د. محمد بن سعيد جعبوب

 

يُشير الذكاء الاصطناعي في التعليم إلى تطبيق تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي في مُختلف جوانب عملية التعليم والتعلم، بدءًا من أنظمة التدريس الذكية إلى التصنيف الآلي، حيث أحدثَ الذكاءُ الاصطناعيُّ ثورةً في كيفية تعاملنا مع العملية التعليمية بشكل عام. إذ تخيل مدرسًا افتراضيًا يمكنه تخصيص المنهج الدراسي بناءً على الاحتياجات الفردية لكل طالب، وتكييف أسلوب التدريس ووتيرته وفقًا لذلك، فهذا لن يؤدي إلى تعزيز خبرات التعلم الفردية فحسب، بل سيجعل التعليم في متناول أولئك الذين يعانون من إعدادات الفصول الدراسية التقليدية بسبب العوائق المختلفة.

إضافةً إلى ذلك، يمكن للخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط الخاصة بالطلاب؛ مما يسمح للمُعلمين بالحصول على رؤى حول اتجاهات أداء الطلاب واتخاذ تدابير استباقية عند الضرورة.

من جهة أخرى، قد يُجادل البعض بأنَّ الذكاء الاصطناعي قد يحل محل المُعلمين تمامًا، فمن المهم أن ندرك أنَّ التكنولوجيا يجب أن ينظر إليها دائمًا باعتبارها أداة مساعدة وليس بديلًا؛ وبالتالي يجب على مؤسسات التعليم تمكين ودعم المعلمين في مهمتهم لتوفير التعليم الجيد للطلاب والتكيف مع سرعة التغييرات الحاصلة من أجل مواكبة التعليم العصري، وتحقيق قاعدة مدخلات التعليم ومخرجات سوق العمل.

وتتمثل أهمية تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، في تخصيص التعلم حسب إمكانات كل طالب، حيث يتيح ذلك للمعلمين تقديم التدخلات والدعم في الوقت المناسب للطلاب المتعثرين مع تحدي المتفوقين بمواد أكثر تقدمًا، وتحليل البيانات بشكل سريع وواضح والتي جُمِعتْ من تفاعلات الطلاب مع المنصات التعليمية وإجراء تنبؤات مستقبلية حول مستويات أدائهم ومشاركتهم. كما يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحسين إمكانية الوصول من خلال الإجابة على استفسارات الطلاب على الفور، وتوفير التوجيه بشأن اختيار الدورة، والتخطيط الأكاديمي، والاختيارات المهنية. وبفضل قدرة الذكاء الاصطناعي على أتمتة المهام الإدارية مثل تقدير المهام أو إدارة تعارض الجدولة، فإنَّ الذكاء الاصطناعي يحررُّ وقت المعلمين حتى يتمكنوا من التركيز على تصميم مناهج مبتكرة والتفاعل مع الطلاب بطريقة هادفة. ومن ثمَّ فإن الذكاء الاصطناعي لا يعزز جودة التعليم فحسب، بل يعزز أيضًا الشمولية والكفاءة في مؤسسات التعليم العالي.

ونظرًا للأهمية المتزايدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات وفي التعليم بشكل خاص في وقتنا الحالي، قمت بإعداد دراسة مع باحثين آخرين من دول عربية حول "دور تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في سلوك الطلاب والتحصيل المعرفي في التعليم العالي العربي"، لمعرفة مدى استخدام الطلاب العرب لهذه التطبيقات وأثرها على سلوكهم وتحصيلهم، فقد شارك مئات الطلاب من الجامعات العربية في الاستبيان الذي أُعِدَّ لهذا الغرض، وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج كان من أبرزها:

