في الذكرى 13 لأشواق 2011.. لماذا حدث الانقلاب؟
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
الموقف الغربي الداعم للكيان الصهيوني في حربه على غزة والمبرر لكل أساليبه في الإبادة والتدمير والتنكيل، يجعلنا نتساءل إن كان هذا الغرب فعلا داعما لـ"الربيع العربي" سنة 2011 من أجل الديمقراطية ومن أجل حرية الشعوب؟ وهل كان فعلا قابلا بديمقراطية لا يفوز فيها -غالبا- إلا الإسلاميون؟
ما كشف عنه طوفان الأقصى بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من زيف الشعارات الغربية المروجة لخطاب الحداثة والمدنية وحقوق الإنسان وكونية القيم، يجعلنا نراجع كل مواقف هذا الغرب من ديمقراطية فتحت الباب أمام الإسلاميين في كل من تونس ومصر وليبيا ليكونوا في صدارة الفائزين بأصوات الناخبين، وليكونوا إما أغلبية في السلطة مثلما حصل في مصر مع الإخوان وإما مشاركا رئيسيا فيها مثلما حصل في كل من تونس وليبيا.
لقد تحقق هدف هام كان يريده خصوم الإسلاميين، وهو "توريطهم" في السلطة "فجأة" ثم تعطيلهم وتشويههم "مُطَوّلا"، ثم إخراجهم من الحكم دون أن يجدوا مدافعا قويا عنهم لا في الداخل ولا في الخارج
صار لزاما علينا اليوم طرح عدة أسئلة حول تلك المواقف الغربية: هل كانت الخطة هي توريط الإسلاميين في الحكم وعدم السماح لهم بالنجاح حتى ينتهوا "فاشلين"، فيعاقبهم الشعب بانتخابات أو بالسكوت على انقلابات تحصل ضدهم كما حدث في مصر ويحدث في تونس؟ هل طُلِب من الإسلاميين بعد وصولهم إلى السلطة ما لم يستجيبوا له مما يعارض عقيدتهم ومبادئهم فوقعت الإطاحة بهم؟ هل فشل الإسلاميون في الدفاع عن الديمقراطية وفي خدمة الناس فكانت الإطاحة بهم سهلة؟ هل كانوا ضحايا مؤامرات خارجية وداخلية منعت نجاحهم وأعاقت عملهم فكانوا في متناول خصومهم وتمت إزاحتهم من السلطة، ولم يعبر هذا الغرب إلا عن "قلق" ذي طابع "حقوقي" و"إنساني"؛ لا دفاعا عن الإسلاميين وإنما دفاعا عن صورته التي أوهمنا بها طويلا حول الحقوق والحريات؟
الذين يعرفون عقدة الاستعلاء لدى الغرب الاستعماري، لم يكونوا يصدقون أنه داعم للديمقراطية خدمة للشعوب، ولم يكونوا يطلبون دعمه خدمة لطرف أو إضعافا لطرف، وحدهم محدودو الفهم وقاصرو النظر كانوا يراهنون على هذا الغرب لدعم مشاريع التحرر ومسارات الديمقراطية.
لقد تحقق هدف هام كان يريده خصوم الإسلاميين، وهو "توريطهم" في السلطة "فجأة" ثم تعطيلهم وتشويههم "مُطَوّلا"، ثم إخراجهم من الحكم دون أن يجدوا مدافعا قويا عنهم لا في الداخل ولا في الخارج.
نفس "الوصفة" كانت "تُعالج" بها الظاهرة الإسلامية في كل من تونس ومصر وليبيا، سواء على مستوى الإعلام أو على المستوى الشعبي أو على مستوى الإلهاء والإنهاك. لقد عبر الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل عن هذا المعنى بوضوح حين قال: "لم نترك الإسلام السياسي يرتاح يوما"، بل استعمل مفردة حربية حين قال:"الاتحاد لم يكبّ سلاحه أمام الإسلام السياسي".
وقد عبر رئيس الحكومة حمادي الجبالي في 2012 عما يعانيه وهو في السلطة من ضغط الشارع والمنظمات وخاصة الاتحاد، فقال: "معاناة السجن أهون من معاناة الحكم".
كانت تجربة الإسلاميين في الحكم تجربة إنهاك وإلهاء، فلم يجدوا مناخا مناسبا لاختبار كفاءاتهم ولامتحان شعاراتهم في عالم الناس وفي مسار التاريخ. لقد ظلوا طيلة وجودهم في السلطة -حاكمين أو مشاركين- يواجهون كل ممارسات الترذيل والتعجيز والتعطيل وبأساليب مهينة ومذلة، وظلوا يُبدون صبرا وتحمّلا لتأكيد سلميتهم ومدنيتهم وتوافقيّتهم وديمقراطيتهم، ولكن كلما تنازلوا كلما تركوا مساحة لتقدم خصومهم
لقد كانت تجربة الإسلاميين في الحكم تجربة إنهاك وإلهاء، فلم يجدوا مناخا مناسبا لاختبار كفاءاتهم ولامتحان شعاراتهم في عالم الناس وفي مسار التاريخ. لقد ظلوا طيلة وجودهم في السلطة -حاكمين أو مشاركين- يواجهون كل ممارسات الترذيل والتعجيز والتعطيل وبأساليب مهينة ومذلة، وظلوا يُبدون صبرا وتحمّلا لتأكيد سلميتهم ومدنيتهم وتوافقيّتهم وديمقراطيتهم، ولكن كلما تنازلوا كلما تركوا مساحة لتقدم خصومهم حتى بلغوا بهم لحظة الهجوم الأخير عليهم.
