العدالة للجنوب
م. #أنس_معابرة
طالما كان #الجنوب مظلوماً؛ في أوطاننا نميل إلى الشمال دائماً، في الشمال تكون المدن والخدمات الطبية والتعليمية على أشدها، ولكن الجنوب يغرق دائماً في البطالة والإهمال الصحي، ويجب على أهله الارتحال نحو الشمال من اجل الحصول على #الوظائف والخدمات الصحية والتعليم.
بل حتى الأرض والأنهار وقفت إلى جانب الشمال، فالأرض هناك خصبة تؤتي اُكلها كل حين، ولكنها في الجنوب صخراً صلداً لا ينبت زرعاً ولا يخرج ثمراً، والأنهار كذلك؛ تجد الشمال ممراً سهلاً، وتبخل على الجنوب بقطرة ماء للشرب والحياة، وكأنها تعاند الجنوب وتدفعه إلى الهجرة والارتحال.
وفي عام 1966 عنما أطلق الطيب صالح رائعته: “موسم الهجرة إلى الشمال” تحدث عن ذلك، أهل الجنوب في أوطاننا يهاجرون إلى الشمال بسبب اهمال الجنوب، وأهل الشمال يجدون مناطق أكثر شمالاً مثل الدول الأوروبية من أجل الهجرة إليها.
هناك في جنوب افريقيا كان الإهمال حاضراً ايضاً، دولة عانت من الحروب الأهلية والقتال، ثم التمييز العنصري ضد ذوي البشرة السوداء، لدرجة قيام الأسود عن مقعده للأبيض داخل الحافلة، وعدم أحقية السود في مشاركة البيض في جامعاتهم ومدارسهم وأسواقهم.
ومن رحم المعاناة التي عاشتها #جنوب_افريقيا سابقاً؛ تخرج صرخة دولية إلى محكمة العدل الدولية، تطالب فيه الكيان العالمي المترهل المتخاذل بالوقوف أمام جرائم الاحتلال في غزة، حيث يسعى هؤلاء القتلة إلى جانب حلفاءهم وأعوانهم لتصفية الشعب الفلسطيني ومحاولة القضاء على أهل #غزة أو التخلص منهم عبر ترحيلهم إلى دول مجاورة.
أنا لا أؤمن بالعدالة الدولية كثيراً، ولا أنتظر الخير الكبير من المحاكمة المعقودة هناك في لاهاي، ولا أستبعد وجود صهاينة بين الحكام الدوليين الذين ينظرون في القضية وابعادها، والتي بإمكان طفل صغير تقدير همجية الاحتلال وعدوانيته تجاه أهلنا في فلسطين عموماً، وغزة خصوصاً.
إن هؤلاء القتلة يؤمنون تماماً بمبدأ القوة، فلقد أخذوا الأرض بالقوة، وقتلوا الفلسطينيين عام 48 و67، وأخرجوهم من بيوتهم بالقوة، ويتعاملون باستعلاء مع الدول المجاورة مدعومين بالولايات المتحدة الامريكية غيرها من حلفاء الشر، ويستولون على خيراتها من الماء والغاز بالقوة، وبالتالي لا يردهم إلا القوة.
وهي الرسالة التي وصلت إلى الشعب الفلسطيني بعد ثمانية عقود من المقاومة، ووصل بهم الحال إلى التوجه نحو المستقبل المجهول للنصر أو الشهادة، وهو أفضل بكثير من الوضع الراهن، حيث لا يجدون ما يقتاتون عليه وسط حصار محكم ظالم من الاحتلال الغاشم.
إن الصرخة الجنوبية من أفريقيا جاءت لتحرج الدول العربية والإسلامية والمنظمات الإقليمية والدولية وجامعة الدول العربية التي تعرف جيداً اجرام الاحتلال، وتخاذلت عن الوقوف ضدهم في محكمة العدل الدولية، حتى لو لرفع الحرج عن أنفسهم، وفضلوا الانصياع لقيادة الاحتلال والولايات المتحدة الامريكية بالتزام الصمت حفظاً للمصالح.
يجب اليوم على الدول العربية والإسلامية ومنظماتهم التي لا نرى منها خيراً أن تقف إلى جانب جنوب أفريقيا في دعواها ضد الاحتلال امام محكمة العدل الدولية، وأن تُلحقها بقضية ثانية وثالثة لكشف جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين أمام العالم أجمع.