إنَّ تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي لها آثار إيجابية وهامة على التحصيل المعرفي للطلبة في مؤسسات التعليم العالي العربية، كما أشارت النتائج أيضًا إلى أن سلوك الطالب يُعزز العلاقة بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته والتحصيل المعرفي. وأخيرًا سلطت هذه النتائج الضوء على الدور الحاسم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بين الطلاب في التعليم العالي، في حين أن دمج هذه التكنولوجيا الناشئة لا يزال في المرحلة الأولى، ويظهر تفاعل الطلاب مع هذه التطبيقات وفائدتهم مستوى مرضيًا عاليًا من تأثيرها على سلوك الطلاب وقدرتهم المعرفية، وبالتالي ستساهم هذا الدراسة في إثراء أدبيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تقدم أدلة من المنطقة العربية وسد الفجوة فيما يتعلق باستخدام هذه التطبيقات والتقنيات في التعليم العالي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استقرار معدل هجرة الكفاءات من خريجي التعليم العالي في تركيا

أنقرة (زمان التركية) – كشف معهد الإحصاء التركي (TSI) عن إحصاءات هجرة الكفاءات لخريجي التعليم العالي لعام 2024، حيث استقر المعدل عند 2%، دون تغيير عن العام السابق. وتصدرت الولايات المتحدة قائمة الوجهات المفضلة بنسبة 19.6%، تلتها ألمانيا والمملكة المتحدة.

وأظهرت البيانات أن معدل هجرة الأدمغة بلغ 1.6% بين النساء و2.4% بين الرجال. وسجلت الجامعات الحكومية معدل هجرة مستقر عند 1.7% في 2023 و2024، بينما انخفض المعدل بين خريجي الجامعات التأسيسية من 4.5% في 2023 إلى 4.3% في 2024. وسجل الحاصلون على منح دراسية كاملة في الجامعات التأسيسية أعلى معدل هجرة بنسبة 8.3%، يليهم الحاصلون على منح جزئية (3.7%)، ثم الدارسون بتعليم مدفوع (3.6%).

تصدرت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التخصصات الأكثر هجرة بنسبة 6.7%، تلتها الهندسة والتصنيع والبناء (4.4%)، والعلوم الطبيعية والرياضيات والإحصاء (2.7%). وعلى مستوى برامج البكالوريوس، كان علم الأحياء الجزيئي وعلم الوراثة الأعلى بنسبة 15%، يليه هندسة الأعمال (10.8%)، الهندسة الإلكترونية (9.6%)، الهندسة الرياضية (9.5%)، والهندسة الحيوية (9.4%).

سجل خريجو البرامج التي تُدرس باللغة الفرنسية أعلى معدل هجرة بنسبة 9.9%، تلتها البرامج المشتركة باللغتين الفرنسية والإنجليزية (6.2%)، ثم الألمانية (5.9%)، والروسية (4.7%).

ظلت الولايات المتحدة الوجهة الأولى لخريجي البكالوريوس بنسبة 19.6%، تلتها ألمانيا (19.4%)، المملكة المتحدة (11.3%)، هولندا (7%)، وكندا (5.2%). وكانت الهندسة الكهربائية والإلكترونية التخصص الأكثر هجرة إلى الولايات المتحدة، بينما فضل خريجو هندسة الحاسوب ألمانيا، المملكة المتحدة، وهولندا. أما في كندا، فقد تصدرت إدارة الأعمال قائمة التخصصات المفضلة للمهاجرين.

Tags: أمريكاتركياهجرة العقول

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يشهد تدشين نظام إصدار رخص البناء باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي
  • وزير التعليم العالي يعلن قبول أكثر من 185 ألف طالب بالجامعات العراقية
  • وزير التعليم العالي في زيارة عمل وتفقد ببرج بوعريريج
  • استقرار معدل هجرة الكفاءات من خريجي التعليم العالي في تركيا
  • انطلاق مؤتمر "مستقبل التعليم في ضوء مستحدثات الذكاء الاصطناعي" بتربية المنصورة
  • دراسة بحثية لـ”تريندز” تناقش دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم
  • محمد موسى: تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت أخطر أسلحة التضليل في العالم
  • ميتا تستثمر مليارات الدولارات لتعزيز هيمنتها على الذكاء الاصطناعي
  • التعليم العالي: تفعيل المبادرة الرئاسية تمكين لدعم الطلاب ذوي الإعاقة بالجامعات
  • شركة ميتا تلغي مئات الوظائف في قسم الذكاء الاصطناعي