اللبان تواجه خطرا يهدد انتشارها بسبب مشاريع التعدين والرعي الجائر
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
تمثّل شجرة اللبان في محافظة ظفار كنزا طبيعيا وتراثا عريقا منذ عصور التاريخ السحيق، وتنتج المحافظة أجود أنواع اللبان الذي تنتشر أشجاره في مناطق مختلفة من محافظة ظفار نظرا لتوفر المناخ المناسب والتربة الجيرية الكلسية الملائمة لنمو شجرة اللبان ذات الأهمية الاقتصادية والتاريخية والطبية، وتوجد أشجار اللبان في المنطقة الواقعة خلف الجبال التي يطلق عليها ظل المطر إلى جانب المنحدرات المنخفضة وفي قاع الأخاديد والجداول وبكميات أكثر كثافة في بطون الأودية العريضة الأكثر حجما، وتواجه شجرة اللبان العديد من التحديات منها البشرية المتمثلة في مشاريع الطرق والتعدين والرعي الجائر، إضافة إلى تحديات طبيعية إذ تعاني الأشجار من هجمات الخنافس مما يضعف من قدرتها على النمو والازدهار.
وقال الناشط البيئي محمد بن مبارك عكعاك: تعد شجرة اللبان من الأشجار المهمة في محافظة ظفار إذ تنمو هذه الأشجار في البيئات الجافة التي لا تتأثر بشكل رئيسي بأمطار الخريف، وتوفر مصدرا مهما للبان الذي يستخدم في الطب والعطور والتجارة منذ العصور القديمة، وتواجه شجرة اللبان تحديات بيئية وبشرية تهدد استمرارها وتنوعها الجيني.
وأشار إلى أن مساحة المنطقة التي تتأثر بالرياح الموسمية (الخريف) تصل إلى حوالي 3% من مساحة محافظة ظفار، أي ما يعادل 3069 كيلومترا مربعا، وتغطي الغابات الخشبية 28% من هذه المساحة، وتعتمد في توزيعها على السفوح شديدة الانحدار، في حين تغطي السهوب الشاسعة المكتسية بالأعشاب الحولية خلال فصل الخريف الجزء الأكبر من المساحة، وفي الخريف ينتشر أكثر من 864 نوعا من النباتات المحلية، منها أكثر من 70 نوعا مستوطنا، مما يشكل هذا الهلال البسيط آخر بقاع الغابات شبه الاستوائية في شبه الجزيرة العربية، وهذه البقعة النادرة ذات التنوع الحيوي الكثيف، والتنوع الشجري العجيب، كانت توفر مقومات الحياة للمجتمع المحلي منذ فجر التاريخ، وكانت شجرة اللبان تؤدي دورا محوريا في هذا الحراك الاقتصادي.
ولفت إلى أن المفاجأة السارّة هي أن مواطن انتشار شجرة اللبان توجد فيها كثافة غير متوقعة لأشجار اللبان ونسبة النمو والنباتات الحديثة بأعداد مفاجئة جدا (منطقة مودام شمال المغسيل مثالا) حيث يبلغ متوسط عدد أشجار اللبان في الهكتار الواحد حوالي 83 شجرة كبيرة الحجم و32 شجرة حديثة النمو بمجموع 115 شجرة في الهكتار الواحد، وأن نسبة الجيل الجديد من اللبان تصل إلى (27.8%) وهذا يعزز بشكل كبير قدرة شجرة اللبان على التأقلم والصمود في ظل التغيرات المناخية الحادثة بالعالم.. كما أن لشجرة اللبان حرما يصل إلى خمسة أمتار بين الشجرة والأخرى لذلك تعد 115 شجرة في الهكتار الواحد نتيجة مثالية.
وأكد أن شجرة اللبان تواجه عدة تحديات، أبرزها الأنشطة البشرية مثل استخراج الحجر الجيري الذي يستهدف معاقـل اللبان في منطقة مودام شمال المغسيل بشكل رئيسي، حيث تتم إزالة المئات من أشجار اللبان ونقلها إلى مواقع خاصة والكثير منها يموت بسبب الغبار والكبس نتيجة مشاريع الطرق، بالإضافة إلى ذلك، تعاني الأشجار من هجمات الخنافس التي تستهدف اللبان، مما يضعف من قدرتها على النمو والازدهار، كما أن التعدين في مودام ينسف أشجار اللبان، والرعي الجائر يدمرها في وادي دوكة، في حين تتجه الآفات الحشرية للقضاء على التجمعات الأخيرة لأشجار اللبان في شبه الجزيرة العربية.
الأهمية الاقتصادية والثقافية
وأوضح أن شجرة اللبان تحظى بأهمية اقتصادية وثقافية كبيرة، إذ يتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من اللبان بين 3 إلى 30 ريالا عمانيا (ما يعادل تقريبًا 7.68 إلى 76.8 دولار أمريكي) وتؤدي هذه الشجرة دورا محوريا في الثقافة والتراث العربي، حيث كانت من أهم الصادرات التاريخية في المنطقة، وتمثل شجرة اللبان جزءًا لا يتجزأ من التراث الطبيعي والثقافي في جنوب الجزيرة العربية، ويمثل الحفاظ على هذه الشجرة وحمايتها من التحديات المختلفة أمرا حيويا لضمان بقائها كمصدر ثروة طبيعية وتراثية للأجيال القادمة، ومصدر دخل مستدام لآلاف الأسـر التي يمكن أن تعمــل في هذا المجـال، علما بأن انتشــار أشجــار اللبان يغطي مساحات شاسعة من مناطق ظل الخريف من ضلكوت غربا إلى سدح شرقا، بل إن شجرة اللبان قد تكون أكثر الأشجــار انتشارا في جنوب الجزيرة العربية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجزیرة العربیة شجرة اللبان محافظة ظفار اللبان فی
إقرأ أيضاً:
واشنطن تدعو لمحاسبة إيران وتتهمها بالوقوف خلف هجمات الحوثيين التي صارت "أكثر تعقيدا"
دعت الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الأربعاء، لمحاسبة إيران التي تتهمها بالوقوف خلف الهجمات الصاروخية للحوثيين على الملاحة الدولية وإسرائيل والتي وصفتها بأنها صارت "أكثر تعقيدا".
وقالت نائبة الممثل الدائم لأمريكا لدى الأمم المتحدة السفيرة دوروثي شيا، في كلمة لها أمام مجلس الأمن: "حان الوقت للرد على التهديد الحوثي المتزايد من خلال محاسبة إيران على تمكين الحوثيين من شن هجمات صاروخية بعيدة المدى على الشحن الدولي وعلى إسرائيل وهي هجمات ندينها بشدة".
وأضافت: "يستمر الوضع في التدهور. ففي الأيام الأخيرة، وسع الحوثيون حملتهم لاحتجاز اليمنيين الأبرياء، مستهدفين المزيد من موظفي السفارة السابقين الذين يحاولون ببساطة القيام بوظائفهم".
وأوضحت أن جماعة الحوثي تواصل "احتجاز موظفي الأمم المتحدة والدبلوماسيين والمنظمات غير الحكومية الذين اعتقلوهم خلال الصيف، بالإضافة إلى طاقم السفينة جالاكسي ليدر - الذين أصبحوا الآن رهائن بحكم الأمر الواقع منذ أكثر من عام".
وأردفت السفيرة الأمريكية: "قبل بضعة أسابيع فقط، سمعنا رواية مباشرة من أحد مقدمي التقارير الذي وصف التفاصيل المروعة لاختطافه واحتجازه غير المبرر من قبل الحوثيين. لقد تحدث نيابة عن كل أولئك الذين يقبعون حاليًا في سجون الحوثيين، غير قادرين على رؤية أحبائهم ويتعرضون لانتهاكات مروعة".