ربما تأخذ المحكمة موقف الحياد، وربما تطالب بوقف الاعتداء على غزة، ولكنها لن تُصدر حكماً بالاعتقال ضد قادة جيش الاحتلال وسياسيه، ولكن سيكون لتلك المحاكمة واقعاً مدوياً؛ إذ ستفضح المؤامرة الدولية على فلسطين أمام شعوب العالم، وستكون قضية فلسطين محور اهتمام العالم بعد أن حاول الاحتلال كتمانها وتصفيتها باعتبارها لقمة سائغة، وستكون تلك الشعوب الحرة مصدر ازعاج لقادتها الذين يقفون إلى جانب الاحتلال.
تلك الشعوب تؤمن بالديمقراطية والانتخابات، وسياسيوها يعرفون ذلك جيداً، وبالتالي لن يكونوا قادرين على تجاهل دعوات شعوبهم إلى التوقف عن دعم الاحتلال في هجمته على فلسطين، كما ستوجعهم مقاطعة البضائع وستضر بمصالحهم الاقتصادية.
لقد آن الأوان للانتصار للجنوب وتحقيق العدالة له، نعم للعدالة لقضية جنوب افريقيا في لاهاي، ونعم للعدالة لفلسطين وجنوبها المتمثل في قطاع غزة، ونعم للعدالة للجنوب في اوطاننا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الجنوب الوظائف جنوب افريقيا غزة جنوب افریقیا إلى جانب
إقرأ أيضاً:
عطاف: علينا التعامل بجدية مع التحديات التي تمنع إستقرار إفريقيا وتنميتها
قال وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أن الجزائر تعتقد أن الوقت قد حان للتعامل بجدية مع التحديات والعقبات الرئيسية التي تحول دون استقرار إفريقيا وتنميتها وتكاملها.
وأكد عطاف، في كلمة له خلال مشاركته بجوهانسبرغ في الاجتماع الوزاري “”G20، أن الجزائر تؤيد تأييدا كاملا الأولويات الأربع التي حددها الرئيس سيريل رامافوزا. في خطابه الافتتاحي ظهيرة أمس. وتشيد على وجه الخصوص بتركيزه على حاجيات إفريقيا وتطلعاتها.
مضيفا أن هذا ما يؤكد مرة أخرى أن جنوب إفريقيا كانت ولا تزال مُدافعا صادقا ومُخلصا عن قضايا القارة وطموحاتها المشروعة.
وقال عطاف، أن هناك ثلاثة مساعٍ ذات أبعاد استراتيجية تستحق أن نوليها اهتمامنا الكامل وهي:
أولها إصلاح المؤسسات المالية والنقدية الدولية، فنحن بحاجة إلى مؤسسات تمثل عالم اليوم بصدق. وتستجيب بشكل فوري وبكفاءة عالية لشتى أنواع وأشكال التحديات التي تتهدد الدول النامية والإفريقية منها على وجه الخصوص.
ويتعلق المسعى الاستراتيجي الثاني بالحاجة الملحة لمعالجة أزمة المديونية بإفريقيا بغية الاستجابة لمتطلبات التنمية بها. فإفريقيا في حاجة إلى دعم قوي من مجموعة العشرين في هذا الشأن. بغرض تجاوز الأزمات المتفاقمة والمتمثلة في العسر المالي وتغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي واستفحال النزاعات.
وأضاف الوزير، بأنه لا ينبغي لإفريقيا أن تتخلف عن الثورات الراهنة التي ترسم مستقبل البشرية. سواء فيما يتعلق بالانتقال الطاقوي أو فيما يخص الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
أما المسعى الاستراتيجي الثالث والأخير، فيرتبط بالضرورة الملحة للوفاء بالالتزامات الدولية تجاه إفريقيا. لاسيما فيما يخص تعزيز الدعم المالي والشراكات. وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا بغية تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطلعات الأجندة الإفريقية 2063.
الجزائر تُرحب بمبادرة جنوب إفريقياوفي هذا الصدد، قال الوزير، أن الجزائر ترحب الجزائر بمبادرة جنوب إفريقيا المتعلقة بإنشاء ثلاث مجموعات عمل. تتناول كلا من “النمو الاقتصادي الشامل” و”الأمن الغذائي” و”الذكاء الاصطناعي”.
وأضاف الوزير، أن مبادرة من هذا القبيل من شأنها أن تضفي زخما جديدا على كيفية التعامل مع القضايا والتحديات العالمية الملحة. كما أنها ستجعل من التعاون الدولي من أجل التنمية العالمية أوسع مضمونا وأكبر فعالية وأكثر جدوى.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور