيا الثقب الأسود نفسه. ولكن إذا كان للثقب الأسود إنتروبيا خاصة به، فلا بد أن تكون له درجة حرارة أيضا، وبما أن أي جسم يمتلك درجة حرارة، فلا بد له أن يشع هذه الحرارة، وهو ما يعني أن الثقب الأسود نفسه يجب أن يُشِع حرارة (وهذا يتناقض مع الفكرة التقليدية التي تفترض أن الثقوب السوداء لا يمكنها أن "تُشع" أي شيء بسبب جاذبيتها القوية التي تمنع الضوء والمواد من الهروب منها*)، ومن ثم، كيف يمكن للإشعاع الهروب من جسم لا يمكن التملص من قبضته؟! في عام 1974، ابتكر ستيفن هوكينج حلا لهذه المعضلة، فاخترع نوعا من الإشعاع يحمل اسمه الآن.
فبدلا من أن ينطلق الإشعاع من قلب الثقب الأسود، يتكون إشعاع هوكينج من جسيمات وأزواجها المضادة التي تظهر فجأة بالقرب من أفق الحدث. تتمتع هذه الجسيمات وأضدادها بالقدرة على الظهور في أي مكان في الكون عشوائيا، وترتبط هذه الجسيمات ببعضها ارتباطا جوهريا، أي أن أي تغيير في أحد الجسيمات يؤثر مباشرة على الجسيم الآخر، حتى لو كانت تفصل بينهما مسافة كبيرة. وفي لغة ميكانيكا الكم، يُطلَق عليها صفة "التشابك".
عندما تظهر أزواج الجسيمات والجسيمات المضادة بالقرب من أفق الحدث للثقب الأسود، قد يسقط أحدها، فيما ينجو الآخر مبتعدا في الفضاء على شكل إشعاع هوكينج، ومن ثم يتسبب هذا الإشعاع في فقدان الثقب الأسود لجزء من طاقته.
إعلانومع مرور الوقت، يؤدي هذا الفقدان المستمر للطاقة إلى تقليل كتلة الثقب الأسود تدريجيا. لكن هناك نتيجة مقلقة، إذا استمر هذا الإشعاع لفترة كافية فإن الثقب الأسود سيشع كل طاقته ويختفي تماما في النهاية، أي "يتبخر"، وهذا يعني أنه عندما يتلاشى الثقب الأسود فإن كل ما ابتلعه، بما في ذلك أي شخص أو مادة سقطت بداخله، سيختفي معه أيضا.
إن اختفاء الثقب الأسود بالكامل يُعتبر انتهاكا لمبدأ أساسي في الفيزياء، وهو أن المعلومات لا يمكن أن تختفي فجأة. وفقا لهذا المبدأ، حتى لو دُمرتْ المعلومات في شكل معين (مثل حرق كتاب)، فإن المعلومات لا تختفي تماما، بل تتحول إلى شكل آخر، مثل الجسيمات الناتجة عن الدخان والرماد. ورغم أن المعلومات تُصبح أصعب في قراءتها أو إعادة ترتيبها، فإنها تظل موجودة بطريقة ما. ويعتمد الفيزيائيون على هذه الفكرة لضمان استمرار الوصول إلى المعلومات حول الماضي والتنبؤ بالمستقبل. إذا كان من الممكن للمعلومات أن "تختفي" أو "تُستحدث من العدم"، فإن كل قوانين الفيزياء التي نعرفها ستفقد معناها. فإذا كان الثقب الأسود قادرا على تدمير المعلومات، فإنه قادر على محو أثرك تماما.
الخيار الثاني: انتظر حتى يتجشأ الثقب الأسوداقترح بعض علماء الفيزياء احتمالا نظريا يشير إلى أن المعلومات المتعلِّقة بك قد تبقى عالقة داخل الثقب الأسود لفترة طويلة، بينما يستمر الثقب الأسود في التبخر ببطء عبر إشعاع هوكينج.
في هذه الحالة، لن تُفقد المعلومات بالكامل أو تُدمر نهائيا، لكنها ستظل "محبوسة" داخل الثقب الأسود لفترة زمنية هائلة، قد تمتد لملايين أو مليارات السنين. ثم في اللحظات الأخيرة من حياة الثقب الأسود، عندما يقترب من التبخر التام، تُقذَف المعلومات إلى الخارج (أو يتجشأها الثقب الأسود) مع الانبعاث الأخير لإشعاع هوكينج. وهكذا، فإن بعض المعلومات الخاصة بك أو بالأجسام الأخرى التي ابتلعها الثقب الأسود قد تُستعاد في النهاية، بدلا من أن تضيع إلى الأبد.
مع مرور الوقت، ومع استمرار الثقب الأسود في فقدان طاقته تدريجيا، فإن أفق الحدث سيصبح صغيرا جدا لدرجة أنه حتى أصغر طول موجي للضوء لن يتمكن من التسلل إلى داخل الثقب الأسود. في هذه المرحلة النهائية، ستنطلق الإشعاعات المتبقية المرتبطة بـ"بقاياك" (أو بالمعلومات الخاصة بك) إلى الفضاء. ومع انتهاء هذه العملية، لن يتبقى أي شيء من الثقب الأسود سوى المساحة الفارغة التي كان يقطنها.
غير أن ثمة خللا جوهريا في هذه النظرية، فسرعة فقدان الثقب الأسود للطاقة عبر إشعاع هوكينج لا يتحكم بها الثقب الأسود، بل تحددها قوانين الديناميكا الحرارية. وفقا لهذه القوانين، كلما زاد انبعاث الإشعاع من جسم ما، قل حجمه تدريجيا. ومع انخفاض حجم الثقب الأسود، تقل قدرته على إصدار المزيد من الإشعاع. وعند اقتراب الثقب الأسود من نهايته، يغدو في غاية الصغر لدرجة أن ما تبقى من طاقته لن يكون كافيا لإخراج أي شيء يُذكر.
إعلانفي هذه الحالة، لن يكون هناك "انفجار" أخير أو انبعاث كبير للمعلومات المتبقية، بل سيختفي الثقب الأسود بهدوء تام ("بهمس" وليس "بانفجار")، وستتلاشى أي آثار متبقية لوجودك.
الثقب الأبيض هو جسم كوني نظري غريب شديد السطوع يعمل في الاتجاه المعاكس للثقب الأسود (وسائل التواصل الاجتماعي) الخيار الثالث: ابحث عن مخرج من خلال الثقب الأبيضوعلى عكس الثقوب السوداء التي لا تسمح لأي جسم بالهروب من جاذبيتها، فإن الأجسام الافتراضية المعروفة بالثقوب البيضاء لا تستطيع الاحتفاظ بأي شيء بداخلها. وتتلخص إحدى النظريات في أن كل ثقب أسود قد يكون متصلا بثقب أبيض عبر نفق بين الأبعاد يُعرف باسم الثقب الدودي. فإذا سقطت في الثقب الأسود، فقد تُنقل عبر هذا النفق وتُقذف خارجا من الثقب الأبيض بدلا من أن تفنى تماما.
ولكن بالنسبة لكارلو روفيلي من جامعة إيكس مرسيليا في فرنسا، فثمة طريقة لتحقيق ذلك دون الحاجة حتى إلى ثقب دودي. بحسب روفيلي، فإن كل ثقب أبيض كان في الماضي ثقبا أسود، وهو ما يعني أنه في مرحلة ما في المستقبل البعيد قد تُقذَف بقاياك أو المعلومات التي ابتلعها الثقب الأسود عندما يتحول هذا الأخير إلى ثقب أبيض. ولكن كيف لتحوُّل كهذا أن يحدث؟
عندما ينهار نجم ليشكِّل ثقبا أسود، تقترب ذراته من بعضها بعضا إلى الحد الذي يجعلها تخضع لقوانين فيزياء الكم. ويمكن لهذه القوانين أن تُفضي إلى ظواهر غريبة يعوزها المنطق، وأهمها ما يسمى بالنفق الكمومي، وهو ظاهرة في فيزياء الكم تنص على أن الجسيمات قد يكون لديها فرصة ضئيلة، لكنها غير صفرية، للمرور عبر حاجز يستحيل اختراقه في العادة.
ومن جانبه، يشير روفيلي إلى أن الجسيمات التي تسقط في الثقب الأسود يمكنها أن تمر عبر نقطة التفرد أو ما يعرف بالمتفردة (وهي النقطة ذات الكثافة اللانهائية في مركز الثقب الأسود) ثم ترتد مرة أخرى خارجها. وفقا لنظرية أينشتاين، فإن أي شيء يدخل الثقب الأسود لا يمكنه العودة. ومع ذلك، تتيح نظرية الكم للجسيمات المرور عبر النفق الكمي والظهور مجددا خارج الثقب الأسود بعد عبورها له، ما يعني أن الجسيمات قد "تتسلل" عبر النفق وتعيد الظهور في مكان آخر.
إعلانعندما تسقط المادة أو الجسيمات في الثقب الأسود، يمكن أن تمر عبر نقطة التفرد وتعود للخروج من الطرف الآخر، ما يؤدي إلى انبعاث المادة على شكل ثقب أبيض.
بالنسبة للمراقب الخارجي، قد تستغرق هذه العملية مليارات السنين لكي يحدث هذا التحول، في حين أن الزمن يتسارع داخل الثقب الأسود جراء الجاذبية الهائلة له. وعن ذلك يقول روفيلي: "الوقت الذي يستغرقه سقوطك إلى المركز، والمرور عبره، والعودة من الجهة الأخرى؛ سيكون أشبه بملي ثانية فحسب".
ويُضيف روفيلي أن المراقب الخارجي إذا نظر إلى داخل الثقب الأسود، سيبدو الشخص أو الجسيمات كأنها مجمدة، بسبب السرعة التي يمر بها الزمن من وجهة نظرهم. وهناك احتمال أن هذا الشخص المجمد (أو الجسيمات المجمدة التي كانت تمثل الشخص) قد تنجح في الخروج عبر الثقب الأبيض في النهاية.
في عام 1974، ابتكر ستيفن هوكينج حلا لمعضلة الثقب الأسود، فاخترع نوعا من الإشعاع يحمل اسمه الآن (الأوروبية) الخيار الرابع: أن تتسرب هويتك على هيئة إشعاعأشار ستيفن هوكينج إلى أن الثقوب السوداء تُصدِر إشعاعات باستمرار، فماذا لو كانت هويتك تتسرب من خلال هذا الإشعاع بدلا من تدميرها أو إخفائها إلى الأبد؟ من المحزن أن هذا الاحتمال يجعل الأمور أكثر تعقيدا، إذ يتألف إشعاع هوكينج من جسيمات افتراضية تظهر بالقرب من أفق الحدث للثقب الأسود، حيث يُمتَص أحد الجسيمين المتشابكين كميا بينما يهرب الآخر. وهو ما يشكِّل مفارقة في فيزياء الكم، لأن إشعاع هوكينج يحمل معلومات عن جميع الجسيمات التي سقطت في الثقب الأسود، وكل جسيم سقط كان متشابكا مع جسيمات أخرى، وهو ما يخلق تناقضا، إذ لا بد للجسيمات الخارجة أن تكون متشابكة مع الإشعاع الذي صدر سابقا، ما يثير تساؤلات حول مشكلة فقدان المعلومات داخل الثقوب السوداء.
يوجد مبدأ أساسي في فيزياء الكم يُعرَف بـ"أحادية التشابك"، وهو مبدأ ينص على أنه لا يمكن للجسيمات أن تكون في حالة تشابك كمي مع أكثر من شيء واحد في الوقت ذاته.
إعلانوبما أن إشعاع هوكينج يحمل معلومات عن الجسيمات التي سقطت في الثقب الأسود، فإن هذا يتعارض مع مبدأ "أحادية التشابك"، لأن الجسيمات في إشعاع هوكينج ستكون متشابكة مع الجسيمات التي سقطت في الثقب، ما يخلق تناقضا في كيفية تعامل فيزياء الكم مع المعلومات في الثقوب السوداء. فإذا كانت المعلومات ترغب في الخروج من الثقب الأسود عبر إشعاع هوكينج، فلا بد من حدوث شيء آخر لتفسير هذا الوضع المتناقض.
المشكلة هي أن هذا الحاجز الناري داخل أفق الحدث يتعارض تماما مع نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين (المرصد الأوروبي الجنوبي) مواجهة الجدار الناري بشجاعةيمكن حل التناقض الكمي (حيث تكون الجسيمات الخارجة من إشعاع هوكينج متشابكة مع الجسيمات التي دخلت الثقب الأسود) من خلال وجود جدار ناري مشتعل داخل أفق الحدث. سيكون هذا الجدار الناري عبارة عن حاجز طاقة هائل يعمل على قطع حالة التشابك الكمي بين الجسيمات التي تسقط داخل الثقب الأسود والجسيمات المتبقية خارجه. بمعنى آخر، وجود هذا الجدار سيمنع استمرار حالة التشابك بين الجسيمات، ومن ثم يزيل التناقض الكمي المتعلق بمبدأ "أحادية التشابك".
المشكلة هي أن هذا الحاجز الناري داخل أفق الحدث يتعارض تماما مع نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين. وفقا لنظرية أينشتاين، يجب أن يكون أفق الحدث للثقب الأسود غير ملحوظ، بمعنى أن الشخص الذي يعبره لن يشعر بأي فرق أو اضطراب مقارنة بالفضاء المحيط. يقوم هذا التناقض على مبدأ التكافؤ، الذي ينص على أن تأثير الجاذبية لا يمكن تمييزه عن تأثير التسارع.
على سبيل المثال، إذا كنت داخل صاروخ ينطلق بسرعة كبيرة، ستشعر كأن الجاذبية تدفعك إلى الخلف، وهذا الإحساس يجب أن يكون مشابها تماما للشعور بالجاذبية. وبناء على هذا المبدأ، لا بد لعبور أفق الحدث أن يكون مشابها للتسارع، بحيث لا ينبغي أن تلاحظ أي شيء غير طبيعي عند العبور.
إعلانحتى لو افترضنا وجود مثل هذا الجدار الناري داخل أفق الحدث للثقب الأسود، فإن هذا ليس الحل الأمثل لتخطي المشكلة. إذا حاول أي شيء عبور هذا الجدار الناري، فإنه سيتعرض للاحتراق الكامل. وهذا المصير لن يكون فقط لمن يعبر الجدار، بل أيضا لأي مادة أخرى تسقط في الثقب الأسود. لقد حاولت مواجهة الجدار الناري بشجاعة، لكن النتيجة كانت أنك احترقت تماما.
الخروج من ثغرة في الزمكانإحدى الأفكار الافتراضية التي تتحدث عن الثقوب السوداء هي اتصالها بثقوب دودية تمتد عبر الأبعاد، ما يفتح ممرا أو قناة بين مناطق مختلفة من الكون أو حتى بين أكوان متعددة. لكن ماذا لو كانت آلية الكون أقل إثارة ودرامية من أن تسمح لنا بالوصول إلى ثقب أبيض ملتهب على الطرف الآخر؟!
تخيل "ليونارد سوسكيند" من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، و"خوان مالداسينا" من جامعة برينستون، نوعا من الثقوب الدودية التي تتفرع من الثقب الأسود مثل جذور الشجرة التي تخرج في اتجاهات متعددة. هذه الفروع صغيرة للغاية لدرجة أنها تسمح للفوتونات الناتجة عن إشعاع هوكينج فقط بالخروج، ما يساعد الثقب الأسود على التبخر تدريجيا، وذلك مع تجنب العديد من المفارقات، مثل الجدار الناري وفقدان المعلومات، لأن المعلومات التي تخرج من الثقب الأسود تظل محفوظة في هذه الفروع الصغيرة دون عبور المادة أو المعلومات إلى ما وراء أفق الحدث. وبفضل تجنب الجسيمات الشريكة، فإن القاعدة الكمومية التي تحظر التشابك مع أكثر من طرف واحد لن تتعرض للخرق.
ولكن مع الأسف ثمة مشكلة كبيرة وفقا لمبادئ الفيزياء الكمومية، فبالنسبة لـ"أيدان تشاتوين ديفيز" من جامعة لوفين في بلجيكا، فإن هذه العملية تنتهك المبدأ الأساسي للفيزياء الكمومية الذي ينص على أن المعلومات لا يمكن تدميرها.
فإذا ألقيت كيانا كموميا (مثل جسيم) في ثقب أسود وخرج منه إشعاع حراري، فستختفي المعلومات التي كانت في هذا الجسيم تماما من الكون. وهذه الحالة تُعتبر مخالفة كبيرة للمبادئ الأساسية التي تحكم الكون في الفيزياء الكمومية، لأن المعلومات يجب أن تبقى محفوظة، ولا يمكن أن تُفقد.
إعلان عوالم متوازيةولكن ماذا لو لم يكن كوننا هو الكون الوحيد؟ قد تكون الفكرة متطرفة بعض الشيء، ولكن مؤيدو نظرية العوالم المتعددة في ميكانيكا الكم يأخذونها على محمل الجد.
