.. وفُتح ملف الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
محمد رامس الرواس
"نحن نعلم أن حريتنا لن تكتمل إلّا بحرية الشعب الفلسطيني"، مقولة خالدة للزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا.
الصراع بين القانون والسياسة
ما تقوله العبارة القانونية الشهيرة: "ليست الدول هي من تُقرر بالمحاكم؛ بل القانون والقضاة هم من يقررون" يعكس ما حدث في محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي من خلال ما تقدمت به دولة جنوب أفريقيا بشأن رفعها لدعوى جريمة الإبادة الجماعية التي قامت بها دولة إسرائيل في غزة والعمل على مقاضاتها أصبح هناك نوع من الصراع في أروقة المحكمة بين القانون والسياسة من خلال ما تحاول به إسرائيل نفي التهمة عن نفسها وتسييس القضية، والكيان الإسرائيلي ممثلًا بفريقه القانوني الذي مثله في اليوم الثاني من جلسات المحكمة بتاريخ 12 من يناير الجاري قد اعتمد في دفوعاته على تفسير جزئيات من أحداث حرب غزة من خلال مرافعة ظهر عليهم الارتباك بشكل واضح وذلك بسبب عدم وجود واقعية ومصداقية بطرحهم وما صاحبه من مغالطات للحقائق فاعتمدوا على التصريحات السياسية أكثر من اعتمادهم على الحقائق، فكان إخفاقا كبيرا مُنيّ به الفريق القانوني الإسرائيلي وفشل فشلا ذريعًا في ما قدم من دفوعات.
مرافعة تاريخية
لقد سبقت مرافعة فريق القانونيين الإسرائيليين في اليوم الأول بتاريخ 11 يناير الجاري أن قام الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا بمرافعة قدَّم فيها دفوعات قوية أثبت فيها وجود حالة إبادة جماعية بنية مبيتة، لقد كانت هذه الدفوعات مشفوعة بحقائق وبراهين احتواها ملف مكون من أربع وثمانين صفحة فيها من الأدلة الجازمة التي تدين الكيان الإسرائيلي بقيامه بإبادة جماعية بقطاع غزة، واستشهدوا فيها بوقائع جرمية موثقة بالصوت والصورة والتي لا تزال تمارس إلى الآن أمام أنظار ومرأى العالم .
لقد وقف الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا الذي مثله نخبة من أبرز القانونيين الكبار منهم القانوني جون دوجارد، والمحامية والحقوقية عديلة هاشم التي كانت بمثابة رأس حربة الفريق، ومنهم المحامي الجنوب أفريقي المبدع تمبيكا، والمخضرمون ماكس دو بليبسس، ورامو غاني، وفوغان لوي، وأخيرًا المحامية بليني غارالانغ والتي تطلق عليها جمعية المحامين بالمملكة المتحدة "المقنعة" لما تتمتع به من تكتيك مُتميز في الدفاع بأروقة المحاكم .
من خلال المرافعات الشفهية لدولة جنوب أفريقيا في اليوم الأول للمحاكمة عندما جاء دور المحامية عديلة هاشم للوقوف على منصة المرافعة ارتقت بكل ثقة وشموخ ونظرات ثاقبة ولغة غاية في الوضوح تجبرك على الإنصات بما تملكه من أسلوب راقٍ وتاريخ أكاديمي حقوقي مشرف فألقت على مسامع الخمسة عشر قاضياً والحضور بالقاعة والعالم أجمع عبر شاشات التلفاز واحدة من أشهر المرافعات التاريخية التي سوف يسجلها التاريخ الحديث بكل فخر واعتزاز، بما حملته مرافعتها من حقائق دامغة أثلجت صدور الفلسطينيين خاصةً وأحرار العالم عامةً فسردت الحكاية بتفاصيلها المتكاملة بأسلوب متسلسل واحداث متصلة حتى وصل الأمر إلى ما يمكن إثباته بحدوث جريمة إبادة جماعية وثقها الإعلام بالصوت والصورة استخدمها الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا تم إعداده بمستندات وتفسيرات قانونية ومعلومات متكاملة أعطى أداء مشفوعا بوقائع حقيقية رسمتها المحامية عديلة هاشم للعالم بصورة إبداعية أمام القضاة ووضعتهم في قلب الجريمة شارحة الوضع المأساوي بتفاصيله في غزة، لقد كانت بحق أقوى مرافعة سيذكرها التاريخ طويلًا.
لقد انتهت الجلسة الثانية يوم الجمعة الفائتة والتي طالبت في نهايتها دولة جنوب أفريقيا المحكمة بإصدار قرار يجبر الكيان الإسرائيلي على وقف الجرائم الإنسانية التي يرتكبها من إبادة وحصار وتجويع، وحتى ذلك الحين ستظل هناك العديد من التساؤلات التي تفرض نفسها: هل ستتم إدانة إسرائيل؟ وإذا ما تمت إدانتها.. هل ستُنفذ الحكم؟ أم سترفض الإدانة؟
وللحديث بقية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعمق 2.5 كم.. مقـ.تل 100 من عمال المناجم تحت الأرض في جنوب أفريقيا
قالت مجموعة تمثل عمال المناجم يوم الاثنين إن ما لا يقل عن 100 رجل كانوا يعملون في تعدين غير قانوني في منجم ذهب مهجور في جنوب أفريقيا لقوا حتفهم بعد أن حوصروا في أعماق الأرض لشهور بينما كانت الشرطة تحاول إخراجهم.
وقال سابيلو منجوني المتحدث باسم مجموعة المجتمعات المتضررة من التعدين المتحدة في العمل لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية، إن هاتفا محمولا أرسل إلى السطح مع بعض عمال المناجم الذين تم إنقاذهم يوم الجمعة كان به مقطعا فيديو يظهران عشرات الجثث تحت الأرض ملفوفة بالبلاستيك.
وقال منجوني إن ما لا يقل عن 100 رجل لقوا حتفهم في المنجم في مقاطعة نورث ويست حيث أطلقت الشرطة لأول مرة عملية في نوفمبر الماضي لإجبار عمال المناجم على الخروج.
وقال منجوني إنه يشتبه في أنهم ماتوا جوعاً أو جفافاً وقال إنه تم انتشال 18 جثة منذ يوم الجمعة.
وأضاف أن تسع جثث من تلك الجثث تم انتشالها في عملية قادتها المجتمعات المحلية يوم الجمعة، لافتا إلى أن تسعة آخرين تم انتشالهم في عملية رسمية نفذتها السلطات يوم الاثنين، حيث تم إنقاذ 26 ناجيًا أيضًا.
وقال المتحدث باسم الشرطة الجنوب أفريقية العميد سيباتا موكجوابوني إنهم ما زالوا يتحققون من المعلومات حول عدد الجثث التي تم انتشالها وعدد الناجين الذين تم انتشالهم بعد بدء عملية إنقاذ جديدة يوم الاثنين.
تُظهر مقاطع الفيديو التي أرسلت إلى السطح على الهاتف المحمول ونشرتها مجموعة منغوني علنًا عشرات الجثث التي تبدو وكأنها ملفوفة بالبلاستيك ملقاة في أنفاق مظلمة تحت الأرض شوهد رجال هزيلون يجلسون بالقرب منهم.
كان المنجم مسرحًا لمواجهة بين الشرطة الجنوب أفريقية وعمال المناجم منذ أن حاولت السلطات لأول مرة إجبار عمال المناجم على الخروج وإغلاق المنجم قبل شهرين.
وقالت الشرطة إن عمال المناجم رفضوا الخروج خوفا من الاعتقال، لكن منغوني قال إنهم حوصروا تحت الأرض بعد أن أزالت الشرطة الحبال التي استخدموها للخروج من المنجم.
كما قطعت الشرطة إمدادات الغذاء عن عمال المناجم في محاولة لإجبارهم على الخروج.
غالبًا ما تذهب مجموعات كبيرة من عمال المناجم غير القانونيين تحت الأرض لشهور لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، ويأخذون معهم الطعام والمياه والمولدات والمعدات الأخرى، ولكنهم يعتمدون أيضًا على آخرين في مجموعتهم على السطح لإرسال المزيد من الإمدادات.
وقالت الشرطة إنها غير متأكدة من عدد عمال المناجم غير القانونيين الذين ما زالوا تحت الأرض في منجم بافلسفونتين للذهب بالقرب من بلدة ستيلفونتين الشمالية، لكن من المرجح أن يكونوا بالمئات.
وقال منغوني إن ما لا يقل عن 500 عامل منجم ما زالوا تحت الأرض في أماكن مختلفة في المنجم، وهو أحد أعمق المنجم في جنوب إفريقيا بعمق 2.5 كيلومتر (1.5 ميل) وله أعمدة متعددة ومستويات عديدة وهو متاهة من الأنفاق، على حد قوله.
وأضاف أن تقرير التشريح الأولي لجثة تم إخراجها سابقا من المنجم أظهر أن الرجل توفي جوعاً.