مستوطنون يحولون كهوفا فلسطينية إلى مواقع سياحية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
بيت لحم- في استهداف جديد يُكشف عنه لأول مرة، استولى مستوطنون إسرائيليون على عدة كهوف فلسطينية منتشرة شرقي مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، بعد طرد أصحابها منها، وحولوها إلى مزارات سياحية.
ووفق مسؤول فلسطيني، فإن المستوطنين وبمساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي استغلوا العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لطرد المزارعين الفلسطينيين من مساحات واسعة بمناطق برية تتبع قرى شرقي مدينة بيت لحم، وتقدر مساحتها بعشرات آلاف الدونمات، ثم ترميمها والترويج لها كمواقع للمبيت.
عائلة صقر جبرين، واحدة من عدة عائلات فلسطينية تعرّضت للهجرة القسرية بفعل اعتداءات المستوطنين، وحُرمت جراء ذلك من فلاحة أرضها ورعي أغنامها والعودة إليها.
يقول جبرين -في حديثه للجزيرة نت- إن عائلته المكونة من 10 أفراد كانت تقيم في كهف، وإلى جانبه "برَكس"، وهو مبنى من الصفيح يُستخدم لمبيت الأغنام وحفظ الأعلاف "لكن بعد الحرب على غزة تم طردنا من أرضنا، فاضطررنا للانتقال إلى بلدة تقوع (شرقي بيت لحم) ولم نتمكن من العودة إلى أملاكنا ومساكننا".
وأضاف "قام المستوطنون باحتلال المغارة، وترميمها والسكن فيها وتفكيك البركس ورمي أغراضنا ومنها الأغطية والفرشات". وقال إنه صُدم بعدما رأى الكهف الذي كان يؤويه وقد تحوّل إلى مزار تحت سيطرة المستوطنين الذين يستخدمونه للترويج السياحي.
وأشار جبرين إلى تكرار الأمر ذاته مع غيره من المواطنين، وقال "على الأقل أعرف 6 أو 7 عائلات حصل لها الشيء نفسه، وتم تهجيرها وقطع الطرق التي تؤدي إلى كهوفها وأراضيها".
ووفق توثيق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، فإنها رصدت تهجير 6 عائلات فلسطينية تعداد أفرادها بالعشرات من المنطقة البرية شرقي بلدة تقوع التابعة لبيت لحم، مما اضطر سكانها إلى العودة للقرى الشرقية.
ترويج سياحيويقول مدير مكتب الهيئة في بيت لحم حسن بريجية إنه لا تتوفر لدى الهيئة إحصائية دقيقة ونهائية حول ما يجري في مناطق شاسعة شرقي المحافظة.
وأضاف بريجية -للجزيرة نت- أن حسابات إسرائيلية بدأت مؤخرا بنشر مواد دعائية على شبكات التواصل الاجتماعي للكهوف التي تم طرد أصحابها كأماكن للسياحة والنوم، ورفعوا عليها العلم الإسرائيلي، بعد إجراء عمليات ترميم فيها ووضع أسرّة وخزائن داخلها.
وقال بريجية إن ما يجري "يهدف إلى جلب المستوطنين إلى تلك المنطقة ضمن مخطط "الاستيطان السياحي" الذي بدأ ينتشر بشكل واسع، إضافة إلى ما تُعرف بالبؤر الرعوية، وهي بؤر يقيم فيها رعاة أغنام من المستوطنين، ويستخدمون مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين، ويحظرون دخول أصحابها إليها".
ووفق المسؤول الفلسطيني، فإن جميع الكهوف معروفة بأسماء أصحابها الفلسطينيين الذين كانوا يستخدمونها للنوم ومبيت الأغنام وحفظ الأعلاف قبل تهجيرهم منها، وبعضها كان يستخدمها أصحابها في المواسم، أو في عطلة نهاية الأسبوع.
ووصف بريجية ما يجري بأنه "جريمة حرب يقوم بها الاحتلال والمستوطنون بترحيلهم القسري للعائلات الفلسطينية وأطفالها من أراضيهم ذات الملكية الخاصة وجلب مستوطنين مكانهم".
وعن فُرص التوجه للقضاء الإسرائيلي لاستعادة الكهوف، قال إن أصحابها يتخوفون من التوجه إلى مراكز الشرطة لرفع شكاوى، لأنها تقع داخل المستوطنات ولأن القضاء الإسرائيلي لم يكن عادلا في قضايا مشابهة.
