رأي اليوم:
2024-09-17@13:59:23 GMT

د. شذى جرّار: كرسيٌّ هزّاز

تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT

د. شذى جرّار: كرسيٌّ هزّاز

د. شذى جرّار يعيش عبد الهادي وحيدًا مع والدته، المرأة الصالحة التي تحاول باستمرار تهذيب سلوك ابنها العاثي فسادًا بوسائل التواصل الشيطانية المتقِن استخدامها. حاولتْ غير يائسة لجْمَهُ، رغم أنها لم تكن تدرك كلّ ما تقترفه يداه. كان عبد الهادي بارًّا بأمه حنونًا، يحبّ قضاءَ عطلة نهاية الأسبوع مع أولاد أخوته في بيت العائلة، يلاعبهم كطفل، وما إن يغادروهما وحيدين حتى يعود لكرسيه الهزّاز، وجوّاله بيده، يتنقل من وسلية تواصل إلى أخرى، لا على سبيل التثقّف أو التسلية، ولكن ليخلعَ عباءة التقوى التي ألبسته إياها أمه، ويلبسَ بزة الشيطان! – هداك الله يا ولدي، ستفوتك الصلاة! هو لا يعصي لأمه أمرًا، يؤدي الفريضة على عجل؛ ليعود لكرسيه الهزّاز، يتأرجح، ويكتب رسالة تقطر عسلًا عن الرجل المناسب الذي اُختِير ليكون في المكان المناسب، يرسلها إلى مجموعة العمل في “الواتس آب” لزميله الذي ترقّى قبل أن يسبقه أحد إلى التهنئة.

يهزُ كرسيه، ويغمض عينيه ويهمس: لعنة الله عليك وعلى من ارتضى ترقّيك، لكنه زمن الغاية تسوّغ الوسيلة الذي هيّأ لك الصعود على أكتافنا! تتّسع حدقة عينه وهو يتصفح “الفيس بوك”، فيصرخ: أمي، أسرعي، اتصلي بخالتي وهنئيها، سيقولون إنّ عبدَ الهادي مغتاظٌ إن لم تفعلي. ابن أخيك اختار زميلته عروسًا، بعثتُ له رسالة على الخاص أبارك له وأسأله عن راتبها فلم يجب! وبنبرة استهزاء أردف: بالرفاء والبنين! – هداك الله يا ولدي، ادعُ لهما بالتوفيق، ولك مثله! هزّ كرسيه وهمس: لا بارك الله لهما، ولا جمع بينهما بالخير! يقلّب مسرعًا الصفحات بعد أن تعكّر مزاجه… يا إلهي، والدة زوج ابنة عمّه تُوفيّت.  أيتها الدجّالة، صنعتِ منها ملاكًا الآن! كنتِ تدّعين أنها سبب مشاحناتك المستمرة مع زوجك! هزّ كرسيه بسَكينة، وكتب رثاء فيها يمجّد ذكراها. ودعا لابنة عمّه بالصبر على فراقها! انتقل بعد ساعات أمضاها وهو ينافق كتابةً، ويشتم شفاهةً إلى”تويتر” ليقرأ تغريدةً لزميل آخر يعرّض فيها بشبهةِ فساد في عملهما. هزّ كريسه بحماسة وهمس: جاءتك تهرول بساقيها يا عبدالهادي! التقطَ صورةً للتغريدة، وأرسلها على الفور لمديرهما. قرار نقلك إلى المركز الرئيسيّ بحوافز مجزية كان على منضدته اليوم؛ فليعرف وجهك الحقيقيّ! وبعد ساعات مضت، نادى أمه من جديد…قاطعته أمه: أي بنيُ، هداك الله،  من راقب الناس مات همًّا، اقرأ كتابًا يزيدك معرفة، فالوقت كالسيف، وأنت تهدر وقتك وأعصابك وحسناتك على هذا الكرسي، كفاك يا بنيّ ظلمًا لنفسك، فالله لا يحبّ الظالمين! هزّت كلماتها وجدانه، فتذكر ما فعله البارحة بصديق الطفولة المتألق عندما أثبط عزائمه بتعليق له على منشوره، أراد للنجم أن يأفل حتى قبل يسطع في سماء المجد! هزُ كرسيه بغضب، كيف لي أن أكبح نفسي عما أدمنت عليه؟! _ يا سيدة قلبي، اطمئني، أنا أقرأ مقالات اجتماعية ودينية وصحيّة، وأشاهد برامج تثقيفية حول البرمجة العصبية والتنمية البشرية! هزّ كرسيه بتؤده، وهمس بيأسٍ مُسْتَسْلِمٍ: صدقتِ يا أمي، هدانيَ الله! دكتوراه اللغة العربية/ اللغة والنحو. البرازيل

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ما الذي يُفسر تعافي اقتصادات جنوب أوروبا؟

يتوقع التقرير الأسبوعي لـ QNB أن تتفوق اقتصادات جنوب أوروبا مرة أخرى هذا العام،  متوقعا أن يبلغ متوسط نمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي نسبة 1.6%، مقارنة بنحو 0.8% في منطقة اليورو وذلك على خلفية ازدهار السياحة، وتحسن القدرة التنافسية النسبية، فضلاً عن تصحيح الاختلالات المالية. 

