رأي اليوم:
2024-11-18@20:35:57 GMT

د. شذى جرّار: كرسيٌّ هزّاز

تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT

د. شذى جرّار: كرسيٌّ هزّاز

د. شذى جرّار يعيش عبد الهادي وحيدًا مع والدته، المرأة الصالحة التي تحاول باستمرار تهذيب سلوك ابنها العاثي فسادًا بوسائل التواصل الشيطانية المتقِن استخدامها. حاولتْ غير يائسة لجْمَهُ، رغم أنها لم تكن تدرك كلّ ما تقترفه يداه. كان عبد الهادي بارًّا بأمه حنونًا، يحبّ قضاءَ عطلة نهاية الأسبوع مع أولاد أخوته في بيت العائلة، يلاعبهم كطفل، وما إن يغادروهما وحيدين حتى يعود لكرسيه الهزّاز، وجوّاله بيده، يتنقل من وسلية تواصل إلى أخرى، لا على سبيل التثقّف أو التسلية، ولكن ليخلعَ عباءة التقوى التي ألبسته إياها أمه، ويلبسَ بزة الشيطان! – هداك الله يا ولدي، ستفوتك الصلاة! هو لا يعصي لأمه أمرًا، يؤدي الفريضة على عجل؛ ليعود لكرسيه الهزّاز، يتأرجح، ويكتب رسالة تقطر عسلًا عن الرجل المناسب الذي اُختِير ليكون في المكان المناسب، يرسلها إلى مجموعة العمل في “الواتس آب” لزميله الذي ترقّى قبل أن يسبقه أحد إلى التهنئة.

يهزُ كرسيه، ويغمض عينيه ويهمس: لعنة الله عليك وعلى من ارتضى ترقّيك، لكنه زمن الغاية تسوّغ الوسيلة الذي هيّأ لك الصعود على أكتافنا! تتّسع حدقة عينه وهو يتصفح “الفيس بوك”، فيصرخ: أمي، أسرعي، اتصلي بخالتي وهنئيها، سيقولون إنّ عبدَ الهادي مغتاظٌ إن لم تفعلي. ابن أخيك اختار زميلته عروسًا، بعثتُ له رسالة على الخاص أبارك له وأسأله عن راتبها فلم يجب! وبنبرة استهزاء أردف: بالرفاء والبنين! – هداك الله يا ولدي، ادعُ لهما بالتوفيق، ولك مثله! هزّ كرسيه وهمس: لا بارك الله لهما، ولا جمع بينهما بالخير! يقلّب مسرعًا الصفحات بعد أن تعكّر مزاجه… يا إلهي، والدة زوج ابنة عمّه تُوفيّت.  أيتها الدجّالة، صنعتِ منها ملاكًا الآن! كنتِ تدّعين أنها سبب مشاحناتك المستمرة مع زوجك! هزّ كرسيه بسَكينة، وكتب رثاء فيها يمجّد ذكراها. ودعا لابنة عمّه بالصبر على فراقها! انتقل بعد ساعات أمضاها وهو ينافق كتابةً، ويشتم شفاهةً إلى”تويتر” ليقرأ تغريدةً لزميل آخر يعرّض فيها بشبهةِ فساد في عملهما. هزّ كريسه بحماسة وهمس: جاءتك تهرول بساقيها يا عبدالهادي! التقطَ صورةً للتغريدة، وأرسلها على الفور لمديرهما. قرار نقلك إلى المركز الرئيسيّ بحوافز مجزية كان على منضدته اليوم؛ فليعرف وجهك الحقيقيّ! وبعد ساعات مضت، نادى أمه من جديد…قاطعته أمه: أي بنيُ، هداك الله،  من راقب الناس مات همًّا، اقرأ كتابًا يزيدك معرفة، فالوقت كالسيف، وأنت تهدر وقتك وأعصابك وحسناتك على هذا الكرسي، كفاك يا بنيّ ظلمًا لنفسك، فالله لا يحبّ الظالمين! هزّت كلماتها وجدانه، فتذكر ما فعله البارحة بصديق الطفولة المتألق عندما أثبط عزائمه بتعليق له على منشوره، أراد للنجم أن يأفل حتى قبل يسطع في سماء المجد! هزُ كرسيه بغضب، كيف لي أن أكبح نفسي عما أدمنت عليه؟! _ يا سيدة قلبي، اطمئني، أنا أقرأ مقالات اجتماعية ودينية وصحيّة، وأشاهد برامج تثقيفية حول البرمجة العصبية والتنمية البشرية! هزّ كرسيه بتؤده، وهمس بيأسٍ مُسْتَسْلِمٍ: صدقتِ يا أمي، هدانيَ الله! دكتوراه اللغة العربية/ اللغة والنحو. البرازيل