وأشارت إلى إنهاء خبراء الإنقاذ للتو عملهم "على متن السفينة سونيون، بعد أشهر من هجوم الحوثيين الذي ترك تلك السفينة طافية ومشتعلة، مليئة بملايين البراميل من النفط".
وخاطبت المندوبة الأمريكية أعضاء مجلس الأمن بالقول: "إن هذا يتركنا أمام سؤال لا مفر منه: هل سيستمر هذا المجلس في الوقوف مكتوف الأيدي في خضم مثل هذه التصعيدات؟ لا يمكننا ببساطة أن نوجه المزيد من الدعوات التي يتم تجاهلها".
وفي سياق الحديث عن الهجمات الحوثية على إسرائيل والملاحة الدولية، أرجعت السبب لدعوة واشنطن لإعادة "صياغة الصياغة التي تتطلب أن تتضمن التقارير الدورية التي يقدمها الأمين العام إلى هذا المجلس معلومات عن توفير الأسلحة المتقدمة المستخدمة في الهجمات التي أصبحت أكثر تعقيدا".
وطالبت المجلس، بـ "إتخاذ إجراءات لحرمان الحوثيين من الإيرادات غير المشروعة التي تستخدمها لتمويل هجماتهم، والاعتراف بالعلاقة المتنامية بين الحوثيين والجماعات الإرهابية الأخرى مثل حركة الشباب، بما في ذلك من خلال استخدام العقوبات المستهدفة".
وشددت على ضرورة توقف هجمات الحوثيين حتى يتمكن اليمن من تجنب أسوأ السيناريوهات. مؤكدة أن الحوثيين "هم العائق الرئيسي أمام المزيد من الدعم الدولي ويعرضون إمكانية السلام في اليمن للخطر".
وأوضحت أن واشنطن تواصل العمل من أجل "عملية سياسية يمنية داخلية بقيادة الأمم المتحدة تهدف إلى إنهاء الصراع في اليمن".
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تواصل اتخاذ إجراءات ردًا على تهديدات الحوثيين، مشيرة إلى أنه وفي "الثامن من يناير/كانون الثاني، نفذت القوات المسلحة الأميركية ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة للحوثيين تستخدمان لشن هجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية".
ودافعت عن الإتهامات الروسية لأمريكا بخصوص الغارات الأمريكية في اليمن، حيث قالت: "وعلى الرغم مما تقوله روسيا عن هذه الإجراءات وغيرها من الإجراءات السابقة، فإن الحقيقة هي أن هذه الضربات كانت متسقة مع القانون الدولي، وتم اتخاذها في ممارسة الحق الأصيل للولايات المتحدة في الدفاع عن النفس".
وتطرقت للمعاناة المستمرة التي يعيشها اليمنيون، بسبب العراقيل التي يفرضها الحوثيون وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، خصوصا "الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي وغير ذلك من التحديات المذهلة"، مؤكدة أن نصف اليمنيين لا يزالون في حاجة إلى مساعدات إنسانية.
وجددت المندوبة الأمريكية، تعهدها بمواصلة بلادها دعم عمل الأمم المتحدة وشركاء واشنطن في المجال الإنساني الذين يقدمون المساعدات الحيوية في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للشعب اليمني، مشددة على بذل "المزيد من الجهود الجماعية لدعم الاستجابة الإنسانية في اليمن".
ودعت الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للتخفيف من الأزمة الإنسانية المروعة في اليمن، وممارسة الضغوط "على الحوثيين لضمان قدرة المنظمات الإنسانية على العمل دون عوائق، ودون تدخل الحوثيين أو تهديداتهم باحتجاز موظفيها".
كما دعت "إلى دعم تعزيز الحكم الفعال خلال زيارة رئيس الوزراء اليمني والوفد المرافق له إلى نيويورك الأسبوع المقبل".