كانت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في عام 2007 بداية لفترة طويلة من الأداء الاقتصادي الضعيف في اقتصادات جنوب أوروبا (إسبانيا، واليونان، وإيطاليا، والبرتغال). وكانت التحديات المالية والهيكلية الكبيرة التي تواجهها هذه الاقتصادات (والتي تضمنت، من بين أمور أخرى، تصاعد الديون السيادية، وجمود أسواق العمل، والقطاع الخاص المثقل بالديون)، قد جعلتها معرضة بشكل خاص لصدمات سلبية كبيرة.

وخلال الفترة من 2007 إلى 2022 والتي تشمل الاضطرابات الرئيسية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية، وأزمة الديون السيادية، وجائحة كوفيد، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لاقتصادات جنوب أوروبا بمعدل 0.1% في المتوسط كل عام، أي أقل بقرابة نقطة مئوية كاملة من معدل النمو السنوي البالغ 1% لمنطقة اليورو ككل.

 

بعد جائحة كوفيد، شرعت اقتصادات جنوب أوروبا أخيراً في السير على طريق التعافي النسبي على خلفية العوامل الدورية والهيكلية. وخلال الفترة 2023-2025، من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي 1.7%، أي ما يقرب من ضعف معدل نمو منطقة اليورو البالغ 0.9%.

قال بنك قطر الوطني QNB في تقريره الأسبوعي أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تفسر تحسن نمو اقتصادات جنوب أوروبا.

وأوضح أن السبب الأول أن نهاية جائحة كوفيد أدت إلى طفرة في السياحة والتي قدمت دفعة قوية لاقتصادات جنوب أوروبا، حيث كان لهذا القطاع تأثير كلي كبير على الاقتصاد. ومع انحسار الجائحة ورفع القيود على السفر، انتعشت السياحة بقوة وبدأت فترة طويلة من التوسع. وتشهد المقاييس المختلفة لأعداد الزوار، وإجمالي الإيرادات، وإشغال الفنادق نمواً بمعدلات تتراوح بين 15 و20% في جميع أنحاء جنوب أوروبا. وهذا يوفر ضمناً دفعة كبيرة لاقتصادات جنوب أوروبا، حيث تتراوح تقديرات إجمالي الإسهام المباشر وغير المباشر للسياحة في الناتج المحلي الإجمالي بين 8% و20%. وبالمثل، فإن ذلك يساهم في إجمالي الوظائف بشكل كبير. ففي إيطاليا، يعمل 4.5 مليون عامل في القطاعات المرتبطة بالسياحة من إجمالي القوة عاملة البالغ 25 مليون عامل، بينما يعمل 2.7 مليون في هذه القطاعات في إسبانيا من أصل 24 مليون عامل. وبالإضافة إلى تأثير الاستهلاك من قِبل السياح، فإن إنفاق العاملين في مجال السياحة وشركات السياحة يعمل كمُضاعِف لبقية الاقتصاد. وبالتالي، فإن "الإنفاق الانتقامي" على السياحة بعد الجائحة كان له تأثير إيجابي كبير على اقتصادات جنوب أوروبا من خلال القنوات المباشرة وغير المباشرة.

وتابع QNB أن السبب الثاني: بالمقارنة مع الاقتصادات الأكثر اعتماداً على التصنيع في منطقة اليورو، استفادت اقتصادات جنوب أوروبا من التحسن النسبي في قدرتها التنافسية بعد الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية، وكذلك من تحصنها بشكل أفضل من أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، فقد كانت اقتصادات جنوب أوروبا أقل اعتماداً على واردات الغاز من روسيا، مقارنة بالدول الأكثر استهلاكاً للطاقة في منطقة اليورو، وهي ألمانيا والنمسا وسلوفاكيا، وهذا جعل اقتصادات جنوب أوروبا أقل عرضة لنقص الطاقة وارتفاع الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، تسببت الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية في تعديلات كبيرة في أسواق العمل في اقتصادات جنوب أوروبا، مما فرض ضغوطاً هبوطية على الأجور وبالتالي انخفاضاً في تكاليف العمالة النسبية. وارتفعت معدلات البطالة إلى ذروتها في جميع أنحاء اقتصادات جنوب أوروبا في المتوسط بنسبة 13.3 نقطة مئوية من أدنى مستوياتها قبل الأزمة. أدت هذه التعديلات الضخمة إلى انخفاض ضغوط الأجور وتكاليف العمالة للشركات. ونتيجة لذلك، تظهر تكاليف وحدة العمل تبايناً كبيراً بين اقتصادات جنوب أوروبا ومجموعة الدول التي تضم ألمانيا والنمسا وسلوفاكيا منذ بداية الأزمة المالية العالمية، فقد زادت هذه التكاليف بنسبة 34% في المتوسط في اقتصادات جنوب أوروبا، مقارنة بنحو 62% في مجموعة الدول ذات الاعتماد الكثيف على الطاقة في منطقة اليورو. 

وقد أصبحت تأثيرات أزمة الطاقة والقدرة التنافسية واضحة في قطاع التصنيع، فخلال الفترة بين الربع الثاني من عام 2023 والربع الثاني من عام 2024، توسع متوسط الإنتاج الصناعي بنسبة 1% في اقتصادات جنوب أوروبا، بينما انكمش بنسبة 4.1% في اقتصادات مجموعة الدول ذات الاعتماد الكثيف على الطاقة في منطقة اليورو. ووفرت المكاسب النسبية في القدرة التنافسية وانخفاض التعرض لأزمة الطاقة ميزة نسبية لقطاع التصنيع في دول جنوب أوروبا مقارنة بجيرانها الأوروبيين الأكثر كثافة في التصنيع. 

وثالث الأسباب كما يوضح بنك قطر الوطني في تقريره أن عملية خفض الديون في القطاع الخاص وتحسين استدامة الديون السيادية تعمل على تقليل مخاوف عدم الاستقرار المالي واستعادة ثقة المستثمرين. وبعد الأزمات السابقة، قامت الأسر والشركات في اقتصادات جنوب أوروبا بخفض الديون بوتيرة مدهشة، فقد انخفض متوسط نسبة ائتمان القطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي في اقتصادات جنوب أوروبا بنحو 65 نقطة مئوية من ذروته البالغة 134% في عام 2011 إلى المستويات الحالية البالغة 69%. كما كانت جهود التكيف التي بذلتها الحكومات مهمة أيضاً، حتى لو كانت أصغر، بالنظر إلى التوسعات المالية الكبيرة التي كانت ضرورية خلال جائحة كوفيد، فقد انخفض متوسط الدين الإجمالي في اقتصادات جنوب أوروبا بنحو 14 نقطة مئوية من 139% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى 125% هذا العام. وقد أتاحت هذه التحسينات ارتفاع معدلات الاستثمار الخاص، وهو عنصر أساسي في الناتج المحلي الإجمالي من منظور الإنفاق. ففي الفترة بين الربع الأول من عام 2023 والربع الأول من عام 2024، توسع متوسط الإنفاق الاستثماري في اقتصادات جنوب أوروبا بنسبة 2.2%، بينما انكمش بنسبة 0.6% في منطقة اليورو. وبالتالي، أدى تصحيح الاختلالات المالية إلى تحسين ظروف الاستثمار والنمو في اقتصادات جنوب أوروبا. 

مقالات مشابهة

  • بعد طائرة “يافا”.. ما الذي حمله الصاروخ اليمني إلى قلب الكيان؟
  • «حزب الله» يشيد بالهجوم الصاروخي النوعي لأنصار الله الذي كشف «وهن الكيان وضعفه»
  • الحوثيون يبثون مشاهد من إطلاق الصاروخ فرط صوتي الذي استهدف عمق إسرائيل
  • ما الدعاء الذي أوصى به الرسول السيدة فاطمة الزهراء؟
  • ما الذي يُفسر تعافي اقتصادات جنوب أوروبا؟
  • فصائل المقاومة تٌعقّب على الصاروخ اليمني الذي استهدف العمق الإسرائيلي
  • الهادي يتفقد لجان استقبال ضيوف رسول الله في مداخل أمانة العاصمة
  • عاجل وردنا الان.. مشاهد جديدة تكشف أضرار محطة قطارات وسط تل أبيب ونوعية الصاروخ اليمني الذي استهدفها
  • ما هذا العراق الذي لا يثق به أحد
  • معلومات عن الصاروخ الذي أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل