تمثّل شجرة اللبان في محافظة ظفار كنزا طبيعيا وتراثا عريقا منذ عصور التاريخ السحيق، وتنتج المحافظة أجود أنواع اللبان الذي تنتشر أشجاره في مناطق مختلفة من محافظة ظفار نظرا لتوفر المناخ المناسب والتربة الجيرية الكلسية الملائمة لنمو شجرة اللبان ذات الأهمية الاقتصادية والتاريخية والطبية، وتوجد أشجار اللبان في المنطقة الواقعة خلف الجبال التي يطلق عليها ظل المطر إلى جانب المنحدرات المنخفضة وفي قاع الأخاديد والجداول وبكميات أكثر كثافة في بطون الأودية العريضة الأكثر حجما، وتواجه شجرة اللبان العديد من التحديات منها البشرية المتمثلة في مشاريع الطرق والتعدين والرعي الجائر، إضافة إلى تحديات طبيعية إذ تعاني الأشجار من هجمات الخنافس مما يضعف من قدرتها على النمو والازدهار.

وقال الناشط البيئي محمد بن مبارك عكعاك: تعد شجرة اللبان من الأشجار المهمة في محافظة ظفار إذ تنمو هذه الأشجار في البيئات الجافة التي لا تتأثر بشكل رئيسي بأمطار الخريف، وتوفر مصدرا مهما للبان الذي يستخدم في الطب والعطور والتجارة منذ العصور القديمة، وتواجه شجرة اللبان تحديات بيئية وبشرية تهدد استمرارها وتنوعها الجيني.

وأشار إلى أن مساحة المنطقة التي تتأثر بالرياح الموسمية (الخريف) تصل إلى حوالي 3% من مساحة محافظة ظفار، أي ما يعادل 3069 كيلومترا مربعا، وتغطي الغابات الخشبية 28% من هذه المساحة، وتعتمد في توزيعها على السفوح شديدة الانحدار، في حين تغطي السهوب الشاسعة المكتسية بالأعشاب الحولية خلال فصل الخريف الجزء الأكبر من المساحة، وفي الخريف ينتشر أكثر من 864 نوعا من النباتات المحلية، منها أكثر من 70 نوعا مستوطنا، مما يشكل هذا الهلال البسيط آخر بقاع الغابات شبه الاستوائية في شبه الجزيرة العربية، وهذه البقعة النادرة ذات التنوع الحيوي الكثيف، والتنوع الشجري العجيب، كانت توفر مقومات الحياة للمجتمع المحلي منذ فجر التاريخ، وكانت شجرة اللبان تؤدي دورا محوريا في هذا الحراك الاقتصادي.

ولفت إلى أن المفاجأة السارّة هي أن مواطن انتشار شجرة اللبان توجد فيها كثافة غير متوقعة لأشجار اللبان ونسبة النمو والنباتات الحديثة بأعداد مفاجئة جدا (منطقة مودام شمال المغسيل مثالا) حيث يبلغ متوسط عدد أشجار اللبان في الهكتار الواحد حوالي 83 شجرة كبيرة الحجم و32 شجرة حديثة النمو بمجموع 115 شجرة في الهكتار الواحد، وأن نسبة الجيل الجديد من اللبان تصل إلى (27.8%) وهذا يعزز بشكل كبير قدرة شجرة اللبان على التأقلم والصمود في ظل التغيرات المناخية الحادثة بالعالم.. كما أن لشجرة اللبان حرما يصل إلى خمسة أمتار بين الشجرة والأخرى لذلك تعد 115 شجرة في الهكتار الواحد نتيجة مثالية.

وأكد أن شجرة اللبان تواجه عدة تحديات، أبرزها الأنشطة البشرية مثل استخراج الحجر الجيري الذي يستهدف معاقـل اللبان في منطقة مودام شمال المغسيل بشكل رئيسي، حيث تتم إزالة المئات من أشجار اللبان ونقلها إلى مواقع خاصة والكثير منها يموت بسبب الغبار والكبس نتيجة مشاريع الطرق، بالإضافة إلى ذلك، تعاني الأشجار من هجمات الخنافس التي تستهدف اللبان، مما يضعف من قدرتها على النمو والازدهار، كما أن التعدين في مودام ينسف أشجار اللبان، والرعي الجائر يدمرها في وادي دوكة، في حين تتجه الآفات الحشرية للقضاء على التجمعات الأخيرة لأشجار اللبان في شبه الجزيرة العربية.

الأهمية الاقتصادية والثقافية

وأوضح أن شجرة اللبان تحظى بأهمية اقتصادية وثقافية كبيرة، إذ يتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من اللبان بين 3 إلى 30 ريالا عمانيا (ما يعادل تقريبًا 7.68 إلى 76.8 دولار أمريكي) وتؤدي هذه الشجرة دورا محوريا في الثقافة والتراث العربي، حيث كانت من أهم الصادرات التاريخية في المنطقة، وتمثل شجرة اللبان جزءًا لا يتجزأ من التراث الطبيعي والثقافي في جنوب الجزيرة العربية، ويمثل الحفاظ على هذه الشجرة وحمايتها من التحديات المختلفة أمرا حيويا لضمان بقائها كمصدر ثروة طبيعية وتراثية للأجيال القادمة، ومصدر دخل مستدام لآلاف الأسـر التي يمكن أن تعمــل في هذا المجـال، علما بأن انتشــار أشجــار اللبان يغطي مساحات شاسعة من مناطق ظل الخريف من ضلكوت غربا إلى سدح شرقا، بل إن شجرة اللبان قد تكون أكثر الأشجــار انتشارا في جنوب الجزيرة العربية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجزیرة العربیة شجرة اللبان محافظة ظفار اللبان فی

إقرأ أيضاً:

مصرع 14 شخصا وإصابة 84 آخرين جراء الأمطار والسيول في السودان

أعلنت الغرفة الفنية لطوارئ الخريف بوزارة الصحة بالولاية الشمالية في السودان أن الأمطار والسيول التي اجتاحت الولاية أدت لوفاة 14 شخصا وإصابة 84 آخرين.

وأكدت الغرفة الفنية تعرض 21 شخصا للدغات العقارب.

وأشار التقرير التراكمي لآثار سيول 2024 إلى تضرر 2766 أسرة و2832 منزلا للانهيار الجزئي و346 منزلا للانهيار الكلي فيما تعرض 18 مرفقا حكوميا لأضرار بالغة.

وهطلت أمطار غزيرة على 55 منطقة على مستوى الولاية بالإضافة إلى جريان السيول الجارفة بعدد منها.

 وتعرضت أجزاء واسعة من الولاية الشمالية لأمطار غزيرة ومتوسطة وسيول جارفة أمس الخميس 8 أغسطس ما أدى لانهيار الآلاف من المنازل ووفاة أشخاص وإصابة آخرين فيما تسير المتابعات لصعوبة حصر الضرر الناجم عن الأمطار والسيول خاصة بمحلتي حلفا ودلقو شمال البلاد بسبب السيول والمياه وانقطاع جزئي في شبكات الاتصال والانترنت.

تقول مصادر محلية إن آلاف المنازل انهارت كليا وجزئيا وتعرضت آلاف الأسر والنازحين للضرر البالغ إلى جانب وفاة 4 أطفال بلدغات العقارب وبدأت المنظمات والمجتمع المحلي بالتدخل ومساعدة المتضررين.

 وعقد والي الولاية الشمالية المكلف عابدين عوض الله محمد اجتماعا صباح اليوم الجمعة بمكتبه بالغرفة الفنية لطوارئ الخريف وقف على مجمل الأوضاع بالولاية واستمع لتقرير مفصل حول موقف فصل الخريف وآثاره وشكل التدخلات التي تمت وجاهزية وزارة الصحة لمعالجة الأضرار ومكافحة الأمراض والأوبئة وشدد والي الولاية الشمالية المكلف على ضرورة متابعة الوضع ميدانيا لحظة بلحظة مناشدا المجتمع الدولي والمنظمات بالتدخلات العاجلة لمساعدة المتضررين جراء الأمطار والسيول التي تعرضت لها الولاية.

مقالات مشابهة

  • إضراب سائقي قاطرات الغاز يهدد بأزمة وشيكة في المحافظات الجنوبية بسبب جبايات الانتقالي
  • «الخريف»
  • د. عباس شراقي: سيول أبو حمد والخوف من ملوثات التعدين ودور السد العالى
  • زراعة أكثر من 3 آلاف شجرة بشوارع المحلة
  • على الكنيست التحرك.. مسؤولون أمنيون سابقون: إسرائيل تواجه خطرا غير مسبوق
  • جثث متفحمة وأشلاء متناثرة للمصلين.. أكثر من 100 شهيد بمجزرة الفجر في غزة / شاهد
  • مصرع 14 شخصا وإصابة 84 آخرين جراء الأمطار والسيول في السودان
  • سامسونغ تواجه أزمة سلامة جديدة بعد فضيحة النوت 7.. ما القصة؟
  • راقصة باليه تواجه عقوبة تصل إلى 15 عام في روسيا بسبب تبرعها بمبلغ 51 دولار لجمعية خيرية في أوكرانيا
  • منتجات الألبان قليلة الدسم تشكل خطراً صحياً.. دراسة تكشف مفاجأة