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر: الحوار الحضاري ليس فيه "حق الفيتو" الذي يستحل دماء الدول المستضعفة

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن المؤتمر الذي تعقده كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بعنوان: " الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية"، أحسنت الكلية في اختيار موضوعه، لافتًا إلى أن عنوان المؤتمر السابق كان: "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن رؤية واقعية استشرافية"؛ والقاسم المشترك بين المؤتمرين هو الحرصُ على تحديد آفاق الرؤية التي تضع عينا بصيرة على الواقع بهمومه وقضاياه وتضع العين الثانية على استشراف المستقبل لترمق ملامحه من بعيد، والنفوس شغوفة بما يكون في المستقبل تسترق السمع، تتحسس صورته التي ربما لا يمهلها الأجل لتراها رأي عين.

رئيس جامعة الأزهر يكرم خريجي الأزهر التايلانديين

ودعا رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم الأحد إلى ضرورة أن يَعْمَلَ الإنسانُ في يومِه لما يُسْعِدُهُ في غده، مستشهدًا بمقولة سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، وأن التخطيط للمستقبل والسعي لما يحقق تقدم العباد والبلاد لتُتِمَّ الأجيالُ القادمةُ ما بدأته وتعبت فيه الأجيالُ المعاصرة لهو من أهم وسائل القوة والنجاح والتقدم والازدهار، وقد سبقتنا الأمم بإتقانها هذا التخطيطَ وإحسانِها رؤيةَ آفاق المستقبل التي تقوم على أسس قوية وأعمدة راسخة تؤسس للبناء عليها في المستقبل .

وفي حديثه عن الحور الحضاري، بيَّن رئيس جامعة الأزهر أن موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد، ولا يصلح الجسد إلا بالرأس، وتاريخ الحوار موغلٌ في القدم، يعود إلى بَدْءِ خلق الإنسان، حين خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له وأمر إبليس بالسجود له، فدار حوار بين الله جل جلاله وبين الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، كما جرى الحوار بينه سبحانه وبين إبليسَ أشقى خلقه، وبينه سبحانه وبين سيدِنا آدمَ وذريتِه الذين كرَّمَهُم الله جل وعلا وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، وقص الذكر الحكيم هذه الحواراتِ في كثير من سور الكتاب العزيز، ولو شاء سبحانه لأمرهم جميعا فأتمروا، ونهاهم جميعا فانتهُوا، ولكنه جل وعلا يعلمنا أن نلزم الحوار سبيلا مع الأخيار والأشرار، لتتضح الحجة، ويَمِيزَ الحقُّ والباطل، ليحيا من حَيَّ عن بينة ويَهْلِكَ من هلك عن بينة . وهكذا يعلمنا الذكر الحكيم حتى لا نَغْفُلَ عن هذه الوسيلة الإقناعية.

بالحوار قامت السماوات والأرض

وأوضح أنه بالحوار قامت السماوات والأرض فلم يقهرهما خالق القوى والقدر على طاعة أمره حين خلقهما، ولو قهرهما لخضعتا وذلتا، بل خيرهما وحاورهما وسجل ذلك في محكم التنزيل العزيز فقال سبحانه : " ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ( فصلت 11) . مضيفًا فضيلته أن الحوار هو منطق العقول الراشدة التي تسعى إلى الوصول إلى الصواب والسداد، في أناة وحيدة وإنصاف، بعيدا عن التشويش والضجيج الذي يملأ الأفق ويسد المسامع ويعصف بالحق.

وأكد أن الحوار الحضاري هو الحوار الصادق الذي يتغيا الحق والعدل والإنصاف، وليس فيه " حق الفيتو " الذي يغلب فيه صوت الفرد أصوات الجماعة، وكما قالوا "رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها"، حق الفيتو الذي تستحل به الدولة العظمى القوية دماء الدول المستضعفة وتستبيح قتل رجالها ونسائها وأطفالها كما يحدث اليوم في غزة في حرب ضروس استشهد فيها أكثرُ من أربعين ألفِ شهيد، منهم أكثرُ من عشرة آلاف طفل لا تتجازو أعمارهم سن العاشرة، فضلا عن النساء والعجائز.