وأشار إلى اعتزام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية توكيل محامٍ في القضية لإيقاف الاعتداء على كهوف السكان وأراضيهم وإعادة أصحابها إليها.
استباحة البادية
من جهتها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان الاثنين، إن "اليمين الإسرائيلي الحاكم يفتعل التصعيد لتطبيق نسخة الدمار والتهجير في قطاع غزة على الضفة".
وأشارت الوزارة إلى "استباحة المستوطنين للبادية الفلسطينية والتجمعات البدوية ومنازلها وكهوفها في عموم الضفة الغربية المحتلة، كما يحصل باستمرار في جميع مناطق الأغوار ومسافر يطا والمناطق الشرقية من بيت لحم".
وتابعت أن "غلاة المستعمرين المسلحين وبحماية من جيش الاحتلال يواصلون جرائم تهجير تلك التجمعات والتنكيل بهم وفرض النزوح القسري عليهم لإخلاء الأراضي التي يسكنون فيها لتخصيصها لصالح الاستيطان".
ووفق التقرير السنوي لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد جرى خلال 2023 تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا تضم 1517 فردا، أغلبهم هُجّروا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بیت لحم
إقرأ أيضاً:
ما الخطورة في قانون تمليك المستوطنين بالضفة؟
بخُطا متسارعة تمضي حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومنظومته التشريعية في إجراءاتها للسيطرة على أكبر قدر ممكن من أراضي الضفة الغربية، وضمها وفرض السيادة عليها.
ولم يعد استهداف أراضي الضفة يقتصر على نشر المستوطنات والنقاط والقواعد العسكرية أو مصادرة الأراضي أو البؤر الرعوية، إنما تجاوز الأمر إلى تمليك المستوطنين في أي بقعة من أراضي الضفة.
وغالبا ما تركزت إجراء الاحتلال الاستيطانية في المنطقة المنصفة "ج" وفق اتفاق أوسلو، والتي تشكل نحو 61% من أراضي الضفة والخاضعة لسيطرة الاحتلال الكاملة، لكنها اتسعت في ظل الحكومة الحالية إلى المنطقة "ب" الخاضعة إداريا للسلطة الفلسطينية، و"أ" التي وضعتها الاتفاقية تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة.
الجديد في الأمر قانون إسرائيلي قيد التشريع، بادر إليه عضو الكنيست شلومو سلمون من كتلة "الصهيونية الدينية" الشريكة في الائتلاف الحكومي، وصادق عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية، الأربعاء، ويسهل تملك المستوطنين للأراضي والعقارات في الضفة الغربية، بغض النظر عن المنطقة الموجودة فيها.
نص القانونيلغي مشروع القانون الإسرائيلي، والذي يحتاج إلى 3 قراءات ليكون نافذا، حظر بيع أراض في الضفة، التي هي تحت مسمّى "أراضي دولة" وتدير شؤونها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ليصبح متاحا بيعها، وليس فقط تأجيرها، والقصد بيعها للمستوطنين.
إعلانووفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، يلغي مشروع القانون أيضا القانون الأردني رقم 40 لسنة 1953، وهو "قانون إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب"، المعمول به حاليا في الضفة، التي خضعت لحكم الأردن منذ نكبة 1948 وحتى احتلالها عام 1967.
ويلغي أيضا القانون القرارات العسكرية الإسرائيلية التي صدرت وأعطت الإدارة المدنية، أحد أذرع الجيش بالضفة، الحق في التشريع وتفسيرات القانون الأردني بشكل يتلاءم مع مشروع الاستيطان، بزعم أن المستوطنات "حاجة أمنية" وفق تفسيرات المحكمة الإسرائيلية.
الخارجية: السماح للمستوطنين شراء أراضي بالضفة ضم زاحف واستخفاف بالمجتمع الدولي وقراراته
The Ministry of Foreign Affairs: Allowing settlers to buy lands in the West Bank is a creeping #annexation and a disregard for the international community and its resolutions. pic.twitter.com/sdkr5uyU3v
— State of Palestine – MFA ???????????????? (@pmofa) January 29, 2025
تنديد فلسطينيوأدان مجلس الوزراء الفلسطيني مصادقة الكنيست، داعيا "لتكثيف الضغط الدولي على الاحتلال لوقف هذا الإجراءات".
