سواليف:
2025-02-07@02:58:22 GMT

موسم الهجرة إلى الجنوب

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

#موسم_الهجرة إلى #الجنوب

د. #حفظي_اشتية

ما جاءنا من الشمال الأوروبي، والغرب الأمريكي، إلا الشرّ، ولا جنينا منهما إلا التعب والقتل والتدمير والهوان والتقسيم وزرع الفرقة والحروب الداخلية ونهب الثروات وهدرها وتحطيم الاقتصاد وسلب الإرادة وقتل الشعور القومي وتفتيت التوحّد الديني واغتصاب فلسطين وتهاوي الأوطان….

إلخ

ماذا نعدّد من مظاهر أذاهم؟ وماذا ندع؟ إنهم ــ بتعاملهم معنا ــ يمثلون الشرّ المجسّد في هيئة بشر.

مقالات ذات صلة مبتدأ وخبر 2024/01/15

نشر “الطيّب صالح” الأديب السوداني الشهير، روايته العظيمة “موسم الهجرة إلى الشمال” سنة 1966م، ويمثّل بطل تلك الرواية العطب النفسي الذي أحدثه له ولنا الاستعمار، هاجر إلى الشمال، فسحرته حضارته، وغرق فيها حتى الذؤابة، وتجرعها حتى الثمالة، ثم لفظه ذلك الشمال، فعاد أدراجه مسربلا بالانكسار ليعيش باقي عمره في قرية مغمورة قرب النيل، إلى أن تنتهي حياته نهاية غامضة غير مفهومة، تماما مثل علاقتنا مع هذا الغرب الماكر.

وآن الأوان أن نهاجر إلى الجنوب بدلا من الشمال، فقد دقّت جنوب إفريقيا الطبول لإيقاظنا، وأشعلت المشاعل لحريتنا، وفتحت مجلدات ظلم المستعمرين، وأعادت تصويب حروف كتابة التاريخ، وفتحت أحضانها لنصرة المظلومين المستضعفين في فلسطين، عندما استقوى عليهم جبروت المعتدين، ونادت من أقاصي الجنوب: نحن إخوانكم في الهمّ والألم ومرارة الظلم، وإن لم نكن إخوانا لكم في القومية أو الدين.

لا يشفق على المظلوم أو يرأف بحاله، أو يهبّ لنصرته ونجدته  كمَن عانى مثله، وذاق ومرارة الظلم قبله.

منذ حوالي أربعمائة عام تسلل الهولنديون الغزاة المستعمرون إلى جنوب إفريقيا خلال الرحلات الاستكشافية الأوروبية الاستعمارية الأولى لدنيا العالم القديم، واستقرّوا في الجزء الجنوبي المطل على المحيط الهندي والأطلسي، ومن هناك بدأت أسوأ تجارة عرفتها البشرية، وهي تجارة العبيد، فيساق الأفارقة إلى أوروبا ثم إلى أمريكا من بعد، ضمن ظروف يندى لها جبين الإنسانية منذ خُلق الإنسان.

ثم أطلّ الوجه الاستعماري البريطاني القبيح على المشهد مطلع القرن التاسع عشر، وبخاصة بعد اكتشاف مناجم الذهب والألماس، فوقع الصراع بين الغزاة السُّرَّاق على الساحل، فاندحر الهولنديون شمالا إلى الداخل، وهيمن الإنجليز على الجنوب بموقعه النادر على رأس الرجاء الصالح، المتحكم في المسار البحري التجاري الأعظم بين الشرق والغرب.

وبقيت البلاد ترزح تحت نير استعبادهم نحو قرنين من الزمان، ذاق فيها السكان الأصليون كل صنوف الإذلال والهوان، وتعالت صرخاتهم وتلاقت عبر المحيطات مع صرخات المظلومين مثلهم من الهنود الحمر في أمريكا، فالكأس واحدة، والظُّلام أشباه.

وتجلى الظلم حين تمّ سنّ قانون الفصل العنصري سنة 1948م، ليتحكم بضعة ملايين من البِيض المستعمرين بعشرات الملايين من سكان البلاد الأصليين الشرعيين، وطال ذلك على مدى يقرب من نصف قرن، فطغى الظلم وتجبر المستعمر، وانعدمت المساواة، ومُنع أهل البلاد الأصليون من الاختلاط بالصفوة العرقية الغربية المستعمرة الظالمة!!! فعُزلوا في أماكن السكن والعمل، وفي المدارس والمؤسسات والحدائق والمستشفيات، في الحافلات والقطارات والفنادق والمطاعم، في المسابح ودور السينما والمسارح، حتى في الكنائس، في الشوارع والطرقات، لا يُسمح لهم بالمرور إلا بتصاريح مخجلة تافهة متهافتة، ويحرم عليهم الدخول إلى أماكن البِيض إلا بهذه التصاريح ليعملوا ــ فقط ــ خُدَّاما لأسيادهم!!!، فقد حُظر عليهم أي عمل له شأن، أو أية مهنة ذات قيمة…. والويل، كل الويل، لمن يتجرأ منهم ويخالف أحد بنود هذا القانون الجائر، فالقتل بالمجان ودون محاكمة، والسجون مفتوحة الأبواب، والقمع يصدع القلوب ويصرع الأرواح، ولا لغة عند المستعمر إلا لغة البطش والإرهاب….

