المسلة:
2025-02-19@23:42:58 GMT

عقلية الضحية في العلاقات الدولية!

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

عقلية الضحية في العلاقات الدولية!

15 يناير، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

ابراهيم العبادي

اختير القاضي اهارون باراك ليمثل دولة الاحتلال الاسرائيلية في المحكمة الجنائية الدولية ،جاء اختيار هذا القاضي الطاعن في السن (87 عاما )لخصائص عديدة ،ابرزها انه من ابناء الناجين من الهولوكوست ،وانه يتمتع بسمعة دولية كبيرة ،كما انه من المدافعين عن الديمقراطية والمعارضين لتوجهات (الاصلاح القضائي )التي سعت اليها حكومة المتطرفين اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو .

اعتادت دولة الاحتلال ان تحظى بدعم غربي كبير في المنظمات والمحافل الدولية ،ومنذ ماقبل اعلان الدولة اليهودية عام 1948 نجحت الالة الدعائية الصهيونية في استثمار المحارق النازية او ماسمي بجينوسايد اليهود في اوربا اثناء الحرب العالمية الثانية ،لابتزاز الدول الغربية وتحميلها مسؤولية حماية هذا الكيان ودعمه والانتصار له في المحافل الدولية وعلى مختلف الصعد ،العسكرية والمادية والدبلوماسية والثقافية .

رصيد هذا النجاح المتراكم ،كان يتأسس على مفهوم حماية (الضحية) وتمكينه من الدفاع عن نفسه وتحقيق احلامه في ان يتمتع بحصانة دولية لافعاله ،تمنع عنه المسائلة حتى عن جرائمه وافعاله وعدواناته التي فتكت بالمدنيين ودمرت وجودهم وحياتهم وحققت عمليا مفهوم الابادة الشاملة للفلسطينيين منذ مذبحة دير ياسين .

بعد 75 عاما ورغم مابذلته الالة الدعائية المتعاطفة مع دولة الاحتلال منذ 7 اكتوبر /تشرين الاول 2023 ، تقف الدولة العبرية متهمة امام المحكمة الجنائية الدولية ،ولاول مرة تطالب دول من خارج المنظومة العربية والاسلامية بمحاسبة اسرائيل على جرائمها في غزة ،ومعه شعرت دولة الاحتلال بان ثمة متغيرات تحدث لدى الراي العام الدولي ،وان شبكة الحماية السياسية والقضائية والاعلامية التي تمتعت بها لسنوات طوال في طريقها الى التمزق ،واول هذه المؤشرات هو وقوف اسرائيل متهمة بممارسة جينوسايد (ابادة ) ضد شعب غزة الفلسطيني ،في اختبار قوي لحججها القانونية وقدراتها الدبلوماسية والدعائية والاقناعية .

قد لا يعول كثيرا على نتائج المحاكمة ،لكن الاهم من انعقادها هو تعرية المرتكزات التي قامت عليها دبلوماسية دولة الاحتلال وسياستها الاندفاعية والهجومية دائما .

الاصل السيكولوجي لسلوك دولة الاحتلال في علاقاتها الخارجية هو (عقلية الضحية ) Victim mentality، وهذا المفهوم النفسي يتحدث عن سلوك فردي Indivdually أو جمعي Collective ، حيث يقوم الفرد او الجماعة باستغلال الاخرين وابتزازهم لخدمته وتحميلهم مسؤولية الدفاع عنه وتوفير احتياجاته بناء على شعوره بانه ضحية لظلم وقع عليه ولم يستطع دفعه حينها ،فهو يطور سردية(اعتقادات ومشاعر وتفسير للاحداث ) تتحول الى جزء من هويته الاجتماعية والسياسية ،يستثمرها في جعل الاخرين مكلفين بتقديم الخدمات له ،لتعويضه عن ما تعرض له من اضطهاد او انتقاص من الحقوق او العدوان غير المبرر .

ان شعور جماعة ما بانها تعرضت الى الظلم والاضطهاد يدفعها الى التفكير الدائم بحماية نفسها والمبالغة في صيانة امنها ،ثمن ذلك هو القلق والتوجس والشك الدائم والاعتماد على الاخرين الذين يدفعهم دافع تقديم الخدمة بسبب التعاطف او التخادم (امريكا وبريطانيا وفرنسا مثلا ) او بسبب عقدة الذنب والتكفير عن الظلم والعدوان كما هو موقف المانيا مثلا ،اسرائيل كانت تبتز العالم باسره وتذكره بالمسؤولية التاريخية عن الابادة التي ارتكبها النازيون بحق اليهود ،لتوظف ذلك في تدعيم موقفها والتغطية على جرائمها ،واشهار سلاح معاداة السامية بوجه الذين يتحدثون عن سلوك غير اخلاقي او غير قانوني لجيشها ومخابراتها الخارجية واعمالهما العدوانية .

عقلية الضحية تجعل المتلبس بها قاسيا ولااباليا ازاء معاناة الاخرين ،وميال الى العنف و الانتقام وعديم التعاطف ،يقلل من معاناة الاخرين ويصف ضحاياه بانهم مستحقون لما يحصل لهم!! .

يمكن التحقق من هذه المواصفات من ملاحظة السلوك الاسرائيلي الرسمي ومن اتجاهات الراي العام لدى المستوطنين الصهاينة طيلة الاعوام التي تلت الهجرات الصهيونية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية .

تتحدث ابحاث علم النفس السياسي عن تطور الاستجابات العاطفية لمعتقدات عقلية الضحية الى عواقب سلوكية خطيرة مثل استخدام العنف بشكل غير متناسب يطال افراد المجموعة المنافسة او المضادة من الذين لايتحملون المسؤولية عن الاحداث الحربية او العنفية كالاطفال والنساء ،كما ان من السمات الاشكالية لمعتقدات عقلية الضحية هو تفسيرها للاحداث الراهنة بانها امتداد واستمرار للاذى السابق الذي تعرضت له ،لاحظ مثلا ماذا يسمي نتانياهو هجوم حماس ؟ انه يصفه بانه سلوك نازي وانه امتداد لحرب الابادة على الشعب اليهودي !!!!!؟؟؟؟؟؟.

في المقابل يمارس حامل عقلية الضحية سلوكا مناقضا حينما يتعلق الامر بما يرتكبه بحق خصومه ،انه يستمر في التضليل والادعاء بانه يمارس حق الدفاع فقط ،ولا يعترف بمسؤوليته عن عمليات القتل والتهجير والتدمير الممنهج ،بل يربط كل ذلك بما فعله (المخربون !!!؟؟؟) ويتنصل عن دعوات الابادة والحرق والتسميم والاقتلاع التي تصدر عن وزراء ونواب ومسؤولين وعسكريين سابقين وحاليين ،وهي القضايا التي جاءت في لائحة الادعاء والاتهام التي تقدمت بها جنوب افريقيا وحاول الممثل القانوني الاسرائيلي التهرب منها .

السلوك الاسرائيلي يستمد طاقته من خضوع الاخرين لابتزازاته العاطفية (ومديونياتهم) ازاءه ، ،انعقاد المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة اسرائيل حدث مهم ينبغي البناء عليه لتحطيم (صورة) دولة ابناء الناجين من المحرقة النازية .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: دولة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن النقاط الخمس التي اختارها جيش الاحتلال الإسرائيلي للبقاء فيها جنوب لبنان تم اختيارها بدقة متناهية، مشيرا إلى أن هذه النقاط تشكل جزءا من إستراتيجية أمنية جديدة لإسرائيل تهدف إلى حماية مستوطناتها الشمالية ومراقبة الداخل اللبناني.

جاء ذلك في تحليل للمشهد العسكري جنوب لبنان بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم المناطق التي سيطر عليها خلال الأشهر الماضية في جنوب لبنان، حيث أبقى قواته في 5 مناطق إستراتيجية بدعوى حماية المستوطنات القريبة من الحدود.

وأوضح حنا أن هذه النقاط الخمس تم اختيارها بعناية لتكون بمثابة منظومة أمنية متكاملة، حيث توجد في كل نقطة سرية عسكرية تضم ما بين 100 إلى 150 جنديا، مما يمنحها القدرة على حماية العمق الإسرائيلي ومراقبة التحركات داخل الأراضي اللبنانية.

وأضاف أن هذه النقاط تتيح لإسرائيل جمع المعلومات والتصرف بمرونة من دون الحاجة إلى الالتزام الكامل بالقرارات الدولية.

وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه الإستراتيجية تشبه إلى حد كبير ما تم تطبيقه في غزة، حيث أنشأت إسرائيل منطقة عازلة ونقاطا أمنية داخلية لضمان أمن مستوطناتها.

إعلان

تعزيز للسيطرة

وأكد أن هذه النقاط الخمس في لبنان ستكون بمثابة وجود مادي وجسدي يعزز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، مع قدرة على التدخل السريع عند الحاجة.

ولفت حنا إلى أن البيان المشترك الصادر عن الرؤساء الثلاثة في لبنان (رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب) أكد على الالتزام بالقرار 1701 واتفاق الطائف، مشيرا إلى أن لبنان يسعى حاليا إلى حل دبلوماسي وقانوني للأزمة عبر التوجه إلى مجلس الأمن الدولي.

ورغم تحذير الأمم المتحدة من أن "أي تأخير" في الانسحاب الإسرائيلي سيعتبر انتهاكا للقرار 1701، أشار حنا إلى أن هذا القرار لم ينجح في تحقيق أهدافه بشكل كامل، وأن الواقع الجديد على الأرض يتطلب تعاملا مختلفا.

وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، توقع حنا أن تستمر القوات الإسرائيلية في البقاء في هذه النقاط لفترة تتراوح بين شهرين إلى 6 أشهر، مع تعزيز دفاعاتها وحماية المستوطنات القريبة.

وأكد أن التكنولوجيا الحديثة قد تعوض عن الحاجة إلى وجود عسكري مكثف، لكن إسرائيل ما زالت تعتمد على الوجود المادي لضمان أمنها.

وأشار حنا إلى أن الوضع الحالي يمثل ديناميكية جديدة في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها الأمني في جنوب لبنان، بينما يبحث لبنان عن حلول دبلوماسية وقانونية لإنهاء هذا الوجود الذي يعتبره "احتلالا".

مقالات مشابهة

  • خبير في العلاقات الدولية: مصر ركيزة للأمن ومحور مهم للطاقة بالمنطقة
  • ملك إسبانيا: مصر دولة شقيقة.. ونتطلع لتعزيز العلاقات بين البلدين
  • ملك إسبانيا: مصر دولة صديقة ومحورية في إفريقيا.. ونعمل على تعزيز العلاقات معها
  • خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان
  • خبير في السياسات الدولية: العلاقات المصرية القبرصية تتمتع بتميز وتفرد غير مسبوق
  • ما النقاط التي لن ينحسب منها الاحتلال جنوب لبنان؟
  • باحث في العلاقات الدولية: مراوغات نتنياهو باتت مكشوفة
  • الدغيم: مؤتمر الحوار الوطني ينفّذ روح القرارات الدولية بقيادة ‏السوريين أنفسهم‏
  • الرئيس الأوكراني: لن نشارك في المحادثات الأمريكية الروسية التي ستعقد غدًا في السعودية
  • ما هي القنابل (إم كي 84) التي أرسلها ترامب للكيان