أشادوا بأداء المقاومة.. نشطاء يعتبرون ملف الأسرى دليلا على فشل إسرائيل بالحرب
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
أجمع مغردون ونشطاء على أن تطورات ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة هو دليل على الفشل الذريع الذي منيت فيه إسرائيل بتحقيق أهدافها، رغم مرور 100 يوم على الحرب التي شنتها على قطاع غزة. والتي تمثلت في تحرير المحتجزين الإسرائيليين والقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ورأى النشطاء أن ما فعلته إسرائيل خلال 100 يوم، هو فقط نجاحها بتحويل معظم قطاع غزة إلى ركام، وقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني مدني معظمهم من النساء والأطفال.
وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي يواجه معارضة متزايدة بين الإسرائيليين ومسؤولين في حكومته- إخفاء فشل حكومته وجيشه الذريع في قطاع غزة من خلال حديثه في جلسة الحكومة للموافقة على موازنة عام 2024 لاستعادة نصف الرهائن، وتعهده بمواصلة العمل على استعادة كل من تبقى في قبضة المقاومة الفلسطينية في القطاع.
جدير بالذكر أن استعادة بعض المحتجزين الإسرائيليين لم يتم بناء على عمليات عسكرية، وإنما بناء على عمليات تفاوض مع المقاومة بوساطة قطرية ومصرية.
ويبدو أن تعهدات نتنياهو لم تطمئن أهالي المحتجزين وكثيرا من الإسرائيليين الذين تظاهر 120 ألفا منهم في تل أبيب -أمس الأحد- بالتزامن مع مرور 100 يوم على الحرب، مطالبين نتنياهو بإعادة المحتجزين لذويهم.
وتعد هذه المظاهرة هي الأكبر منذ بدء الحرب على غزة، وتعكس الضغط الكبير الذي تتعرض له الحكومة الإسرائيلية بسبب ملف الأسرى.
كما اعتبر محللون انضمام عضو مجلس الحرب ورئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس إلى مظاهرة أهالي الأسرى هو الدليل على أن مسألة الأسرى أصبحت ملفا للصراع السياسي الداخلي، وهي فرضية يؤيدها قول عضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت "علينا أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، وأن نظهر الشجاعة، ونتجه إلى صفقة كبيرة تعيد المختطفين، الوقت ينفد وكل يوم يمر على المختطفين في غزة يعرض حياتهم للخطر".
ورصد برنامج شبكات بتاريخ (15/01/2024) تعليقات بعض المغردين على منصات التواصل الاجتماعي على تطورات ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.
فرأى الناشط أحمد مطر أن الأسرى ضحية صراع سياسي داخلي في إسرائيل من أجل بقاء الفاسدين والمتطرفين بالسلطة، وقال "نتنياهو وحكومته المتطرفة والكنيست لا يعنيهم مصير الأسرى أحياء كانوا أو أمواتا، وما ظروفهم المعيشية والصحية بدليل استمرار الحرب أكثر من 100 يوم".
أما صاحب الحساب زاده فأشاد بتعامل المقاومة، وقال "المقاومة تحافظ على الأسرى، في حين إسرائيل تقتل المدنيين في غزة".
وحث الناشط أبو كليب المقاومة للضغط على حكومة الاحتلال وأن تفرض شروطها، وغرد "المقاومة تعامل الأسرى بإنسانية، والخطر الوحيد عليهم هو الجيش الصهيوني، المقاومة عندها شروط واضحة والأولى أن تضغط على حكومة إسرائيل لإنهاء الحرب وتنفيذ الشروط".
أما عبد الرحمن، فأكد في تغريدته على فشل سياسة الحرب الإسرائيلية على غزة مغردا "بعد 100 يوم من العدوان الإسرائيلي الأميركي على شعب فلسطين، فشل المعتدون وكان لهم مطلبان إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والقضاء على حماس، ولم يحقق العدو أي مطلب".
وكانت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد نشرت -أمس الأحد- تسجيلا مصورا جديدا لـ3 من الأسرى الإسرائيليين لديها، بعنوان "حكومتكم تكذب"، ووجه هؤلاء الأسرى مناشدة لنتنياهو بإيقاف الحرب في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأسرى الإسرائیلیین ملف الأسرى فی غزة
إقرأ أيضاً:
الحرب في غزّة إلى أين؟
سؤال يلحّ على جميع المهتمّين بما يحدث في قطاع غزّة من الطرفين؛ المقاوم وحلفائه وأنصاره، والمشروع الاستعماري وأدواته وأنصاره.
في غزّة يطرح المقاومون الصمود والتمسّك بالأرض وفرض وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وإطلاق سراح الأسرى كشروط لنهاية الحرب، وتتفرّع عن هذه النهاية خطط ومشاريع من قبيل لجنة مختصة لإدارة شؤون القطاع بإشراف حكومة رام الله (لجنة الإسناد المجتمعي)، وكذلك لجان عربية أو دولية تشرف على عملية إعادة الإعمار.
أما العدو، فيطرح أهدافه بتصفية جميع قوى المقاومة سواء كانت منظّمات أو دولاً، وتحرير الأسرى في قطاع غزّة بالقوة، والاحتفاظ بقوات من “جيش” العدو في مناطق محدّدة من قطاع غزّة مثل محوري فيلادلفيا ونتساريم، وخلق منطقة عازلة في جنوب لبنان. تتفرّع عن هذه الأهداف مشاريع مثل عودة الاحتلال الكامل للقطاع، وإعادة حركة الاستيطان فيه، وتتصدّر هذا النشاط حركة “حباد” الصهيونية الأرثوذكسية التي أعلنت عن قيام أول مستوطنة “بيت حباد” في مبنى بلدية بيت حانون في شمال قطاع غزّة.
بين الموقعين يستمر مشهد المجزرة وسط صمت عالمي مدوٍ، صامدون يقدّمون التضحيات، وقتلة لا يتردّدون في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية، مطاردة كلّ من يقف إلى جانب محور المقاومة في كلّ مكان في العالم. معظم الأنظمة العربية متواطئة سواء بالعمل على الأرض أو بالصمت والتظاهر بأن القضية إنسانية بحتة تقع ضمن اختصاصات الأمم المتحدة ومنظّماتها غير الحكومية. المطلوب استعمارياً تحقيق هدفين، القضاء على المقاومة بجميع أشكالها، وبثّ اليأس والاستسلام في نفوس جماهيرها، لتتحوّل هذه الجماهير إلى أقلية مسالمة تندمج في الكيانات الناتجة عن المشروع الاستعماري، وتصبح ما يمكن أن نسمّيه “أقلية مهملة” .
هذا السيناريو الذي قد يبدو للبعض وكأنه يحمل الكثير من المبالغة، كرّره المستعمرون أكثر من مرة عبر تاريخهم، خاصة في المرات التي احتلوا فيها أراضي الآخرين تحت شعارات ووعود دينية كما حدث في أمريكا وأستراليا ونيوزلندا. لقد اعتبر المستوطنون الأوائل أن أميركا هي “أرض الميعاد” المسيحية، وأنهم حجّاج أرسلهم الرب لإقامة مملكته، والقضاء على المتوّحشين الوثنيين. الشعارات نفسها أطلقتها حركة “حباد” الصهيونية التي اعتبرت العرب كفّاراً، لا بدّ من قتلهم لإقامة “دولة إسرائيل” من النيل إلى الفرات.
عبّرت هذه المشاريع عن نفسها سياسياً في الخرائط التي يرفعها غلاة الصهاينة من وزراء وقادة حركة الاستيطان، وتجد دعماً لدى الدوائر الاستعمارية كما حدث في تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول صغر مساحة الكيان الصهيوني وضرورة توسيعها.
تمرّ عملية التدجين بثلاث مراحل: الهزيمة العسكرية من خلال ارتكاب مجازر بحقّ الشعوب بحيث تتحوّل المطالبة بالبقاء على قيد الحياة مطلباً للشعوب المقهورة، في المرحلة الثانية يقوم العدو بفرض التسويات بشروطه من خلال بثّ روح الهزيمة واليأس من المستقبل.
وقد تحتاج هذه المرحلة إلى المزيد من المجازر غير المبرّرة، واحتلال المزيد من الأراضي كما يحدث اليوم في غزّة وسوريا ولبنان، وعند الوصول إلى المرحلة الثالثة يكون مصير الأقلية المهملة بعد تدجينها بالكامل، الحصول على ميزات اجتماعية واقتصادية على اعتبارات إثنية أو دينية أو ثقافية، فيعيش أفرادها في محميات خاصة، ويسمح لهم بممارسة طقوسهم وثقافاتهم بهدف تفتيت الهوية الوطنية، وتحويل الدول إلى ائتلاف من الهويات والثقافات الفرعية.