لقد واجه الإسلاميون خططا متعددة الأساليب في عملية إنهاكهم، ولعل أسوأ خطة كانت خطة اختراقهم من الداخل من خلال أساليب ماكرة لـ"تصعيد" أسماء من المراهقين المبالغين في إبداء "المبدئية" و"الثورية"، وذلك لتحقيق هدفين: الأول هو إغراء جمهور تلك الحركات بخطاب طوباوي يجعله ينظر إلى حركاته كما لو أنها ضعيفة وجبانة وحتى خائنة فينصرف عنها، والثاني هو ترويج صورة عن تلك الحركات كونها متهورة وغير ديمقراطية ولا تنتج إلا خطاب المواجهة والعدوانية والكراهية.
الاحتفال بأي ذكرى لا يكون فقط بإحصاء المنجزات ولا بذكر المؤامرات، وإنما يكون أساسا بتقييم مرحلة وطرح أسئلة لربط ما يحدث الآن بما حدث سابقا، فحركة التاريخ تحركها أسباب معقولة أي يمكن فهمها ضمن مبدأ "السببية"، فلا وجود لصدفة وإنما هي مقدمات ومآلات.
إن حديث النفس هو حديث تبرير وإن حديث العقل هو حديث تفسير، النفس أميل للعب دور الضحية أو البطولة، والعقل أجرأُ على طرح الأسئلة وعلى ربط النتائج بالأسباب وعلى تحديد المسؤوليات.
twitter.com/bahriarfaoui1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديمقراطية الإسلاميين تونس الربيع العربي الربيع العربي تونس الثورة الديمقراطية الإسلاميين مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإسلامیین فی فی السلطة هذا الغرب
إقرأ أيضاً:
بمساعدة روبوت.. تحليل عينة من الحطام المشع في فوكوشيما
حلل فنيون مستوى إشعاع الحطام الموجود في مفاعل متضرر في محطة فوكوشيما النووية في اليابان الثلاثاء، وكشفت النتائج أنه منخفض، بعد استخراج ترسبات بواسطة روبوت للمرة الأولى منذ تعرض الموقع لكارثة تسونامي عام 2011.
وأكدت شركة «طوكيو للطاقة الكهربائية» (تيبكو) المشغلة للمحطة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، التمكن من استخراج عينة من الترسبات النووية من حاوية المفاعل باستخدام روبوتات متخصصة.
والثلاثاء، قال كونياكي تاكاهاشي من شركة تيبكو للصحافيين إنه تم قياس مستوى الإشعاع في العينة وكان منخفضاً بما يكفي للانتقال إلى الخطوة التالية.
وأكد أن شركة تيبكو تأمل في نقل هذه العينة إلى مركز أبحاث لإجراء مزيد من الاختبارات.
وما زال نحو 880 طناً من الحطام المشع داخل مفاعلات المحطة التي ضربها تسونامي مدمر منذ أكثر من 13 عاماً.
وكانت ثلاثة من مفاعلات فوكوشيما الستة تعمل عندما ضرب التسونامي المحطة في 11 مارس 2011، مما أدى إلى ذوبان أنظمة التبريد وتسبب بأسوأ كارثة نووية منذ تشرنوبل.
بدأت الاختبارات الهادفة إلى استخراج عينة من الحطام المشع بهدف إجراء دراسة عليها في منتصف سبتمبر.
ويوفر تحليل العينة معلومات عن الحالة الداخلية للمفاعلات ومخاطر محتوياتها، ويشكل خطوة حاسمة نحو وضع المحطة خارج الخدمة.
وتحتوي الترسبات على مستويات عالية من الإشعاع وهو ما دفع الشركة إلى تطوير روبوتات متخصصة يمكنها تحملها.
تعد إزالة الترسبات التحدي الأكبر في مشروع إيقاف تشغيل المحطة. ومن المتوقع أن تستمر أعمال إزالة التلوث والتفكيك عدة عقود.
بدأت اليابان في نهاية أغسطس 2023 بتصريف المياه المخزنة في موقع المحطة إلى المحيط الهادئ بعد معالجتها للتخلص من معظم موادها المشعة، باستثناء التريتيوم، الذي لا يشكل خطورة إلا بجرعات عالية التركيز.
أدى الزلزال والتسونامي عام 2011 في اليابان إلى مقتل نحو 18 ألف شخص. وتعد كارثة محطة فوكوشيما من أسوأ الحوادث النووية في التاريخ.
المصدر: آ ف ب