الداكي: المغرب سجل أدنى معدل اعتقال احتياطي في 2023
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
زنقة 20 ا الرباط
افتتح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الاثنين 15 يناير 2024، السنة القضائية الجديدة، وذلك بإذن مولوي سامي من صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وجرى خلال هذا اليوم، الذي شهد حضور ثلة من الوزراء والمسؤولين والقضاة، تقديم حصيلة نشاط محاكم الاستئناف بالمملكة وحصيلة ونشاط محكمة النقض.
أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، أن سنة 2023 شهدت تسجيل ما مجموعه 48 ألفا و130 قضية على مستوى محكمة النقض، مقابل 52 ألفا و676 قضية سجلت سنة 2022؛ أي بنسبة انخفاض بلغت 7 في المائة.
كما بلغ عدد القضايا المحكومة خلال سنة 2023، وفق الداكي، ما مجموعه 46757 قضية، مقابل 48423 قضية تم تسجيلها خلال سنة 2022.
وأبرز الداكي في كلمته الإفتتاحية، أن القضايا الجنائية تتمثل من مجموع ما سلف 52,73 في المائة، حيث سُجل ما مجموعه 25379 قضية ينضاف لها المخلف عن سنة 2022، (17418 قضية) ليصبح مجموع الرائج هو 42797 قضية، صدر فيها 24487 قرارا، يقول رئيس النيابة العامة، مضيفا أن نسبة التصفية من القضايا المسجلة بلغت 96,49 في المائة، في حين بقي مخلفا عن سنة 2023 ما مجموعه 18310 قضية. أما على مستوى باقي القضايا الأخرى فقد تم تسجيل ما مجموعه 22751 قضية.
وأوضح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أنه رغم ما تحقق من نتائج ملحوظة من المحكوم سواء على المستوى الجنائي أو المدني، فإنه يُلاحظ أن عدد المحكوم في الشكل سواء بعدم قبول الطعن أو سقوط الحق فيه أو التنازل عن الطلب بلغ 109 ألفا و13 قرارا؛ أي بنسبة تناهز 23 في المائة، وهي تقارب النسبة المسجلة خلال سنة 2022 والتي بلغت 26 في المائة من مجموع القضاي، فيما صدر 23606 قرارا برفض طلب النقض وهو ما يشكل نسبة 68,79 في المائة من مجموع القضايا التي تم الفصل في موضوعها مقابل 107 آلاف و9 قضايا صدرت فيها قرارات بالنقض. وأكد أن هذا الأمر يفسر أن نسبة جدية الطعون بالنقض لا تتجاوز 22,90 في المائة.
على مستوى تدبير وضعية الاعتقال الاحتياطي، أكد الداكي أن الجهود المبذولة في هذا الإطار سواء من قبل النيابة العامة أو الهيئات القضائية المكلفة بقضايا المعتقلين الاحتياطيين، أسفرت عن تحقيق أدنى معدل اعتقال احتياطي تم تسجيله خلال العشر سنوات الأخيرة والذي بلغ عند نهاية شهر دجنبر 2023 نسبة 37,56 في المائة مقابل 40,85 في المائة عند نهاية سنة 2022، حيث انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى 385 ألفا و52 معتقلا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 102 ألفا و650 نزيلا.
وفي سياق متصل، عالجت النيابات العامة ما يناهز 863 ألفا و65 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، ترتب عنها فتح 199 ألفا و87 قضية توبع في إطارها 247 ألفا و98 شخصا.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: النیابة العامة محکمة النقض فی المائة من مجموع سنة 2022
إقرأ أيضاً:
هوس ماجا المشؤوم بمعدل الذكاء يقودنا إلى مستقبل غير إنساني
ثمة شيء يشترك فيه دونالد ترامب وشركاؤه من وادي السليكون وهو الهوس بمعدل الذكاء IQ. فكون «الفرد ذا معدل ذكاء منخفض» يعد سبابا معياريا في قاموس الرئيس وكونه «ذا معدل ذكاء مرتفع» يعد ثناء معياريا بالقدر نفسه لدى المنتمين إلى اليمين التكنولوجي. غير أنه ثمة مفارقة خفية في ظل الاندفاع إلى تفوق الولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي ـ ودليله إعلان مشروع ستارجيت بقيمة خمسمائة مليار دولار في البيت الأبيض وصدور الأمر التنفيذي بدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم العام ابتداء من الحضانة. وتتمثل هذه المفارقة في أنه إذا تحققت رؤيتهم لمستقبلنا الاقتصادي، فإن معدل الذكاء بالمعنى الذي يقدّرونه سوف يفقد معناه.