هذا ما فعله الاستعمار الأبيض مع أصحاب البلاد الأصليين، بل إن هذا المستعمر قد يلبس قناع الإنسانية ويتظاهر بالدفاع عن حقوق الأقليات المهملة، ويمجّد تاريخهم وينتج أفلاماً ودراسات عن تاريخهم.
إذا قبلنا بإمكانية حدوث هذا السيناريو، فإنه يلقي على عاتقنا مسؤوليات جساماً، تنبع من حقائق التاريخ والجغرافيا. الشعب الفلسطيني، الذي تشكّل قضيته مركزاً للصراع مع المشاريع الاستعمارية، يختلف عن سكان البلاد الأصليين الذين أبادهم المستعمر الأبيض في أكثر من مكان من العالم، فالشعب الفلسطيني يمتلك امتداداً عربياً في الجغرافيا، وامتداداً إسلامياً في التاريخ، هذان البعدان تجسّدا خلال معركة طوفان الأقصى، من خلال انخراط جبهات الإسناد العربية في اليمن وسوريا والعراق، وجبهة الإسناد الإسلامية التي مثّلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعمها المستمر للمقاومة الفلسطينية.
أدرك المستعمرون بعد الهزيمة المذلّة في شمال فلسطين، أن مخطّطاتهم مهما كان شكلها لن تجد طريقها إلى التنفيذ إلا بقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة كخطوة أولى، ثم الانتقال إلى تدمير قوى محور المقاومة بشكل منفرد.
وفي هذا السياق وافق العدو على وقف إطلاق النار في لبنان، ويتجه إلى القبول ببعض التنازلات مقابل وقف إطلاق النار في غزّة بناء على المبادرة المصرية، في الوقت نفسه كان التحالف الاستعماري يعمل بمشاركة تركية على إسقاط الجبهة السورية لقطع خطوط إمداد المقاومة، وتفتيت جبهاتها، وكذلك فصل الحرب في سوريا عمّا يحدث في غزة وما حدث في لبنان.
لقد فتحت الحرب على غزّة أبواب منازلنا لقنوات الربيع الاستعماري، التي بادرت منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب على سوريا إلى تبديل سياساتها، وشنّ هجوم إعلامي مركّز على الدولة السورية، والتركيز على فكرة “تحرير” المدن السورية، وتحميل الدولة السورية المسؤولية عمّا يحدث برفضها التعاون مع تركيا لمناقشة مستقبل سوريا، الفكرة التي طرحها الرئيس التركي أردوغان، ولقيت رواجاً لدى الكثيرين بمن فيهم بعض المثقّفين المناصرين لمحور المقاومة، ناسين أو متناسين أن الهدف الأصلي للحرب التي انطلقت عام 2011م كان مصادرة سيادة الدولة السورية ووضعها بيد آخرين سواء كانت التنظيمات الإرهابية أو داعميها في الغرب وتركيا، وهو ما تحقّق يوم 8 ديسمبر.
الهدف من الحرب على سوريا اليوم، هو توسيع مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية وصولاً إلى الحدود اللبنانية، لقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة، وعزل المقاومة في لبنان تمهيداً للاستفراد بها عسكرياً وسياسياً، وإلحاق قطاع غزّة بالنظام العربي المطبّع بواجهة فلسطينية مرتبطة بحكومة رام الله المنخرطة في التنسيق الأمني مع العدو.
وصل العدو الصهيوني إلى الحدود السورية اللبنانية والأردنية، واندفع الغرب والولايات المتحدة للتواصل مع حكومة الأمر الواقع في دمشق.
وواجب كلّ المقاومين وجمهورهم التصدّي للمشروع الاستعماري الجديد، عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً. هذا ما عبّرت عنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمقاومة اللبنانية واليمنية، وما على كل القوى السياسية في الوطن العربي المبادرة إليه، فهذه هي المعركة الأخيرة التي تحمل في طيّاتها إمكانية النصر أو الهزيمة وترسم ملامح مستقبل المنطقة.
كاتب سياسي أردني