التعليم المستدام (3-2)
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
د. عبدالله بن سليمان المفرجي
نستكمل خطوات رسم خارطة الطريق من أجل تحقيق تعليم مستدام ومعزز للمهارات على النحو التالي:
5- توظيف التقنيات التعليمية الحديثة في المواقف التعليمية المختلفة. وأمام تلك التحديات العاتية والأمواج الجارفة، والتسابق في الحصول على التقنيات الحديثة المتطورة في التعليم، كيف يمكن التوليف بين العولمة والتعليم العالي؟ فماذا نحن فاعلون هل بمقدورنا مواكبة ركب الحضارة العالمية وتحقيق أهدافنا ورؤانا للارتقاء بأوطاننا الحبيبة ومستوى تعليمنا؟ في الوقت الذي أكد فيه خبراء ومختصون أنّ توظيف التقنيات الحديثة في التعليم يعزز سرعة الفهم والتحصيل ويخلق جيلا جديدًا مواكبًا للعصر الحديث ومتغيراته المتسارعة.
6- التدريب والتأهيل المستمر لأعضاء هيئة التدريس على طرق التدريس المبتكرة وأساليب التقويم الفعالة وعلى توظيف التقنيات الحديثة، والتشجيع المستمر على تكوين مجتمعات التعلم المهنية داخل المؤسسة التعليمية بما يساعد على الارتقاء بالتعليم. فكم هي جلسات العصف الذهني اليومية الفعلية بين أعضاء هيئات التدريس الأكاديمي لتبادل الأفكار الإبداعية مع الأقران، وكم هي القرارات الصاعدة الجديدة اليومية والتي تكون نابعة من العاملين فيها، لا هابطة عليها كالسيل المنهمر المدرار، وكيف تم صياغة رسالة المؤسسة ورؤيتها هل هي بناء على تصورات القادة التربويين وآرائهم الشخصية أم هي نتاج تعاون مشترك بين فرق العمل جميعها معها، فالإلمام بمحتوى مواد المساقات التدريسية، دون الاهتمام بطرائق تدريسها؛ يشكل عقبة كبيرة في تدريسها وفي تحقيق الطموحات التي تسعى المؤسسات التعلمية إلى تحقيقها في شخصيات الطلاب، فطريقة التدريس تعد همزة الوصل بين الطالب والمنهج، وهي من أهم المكونات في نجاح عملية التعليم والتعلم، فقد أضحى المتعلم يطلب من أستاذه أن يحاوره ويفتح معه قنوات التواصل والإقناع، بأسلوب شائق وممتع يجعله فاعلا في العملية التعليمية؛ بل أصبح العالم الآن متجها نحو التعليم التفاعلي النشط والتعليم التعاوني والتشاركي والتعليم بالاكتشاف والتعليم عن طريق عقود التعلم والتعليم عن طريق استخدام السقالات التعليمية (الويب كويست) والتي يكون الطالب فيها فاعلا في بيئة التعلم لا متلقيا سلبيا. في ظل طرق التدريس الحديثة المبتكرة التي تستخدم المنظمات البصرية والثقافة البصرية، وتنسجم مع أنماط المتعلمين الثلاثة السمعي والبصري والحسي؟ أين تفعيل نظرية الذكاءات المتعددة "الثمانية"؟ دائما ما نخاطب نوعا واحدا من المتعلمين. يقول ألبرت آينشتاين: "كل إنسان هو عبقري بشكل أو بآخر، المشكلة أننا نحكم على الجميع من خلال مقياس واحد، فمثلاً لو قيَّمنا سمكة من خلال مهاراتها في تسلق شجرة ستمضي السمكة بقية حياتها معتقدة أنها غبية".
7- توظيف الأنشطة التعليمية التفاعلية في المواقف التعليمية المختلفة، بما يخدم العملية التعليمية ويسهم في سرعة إيصال الفكرة والمعرفة والمعلومة بطريقة سريعة ويجعلها أكثر رسوخا كالجبال الرواسي. فلم يعد التعليم مقتصرًا على حدود التلقي داخل فصول الدراسة، للمعلومات والمعارف، كما لم يعد الإنصات والاستماع داخل جدران فصول المؤسسات الأكاديمية، كفيلا بالتعلم فقط؛ بل أضحت طرقا توائم ظروف الحياة العصرية. وتثير فضول وتشويق المُتعلم، كمساعدته على اللعب المنظم، والتعامل مع تطبيقات الحاسوب، فتلك تسهم في زيادة دافعية المتعلم للتعلم، والاستمرار لتوظيف أقصى حد ممكن لقدراته، مع دورها الفاعل في تنمية مهارات التعلم الذاتي والتفكير، وتنمح المتعلم القدرة على تحمل المسؤولية في عملية التعلم، وتنمي لديه الاستقلالية في التعلم، وتمنح القدرة على صياغة أهدافه التعليمية، بلغته الخاصة، والقدرة على مناقشتها مع أقرانه ومعلميه، وتحديد الاستراتيجيات الملائمة لتحقيقها على أرض الواقع. فالتقنية الرقمية تسللت لبيوتنا بلا استئذان وأخذت تتحكم في أجيالنا من منبت الشعر إلى أخمص القدمين، لذا بات من الظلم الشنيع أن نستمر في إعداد أبنائنا بنفس طريقة إعداد آبائنا وأجدادنا ومعلمينا لنا "لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" [سقراط، راجع: الشهرستاني، الملل والنحل، ابن القيم، إغاثة اللهفان].
8- الاهتمام بالمتعلمين وتوفير الإرشاد النفسي والأكاديمي والدعم المادي والمعنوي لمشاريعهم وأفكارهم وابتكاراتهم الإبداعية والسعي لتحويلها إلى مشاريع قابلة للتطبيق العملي أو شركات ناشئة عن طريق التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، فلا بد من الاهتمام برفع مستوى الدافعية لدى المتعلمين. بطرق إبداعية واحترافية من خلال القراءة الواعية في هذا المجال، واستخدام أساليب التهيئة الحافزة عند بدء المحاضرة، أو تقديم الخبرة؛ مثل: سرد قصص الناجحين والمميزين، وطرح الأسئلة السابرة التي تدفع للعصف الذهني، وتقديم العروض المثيرة للدهشة، والتي يتم تعزيزها بالمنظمات البصرية المختلفة ويستعمل فيها الثقافة البصرية المتنوعة والتي تساعدهم على حل ما يطرأ من مشكلات بأنفسهم. فما أروع أن يتم عقد مسابقات دورية للطلاب في مختلف التخصصات ورصد جوائز قيمة لهم "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" [المُطففين:26].
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دعم المملكة المستدام للقضية الفلسطينية.. موقف ثابت لا يقبل المساومة
للمملكة مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية لا تتبدل ولا تقبل المساومة ولا تخضع لأي مُزايدات سياسية؛ وتتمثل في أنه لا يمكن تحقيق سلام عادل وشامل أو إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون مسار والتزام واضح بإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس.رفض تهجير الفلسطينيينتشكل قرارات القمة العربية والإسلامية التي استضافتها المملكة في نوفمبر الماضي (2024م)، لاسيما قرارها المتضمن رفض تهجير المواطنين الفلسطينيين؛ أساساً ومرجعاً للموقف العربي من التصريحات الأمريكية والإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، وضم الضفة الغربية لإسرائيل، ووضع قطاع غزة تحت إدارة السلطة الأمريكية.
أعلنت المملكة مع شركائها في اللجنة الوزارية العربية والإسلامية المشتركة، ومملكة النرويج، والاتحاد الأوروبي، إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، واستضافت أول اجتماعاته في الرياض بمشاركة نحو 90 دولة ومنظمة دولية، وأُعتبر مؤشراً لإعادة المصداقية للعمل متعدد الأطراف، ودليلاً على الرغبة الصادقة في إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية.مساعدات المملكة في الأزمة الفلسطينيةسارعت المملكة منذ بدء الأزمة في قطاع غزة بتقديم المساعدات والإمدادات الإنسانية العاجلة للمتضررين، وأطلقت حملة تبرعات شعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في القطاع، حيث تجاوز إجمالي قيمة التبرعات في الحملة نحو 707 مليون ريال، وتم إيصال المساعدات والإمدادات الإغاثية والإنسانية عبر جسرين (جوي وبحري)، فضلاً عن تقديمها دعماً مالياً شهرياً للأشقاء في فلسطين للمساهمة في معالجة الوضع الإنساني في قطاع غزة ومحيطها.تصدي المملكة لأزمات الأشقاءأدانت المملكة القصف الإسرائيلي لعدة مناطق في سوريا، وانتهاكات دولة الاحتلال المتكررة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة، كما شددت على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف التصرفات الإسرائيلية المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع اتساع رقعة الصراع.
أخبار متعلقة المدينة المنورة الأعلى بـ13.2 ملم.. "البيئة" ترصد هطول الأمطار في 6 مناطقنيابةً ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العاديةأكدت المملكة وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه الشقيق ودعمه لتجاوز أزماته، وشددت على أهمية إنجاز الإصلاحات اللازمة لتعزيز أمن واستقرار ووحدة لبنان، وعبرت عن ثقتها في قدرة الرئيس جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، على الشروع في تنفيذ هذه الإصلاحات.
تواصل المملكة جهودها لمعالجة الأزمة السودانية، والتوصل لوقف إطلاق النار، وعودة الاستقرار لجمهورية السودان الشقيقة، والتمهيد لمستقبل سياسي يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدتها وسيادتها ووقف التدخلات الخارجية، مع استمرار جهود المملكة للاستجابة الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب السوداني الشقيق.