لقد ظهر اختبار معدل الذكاء في وقت كانت فيه الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية قلقة على صحة شعوبها. إذ أظهرت حملات التجنيد لحرب البوير في المملكة المتحدة ثم الحرب العالمية الأولى في دول أخرى أن الذكور في هذه البلاد أضعف صحة من جيل آبائهم. وبدا أن العمل الصناعي يطلق ما بدا أشبه بعملية تدهور تنذر بمصير سلالة المورلوكس دون الأرضية الوارد ذكرها في رواية «آلة الزمن» الكلاسيكية لهربرت جورج ويلز. كانت اختبارات الذكاء وسيلة لاستخلاص الماس من الخام والعثور على طبقة ضباط جديدة ثم نخبة جديد في ما بعد لقيادة المجتمع الكبير خروجا من مستنقع اليأس إلى مستقبل أكثر جسارة.
حينما كان التصنيع لا يزال حاكما في الولايات المتحدة، كان معدل الذكاء يقيَّم بوصفه وسيلة قياس للنتاجات التعليمية، لكن يقال إن عمال المعرفة لم يصبحوا طليعة الرخاء المستقبلية إلا مع انطلاق اقتصاد المعلومات في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وليس من قبيل المصادفة أن حديث معدل الذكاء قد ازدهر في تسعينيات القرن الماضي، وكان ذلك في البداية من خلال كتاب «منحنى الجرس» سيئ السمعة لتشارلز موراي وريتشارد هرنشتين الذي أشار إلى وجود فجوات مستعصية وبعيدة المدى في معدلات الذكاء بين الجماعات العرقية المختلفة، ثم راج الحديث ثانيا من خلال برامج البحث عن الموهوبين والمتفوقين في الولايات المتحدة التي مضت تبحث عن الأولاد وتنتقيهم من المدارس العامة لتضعهم في برامج صيفية مشحونة للمتفوقين.
كان من أولئك الأشخاص كيرتس يارفين، وهو مهندس برمجيات في منتصف العمر ومنظِّر سياسي هاوٍ لفت الأنظار بفلسفته التكنوملكية وكثيرا ما يشار إلى أعماله إشارات إيجابية في أحاديث نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس. في شبابه، كان يارفين منتميا إلى مركز جوليان ستانلي للشباب الموهوبين. ومنذ مطلع القرن الحالي حتى الآن وهو مناصر ثابت لأهمية معدل الذكاء بوصفه قياسا للقيمة الإنسانية. وفي أواخر العقد الأول من القرن الحالي، ومن خلال وصفه لما بات يعرف بالتنوير المعتم أو «الرجعية الجديدة»، ذهب إلى أن اختبارات معدل الذكاء يمكن أن تستعمل لسحب السلطة التصويتية من الناخبين في جنوب أفريقيا ما بعد نظام الفصل العنصري.
وليس ولع يارفين بمعدل الذكاء إلا نتاج عضوي لثقافية فرعية في وادي السليكون. ولا عجب في أن الذين كانوا يتلاعبون بالرموز ويكتبون الشيفرات ليل نهار كانوا يثقون كثيرا في «الذكاء العام» الذي يقيسه اختبار معدل الذكاء، فهذا الاختبار يقيس قرب العقول البشرية من أجهزة الكمبيوتر في المنطق والذاكرة وسرعة المعالجة.
وللولع بمعدل الذكاء تاريخ في الوادي، فكان من رواد القول بضرورة اتخاذ إجراءات تحسين النسل لزيادة معدل الذكاء وليم شوكلي مخترع الترانزيستور (وهو وحدة بناء رقائق الكمبيوتر) فذهب إلى من يقل معدل الذكاء لديهم عن 100 يجب إعطاؤهم دولارا عن كل درجة من معدل الذكاء تحفيزا لهم على تعقيم [أي إخصاء] أنفسهم. وفي عام 2014، قال الملياردير الأمريكي بيتر ثيل إن مشكلة الحزب الجمهوري هي أن الكثير للغاية من زعاماته «ذات معدل ذكاء منخفض» قياسا بأقرانهم في الحزب الديمقراطي. كما كان معدل الذكاء موضع نقاش في مدونة Slate Star Codex الشهيرة وغيرها مما يعرف بالمجتمع «العقلاني».
