يظن البعض أن الإدمان يتصل بإدمان المواد المخدرة أو الكحوليات، ولا يعتقد أن لعبة بريئة ومجانية موجودة في «أيقونة» اللعب في جواله قد تحوله إلى مدمن. إدمان يقلب حياته رأسا على عقب، وهو ما حصل مع العديد من الشباب والشابات والأطفال، ففي غفلة من الزمن تحولوا إلى مدمنين وفي حاجة للعلاج.
كان آباؤهم يرون أنهم يلعبون ألعابا بريئة، ويمارسون نشاطا عاديا على الجوال ليس فيه انحلال أو فساد أخلاقي أو إلحاد أو عنف، وإلى آخر قائمة المحظورات التي حرص هؤلاء الآباء على أن يجنبوها الأبناء والبنات، ولسان حالهم يقول: ما الضير أن يكون في يد أبنائهم الجوال لساعات طوال !؟
مع كل هذه البراءة، وقع الفأس على الرأس، فأدمن الأبناء هذه الأمور البريئة، وتركوا مقاعد الدراسة، ولم يعد يهمهم أي طموح يتصل بحياتهم المستقبلية، فقد أسرتهم لعبة بريئة، أو أفلام عادية، أو مسلسل كرتوني، أو سحرهم يوتيوبر مدفوع له، فأصبح جل اهتمامهم اللحظة الآنية التي يعيشونها مع هذه الأمور، ويبذلون لها الوقت كل الوقت، وظهرت آثار الإدمان جلية واضحة، وأولها الخلافات مع الوالدين الذين لا يتركونه لحاله مع الجوال كما يشاء، ثم الانسحاب الاجتماعي والانطواء والرغبة بالاختلاء والانزواء، وعدم أداء الواجبات الأسرية، ثم التقصير في الدراسة، والغياب عن المدرسة أو الكلية.
لاقتني فتاة أجنبية عاملة منزل في عمر الـ٢٤ عاما، ذكرت أن والدتها تمتلك مزرعة كبيرة في بلادها، تزرع فيها معظم الفواكه والخضار الاستوائية، استغربت أنها تغربت عن بلدها آلاف الكيلومترات لتكون عاملة منزل رغم ظروف الأسرة الجيدة، قالت إنها لم تكمل التعليم، والسبب أن التعليم في بلدها فاسد؟ لكن اكتشفت أنها تسهر طوال الليل على الجوال على الأفلام، أفلام من مواقع مجانية، مرة تبكي ومرة تضحك حسب أحداث الفيلم، وهكذا دواليك طوال الليل.
وبسبب الخلافات حول الدراسة مع والديها تركتهم مغضبة لتبحث عن رزقها كعاملة منزل في بلاد الغربة.
قصة ضياع من عشرات الآلاف من القصص، في بلداننا وفي كل مكان في العالم.
من وراء هذا الوباء؟ من الذي يضخ كل هذا السيل الجارف والجامح من المواد بالمجان؟ وكيف ولماذا؟ كلها أسئلة مشروعة وتقودنا للبحث عن الإجابات.
د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بديل فعّال للقهوة لتحفيز النشاط والذاكرة طوال اليوم
إنجلترا – حددت دراسة بريطانية جديدة بديلا أكثر فعالية من القهوة لتحفيز الدماغ وتحسين الذاكرة.
شارك في الدراسة 76 شخصا بالغا تتراوح أعمارهم بين 50 و83 عاما، حيث تم تزويدهم بأجهزة لقياس النشاط البدني والنوم لمدة 8 أيام. كما أُجريت لهم اختبارات معرفية يومية لقياس الانتباه والذاكرة ورد الفعل ومهارات حل المشكلات.
وتم تقسيم الاختبارات إلى مجموعتين، حيث شملت المجموعة الأولى اختبارات الذاكرة، مثل اختبار تذكر الصور. أما المجموعة الثانية، فشملت اختبارات الذاكرة العاملة، مثل اختبار النقر على الكتل Corsi (يتم إضاءة مجموعة من الأزرار بشكل متسلسل، ويُطلب من الشخص تكرار التسلسل نفسه بالضغط على الأزرار بالترتيب نفسه بعد انطفائها) واختبار “Trail Making Test B” لقياس سرعة رد الفعل (يتم إعطاء الشخص ورقة تحتوي على مجموعة من الأرقام والحروف موزعة بشكل غير مرتب. يتعين على الشخص ربط الأرقام والأحرف بالتسلسل المتناوب).
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين قاموا بـ 30 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى القوي، مثل المشي السريع أو ركوب الدراجات، أظهروا تحسنا في الذاكرة العرضية والذاكرة العاملة. وكانت التحسينات ملحوظة على الرغم من أنها قد تكون مؤقتة، إلا أن الفوائد العصبية قد تستمر لمدة تصل إلى 24 ساعة.
وأوضح الباحثون أن التمارين الرياضية تحفز الجسم على إنتاج المزيد من الطاقة من خلال إفراز الإندورفين والنورأدرينالين، ما يزيد من اليقظة ويعزز النشاط العقلي طوال اليوم.
وبينما يعتبر الكافيين عنصرا شائعا لتحفيز الدماغ، فإن الإفراط في استهلاكه يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، خصوصا عند تناوله بكميات تتجاوز 400 ملغ في اليوم، أي ما يعادل حوالي 4 أو 5 فناجين من القهوة.
وفي المقابل، أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية لا تقتصر فقط على تحسين الذاكرة بل تساهم أيضا في تحسين المزاج وتقليل القلق. وعند مقارنة التمرين بالكافيين، تبين أن ممارسة الرياضة قد تكون الخيار الأفضل للحصول على يقظة ذهنية مستدامة دون التأثيرات الجانبية المترتبة على الكافيين.
نشرت نتائج الدراسة في مجلة International Behavioral Nutrition and Physical Activity.
المصدر: ديلي ميل