جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com
حواء أيتها المرأة الطيبة العفيفة، اعلمي أنَّ الله تعالى جعلك بين الأنام سيدة لطيفة، عليك أن تتسلحي بالعلم والحكمة والمبادئ النظيفة، لا تقبلي بغير العلم والأخلاق بديلًا، وإلا كنت بين النَّاس ضعيفة، أنت جميلة دائمًا عندما تتحلين بالإيمان والصدق والإخلاص والعفة أيتها الشريفة.
لا خير في المرأة إن لم تطع الله في جميع أحوالها، وعليها أن تتمسك بحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وأن لا تمارس الفشل في مجتمعها وأسرتها، وأن لا تعجز عن تقديم الحب والمودة والوفاء لأبويها وزوجها وأبنائها، فهي الأم العظيمة المقدسة، والبنت العزيزة المؤيدة، والأخت الكريمة المسددة، والزوجة الصالحة المجددة، وهي الجدة والمعلمة والمربية والعاملة والقدوة الحسنة لأسرتها ومُحيطها، التي تشعرهم بالحب والاطمئنان والاستقرار، وأمر الله تعالى بمعاشرتها بالمعروف فقال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق وهو حفيد الرسالة: (رَحِمَ اَللَّهُ عَبْدًا أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ مَلَّكَهُ نَاصِيَتَهَا وَجَعَلَهُ اَلْقَيِّمَ عَلَيْهَا).
إنَّ الله تعالى جعل العزة والكرامة للمرأة فمنحها العقل المدبر، فلا ينبغي لها إلا أن تكون أنموذجا يقتدى به، وأن لا تكون عدائية ومتسلطة وتافهة ومستهترة، أو مبالغة بالمظاهر الزائفة التي تطالبها بها الثقافة الغربية، حتى لا تفتقد قيمتها ومبادئها الرصينة التي يجب أن تكون متمسكة بها، والتي اهتم الإسلام من أجلها، فقد كرمها الله بأفضل ما كان ويكون، فلابد أن تكون إنسانة واعية في حياتها ومحيطها الأسري والاجتماعي، مسيطرة على انفعالاتها، لتكسب بذلك ثقتها بنفسها وبمن حولها، وليبتسم الجميع لها بالمحبة والمودة والاطمئنان والاستقرار.
لقد رفع الله تعالى مكانتك أيتها المرأة، وقدرك وكرمك، وجعلك عزيزة في الدنيا والآخرة، بل كنت ولازلتِ شقيقة الرجال وقرة الأعين وثمرة الأفئدة، بدونك لا يمكن للمجتمع أن يسير بمن فيه إلى نحو النجاح والتفوق والازدهار، فأنت النصف الآخر للرجل وبدونك لا طعم للحياة.
عليك أن تتخذي من مريم العذراء قدوة، وفاطمة الزهراء أسوة، وزينب الحوراء سيرة، فهن نساء خالدات خلدهن التأريخ لعظيم مواقفهن، وجمال مبادئهن، وعظيم سيرتهن، وما خاب من سار على نهجهن وطريقتهن، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّركِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اِبْنَتِي فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَاَلْآخِرِينَ)، وقال حفيد الرسول صلى الله عليه وآله وحفيد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام زين العابدين عن عمته السيدة زينب: (أَنْتِ بِحَمْدِ اَللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ)، فكن نساء فاهمات متعلمات واعيات كما أراد الإسلام من المرأة أن تكون في بيتها ومجتمعها.
أما الثقافة الغربية فلا زالت تروج للمرأة بأنها العملة الرخيصة التي يراد منها أن تكون ذليلة في قومها، ليس لها مكانة بين فئات المجتمع الواحد، فتارة يشبهونها بالضعيفة، وأخرى بالكائن الحساس جدًا، وتارة أخرى بالصغيرة التي لا قيمة لها في المجتمع، وقد تحدث عنها أشهر الفلاسفة الإغريق في المجتمع الغربي وهو أرسطوطاليس قائلاً: "إن المرأة رجل غير كامل، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة"، وهو القائل أيضا: "إن المرأة للرجل كالعبد للسيد، والعامل للعالم". هكذا قيل عن المرأة وهكذا عوملت في الثقافة الغربية.
ومن المؤسف جدًا أن المرأة لا تزال تستغل إلى يومنا هذا، وفي عالمنا العربي والإسلامي بهدف إرضاء الجمهور وجمع المال، فأصبحت المرأة لا تستغل كمادة إعلانية عبر محطات التلفزة فحسب، بل تم استغلالها في مقاطع الفيديوهات والأغاني والرقص والمجون والتمثيل غير اللائق بها، استغلالا لأنوثتها وجمالها، وإهانة صريحة لكرامتها وقيمتها الاجتماعية، واتخاذها كسلعة تجارية لا أكثر، معتمدين في ذلك على التقليد الأعمى للثقافة الغربية وشعاراتها الزائفة والبراقة، وهي شعارات يجب أن لا تنخدع بها المرأة المؤمنة بوجود الله تعالى، فالمرأة نصف المجتمع بل أساسه الرصين ومن عليها مسؤولية كبيرة في إصلاح النصف الآخر بل هي المجتمع كله ولولاها لم يأتِ الرجل والعكس صحيح.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه
قال الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي ، إنه قد لاحت بشائر رمضان، واقترب فجره، وتاقت القلوب لنوره، هو تاج الشهور، ومعين الطاعات، نزل القرآن في رحابه، وعزّ الإسلام في ظلاله، وتناثرت الفضائل في سمائه.
تاج الشهوروأوضح “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الرابعة من شعبان اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أنه ميدان سباق لمن عرف قدره، ومنبع إشراق لمن أدرك سره، وموسم عِتق لمن أخلص أمره، وروضة إيمان لمن طابت سريرته واستنار فكره، مستشهدًا بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
وأضاف أن هذا رمضان خيراته تتدفق، وأجوره تتزاحم وتتلاحق، موصيًا المسلمين بالاستعداد له استعدادًا يليق بمقامه، وسلوكًا يرتقي لنعمه وإجلاله، فرمضان أيامه معدودة، وساعاته محدودة، يمر سريعًا كنسيم عابر، لا يمكث طويلًا.
وأشار إلى أن الاستعداد لرمضان يكون بتهيئة النفس، ونقاء القلب، وإنعاش الروح، من خلال تخفيف الشواغل، وتصفية الذهن، فراحة البال تجعل الذكر أحلى، والتسبيح أعمق، وتمنح الصائم لذة في التلاوة، وأنسًا في قيام الليل.
الاستعداد لرمضانوأفاد بأن تهيئة القلب تكون بتنقيته من الغل والحسد، وتصفيته من الضغينة والقطيعة وأمراض القلوب، فلا لذة للصيام والقلب منشغل بالكراهية، ولا نور للقيام والروح ممتلئة بالأحقاد.
ونصح المسلمين إلى تنظيم الأوقات في هذا الشهر الفضيل، فلا يضيع في اللهو، ولا ينشغل بسفاسف الأمور، وخير ما يستعد به العبد الدعاء الصادق من قلب مخبت خاشع، موصيًا المسلمين بتقوى الله عزوجل، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
ولفت إلى أن رمضان شهر القرآن، ولتلاوته فيه لذة تنعش القلب بهجةً وحلاوة تفيض على الروح قربًا، ففي تلاوة القرآن يشرق الصدر نورًا، وبكلماته تهدأ النفس سرورًا، وبصوت تلاوته يرق القلب حبًا.
وأردف: فتشعر وكأن كل آية تلامس روحك من جديد، وكأن كل حرف ينبض بالحياة، منوهًا بأن رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب، يدرّب الصائم على ضبط شهواته، وكبح جماح هواه، وصون لسانه عما يخدش صيامه، فيتعلّم كيف يحكم زمام رغباته.
رمضان مدرسةوتابع: ويُلجم نزواته، ويغرس في قلبه بذور الصبر والثبات، وهذه الإرادة التي تربى عليها المسلم في رمضان تمتد لتشمل الحياة كلها، فمن ذاق لذة الانتصار على نفسه سما بإيمانه وشمخ بإسلامه فلم يعد يستسلم للهوى، ولا يرضى بالفتور عن الطاعة.
واستشهد بقولة تعالى (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، لافتًا إلى أن رمضان بشعائره ومشاعره محطة ارتقاء بالإنسان، ورُقِيّ بالحياة، فهو يبني الإنسان الذي هو محور صلاح الدنيا وعماد ازدهارها، ويهذب سلوكه، ويسمو بأهدافه.
وبين أن العبادة ليست طقوسًا جامدة، بل قوة حية تغذي الإنسان ليبني المجد على أسس راسخة من الدين والأخلاق والعلم، مستشهدًا بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
وأفاد بأن الله تعالى اختص المريض والمسافر برخصة، فجعل لهما فسحةً في القضاء بعد رمضان، مستشهدًا بقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، مبينًا أن التشريع رحمة، وأن التيسير مقصد.
ونبه إلى أن الصيام لم يُفرض لإرهاق الأجساد، بل لتهذيب الأرواح، وترسيخ التقوى، فأوجه العطاء في رمضان عديدة، وذلك من خلال إنفاق المال، والابتسامة، وقضاء حوائج المحتاجين ومساعدتهم، والصدقة الجارية، وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود ما يكون في رمضان ، عطاؤه بلا حدود، وكرمه بلا انقطاع، يفيض بالجود كما يفيض السحاب بالمطر، لا يرد سائلًا، ولا يحجب فضلًا.