كان يمكن أن يبقى ذلك كله محض عرَض من أعراض منتديات الدردشة في منطقة خليج سان فرانسيسكو لولا التحالف الذي انعقد أخيرا بين عالم اليمين التكنولوجي والحزب الحاكم في العاصمة واشنطن. فالفكرة القائلة بأن الذكاء فطري وأنه يقاوم التدخل المبكر للتحسين من خلال برامج الدولة، وأن معدل الذكاء حقيقي ومنطقي، تقرّبنا مما كان موراي وهرنشتين يدعوان إليه في «منحنى الجرس» في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما أطلقا عليه «التعايش مع عدم المساواة».
لقد تأسست إدارة التعليم الأمريكية في عام 1980 بناء على فرض مناقض لمنحنى الجرس. وعملت بناء على إيمان بأن التدخلات المبكرة ضرورية لتحسين الدماغ وأن قياس النتاجات ضروري لصقل التدخلات لكي يثمر الاختبار التعليمي نتائج أكثر تساويا في عموم الولايات المتحدة. وهذه الإدارة تتعرض الآن لعملية تفكيك على يد إيلون ماسك من خلال «إدارة كفاءة الحكم»، مع تعهد بإكمال المهمة من ليندا مكماهون الرئيسة التنفيذية السابقة لاتحاد المصارعة العالمي. وكثيرا ما يشير ماسك ـ شأن ترامب ـ إلى معدل الذكاء وكأنه رقم مهم ودال. ولو أنكم تؤمنون أن الذكاء فطري، فسترغبون أيضا في تدمير وزارة التعليم وإيقاف محاولات الوصول إلى نتائج معيارية.
لقد بحث البعض عن طرق لتحديد سمات الأيديولوجية التي تربط الساحل الغربي برواد أعمال التكنولوجيا ومؤسسيها مع الشمال الشرقي والغرب الأوسط بأساطين رجال الأعمال والمحافظين المنتمين إلى تحالف «ماجا» [أي حركة «استعادة عظمة أمريكا» وهو شعار حملة ترامب الانتخابية الرئاسية]. ومن هذه الطرق النظر إليها باعتبارها عودة إلى الطبيعة، وانصرافا عن الإيمان بالحقائق الراسخة المتعلقة بالذكاء والجندر والعرق في مواجهة عالم متغير.
وهنا مكمن المشكلة، فقد راهن ذلك التحالف على مستقبل الاقتصاد الأمريكي، معلقا الرهان بحدوث فتح في تطورات الذكاء الاصطناعي، وحتى تاريخه، يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي وسيلة لأتمتة كثير من وظائف ذوي الياقات البيض التي كانت من قبل هي صلب اقتصاد المعرفة، فتشات جي بي تي، حسبما يزعم دراويشه، أقدر على التشفير من خريج علوم الكمبيوتر في ستانفورد. وبوسعه أن يعد شرائح عرض، ويعد نقاطا للحديث في دقائق، بما يتجاوز أي خريج لكلية آداب ليبرالية من كليات الصفوة. وبوسعه أن يكتشف تركيب البروتين أسرع من أي خريج من معهد مساتشوستس للتكنولوجيا.
ولقد كانت حجة إيثار الاهتمام بمعدل الذكاء أنه ـ سواء أكاد عادلا أم غير عادل ـ يمثل تذكرة صعود للسلم الوظيفي والجدارة المرتبطة بوظائف التمويل والتكنولوجيا والإعلان وحتى الخدمة العامة والتعليم العالي. فإذا ما تقلصت هذه الوظائف، فجدوى الاهتمام بمعدل الذكاء تنخفض أيضا، وفقا لاعتباراته.
ومثلما قال ماسك نفسه «نحن جميعا في غاية الغباء» قياسا إلى «الذكاء الرقمي الفائق» الذي يساعد ماسك نفسه على إقامته من خلال مبادرات من قبيل نموذجه في (xAI) الذي اشترى أخيرا منصة إكس للتواصل الاجتماعي. ولقد كتب يوما رأسمالي وادي السليكون المغامر مارك أندرسن إن البرمجيات تأكل العالم، ولو صحت نبوءاتهما فإنه سوف يأكل معدل الذكاء العزيز عليهم أيضا.