في حين حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من خطورة مشروع القانون، ووصفته بأنه "ضم زاحف واستخفاف بالمجتمع الدولي وقراراته"، ورأت فيه "تعميقا لاستباحة الضفة بما فيها القدس الشرقية، وتطبيقا لقوانين إسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي".
كما وصف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح -في بيان صحفي- مشروع القانون بأنه "مخالفة صارخة للقانون الدولي، وانتهاك لقرارات الشرعية الدولية، وفتوى محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الاستيطان جريمة حرب وتعديا خطيرا على حقوق الشعب الفلسطيني وأراضيه".
كما أدانت مشروع القانون مختلف الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
إعلانووفق الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، فإن "خطورة مشروع القانون تكمن في كونه خطوة من خطوات سعي حكومة اليمين والمستوطنين لتهيئة البنية التحية التشريعية لعملية ضم الضفة الغربية".
وأضاف أن "مشروع قانون تمليك المستوطنين يعني إمكانية شراء أراضي وإقامة مستوطنات وبؤر استيطانية في أي مكان بالضفة وفي أقرب الآجال".
????حركة حماس:
????مصادقة ما يسمى "كنيست" الاحتلال مساء أمس على مشروع قانون يسمح للمستوطنين بشراء أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، هو خطوة إجرامية جديدة ضمن محاولات الاحتلال الفاشي لضم وتهويد الضفة، وهو انتهاك للقوانين والقرارات الدولية التي تجرم الاستيطان بكل أشكاله.…
— فلسطين أون لايـن (@F24online) January 30, 2025
مكمن الخطورةالناشط في حقوق الإنسان ومؤسس "تجمع شباب ضد الاستيطان" عيسى عمرو، يقول إن مشروع القانوني جزء من خطة "ضم الضفة الغربية لإسرائيل وتطبيق القانون المدني الإسرائيلي عليها".
ويوضح أنه "بات بإمكان المستوطن أن يتملك في أي مكان في الضفة الغربية ويسجل العقار أو الأرض باسمه بشكل مباشر، بما في ذلك مناطق خاضعة للسيطرة الفلسطينية، وكأنه في تل أبيب".
وهنا يشير إلى أن الجديد في الأمر "تجاوز موافقات وإجراءات طويلة كانت تتم من قِبل قيادة جيش الاحتلال ودوائره وأذرعه العاملة في الضفة الغربية، وأصبح التملك مباشرا".
ومع تشكيل الحكومة الحالية نهاية عام 2022، وحصول وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على وزارة الجيش والمسؤولية عن الإدارة المدنية، أزال الكثير من الإجراءات التي تعيق الاستيطان وتمدده، حيث كانت إقامة المستوطنات والبناء الاستيطاني يحتاج إلى موافقة الجيش.
وفق عمرو، فإن "هناك خطورة في تملك المستوطنين عقارات يدّعون أن أجدادهم كانوا يملكونها قبل أكثر من مائة عام، وشراء أملاك فلسطينية من أصحابها دون عوائق داخل القرى والمدن الفلسطينية".
إعلان
خطة المواجهة
ولفت بشكل خاص إلى أملاك وأراضٍ يتنازعها عشرات وأحيانا مئات الورثة دون أن تفعل السلطة الفلسطينية شيئا لتثبيتها، "وبالتالي بإمكان أي وريث ضعيف النفس أن يبيع حصص كامل الورثة بتعاون قضاء الاحتلال، وهذا حصل في عدة عقارات بمدينة الخليل".
يقول عمرو إن الأمر لا يقتصر على الأرض المصنفة "أملاك دولة"، والتي تشكل نحو 20% من مساحة الضفة، لأنه مستولى عليها بالفعل.
في ظل ما يجري، يشدد الحقوقي الفلسطيني على "ضرورة تعزيز صمود المواطن على أرضه من خلال برنامج وحدة وطنية"، محذرا من أن الوضع في الضفة متجه إلى حبس الفلسطينيين في "كانتونات ومعازل".
ونهاية 2024 قدرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عدد المستوطنين بنحو 770 ألفا، يتوزعون على 180 مستوطنة، و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تُصنف على أنها رعوية وزراعية.
وفي أبريل/نيسان 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتبرت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي يشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.