وتابع فضيلته أن هذا يحدث منذ سنة كاملة من الإبادة الجماعية التي تقوم بها آلة الدمار الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الذي طالما تغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأقام البرلمانات الدولية وتفاخر باعتمادها على حرية الرأي والحوار الحضاري واحترام العهود والمواثيق الدولية إلى آخر هذه العبارات الطنانة التي لا وجود لها عند التعامل مع المسلمين.


وأضاف أن لغة الحوار هي لغةُ العقل والمنطق، ولغةَ الحرب هي لغةُ السلاح والدمار، فيا عقلاء العالم : لماذا تركنا لغة السلام إلى لغةِ السلاح، ومنطقِ السلاح، ودمارِالسلاح، وإزهاقِ الأنفس والأرواح ؟ 
فهل يمكن أن نجتمع على كلمة سواء توقف هذا الدمار ؟ هل يمكن أن تصمت أصوات المدافع وتنطق أصوات الحوار الراشد بالدعوة إلى الاحتكام إلى العقل والمنطق والحكمة والسلام ؟

وقال رئيس جامعة: "إنني على يقين أن أمتنا الإسلامية إذا اتحدت واجتمعت كلمتُها فإن وَحدتها جديرةٌ بأن تُذْهِبَ " حق الفيتو " إلى غير رجعة، وتَرْكُمَه في مزبلة التاريخ ؛ لأنه حقٌّ قام على الظلم والجَور والعدوان، وليس له مثقالُ ذرة من وصف الحق الذي يحمل اسمه، فهو حق أُرِيدَبه باطل، وظلمٌ ينبغي حَذْفُهُ من جميع المواثيق الدولية، بل هو رِجْس ونَجَسٌ لا يغسل أدرانَه ماء البحر !!

وفي ختام كلمته، أعرب فضيلته عن تقدير جامعة الأزهر لهذه الجهودَ المخلصة التي يقوم بها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذُ الدكتور أحمد الطيب شيخُ الأزهر الشريفِ حفظه الله تعالى في ملف مهم جد، ملفِّ " الحوار الإسلامي الإسلامي " الذي يسعى إلى جمع كلمة الأمة الإسلامية، وَلَمِّشملِها، ووحدةِ صفها ؛ حتى تكونَ لها رايةٌ مرفوعة، وكلمةٌ مسموعة، وتستردَ عافيتها وعزتها وكرامتها وتغسلَ عن وجهها المشرقِ وجسدِها النظيف أدرانَالفُرقة والتشتُّتِ والضَّعْفِ، وتعودَ أمةً واحدة كما أمر الله جل وعلا في قوله : " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " ( الأنبياء 92)، نقولُ لأشقائنا في العالم الإسلامي : أطفئوا نار الخلاف والشقاق والنزاع، وتذكروا أننا جميعا أمةٌ واحدة، وأن السهم الذي يصيب به أحدُنا أخاه يرتد في صدره ويصيبُه هو.

مقالات مشابهة

  • هذه مواصفات صاروخ فجر5 الذي أعلن عنه حزب الله (إنفوغراف)
  • للمرّة الأولى... ما الذي قصفه حزب الله بالصواريخ؟
  • أمل عزّت بعفيف: العمل الجبان الذي لا يقوم به سوى هذا العدو
  • عاش في السعودية وحصل على منحة منها.. الكشف عن مفاجأة بشأن ناطق ‘‘حزب الله’’ الذي قُتل أمس بغارة جوية إسرائيلية
  • سقوط ‘‘أبو علي الهادي’’: انتقام الأرض من مجرميها
  • مدحت عبد الهادي: أتمنى مساندة حسام حسن
  • تعرف على محمد عفيف المسؤول الإعلامي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل
  • من هو المعاجز الذي توعد الله له بسوء الخاتمة ؟.. علي جمعة يوضحه
  • رئيس جامعة الأزهر: الحوار الحضاري ليس فيه "حق الفيتو" الذي يستحل دماء الدول المستضعفة
  • تعليق ناري من مهيب عبد الهادي على آداء المنتخب مع حسام حسن