آااه، ما أشبه ما عاناه شعب جنوب إفريقيا بما يعانيه أهل فلسطين منذ ما يزيد عن قرن من الزمان: الوجوه المستعمرة البشعة ذاتها، والأساليب ذاتها، والمرارات ذاتها، والكؤوس ذاتها والسُّقاة هم أنفسهم.

ولذلك، لا غرابة أن تأتي النصرة لهذا الشعب المظلوم من جنوب إفريقيا، ليس بينها وبين فلسطين حدود أو معابر!!!، وتفصل بينهما حوالي سبعة آلاف من الكيلومترات، لا رابط قوميا أو جغرافيا أو عرقيا بين الشعبين، لكنها دروب الآلام الواحدة، وضروب العذابات المشتركة، وتاريخ المعاناة المتشابهة، وحرقة المرارة من صنائع المستعمرين هي التي جمعت الشعبين، وجعلت أقصى بقعة في جنوب قارة إفريقيا تحنو على فلسطين.

ليتنا نرنو إلى هذه الدولة العظيمة، ونقرأ عنها، ونتقرّب منها، ونشجع السياحة إليها، والاستثمار فيها، والإفادة من تجاربها الغنية الوفيرة الغزيرة.

هي دولة تضمّ أديانا شتى: المسيحية بمذاهبها المتعددة، وديانات آسيوية وهندية، ونسبة لا دينية، وفيها الإسلام الذي تغلغل إليها عبر مصر بوابة الفتح الإسلامي، فانتشر سلما وطوعا، وفي ذلك ردٌّ كافٍ على من يصم الإسلام بدين الفتح والإرهاب.

ويتسع دستورها ليعترف بإحدى عشرة لغة، وتحتضن أعراقا تكاد تستعصي على الحصر من بقايا المستعمرين الأوروبيين، والأمريكان، وممن قدم إليها واستقر فيها من الهند والصين والباكستان وإندونيسيا وماليزيا والبلاد العربية…. إلخ.

هي دولة فيها مئات الكنوز الأثرية التاريخية الباذخة، وطوائف هائلة من سحر الطبيعة البِكر، وهي ضالّة الفكر المعاصر المشغول الباحث عن الهدأة والعودة إلى إنسانية الإنسان.

ولعل أعظم ما فيها هي قصة الصمود الأسطوري لشعب عانى طويلا من ظلم المستعمر، ثم انتزع حريته التامّة وسيادته الكاملة على أرضه. وما زالت ذكرى الزعيم العظيم “نيلسون مانديلا” تهدي الحائرين الباحثين عن أبطال الحرية الخالدين، الذين رسموا بكفاحهم المرير دروب الشرف نحو تحرير الأوطان والإنسان.

شكرا جنوب إفريقيا.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الجنوب جنوب إفریقیا

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالي يبحث التعاون مع وزير العلوم والتكنولوجيا بجنوب إفريقيا

عقد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، اجتماعًا مع الدكتور بونجينكوسي إيمانويل نزيماندي وزير العلوم والتكنولوجيا والابتكار بجنوب إفريقيا والوفد المرافق له، بمبنى التعليم الخاص بالقاهرة الجديدة.

وزيرة بريطانية تشيد بخطوات تطوير التعليم في مصر وضع "معايير حديثة" تدعم جودة التعليم العالي

واستعرض الاجتماع اتفاقيات التعاون القائمة بين الجانبين، والتأكيد على ضرورة تعظيم الاستفادة من مخرجاتها، وكذلك بحث آليات توقيع المزيد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية؛ لتعزيز التعاون المشترك، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة للبلدين.

كما تناول الاجتماع بحث سبل التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مجالات (الطاقة، والمياه، والصحة، والصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا).

دعم الدولة المصرية لمنظومة التعليم العالي 

وأكد وزير التعليم العالي عمق العلاقات التي تجمع بين مصر وجنوب إفريقيا، خاصة في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرًا إلى أن هذه العلاقات تتميز بالطابع الإيجابي والتعاون المثمر؛ مما يجعلها ركيزة أساسية لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

وأشار د.أيمن عاشور إلى دعم الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، موضحًا الإنجازات التي تحققت مؤخرًا، مثل التوسع في الإتاحة، وتطوير البنية التحتية، وتحديث البرامج الدراسية؛ لتأهيل الطلاب ليكونوا قادرين على تلبية احتياجات سوق العمل المعاصر والمستقبلي.

وأضاف الوزير أن هذا الاجتماع يُعد فرصة هامة لبحث سُبل التعاون بين مؤسسات التعليم العالي في مصر وجنوب إفريقيا، وتعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما يُسهم في تحقيق تطلعات البلدين نحو التقدم والتطور في هذه المجالات.

وأشار الدكتور أيمن عاشور إلى جهود مصر في دعم الابتكار والبحث العلمي لخدمة الصناعة والاقتصاد الوطني في إطار المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"، مشيرًا إلى أهمية دور الجامعات في تحقيق أهداف هذه المبادرة بما يتماشى مع تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي ورؤية مصر 2030.

واستعرض الاجتماع تفاصيل المبادرة الرئاسية "بنك المعرفة المصري" ودورها البارز في تعزيز البحث العلمي في مصر، والارتقاء بتصنيف الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية على المستويين الإقليمي والدولي، بفضل احتوائه على مصادر ثقافية ومعرفية وبحثية تدعم التعليم والبحث العلمي.

وأعرب الوفد عن انبهاره بهذه المبادرة المتميزة، وأبدى تطلعه للاستفادة من خبرات الجانب المصري في دعم جهود الارتقاء بالبحث العلمي في جنوب إفريقيا.
 

وأكد بونجينكوسي نزيماندي أهمية تبادل الخبرات بين جامعات جنوب إفريقيا ونظيرتها المصرية في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مؤكدًا ضرورة تبادل الخبرات بين الأساتذة؛ لتحقيق منفعة متبادلة، وعقد بروتوكولات تعاون بين المؤسسات البحثية والأكاديمية في كلا البلدين، وذلك بما يخدم جهود الارتقاء بالمنظومة التعليمية والبحثية.

وأشار الوزير إلى أن الدولتين لديهما رؤية متشابهة لتطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، ودعم الابتكار وريادة الأعمال والتكنولوجيا؛ لمواكبة التكور العلمي المتسارع وللارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين في البلدين.

ووجه وزير جنوب إفريقيا الدعوة للدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي لزيارة دولة جنوب إفريقيا؛ لتعزيز سبل التعاون بين الجانبين وزيارة عدد من الجامعات في جنوب إفريقيا.

حضر اللقاء من جانب الوزارة، الدكتور حسام عثمان نائب الوزير لشئون الابتكار والبحث العلمي، والدكتور ولاء شتا الرئيس التنفيذى لهيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والدكتورة جينا الفقي رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والمشرف العام على بنك المعرفة المصري، والدكتور أيمن فريد مساعد الوزير للتخطيط الإستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل.

وحضر اللقاء من جانب وزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار بجنوب إفريقيا، الدكتورة راكيشني راموتار بريشل، نائب المدير العام بالإنابة للابتكار التكنولوجي، والسيد كاجيسو مولوتو، نائب المدير للتعاون الثنائي في إفريقيا، الدكتورة نهلانهلا مسومي، المدير التنفيذي لاتحاد صحة جامعة كوازولو ناتال، والسيد ريتشارد زونجو، مسؤول البروتوكول بالوزارة.

كما حضر اللقاء من سفارة جنوب إفريقيا، السيد مواجي ثوي، السكرتير الأول للشؤون السياسية، والسيدة زايدة دينولي، السكرتيرة الثانية للشؤون السياسية.

مقالات مشابهة

  • بعد هجوم ترامب .. جنوب إفريقيا "لن تتعرض للتنمر"
  • «الوطن» ترصد قصص العودة من جنوب غزة إلى الشمال.. «عودة للديار».. الغزاوية مرابطون حتى الشهادة
  • بعد مقتل حوالى 80 شخصا.. الأمم المتحدة تحذر من تصاعد العنف في جنوب دولة السودان
  • واشنطن تعلن موقفها من حضور قمة «العشرين» في جنوب إفريقيا
  • بدلا عن الحرب .. مفضل يحقق السلام للجنوب!!
  • الكاف يعلن تنظيم قرعة ربع نهائي رابطة أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة بالدوحة
  • الخارجية: بيان حول مشاركة المرتزقة الجنوب سودانيين في القتال إلى جانب مليشيا الجنجويد
  • "اليونيفيل": ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان لضمان استقرار المنطقة
  • بعد تهديد ترامب..رئيس جنوب إفريقيا يستنجد بمواطنه إيلون ماسك
  • وزير التعليم العالي يبحث التعاون مع وزير العلوم والتكنولوجيا بجنوب إفريقيا