في كل مرة تحدث فيها عملية كمية، ينقسم الكون، ما يخلق عالما موازيا. قد يحدث شيء مختلف عن الذي يحدث في عالمنا، حتى لو كان هناك انتهاك لقواعد فيزيائية مثل المبدأ الأساسي لحفظ المعلومات، فوفقا لهذه النظرية، يمكن الالتفاف حول هذه القاعدة في كون موازٍ آخر حيث تكون النتيجة مختلفة، ومن ثم يتم تعويض أي انتهاك في عالم آخر.
تفترض نظرية العوالم المتعددة أن الكون ينقسم إلى عدد لا حصر له من الأكوان الموازية، بحيث يؤدي كل اختيار أو حدث إلى وجود نسخة موازية لكل كون. وفقا لأيدان تشاتوين ديفيز من جامعة لوفين في بلجيكا، هذه الأكوان الموازية مرتبطة معا، ما يعني أن مصيرك قد يتوزع عبر عدة نسخ مختلفة من الأكوان.
ومن ثم لديك عدة احتمالات لمصيرك: قد تجد نفسك تحترق بسبب الجدران النارية، أو ربما تسقط عبر ثقب أبيض، أو قد تتسرب من ثغرة في الزمكان، أو ربما في عالم موازٍ آخر لا تسقط في الثقب الأسود على الإطلاق. وعلى الرغم من أن قوانين الفيزياء قد تنهار في الكون الذي نعيش فيه، فإنها قد تكون مستقرة في الأكوان الموازية. تهانينا! لعل نسخة منك قد نجتْ في هذه العوالم المتوازية.
ربما لم يكن ثقبا أسود في النهايةيوجد حل للتخلص من السيناريوهات غير المقبولة المتعلقة بالثقوب السوداء، وهو ببساطة إعادة تصور ما هو الثقب الأسود. في الفيزياء الكلاسيكية، لا توجد طريقة لوقف تجمع المادة، التي تتحول إلى نجم ثم تنهار لتصبح ثقبا أسود. في هذه النظريات، لا يمكن للجاذبية التوقف عن العمل، فهي تواصل سحب المادة بلا هوادة حتى يتشكل الثقب الأسود.
وهنا يأتي دور نظرية الأوتار التي تبدأ بفكرة مفادها أن المادة لا تتكون من جسيمات أساسية، بل تتكون بدلا من ذلك من أوتار صغيرة. وفي ظل الجاذبية الساحقة التي قد توجد في الثقب الأسود العادي، تتشابك هذه الأوتار معا.
إعلانوعن ذلك، يقول "سمير ماثور" من جامعة ولاية أوهايو: "كلما زادت الطاقة التي تضعها في نظام ما زاد حجم كرة الأوتار هذه. وفي واقع الأمر، لا تتحول هذه الكرة إلى ثقب أسود، بل تتحول إلى كائن شبيه بالكوكب لن يتسبب في مشكلة فقدان المعلومات التي تحدث في الثقوب السوداء".
إذا سقطتَ على مثل هذه الكرة، فستواجه موتا مروعا، لكن بدلا من أن تصبح جزءا من العدم كما في الثقوب السوداء، ستصبح جزءا من شيء ما على الأقل. أولا ستشعر بالحرارة كلما اقتربت منها، وعند عبورك أفق الحدث واستمرارك نحو كرة الخيوط الضخمة هذه، ستتمزق ويتحول جسدك إلى حزمة من الأوتار ما إن تصل إلى السطح.
وبعد أن تُمتَص داخل كرة الأوتار هذه، سيبدأ جسدك في الانتشار عبر سطح الثقب الأسود مختلطا مع الأوتار الأخرى هناك. في نهاية المطاف، يختتم ماثور حديثه قائلا: "عند هذه النقطة، سيتمزق جسدك ولن تكون حيا بعد الآن، لكن أوتارك ستظل تهتز". ستكون أفكارك وذكرياتك قد تلاشت منذ مدة طويلة، لكن المادة التي تتكون منها ستغدو جزءا من أحد أكثر الأماكن غرابة في الكون، ومن ثم قد لا تكون هذه نهاية سيئة.
____________
* إضافة المترجم
هذه المادة مترجمة عن نيوساينتست ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت